لقد عاش العراق خمسة وثلاثون عام من الظلم في فترة حكم صدام ونظامه البعثي ،وتخلل تلك الفترة عدة حروب كانت أسبآبها عنجهية السلطة الحاكمة بقيادة المقبور صدام حين ذاك ،وأن نتائج هذه الحروب كانت كفيلة بتدمير اقتصاد العراق وإبقائه على نفس النمط من دون آي تقدم بل و إرجاعه مئة عام إلى الوراء نتيجة للحصار الاقتصادي الذي فرض عليه ،وما أن جاء عام 2003 حتى سقط نظام الطاغية صدام فأستبشر العراقيون خيرا نتجة لما ستئول أليه المرحلة القادمة في مرحلة أعمار من شئنها أن تغير حالة البلاد فيعيش العراق مرحلة نمو اقتصادي جديد وأن كان ذلك على حساب دخول القوات الأمريكية أليه .
أن في مرحلة الوجود الأمريكي المصاحب لتغيير نظام الحكم تفاجئ الشعب العراقي بالتغيير المباشر السريع بعدما ولى النظام الدكتاتوري ، فمارس العراقيين الديمقراطية في أبسط حقوقهم وأخطرها لأهميتها المستقبلية وذلك عن طريق اختيار من يمثلهم في انتخابات حرة ونزيهة متأملين في أن يستعيد العراق عصره الذهبي …..ولكن !!! كانت النتيجة مخيبة لتلك الآمال ، فما كادت أحلام العراقيين أن تصبح حقيقة وأن ينعموا بالحياة الكريمة والحرية المنشودة حتى وجدوا الواقع ينذر بتربع المتسلطون على الحكم ،متخذين من فقراء الشعب سلالم يسلقون بها نحو تحقيق أهدافهم ،فكانت تلك هي الأجواء المناسبة لنمو الفساد وتفرعن المفسدين ….ولكن!!! أن هذا الأمر لم يدوم طويلا وخصوصا بعدما أخذ المواطن العراقي يتعلم الدرس نتيجة لممارساته الانتخابية في الدورات المتعاقبة ، فقد أدرك الشعب أهمية صوته بكونه هو من يرسم خارطة المستقبل القادم وأن أغلب الوعود التي قدمت من قبل من أنتخبهم من مرشحي ائتلاف دولة القانون في السابق كانت كاذبة ، إذ أنها أشبه بمسكنات للآلام والجروح التي يعاني منها العراقيين ….،
فلا تقدم ولا أعمار والبطالة مستشرية وأن حال العراق أخذ يتجه من سيئ إلى أسوء بسبب تغلغل الفساد في كافة مؤسسات الدولة،فكانت تلك هي الأسباب الحقيقية التي دعت العراقيون بأن يعيدوا النظر من جديد في انتخاب الأصلح بعيد عن الانتماء العرقي والنفس الطائفي ،ولو دققنا النظر في نتائج الانتخابات السابقة لمجالس المحافظات لعام 2009 ونتائج الانتخابات لهذا العام 2013 لكل من ائتلاف دولة القانون وكتلة المواطن، سنجد هناك تغير كبير في توجه أصوات الناخبين لصالح كتلة المواطن بزعامة الحكيم الشاب فكان هو الفائز الأكبر،
وأن رغم المنافسة الشديدة من قبل قوى ائتلاف دولة القانون الرئيسية المتمثلة : بحزب الدعوة المقر العام بقيادة المالكي ،وحزب الدعوة تنظيم العراق بقادة الخزاعي،وحزب الفضيلة ،وبدر ،والمستقلين ،وتيار الإصلاح بقيادة إبراهيم الجعفري ،مضافة إلى ذلك عشرات الحركات السياسية الصغيرة التي ائتلفت مع دولة القانون في الانتخابات،فضلا عن أن جميع قوى الائتلاف في دولة القانون كانت تمتلك امتيازات ونفوذ سلطوي يمكنها من التزوير بكل بساطة وبكل سهولة…ولكن!!! لم يحول هذا دون فوز ائتلاف المواطن في انتخابات مجالس المحافظات كقوة سياسية فاعلة ،فبعد أن حصل على ما يزيد بقليل عن 500 ألف صوت في الانتخابات المحلية السابقة في عام2009 حصل ائتلاف المواطن في هذه الانتخابات عام 2013 أي بعد 4 أعوام على ما يقارب المليون صوت فتضاعفت عدد أصواته ،مما رتب عليه مضاعفة عدد مقاعده التي كانت 40 مقعدا في الدورة السابقة لتصل في الدورة الحالية إلى 64 مقعد .
لقد أثبت ائتلاف المواطن من خلال ما تقدم أنه القوى الشيعية الأقوى و الأكبر على الساحة العراقية وهذا ما أكدته نتائج الانتخابات الحالية مع ملاحظة أن ائتلاف المواطن ليس له أي منصب في الحكومة أو موقع تنفيذي محلي أو حكومي ،أن هذا يوضح الصورة أمامنا بأن أغلبية الشعب قد أختار الأصلح المصلح ليحل في محل المفسد ، وهكذا تبدأ بوادر الإصلاح عصرا جديدا في مجالس المحافظات لتعطي نتائجها الأكيدة في انتخابات مجالس النواب وهذا ما ينتظره جميع العراقيين ومن الله التوفيق .