17 نوفمبر، 2024 9:26 م
Search
Close this search box.

لا حياة ولا مستقبل …..للعبيد

لا حياة ولا مستقبل …..للعبيد

ما يزيد الطغاة تجبراً وغطرسةً وخداعاً وتضليلاَ ، زيادة انحناء اتباعهم ( ضحاياهم) المتمثل بطاعة عمياء وتبعية مطلقة تصلان الى مستوى العبودية . التي يتجسد فيها تنفيذ كل ما يرضي نزوات الطغاة اللذين يتمتعون بمعاناة اتباعهم بقلوب قاسية وافئدة متحجرة من خلال سلوكيات لا تجيد بلخير الا اذا جادت الصخرة الصماء بالماء الزلال . لانهم لا يسعون الا لتحقيق مصالحهم وديمومة نعيمهم واغناء النرجسية في ذواتهم . ولو تطلب الامر توريط اتباعهم باعمال عنف سيدفعون ثمنها مع الفائدة فقداناً لاحترامهم الذاتي وفقداناً لنبل الانسانية اثر المساهمة في تقويض الحياة في الوطن ، ارضاءاً لمصالح غيرهم اللذين يعللونهم بآمال خادعة . من السياسيين الاجلاف ورجال الدين المرتزقة ممن اساءوا اختيارهم . فمثلهم كمثل من يتناول السم ضناً من انه الدواء . فهؤلاء السياسيين ورجال الدين اللذين يسعون لكتابة صفحات تاريخهم ولو على اشلاء القتلى ولو حبرها من قطرات الدم لا يسعون الى العدالة بقدر سعيهم لقبض الثمن ممن يتطلع الى الثأر من هذا الوطن وابناءه . هذا التطلع المتمثل في رؤية وطن منهار ونسيج اجتماعي ممزق فيه يقتات الالم ويعاني من القلق والتشتت والارتباك ، وتلوين كل شئ فيه بلون اسود من خلال دفعه نحو هوة الفتن مستغلين طاعة اتباعهم .
  فهل من المنطق والمعقول ان نعيش في عالم من العذاب يزداد فيه ضحايا اليتم والترمل ونعاني العوز والفاقة ( نلوك الماء ونعلك الهواء بافواه مليئة بالمر ، ليس لنا من ثروات بلادنا من حساب الا كحساب العصافير لحبات البيدر تستكثر منه القليل )؟ . حتى وصل الامر فقد رغبة العيش في هكذا وطن مهما بلغت قوة ارادة الحياة . بعد ان تزعزعت الثقة بالحاضروالمستقبل على السواء اثر رؤية وطن تتحكم فيه ثلة من السياسيين افتقدوا الى حب الوطن والارادة الصادقة في تحقيق المصلحة العامة ، ورجال دين استهوتهم لعبة السلطة فركبوا عاصفتها الهوجاء ليتزاحموا للفوز بمغانمها . هؤلاء اللذين اصبحوا لكل جرح من جروحنا لسان يشكو منهم .
  فما احوجنا في هذا الوقت الى صيانة سلامة الوطن ووحدة ابناءه من خلال وجود قيادة حقيقية لا تهمها حياتها الفانية بل عملها الخالد . اذا ذكر اسمها اقترنت بالعبقرية والحكمة ، كوجود المهاتما غاندي عندما عانت الهند من نفس ظروفنا في عهده . فتراه يعلن من نفسه قرباناً لخطايا المتصارعين حيث قرر الصوم حتى الموت اذا لم يثوبوا الى رشدهم ويتوقفوا عن الصراع . لكن الغي والتهور لم يستطع ادراك هذه التضحية . فاستمر الصراع ، واستمر صيام هذا الرجل العظيم حتى وصل الى معالجة انفاسه أثر الهزال والضعف الذي دب في جسده النحيل . عندها ادرك المتصارعون بانهم سيخسرون رجلا ندر الزمان ان يجيد بمثله . فألقوا السلاح واعلنوا الندم والتوبة ، واصبحوا امة تتبؤ مكان لها بين الامم الصاعدة نحو الرقي والتقدم .
  فيا عبيد القومية ويا عبيد الطائفية ويا عبيد العشائرية ويا عبيد المناطقية، ثوبوا الى رشدكم ، وعودوا الى وطنيتكم ، وليكن حماسكم ونخوتكم وغيرتكم لوطنكم وعليه . والا سيكون جميعكم خونة خاسرون بعد ان يكون كل منكم قام بدور ابي رغال العلقمي الذي فتح باب بغداد للغزاة المغول . والذي كان أول من اقتصوا منه بعد دخولهم بغداد حيث قال له احد قادتهم    ( من يخون وطنه ولا تأخذه الغيرة عليه لا يمكن الوثوق به ) . ولكم في ابي عبد الله الصغير مثلا ًعندما طرده الاسبان أثر اندحاره وهزيمته بسبب حرب الطوائف وتآمر بعضها على البعض الاخر مما أوهن الدولة وتسبب بسقوطها . عندما وجدته أمه جالساً على قمة تل وقد وضع رأسه بين فخذيه باكياً فقالت له القول المشهور ( ابكِ مثل النساء ملكاً مضاعاً لم تحافظ عليه مثل الرجال ) …. واعلموا ان بدون الوطنية سيأكل بعضكم بعضاً ولن تشاهدوا الطفاة اللذين تتبعونهم ، بل ستسمعون فقط قهقهاتهم تشفياً من الجميع ، وهم يرددون مع بعضهم      (لا تسأل الطغاة لماذا طغوا ، بل أسأل العبيد لماذا ركعوا ) ؟!

أحدث المقالات