خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ما بين مؤيد ومعارض للقرار الأميركي، الخاص بوضع “الحرس الثوري” الإيراني على لائحة الإرهاب، ظهر جليًا الموقف العراقي الرسمي الرافض للقرار، حيث سعت “بغداد” إلى ثني “واشنطن” عن إدراج “الحرس الثوري” الإيراني على “لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية”، بحسب ما قال رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، لصحافيين الثلاثاء الماضي، معتبرًا أن القرار قد يعزز انعدام الاستقرار في المنطقة، وهو ما أثار العديد من التساؤلات؛ حيث دائمًا ما تتبع “العراق” سياسة النأي بالنفس عما يحدث بين الدول، لذا فهو أمر جديد على السياسة العراقية، وإنما ليس بالجديد المطلق لما بين الدولتين من علاقات ولما لـ”طهران” من نفوذ قوي داخل “العراق”، حيث دائمًا ما يعود الفضل لها ولفصائلها في طرد تنظيم (داعش) من “العراق”.
وأعلنت “الولايات المتحدة”، الاثنين، رسميًا تصنيف “الحرس الثوري” الإيراني كمنظمة “إرهابية”، ما استدعى ردًا من “إيران”، التي اعتبرت القوات الأميركية “جماعات إرهابية”.
و”إيران” مدرجة، منذ العام 1984، على لائحة “الولايات المتحدة” لـ”الدول الداعمة للإرهاب” المحدودة جدًا، والتي تضم “كوريا الشمالية” و”السودان” و”سوريا”.
وفكرة إدراج “الحرس الثوري”، وهو جيش تأسس عام 1979؛ من أجل حماية “الثورة الخمينية”، على لائحة الإرهاب، كانت واردة منذ وصول “دونالد ترامب” إلى “البيت الأبيض”.
و”الحرس الثوري” الإيراني؛ جيش موازٍ يمتد تأثيره إلى أبعد من المجال العسكري، وصولًا إلى الاقتصاد والسياسة.
محاولات عراقية لإيقاف القرار الأميركي..
وقال “عبدالمهدي”، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي الثلاثاء: “بصراحة؛ حاولنا إيقاف القرار الأميركي”، مضيفًا أنه حاول تحذير “واشنطن” بأن القرار قد يأتي بـ”إبتداءات سلبية في العراق وفي المنطقة”.
واعتبر أنه: “في حال حدث أي تصعيد بين الولايات المتحدة وإيران سنكون جميعًا خاسرين”.
وشدد “عبدالمهدي” مرارًا على أن “بغداد” تسعى إلى علاقات طيبة مع “طهران” و”واشنطن” على حدٍ سواء، وأن العقوبات الجديدة ستجعل هذه السياسة أكثر ضرورة.
لا يتلاءم مع استقرار المنطقة..
وبضغط من “الحشد الشعبي”، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، “أحمد الصحاف”، القرار الأميركي الأخير، باعتبار “الحرس الثوري” الإيراني منظمة إرهابية، بأنه قرار لا يتلاءم وحاجة المنطقة إلى الاستقرار.
مؤكدًا على “تمسك العراق بموقفه الرافض لأن يكون معبرًا لكل ما يتسبب بالأذى لجيرانه”.
وأضاف: “لسنا مع تحالفات سياسية، ولن ننحاز لخطاب المحاور، وسنكون فاعلين في أي مبادرة تنعكس إيجابًا على أمن المنطقة”.
وتابع: “الإرهاب هُزم في العراق، والقضاء عليه في المنطقة يتطلب جهود كل الأطراف فيها”، مثمنًا مواقف الدول الصديقة، والمحِبة للسلام التي قدمت الدعم لـ”العراق” في حربه ضد الإرهاب، “حربنا ضد الإرهاب كانت طويلة، وكلفتنا الكثير، ونقدر مواقف الأصدقاء”.
وفي السياق نفسه؛ أفاد مصدر سياسي رفيع المستوى أن بيان “الخارجية العراقية” جاء استجابة لبيانات ميليشيات “الحشد الشعبي” الحاكمة الفعلية لـ”العراق” عبر الدولة العميقة، إضافة إلى أن “عبدالمهدي” هو أبن المشروع الإيراني؛ وعبارات “العراق” خارج المحاور، هي من باب “التُقية” التي تعمل بموجبها “إيران” وأحزابها الحاكمة في “العراق”.
حيث أنه بعد ساعات على إعلان “ترامب” قراره، أصدرت “وزارة الخارجية العراقية” بيانًا مقتضبًا قالت فيه: إن “العراق لن يتخذ موقفًا في الوقت الراهن، إلا بعد دراسة البيان”.
ترحيب بالقرار..
وتباينت ردود الفعل الداخلية حول القرار، حيث أعلنت جهات سياسية عراقية ترحيبها بقرار الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بتصنيفِ “الحرس الثوري” الإيراني “منظمة إرهابية”، فيما أعلنت أخرى إدانتها.
فقد أكد رئيس حزب (الأمة العراقية)، “مثال الألوسي”، على الترحيب بقرار “ترامب” بتصنيفِ “الحرس الثوري” الإيراني “منظمة إرهابية”.
مضيفًا أن: “هذه المنظمة الإرهابية كان لها تدخل وعمل ضد استقرار العراق والعراقيين، خصوصًا أن الميليشيات المرتبطة بهذه المنظمة، عملت على إبتزاز وقتل العراقيين، طيلة السنوات الماضية”.
من جانبه؛ أعلن رئيس حزب (المستقبل الدستوري) العراقي، في قت سابق، تأييده لقرار “ترامب”، بتصنيفِ “الحرس الثوري” الإيراني “منظمة إرهابية”.
قائلًا رئيس الحزب، “انتفاض قنبر”، في تصريحات صحافية أن: “قرار ترامب تاريخي، ونعتقد أن خطوته جريئة ومهمة، مع العلم أن الإدارة الأميركية تقاعست كثيرًا بالإعلان، إذ كان لابد أن يتم الإعلان عن هذا الأمر منذ قيام ما يعرف بـ (الثورة الإسلامية في إيران)، وفعلًا الحرس الثوري منظمة إرهابية”.
وأضاف أن: “سياسة ترامب لها الفضل بهذا الإعلان، وأنه يندرج ضمن الإبداع السياسي لوزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، إذ أصبح من الواضح أنهم يفهمون اللعب على الحبلين في الشرق الأوسط”.
بحاجة ماسة لأميركا..
من جهته؛ قال النائب في البرلمان العراقي، “محمد الخالدي”، أن: “العراق يمكنه النأي بنفسه عن هذا الصراع المستمر، بين إيران والولايات المتحدة، والعمل على تحقيق مصلحته بعيدًا عن سياسة المحاور”.
موضحًا أن: “العراق بحاجة ماسة إلى الولايات المتحدة في مسائل التعاون العسكري والاقتصادي واللوجيستي، ولا يمكن التخلي عنها في هذه المرحلة، ويجب على الجميع إداراك تلك المسألة الحساسة في التعاطي مع هذا القرار”.
وتابع: “مواقف الكتل السياسية تباينت بشأن ذلك، فمنهم من يقف خلف الحرس الثوري، وهذه الكتل المقربة من إيران، وهناك من يساند القرار، وهؤلاء السياسيون الموالون للولايات المتحدة، لكن في النهاية يجب أن يصدر قرار عراقي خالص”.
دخول “الحشد الشعبي” تحت طائلة القرار !
فيما يرى المحلل السياسي، “عماد محمد”، أن: “تصويت البرلمان على ضم الحشد الشعبي إلى المؤسسة الأمنية العراقية لا يعني إعفاءه من المسؤولية والمراقبة، وربما الإدراج مستقبلًا ضمن لوائح الإرهاب، فالحرس الثوري – أيضًا – ضمن القوات المسلحة الإيرانية، خاصة وأن دوائر القرار الأميركي تدرك أن فصائل الحشد لها إرتباطات خارجية؛ وتشكلت من مجاميع مسلحة كانت في الأصل موجودة قبل فتوى المرجع الديني، آية الله علي السيستاني”.
مشيرًا إلى أن “تصنيف بعض فصائل الحشد على لائحة الإرهاب سابقًا؛ مثل النجباء والعصائب، يأتي مقدمة على موقف أميركي واضح تجاه الحشد الشعبي في العراق”.
مربك للحكومة العراقية..
وقال الخبير الإستراتيجي والمحلل السياسي، “معن الجبوري”، في تغريدة على (تويتر): “القرار الأميركي؛ اعتبار الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، مربكًا للحكومة العراقية، لن يترك لها مجال المناورة أو مسك العصا من الوسط، إما طرد العديد من المقربين الإيرانيين والدبلوماسيين وخلق أزمة غير قادرين على تحملها مع إيران، أو تغير الموقف الأميركي بالضد وخسارة الجمل بما حمل”.
وأضاف أن: “الحكومة العراقية في موقف لا تحسد عليه، تصريح وزير الخارجية إنه لا يملك ردًا لحين دراسة البيانات الرسمية الصادرة من الطرفين، يؤشر الحالة الصعبة، ستمارس كل من أميركا وإيران ضغوطهما المتاحة على العراق؛ إنما لا مفر من الرضوخ للأقوى، أميركا وأدواتها، وتحجيم الدور الإيراني في العراق”.
لن يستطيع الرد على القرار..
وقال الكاتب والباحث في شؤون إيران والخليج العربي، “د. سليم الدليمي”: “قلنا لمحمد علي جعفري بالأمس.. ونقولها اليوم وغدًا.. نتحداك.. ونتحدى حرسك وجيشك، ومرشدك الأعلى أن تقدم على إطلاق خرطوش في الهواء ردًا على القرار الأميركي بتصنيف الدولة الإيرانية كلها بالإرهاب.. معلوم أن الحرس هو من يدير مفاصل الدولة وهو المسؤول عن رسم سياستها الخارجية ؟”.
وأضاف: “ويمتلك أكثر من ثلث ثروة البلد… وهو من يوجه 150 ميليشيا في العالم لمصلحة إيران، وهو المسؤول عن حماية أمن النظام، وهو من يتعامل بالخفاء وعبر شركات سرية تابعة له مع شركات أموال دولية مهمة في نقل الأموال وتوجيه وصول العملة الصعبة وتصدير النفط عبر وسائل ملتوية ؟”.
وتابع: “كيف سيكون رد الشهيد الحي، (قاسم سليماني – كما يصفه المرشد الأعلى)، على هذا القرار ؟.. أما الذيول والأتباع والملحقين والمتشبهين بالحرس الثوري فليلهم طويل حتمًا ؟”.
ضعف أميركي في مواجهة المقاومة..
وعلق الكاتب والمحلل السياسي، “شاهو القرة داغي”، على تصريحات قيادي في “الحشد الشعبي”، قال فيها إن: “القرار الأميركي بإدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب يدل على ضعف أميركي في مواجهة محور المقاومة، وخصوصًا أن الحرس الثوري الإيراني جزء مهم من هذا المحور”.
وقال “القرة داغي”، في تغريدة: “لنرى كيف سترد محور المقاومة على القرارات الأميركية ؟!.. إطلاق الشعارات وحرق العلم الأميركي أسهل شيء”.
يقوي جبهة التيار المدني العراقي..
وقال عضو الحزب (الديمقراطي الكُردستاني)، “د. عرفات كرم”، في تغريدة: “وضع الحرس الثوري الإيراني في قائمة الإرهاب الأميركية سيقوي جبهة التيار المدني في العراق، وسيكون مقدمةً لحل الحشد الشعبي نهائيًّا”.
تساؤلات عن مستقبل التعاون العسكري..
وكتب الصحافي والإعلامي، “عمر الجنابي”، على حسابه في (تويتر): “أهم خبر اليوم.. ترمب يعلن الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية، متحديًا تهديدات إيران بضرب المصالح والقوات الأميركية في العراق إذا صدر هذا القرار”.
وأضاف، في تغريدة أخرى: “بعد إدراج الحرس الثوري منظمة إرهابية.. هل ستستغنى الحكومة العراقية عن المستشارين العسكريين الإيرانيين ؟.. هل ستلغى المناورات العسكرية المشتركة بين العراق وإيران ؟.. هل سيكون مصير العقوبات العسكرية مثل مصير العقوبات الاقتصادية ؟.. بمعنى آخر هل العراق مستثنى من التعامل العسكري مع الإرهاب ؟”.
خطوة إستباقية للرد على دعوات إخراج القوات الأميركية..
وتابعت الناشطة والإعلامية، “رجاء يوسف”، قائلة: “وضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، خطوة إستباقية إتخذتها أميركا للرد على طهران بشأن دعوتها للحكومة العراقية، بإخراج القوات الأميركية من العراق، الأمر الذي وضع حكومة العراق في موقف محرج، قد تترتب عليه إجراءات قاسية إذا لم يتعامل العراق مع الحرس الثوري كمنظمة إرهابية”.
مضيفة أن: “كل الإتفاقيات التي أبرمتها حكومة، عادل عبدالمهدي، تُعتبر بحكم الملغاة، بعد قرار ترامب بوضع الحرس الثوري الإيراني على لائحة الإرهاب، وأي خرق لهذا القرار، يترتب عليه إجراءات قاسية قد تطيح بالحكومة العراقية، باعتبارها داعمة لمنظمة إرهابية”.
استمرار النأي باستخدام سياسة المحاور..
من جهته؛ قال “قصي الياسري”، النائب في البرلمان عن تحالف (سائرون)؛ بزعامة “مقتدى الصدر”، أن: “العراق ماضٍ في إبتعاده عن سياسة المحاور والصراع الدائر، ونحن بلد ذات سيادة، وإن كان لنا رأي في ممارسات ومواقف الدول الأخرى، وقرار ترامب الأخير لا يصب إلا في مصلحة إسرائيل فقط، كما هو القرار بشأن الجولان السورية”.
مضيفًا: “نحن ضد تلك القرارات ونراها في غير مصلحتنا”.
مطالبات بحل “الحشد الشعبي”..
وتسبب إعلان “الولايات المتحدة”، لهذا القرار، بروز مطالبات بحل فصائل “الحشد الشعبي”؛ وإنهاء وجودها، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من قِبل “الحشد” على تلك الدعوات، بداعي أن مؤسسة “الحشد” تتبع “القيادة العامة للقوات المسلحة”، ويسندها قانون صوت عليه “البرلمان العراقي”.
وفي أبرز المواقف، أعلنت (كتائب حزب الله)، التابعة لـ”الحشد الشعبي”، وقوفها إلى جانب الشعب الإيراني بعد قرار “ترامب” بإدراج “الحرس الثوري” على لائحة “الإرهاب”.
المكتب الاعلامي للكتائب؛ قال في بيان، إن واشنطن “إتخذت قرارًا خطيرًا يضع العالم والمنطقة على أعتاب مواجهة حتمية، وستتبع هذا القرار تداعيات، ولا شك أن هذه السياسة العدوانية ضد إيران ومحور المقاومة، لا تبقي للشعب الإيراني وشعوب المنطقة خيارًا غير التصدي والمواجهة لإفشال هذا المخطط الجديد”.
لافتًا، البيان، إلى أن “وجود القوات العسكرية الأميركية في العراق؛ أصبح يشكل خطرًا محدقًا بأمننا القومي وأمن أشقائنا؛ ما يستدعي موقفًا حازمًا من الجهات المعنية يجبرها على مغادرة العراق”.