خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تسارعت الأحداث فجأة؛ حيث لم يكتمل أسبوعًا واحدًا على اعتصام المحتجين السودانيين أمام “مقر وزارة الدفاع” بهدف إسقاط النظام، إلا وقد أعلن وزير الدفاع السوداني، الفريق “عوض بن عوف”، “اقتلاع” الرئيس السوداني، “عمر البشير”، والتحفظ عليه في مكان آمن، معلنًا فترة انتقالية لمدة عامين وفرض حالة الطواريء لمدة ثلاثة أشهر.
جاء ذلك في بيان صادر عن “اللجنة الأمنية العليا” في “السودان”، والتي يرأسها “بن عوف”، بثته القناة السودانية الرسمية، حيث قال إن المؤسسات الأمنية نبهت مرارًا رئاسة الدولة حول ما يجري بالبلاد؛ وأن النظام “واصل إطلاق الوعود الكاذبة ردًا على مطالب الشعب”.
وأوضح “بن عوف” أن فرض حالة الطواريء سيرافقه حظر للتجوال، اعتبارًا من الـ 10 مساء بالتوقيت المحلي ولمدة شهر، ملقيًا الضوء على إغلاق الأجواء لمدة 24 ساعة، وحل مؤسسة الرئاسة ومجلس الوزراء والمجلس الوطني وحكام الولايات ومجالسها التشريعية.
وأدى “بن عوف”، القسم رئيسًا للمجلس العسكري الانتقالي، و”كمال عبدالمعروف” نائبًا له، أمس الخميس، أمام رئيس القضاء السوداني.
وكانت مصادر قد أكدت، في وقت سابق، أن الرئيس السوداني، “عمر البشير”، قد تنحى عن منصبه بعد نحو 3 عقود في السلطة ويقبع حاليًا تحت الإقامة الجبرية، لافتة إلى أن حراسه الشخصيون تم تغييرهم وهم يقبعون تحت المراقبة المكثفة، دون تقديم تفاصيل عن الموقع الذي يمكث به “البشير”.
اعتقال مسؤولين آخرين..
ولم يتوقف الإحتجاز عند “البشير” فقط، حيث كشف مسؤول عسكري رفيع مطلع بصورة مباشرة على قائمة المسؤولين الذين اعتقلتهم القوات السودانية، قائلًا أن من بين المعتقلين، رئيس الوزراء، “محمد طاهر إيلا”، و”أحمد هارون”، رئيس “حزب المؤتمر الوطني” الحاكم بالبلاد، بالإضافة إلى العشرات من المسؤولين الآخرين.
وأضاف المسؤول أن قوات الأمن اعتقلت أيضًا وزير الدفاع السوداني السابق، “عبدالرحيم محمد حسين”، و”عواد الجاز”، القيادي بـ”حزب المؤتمر”، بالإضافة إلى النائب السابق للرئيس، “بكري حسن صالح” و”علي عثمان طه”.
هذا؛ وداهمت قوات الأمن السودانية مقرات “الحركة الإسلامية”، التي تعتبر جزءًا من الحزب الحاكم، وفقًا لشهود عيان من موقع المداهمات.
وفي الوقت ذاته؛ أعلن جهاز الأمن والمخابرات السوداني عن إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
رفض الانقلاب العسكري..
وفور إنتهاء وزير الدفاع من قراءة البيان العسكري، أعلن “تجمع المهنيين” وتحالفات المعارضة، رفضهم لأي انقلاب عسكري جديد يعيد إنتاج أزمات “السودان”، فيما هتف مئات الآلاف من المعتصمين بسقوط وزير الدفاع، “عوض بن عوف”، أمام مقر قيادة الجيش السوداني.
وقال بيان مشترك، صادر عن التجمع وتحالفات أحزاب “نداء السودان” و”الإجماع الوطني” و”التجمع الاتحادي الديمقراطي”، إنه: “لا يمكن مخاطبة الأزمة من خلال انقلاب عسكري”.
وأضاف البيان أن: “حكم عمر البشير جاء بانقلاب عام 1989، وهو سبب الأزمة المزمنة للسياسة السودانية”.
وأفاد أنه: “لا حل للأزمة سوى بتسليم السلطة لحكومة مدنية يتم التوافق عليها وفق ميثاق إعلان الحرية والتغيير”.
وشدد على استمرار الاعتصام حتى تحقيق أهداف الثورة المنشودة.
مطالب بقيادة مدنية..
ورفض “تجمع المهنيين” السوداني بيان الجيش، خاصة الفقرات التي نصت على تشكيل “مجلس عسكري” يقود البلاد لمدة عامين، وأعلن أنه سيبقى في الشوارع، لأنه لا يقبل إلا بقيادة مدنية.
ومن جانبها؛ دعت “قوى إعلان الحرية والتغيير” السودانية، أنصارها، للاستمرار في الاعتصام حتى تسليم السلطة لحكومة مدنية انتقالية.
وقال عضو بارز في الجماعة الاحتجاجية الرئيسة في “السودان”؛ إن الجماعة لن تقبل إلا بحكومة مدنية تضم شخصيات من المعارضة.
وقال “عمر صالح سنار”، القيادي في “تجمع المهنيين” السودانيين: “نحن الآن في الشارع؛ في مكان الاعتصام في انتظار بيان الجيش. لن نقبل إلا بحكومة مدنية انتقالية مكونة من قوى إعلان الحرية والتغيير”، مشيرًا إلى بيان يحدد مطالب “تجمع المهنيين”.
وتابع: “التفاوض مستقبلًا مع الجيش حول ترتيبات انتقال السلطة. نحن متمسكون بالمذكرة التي قدمناها يوم السادس من نيسان/إبريل للجيش”.
خلافات داخل قيادة الجيش..
وكشفت أنباء عن تصاعد حدة الخلاف داخل “قيادة الجيش السوداني” حول رئاسة المرحلة الانتقالية المقبلة؛ بعد رحيل الرئيس، “عمر البشير”.
وكشفت مصادر سياسية مطلعة، أن الفريق أول، “عوض بن عوف”، النائب الأول للرئيس، “عمر البشير”، أقنع الأخير بالتخلي عن الحكم، على أن يتولى هو رئاسة المرحلة الانتقالية والمجلس العسكري.
غير أن تيارًا قويًا داخل “قيادة الجيش” لا يجده الشخص المناسب للمرحلة القادمة، بحسب المصادر ذاتها.
ويكتنف الغموض الترشيح لرئيس “المجلس العسكري” حاليًا، فيما راجت أنباء أن من الشخصيات المطروحة للقيادة، المفتش العام للقوات المسلحة، “عبدالفتاح برهان”، وقائد القوات البحرية، “عبدالرحمن المطري”.
ويرى هذان القياديان أن الشعب سيرفض “بن عوف”؛ أو كل من له صلة قوية بالنظام السابق.
وراجت توقعات داخل أوساط سياسية وعسكرية سودانية؛ بأن يطرح اسم جديد في الساعات المقبلة لتولي رئاسة المرحلة الانتقالية.
ويظهر جليًا الاختلاف الحاد بين ما يريده الشعب وما تطمح إليه المؤسسة العسكرية، وهو ما ينبيء بتصادم الرؤي حول المرحلة الانتقالية القادمة وشكل الحكم القادم بـ”السودان”.
سيناريوهات لا عدد لها..
بدوره يقول الخبير في الشؤون الإفريقية، “ألكسندر زدانيفيتش”، فيما يخص تطور الأوضاع في “السودان”، أن: “هناك عدد لا يصدق من السيناريوهات للوضع القائم في السودان الآن، فالمهتمون بتطور الأحداث سيجدون الكثير من وجهات النظر المختلفة، والشيء الرئيس هو أن لا تتحول الأحداث في الخرطوم إلى حرب أهلية دامية في السودان. وللحيلولة دون حدوث ذلك سيتم بذل كل الجهود بالإعتماد على دعم المنظمات الدولية وحكومات الدول المعنية “.
مرحلة حساسة..
ويعتبر الخبير في الشؤون الإفريقية، “أبوبكر الأنصاري”، أن العمر الإفتراضي للرئيس “البشير” إنتهى منذ سنوات، وأن قدرة الشعب على تحمل سياساته وصلت إلى حائط مسدود.
مضيفًا: “أن الأحداث في السودان لم تكن خارجة عن نطاق التأثيرات الخارجية، لا سيما أن البشير قام بخطوات على صعيد السياسة الإقليمية، لم ترق لحلفاؤه السابقين، ولا سيما زيارته إلى سوريا، وفتح جسور التعاون مع تركيا”.
ولفت “الإنصاري” إلى أن “السودان”: “سيكون أمام مرحلة حساسة في حال لم يلبي الجيش مطالب السودانيين، ويأخذ بعين الاعتبار استعداد الجماهير لمواصلة الاحتجاجات في حال شعرت بالخذلان”.