من رجل وطني يُشار إليه بالبنان إلى رجل بدأ يخرج من قلوب الناس شيئا فشيئا حتى بنظر من كان يقف بجانبه ويسانده ويسعى له .
تصورت أن صالح المطلك نائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات بعد ضربه في ساحة العزة والكرامة الرمادي علي يدي عدد من المحتجين الغاضبين ضد سياساته المتذبذبة المشبوهة اتجاه أهل السنة والجماعة وطريقة تعامله مع ملفاتهم المتعثرة ,وبعد ما حصل له قلت أن المطلك بعد العودة من الأنبار سوف يخرج للشعب في بيان مقتضب يوضح ما جرى معتذرا يقول إني اعتذر إلى كل العراقيين عن ما جرى منذ عام 2003 وحتى الآن كوني شريكا بالعملية السياسية وأن مشواري السياسي قد انتهى وأنا معتزل الساحة السياسية .
لكن الرجل فعل عكس هذا تماما فصدمني مجددا ,فعاد إلى أحضان العملية السياسية بقوة وهنا كفر بكل القيم وبتاريخه السياسي ,
قبل سنوات ذهبت إلى بيته في عمان وقدم لي الشاي بيده وكان يتكلم بحرقة عن الوضع السياسي العراقي و مايجري خلف الكواليس من صعوبة مع شخص اسمه نوري المالكي الذي هو يطلق عليه رجل الأزمات هكذا يحلو لصالح المطلق ان يسمّي الرجل وآنذاك كنت جالسا مستمعا بصمت إليه وأيضا من اشد المعجبين بمواقفه وطرحه .
لكن مجزرة الحويجة كما يحلو لي أنا ان اسمّيها كانت بأمس الحاجة إلى موقف منه في زمن قل فيه الرجال أصحاب المواقف وحقن الدماء ألا أن موقفه حيال الجريمة كان متذبذبا ويعاني مرضا للخروج ,وحدثت نفسي أن صالح المطلك أول المستقلين وأن مجزرة الحويجة قد هزته هزا
احتار في وصف هذا الرجل ,فهو يجيد اللعب على كل الحبال وهو ماهر بذلك
والمعلوم هو يمتاز بالهجوم السياسي على خصومه وكان من اشد وأشرس الأعداء الناقدين للمالكي وطريقة حكمه واليوم نراه يدافع وبكل بسالة وشجاعة عن رئيس الوزراء وما أشبه اليوم بالبارحة يا أبا محمد كم هي غريبة هذه السياسة والغريب هم ساسة العراق ,تفاجئت عندما شاهدته يتحدث عبر الفضائيات عن مجزرة الحويجة وكأنه احد المحللين السياسيين وأن الموضوع من خلال كلامه يبدو عاديا نعرف أن كرسي السلطة والمنصب غالي عليكم لكن المواقف أغلى
مع شديد الآسف خذلني المطلك وتوقّعاتي كلها باءت بالفشل آن الأوان لأن نتحدث بجرأة في مواجهة سياسيونا السنة , هو يشغل الآن منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الخدمات لو أخذنا المناطق السنية التي ساهمت وبشكل كبير في إيصاله إلى سدة الحكم ومن المفترض أن المطلك مسؤول عن خدماتها ورقيها ونظافتها من باب إعادة رد الجميل إليهم لوجدها خاوية على عروشها والخدمات فيها من سيئ إلى أسوأ فماذا فعلتم للعراق أولا وللسنة يا سيادة الدكتور صالح المطلك أنت وشلتك السياسيين الحالين ؛ وصدق الذي وصف السياسة بأنها مصالح والركوب على رقاب الناس والحق أقول هي كذلك فعلا ,وأخر يصفها وصفا بأنها بلاء وابتلاء ومرض يصيب الإنسان المحب لها
بعد رحيل صدام حسين عن السلطة واحتلال العراق ,ُصدر إلينا كم هائل من المتفقهين المنتفعين بالسياسة يطلق عليهم السياسيون العراقيون المتحدثون في زمن الديمقراطية الفتية للعراق وجزما أقول ان أكثرهم لا يعرف ما هي السياسة الحقيقية في إدارة البلاد والعباد حتى ان موضوع السياسة صار تجارة مربحة تدر الكثير من الأموال وتزيد الكروش ضعفين من السُمنة ….واستنادا لما أقول على القارئ الكريم بعد قراءة هذا المقال أن يجري مسحا كاملا لمعظم السياسيين العراقيين الحالين ,تجد أن العمل بالسياسة صارت تجارة لكسب الأموال وتكوين أرصدة في الخارج والداخل وقسم منهم كان حلمه ان يكون مديرا في مدرسة بأطراف بغداد أما تاريخهم فلا يشرف أبدا فغلبهم أصحاب مافيا قتل وتاجرة مخدرات وهذا الكلام القاصي والداني يعرفه وعندما تتحدث معه في فقه السياسة تراه يتلعثم بالكلام وحتى لا أكون قاسيا عليهم جدا وناقدا لاذعا , أحيانا يخرج البعض منهم يتكلم بسرعة عبر الفضائيات صح هو يتكلم ولكن يتكلم بكلام وبطريقة إنشائية لا تغني ولا تسمن من جوع حتى أكون منصفا أكثر بعضهم كأنه ببغاء يحفظ جمل فقط بالتأكيد ونحن ولا نزال وهلم وجرة
أما مواصفات السياسي العراقي ومواصفات غريبة الكذب ديدنهم …….الخداع سلاحهم الفخفخة المزيفة منهاجهم وليس المفخخة لان كلمة المفخخة أصبحت من أساليب السياسيين العراقيين والورقة الضاغطة للعديد منهم في ساعة الأزمات وجزءا هاما في حياة المواطن المسكين !
ذكر لي احد الزملاء الصحافيين قصة والله عندما اسمعها مرارا وتكرارا اسقط مغشي عليّ من الضحك من شدة ما فيها من بلاء وفعلا صدق القائل شر البلية ما يضحك المهم بينما نحن جلوس عنه رن هاتفه ولاحظنا بعد انتهاء المكالمة على وجهه علامات الغضب والاستياء,الكل قال ما الخبر يا سيادة النائب وسرعان ما جاء الجواب شتما للعملية السياسية برمتها فقال بالحرف الواحد ماذا الذي جاء بي إلى نفق السياسة فسأله احد الصحافيين مستغربا وما الذي رمى بك بهذا النفق المظلم الجواب المشكلة أن سيادة النائب المحترم كان تاجرا لبيع البيض في أطراف بغداد وبعد خسارة كبيرة له اتجه نحو تجارة السياسة بدلا عن البيض !
هل فسد العراق بفعل هؤلاء ؟ نتابع في الصحف العراقية والعربية والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان من حياتنا الخاصة والعامة أخبار الوطن ,
فلا نقرأ ولا نسمع إلا الفساد والفوضى ,وعدم الوفاء وكل الأخبار السيئة التي لا تسر والأحداث المؤسفة التي تتصدر المشهد العراقي ربما يتساءل الجميع هل هذا فعلا العراق الذي قدم له العراقي مازال الغالي والنفيس من اجل ان يراه شامخا عزيزا بين البلدان .
أسئلة كثيرة مزعجة ومحبطة تدور في خلجاتنا وما نسمعه يوميا عن الوطن …ما الذي يجري يا عراق !!.
في الواجهة صورة سوداء نسجتها مخيلة الفاسدين إلى جانبها مشهد آخر من التراجيديا العراقية يقودها نخبة من السياسيين والمنتفعين يتبادلون الاتهامات ويتبارزون في تحسين صورة العراق ومعظمهم من أصحاب الأجندات الخاصة الذين يسعون إلى مواقع او منصب او القفز وليس لديهم مانع لدفع البلاد باتجاه الفوضى
هل العراقيون في آذانهم صمموا ,
يؤكد هؤلاء والانتهازيون لنا في حواراتهم المملة أن بلادنا العراق أصبح وردة بيضاء ونسمة نظيفة تبعث العطور ,نقول لهم بكل صراحة ووضوح ان وطننا مدمر وانتم تكذبون .أصحوا من غفلتكم ,العراق ليس وطنا للفاسدين و لا بلد للمتاجرين المتآمرين هو الوطن الجميل الذي نعزه ويعزنا ونتغنى به على طول جنة جنة جنة يا وطنا …. إذا هي لعبة السياسة في العراق مسلسل فصولة طويلة وممثلوه كثر من أصحاب النفوذ وتجار الدم والمنتفعين.