خاص : ترجمة – آية حسين علي :
لم تتخيل الإدارة الأميركية، برئاسة “جورج بوش”، (الأب والإبن)، يومًا أنه بعد سنوات من غزو “العراق” وتعمد تدميره من أجل الإطاحة بالرئيس، “صدام حسين”، ونهب حقول “النفط”، وثروات البلد العربي، وفرض السيطرة على الشرق الأوسط، أن تعقد “بغداد” تحالفًا تجاريًا وأمنيًا مع “إيران”، التي تُعد دولة عدوة ومكروهة لدى “البيت الأبيض”.
وكانت “واشنطن” قد قدمت الدعم لـ”صدام حسين”، خلال الحرب مع “إيران”، والتي استمرت لمدة 8 أعوام، بسبب مخاوفها من “الثورة الإسلامية”، التي أطاحت بالشاه “محمد رضا بهلوي”، وكان التكتيك المتبع هو القضاء على الحكومات العربية التي من شأنها عرقلة فرض الهيمنة الأميركية على هذه المنطقة الإستراتيجية شديدة الأهمية، وفي الوقت نفسه دعم “إسرائيل” الحليفة، وحصار “إيران” بالعقوبات الاقتصادية والتهديدات. على حد وصف موقع (أبورريا) الفنزويلي، وهو عضو في “الرابطة الوطنية لوسائل الإعلام الحرة” في “فنزويلا”.
“ترامب” أكمل مسيرة الضغط على إيران..
وعند وصول الرئيس، “دونالد ترامب”، إلى سُدة الحكم، قام بدوره بتضييق الخناق على “طهران”، بداية من رفضه لـ”الإتفاق النووي” الإيراني، الذي وقعته إدارة سابقه، “باراك أوباما”، في تموز/يوليو عام 2015، وتضمن وضع قيود على “البرنامج النووي الإيراني” لتحجيم قدراتها العسكرية الممكنة، في مقابل رفع “العقوبات الدولية” المفروضة على “إيران”.
وفي آيار/مايو 2018؛ أعلن “ترامب” رسميًا انسحاب بلاده من الإتفاق واتهم “طهران” بتطوير برنامجها النووي في الخفاء، رغم أن ما إحتوته تقارير المنظمة الدولية للطاقة النووية، البالغ عددها 12 تقريرًا، كان مغايرًا لما أكده “ترامب”، ومنذ ذلك الحين أُعيد الحصار الاقتصادي والمالي ضد الشعب الفارسي، وفرضت “واشنطن” عقوبات عديدة تضمنت حظر تجارة “النفط” و”المواد البتروكيماوية” ومعاملات المؤسسات المصرفية مع “البنك المركزي الإيراني”، واستهدفت آخر حزمة من العقوبات تقليص الصادرات الإيرانية من “النفط” و”المواد البتروكيماوية” الأساسية إلى الصفر، وحظر التعامل مع شركات تشغيل الموانيء الإيرانية.
وتحتفظ “طهران” بعلاقات اقتصادية وتجارية قوية للغاية مع عدة دول أبرزها؛ “روسيا” و”الصين” و”تركيا” و”الهند”، كما رفض “الاتحاد الأوروبي” التدابير التعسفية التي إتخذتها “واشنطن” من جانب واحد، كما عارض “العراق” تطبيق المواد التي أعلنتها “واشنطن”، ووقعت معه اتفاقات مشتركة في مجالات مختلفة.
زيارة “روحاني” للعراق صفعة لـ”ترامب”..
يرى محللون، أن الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس، “حسن روحاني”، إلى “العراق”، منتصف الشهر الماضي، تُعد صفعة للرئيس الأميركي، ورغم جهود “واشنطن” من أجل عزل “طهران” عالميًا، يبدو أن السحر انقلب على الساحر.
واستهدفت الزيارة، التي وصفها وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، بأنها تاريخية، تعزيز العلاقات بين البلدين، ووقعا خلالها على مذكرات تفاهم في مجالات التعاون التجاري والرعاية الصحية وموضوعات تخص الطاقة والشؤون القنصلية، بالإضافة إلى التعاون في مجالات الصحة والصناعات المرتبطة بـ”النفط”.
كما اتفق “روحاني”، مع الرئيس العراقي، “برهم صالح”، على إنشاء خط سكة حديد يربط جنوبي غرب “إيران” بمدينة “البصرة”، الغنية بـ”النفط”، وتبسيط إجراءات استخراج تأشيرات السفر للمستثمرين.
وتعهدت “طهران” بزيادة حجم التجارة مع “العراق”، إلى 20 مليار دولار، بحلول العام الجديد، ومنذ عدة أشهر يدرس الجانبان استخدام “اليورو” والعملة العراقية، “الدينار”، في التسويات المتبادلة والدفع من أجل تقليص الاعتماد على “الدولار الأميركي”، في ظل العراقيل التي تعاني منها “إيران” بسبب “العقوبات الأميركية” المفروضة عليها.
وخلال عام 2018، وصل حجم الصادرات الإيرانية إلى “العراق”، إلى 9 مليارات دولار، رغم الأغلال التي تقيدها بها “واشنطن”، وإلى جانب موارد الطاقة تُصدر “إيران” إلى “العراق” مواد غذائية ومنتجات بلاستيكية ومواد البناء ومركبات وماشية.
إتفاقية الجزائر..
اتفق البلدان خلال الزيارة على إعادة إحياء “إتفاقية الجزائر”، التي يمكن من خلالها منع وقوع صراعات مستقبلية بينهما، كما ناقشا إمكانية إعادة “سوريا” إلى “جامعة الدول العربية”.
وحظيت الزيارة بمتابعة كبيرة من جانب وسائل الإعلام المحلية والأجنبية، لكن يبقى من الصعب على “الولايات المتحدة” إدراك أن “بغداد” تكمنت من عمل تغييرًا في علاقاتها السياسية والتجارية مع “إيران” بواقع 180 درجة، بعد مرور 16 عامًا على القصف والغزو الأميركي لها.