بسم الله الرحمن الرحيم
(كلا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ) ( العلق 6)
تميزت معالجة القرآن الكريم لمواضيع شمولية ومتنوعة .. وقضية تنوعها تختلف حسب الظروف المحيطة بموضوع مهم يراد أصلاحه .. ومن الموضوعات المهمة موضوع الطغاة والطغيان الذي يعتبر محورا هاما في كتاب الله يوضح الذي وضح الطغيان وأسبابه ونتائجه ..والتعريف بالطاغين وأنواعهم وصفاتهم وبواعث الطغيان لديهم وأساليبهم ثم ما آل أليه مصيرهم ..
بداية .. ما هو الطغيان وما معناه …؟ مفهوم الطغيان في العربية” هو مجاوزة الحد في العصيان” بل هو كلّ شيء يجاوز الحد فقد طغى، مثلما طغى الماء على قوم نوح قال سبحانه “نَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) . في الجارية ” أي في السفن الجارية . والمحمول في الجارية هو نوح وأولاده ، وكل من على وجه الأرض من نسل أولئك.
** الطغيان في الاستعمال القرآني:وردت كلمة (طغى) ومشتقاتها في تسعة وثلاثين موضعاً من القرآن الكريم، وبصيغ وتصريفات مختلفة: (طغى، يطغى، أطغى، تطغوا، طغوا، أطغيته، طغيان، طغوى، طاغية، طاغوت، طاغين، طاغون).ويمكن القول بأن هذه المعاني يجمعها شيء واحد وهو: المعني اللغوي: “مجاوزة الحد” لكلمة الطُّغيان..
*** أما استعمالات القرآن لمعنى الطغيان .. فقد صرف القران هذا المصطلح- أنّ الطّغيان في القرآن الكريم على أربعة أوجه:
1. الطّغيان بمعنى الضّلالة، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾
2. الطّغيان بمعنى العصيان، وذلك كما في قوله تعالى: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾ .
3. الطّغيان بمعنى الارتفاع والتكاثروالتكبر.كما قوله تعالى: ﴿لَمَّا طَغَى الْمَاءُ ﴾..
4. الطّغيان بمعنى الظّلم، كما في قوله تعالى: ﴿ مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى ﴾ وقوله:﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ … أمّا الطّاغوت فله معاني عديدة ..
1. الطّاغوت يراد به الشّيطان،كما في قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فقد استمسك بالعروة الوثقى.. ﴾
2. الطّاغوت يراد به الأوثان الّتي تعبد من دون اللّه، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ﴾ (سورة النحل، الآية 36).
3. الطّاغوت يعنى به كعب بن الأشرف اليهوديّ وذلك في قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ﴾ (سورة النساء، الآية 51).
***** ما هي أسباب الطغيان: لا بد ان الطغيان مرض اجتماعي خطير , لذلك ذكره القران الكريم في 39 موضع ..وبالنظر إلى تناول القرآن لأحوال الطغاة وممارستهم للطغيان قديما وحديثا، يجد المرء أن لهذا الداء المرض أسبابا متعددة، كأي مرض آخر حسي أو معنوي، وهذا ما تشير إليه الدراسات والبحوث الحديثة التي أجريت عن نفسية الطغاة, والأسباب التي تجعل من الطاغية وحشا ضاريًا.. “اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى” قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَن يَطْغَى .وهناك كلمات بالطغيان مثل قوله تعالى ….اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ” وقوله :” كلا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَى” وقوله :” لَمَّا طَغَا الْمَاء حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ ” هنا كلمة طغا كتبت بالآلف الممدودة , وهي خاصة , فما الفرق بينهما .. بين طغا وطغى ..؟ الفرق لو جاءت كلمة طغى شبيهة بالياء .. فهي تعني القتل والظلم والاستبداد .. أما اذا جاءت بألف .. فأنها تعني مدمرة .. كالطوفان لأنه مدمر ..الطوفان طغيانه في الحس بالهدم والقتل والتخريب ..
**** مرض الطغيان يتحدد في نقطتين عند الحكام ..
أولا :.. الطاغية لا يقف عند حد،فهو يشعر بالتعالي والتكبر وكل خصلة دنيئة تترسب في نفسه .. فإذا أنت أسلمت أمرك للطاغية لم يرض منك بالطاعة، بل يصر على أن تكون طاعة وإذلالاً،يعني تصل الحالة الى العبودية حين يشعر الظالم الطاغي ان الناس عبيد عنده .. هو من يقرر لهم كيف يعيشون وماذا يأكلون .. وكيف يتكلمون ..وكل من يخرج عن هذه الأطر يعتبر خارج على القانون ومتآمر وخائن ..
النقطة الثانية : الطاغية يكره العظماء وأصحاب المواهب من القادة والساسة والعلماء والأدباء،اما العوام فيعتبرهم كمخلوقات واجبهم تأييده وخدمته .. أما العظماء وأصحاب المواهب بكل أصنافهم .. وإذا قبلهم فإنه يريد أن يكونوا أذناباً له. ومن لا يكون من أتباعه ويصفق له .. فان التهمة جاهزة يوصم بالخيانة والجبن والعار ..
الثالثة : نتيجة الطغيان انه لا بد ان يتفرق المجتمع ( نتيجة حتمية) لان المنتفعين يشعرون بالدونية وانهم بلا مبدأ الا مبدأ الطاغي الذي يمجدونه , فيتقربون أليه حفاظا على مصالحهم , يقابلهم الرجال وأصحاب النفوس الكبيرة ,وأصحاب المباديْ. هنا تبدأ الحرب الباردة بين المصالح والرجال أصحاب الكرامة . والغريب ان المنتفعين لا يقفون مع الطاغي وقت الشدة.. إذا انتهت المصالح . بل يتركونه ويبحثون عن طاغي جديد.
***ـــــــ ما هي أسباب الطغيان …؟
يقول علماء النفس ان مرض الطغيان ينقسم الى قسمين داخلي باطني وخارجي .من اكبر الأمراض الداخلية التي تجعل الإنسان طاغيا هو التكبر الكبر والعلوّ:..يعتبر التكبر عند الطغاة المحور الجامع المشترك بينهم .. فلا يوجد طاغي في الكون غير متكبر..اذن التكبر هو العامل المشترك بين الجميع وعلى رأس أوّليات أسباب الطغيان، وأبرز الشخصيات التي تمثلّ هذا السبب على الإطلاق شخصية الطاغية( فرعون ) الذي اجتمعت فيه كل أسباب الطغيان الداخلية والخارجية،
فرعون مارس كل صنوف الطغيان بحق قومه،ما معنى فرعون ..؟ الجواب فرعون صفة وليس اسما , جرى العرف بين كتاب التاريخ في العصور الحديثة على إطلاق لقب فرعون على الحاكم في مصر القديمة الفرعونية ، وذلك جريا على العادة في إطلاق الألقاب على ملوك العالم القديم،…. على سبيل المثال يطلق على كل من ملوك الفرس اسم (كسرى) برغم أن من تسمى بذلك هو ملك واحد من ملوكهم، ثم جرت العادة بعد ذلك على تسمية كل ملك فارسي بكسرى،ومعنى كلمة كسرى تعني بلغة العرب ما يكسر الاشياء..
*** كما تسمى ملوك الروم بقيصر، وملوك الحبشة بالنجاشي، وهكذا وجريا على العادة فإن الناس في العصور الحديثة اصطلحوا على تلقيب ملوك مصر القدماء بـالفراعنة، وكان الحاكم في مصر القديمة الموحدة يلبس تاج فيه إشارة خطين , انه يحكم قطرين (رمز الشمال والجنوب متحدين في تاج واحد دلالة على حكم القطرين وتسلطه عليهما)،
الخلاصة أن كلمة فرعون ربما قد أصبحت تستخدم استخداما شائعا في العصور الحديثة كلقب للحاكم الظالم .. قال تعالى:(إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ) وقوله تعالى ::ولا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا” يقول احد الفقهاء الشيعة ان الانسان لو ترك بدون دين يردعه , فانه يتفرعن وربما تحدثه نفسه بالفرعونية .. لذلك جاء القران يبن حقيقة الإنسان المتكبر( ولا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا )قال القرطبي في تفسيره : ” هَذَا نَهْي عَنْ الْخُيَلَاء وان ينظر الانسان في نفسه انه مميز بالخلقة ولا يليق به الا التعالي .. وَأَمْره بِالتَّوَاضُعِ .
1- من أنواع التكبر والتعالي ..َالْمَرَح ويعني بالمرح هو شِدَّة الْفَرَح . وَقِيلَ : التَّكَبُّر فِي الْمَشْي . وَقِيلَ : تَجَاوُز الْإِنْسَان قَدْره .هُوَ الْخُيَلَاء فِي الْمَشْي . وَقِيلَ : هُوَ الْبَطَر وَالْأَشَر . هُوَ النَّشَاط وَالْأَقْوَال المذمومة التي تنم عن نفس المتكبر .. حين ادخل ثقل الحسين(ع) على يزيد بن معاوية كان في قمة التكبر والخيلاء .. ومما قالته زينب (ع) أنّ ذلك لِعِظَم خَطَرِك عنده! فشَمَختَ بأنفِك، ونظرتَ في عِطفِك، جَذلانَ مسروراً، حين رأيت الدنيا لك مُستَوسِقة، والأمورَ مُتَّسِقة، وحين صفا لك مُلكنا وسلطاننا. مهلاً مهلا! أنَسِيتَ قول الله تعالى: ولا يَحسَبنَّ الذين كفروا أنّما نُملي لَهُم خيرٌ لأنفسِهِم، إنّما نُملي لَهُم ليزدادوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين ؟!.. الجذلان المسرور هو هز الكتفين والبدن من شدة الفرح ..
2. العجب والغرور:المشكلة في المتعجب في نفسه انه لا يقبل الحق والانصياع له، فهو دائما على الحق .. ولا يعترف بالآخر ( وهذه اكبر من التكبر ومن كل الأمراض النفسية ) ان لا اعترف بدين غيري ولا راي غيري ولا طائفة غيري .. هنا العجب والغرور ..
ولذلك قال الله عن حال قوم عاد لما طغوا وتكبروا:﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ) ومن صور مباهاة الطغاة مفاخراتهم بأنفسهم وألقابهم وعشائرهم ومناطقهم .. هذا العجب جعلهم يستحقرون الآخرين ويعيبون عليهم ..
**** سبب التكبر.. العناد.. الغرور..الشعور بحب النفس النظر إلى الناس من برج عال، ولا يرى إلا نفسه هذا هو تفسير موجز لأبعاد الشخصية النرجسية .. كتب الدكتور عبد الحكيم دياب استشاري الأمراض النفسية بالمجلس القومي للصحة النفسية قائلا إن العناد والتكبر وعدم رؤية الإنسان لمن حوله، وانه سيد هي صفات الشخص النرجسي. يرى النرجسي نفسه اجمل الناس وانه ليس له مثيل فى الفكر أو لا يوجد من هو أعلى منه ثقافة، أى أنه تفوق على كل الناس ولم يخلق الله أفضل منه .لذلك لا يحترم الآخرين , بل وان احترامه مجاملة ..هذه الشخصية يصعب عليه العيش وسط المجتمع .
** كان هناك رجل متكبر جداً يمر في السوق في زهو وفخر واضح، في يوم من الأيام مرت بجانبه امرأة تبيع السمن، فاقترب منها المتكبر وسألها ,ماذا تبيعين ؟ قالت : أبيع سمن ,فقال لها : أرني، فقامت السيدة بإنزال دلو السمن من رأسها، فسقط قطرات سمن علي ثيابه فغضب الرجل وقال :” والله لن أغادر السوق حتى تعطيني ثمن ثيابي .
توسلت المرأة المسكينة استعطفته ,لكن الرجل أصر علي موقفه ، فسألته المرأة :كم ثمن الثوب ؟ فرد في غرور ألف دينار،اندهشت وقالت أنا امرأة فقيرة كيف أعطيك ألف دينار أنا لا أملك ربع هذا المبلغ، فقال لها : لا شأن لي، هذا ثمن خطئك وعليك أن تتحمليه وحدك، أخذت المراة ترجوه في ضعف وانكسار أن يصفح عنها ولكنه استمر في تهديدها . رآهما شاب ً أقبل عليهما مسرعاً وقال للرجل : أنا أدفع ثمن الثوب، وفعلا إخراج ألف دينار وسلمها للرجل .. فأخذها المتكبر وحقق ما يصبو أليه مرضه .. ولما غادر المكان , استوقفه الشاب قائلاً : علي رسلك ألم تأخذ ثمن الثوب ؟ فقال : نعم، فقال الشاب : إذا أعطيني الثوب، انا أعطينك ثمنه فأعطيني الثوب، فقال الرجل : وكيف أسير عارياً ؟ فقال الشاب : لا شأن لي أعطني الثوب، فقال المتكبر : وإن لم أعطيك الثمن ماذا تفعل ؟ فقال الشاب : إذاً تعطينا ثمنه، فقال الرجل المتكبر : الألف دينار ؟ فقال الشاب : كلا، تعطينا الثمن الذي نطلبة، فقال المتكبر : وكم تريد ؟ قال الشاب : ألفي دينار، صعق المتكبر وقال في ذهول : ولكن هذا كثير، أتريد ان تفضحني ؟ ابتسم الشاب ساخراً وقال : كما كنت تريد أن تفضح المرأة المسكينة، فقال المتكبر في خجل : ولكن هذا ظلم، رد الشاب : الآن فقط تتكلم عن الظلم، شعر الرجل المتكبر بالخجل والحزن الشديد فرد المال إلي الشاب واعتذر إلي المرأة على مرأي ومسمع من جميع من في السوق …ــــــــ
*** ذات يوم سافر هارون العباسي ألي المدينة المنورة لزيارة المسجد انبوي الشريف، فقابل الامام مالك وكان يُدَرِس العلم لمجموعة من تلاميذه، فقال هارون الرشيد للإمام مالك : يامالك ما ضر لو جئتنا لتدرس العلم لنا في بيتنا ؟ فرد عليه قائلاً : يا هارون إن العلم لا يأتي إنما يؤتى إليه !! فقال له : صدقت، سوف آتي اليك في المسجد لأنهل من علمك،وفعلا
بعد صلاة العصر كان الامام مالك جالس يلقي درساً بعد الصلاة، فدخل عليه هارون العباسي معه رجاله، ووضعوا له كرسي حتي يجلس عليه، فنظر الامام مالك الي هارون رآه جالساً علي الكرسي فغير مجري الحديث فقال : قال رسول الله (ص)”من تواضع لله رفعه ومن تكبر وضعه الله” .. ففهم هارون انه هو المقصود بهذا القول فأمر رجاله ان يرفعوا الكرسي وجلس علي الأرض وخرج ولم يعد للدرس مرة ثانية .. اذن التكبر هو السبب الرئيس لكل طاغية في الارض .. بعكس المتواضع ..
3. الحسد يؤدي الى حقد وكره الناس :الحسد هو المرض الذي يحرق قلب صاحبه إذا ما رأى ان الله منّ على غيره باي نوع من أنواع الرزق ..يبدأ بمراقبة رزق غيره , وينمو الحقد في قلبه الى ان يصل ان يتمنى إزالة النعمة من أي إنسان يرزقه الله .. فيدفعه ذلك إلى ممارسة الطغيان ، وهذا كان سبب طغيان اليهود ورفضهم قبول رسالة النبي محمد(ص) مع أنه مكتوب عندهم في التوراة، فقد أنكر الله عليهم حسدهم لرسوله على الرسالة وحسدهم لأصحابه على الإيمان قال الله تعالى: ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله” ولا شك أن ذلك ناتج عن الحقد والحسد لرسول الله(ص) بل حتى من اقرباءه وابناء مدينته اهل مكة .. حاربوه وحاولوا قتله , وشنوا حملات ومعارك كبيرة جدا للنيل منه .. حتى ان بعض العقلاء من اهل مكة .. كانوا يبدون وجهات نظرهم بقولهم : اتركوه وشانه , فان كان صادقا فهو عز لكم وان قتلوه استرحتم منه .. ولكن حقدهم وحسدهم لم يسمح لهم بتركه .. بل قتلوا أبناءه حقدا لجدهم وأبيهم . هذه كلها اسباب طغيان داخلية .. فهو تعالي وفرح وغرور وحسد وحقد ..اما الطغيان الخارجي …
أسباب الطغيان الخارجية:1. الملك والسلطة:
وهي من أعظم الأسباب الباعثة على الطغيان، وبالأخص منهم طغاة الحكم والسياسة، ولذلك ذكر الله في القرآن قصة الملك النمرود الذي طغى وتجبر حتى وصل به الأمر أن ادعى الربوبية، وكان الباعث له على ذلك الملك والسلطة قال عزوجل ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ ﴾ وكذلك فرعون يبرر فجوره وعلوه في الأرض بسبب سلطانه وملكه ,
هل الطغيان مقرون بالطاغي فقط او ان القضية تتعلق بذنوب (الحكام والشعوب)…؟ ـــ الفكرة السائدة في الثورات أن الأنظمة الحاكمة الطاغوتية هي السبب الوحيد في كل ما تعانيه الشعوب من مشكلات.وأن زوال الحاكم المستبد مع أنظمتهم، سيحل المشكلات، ويزيل المعاناة كليا، أو يخفف عن الامة .. الموضوع ليس المشكلة بطرف واحد هو الحاكم..لان الطغيان الخارجي لا يتم بطرف الا ان ينضم إليه جهة اخرى.. تعينه وتمده.
وعادة الطرف الآخر هو الشعب ..الشعوب نفسها !!!. هنا ياتي سؤال ..كيف تكون الشعوب سببا في معاناة نفسها، وطرفا في مشكلاتها..*** التعليل: أن الطغاة والأنظمة الطاغوتيه ما كانت لتستبد وتطغى وتظلم، لولا عون الشعوب نفسها على ذلك؛ يعني أن الشعوب أعانت على نفسها بنفسها، من غير شعور منها. إلى اليوم لم تدرك هذه الحقيقة، ولا زالت تلقي باللائمة على الحاكم الطاغي ..!! بينما الحاكم لا يمكن ان يطغى، لو لم يجد من يزين له الطغيان، ويعينه عليه، ويحميه من كل معارض ؟. او ان الامة ترضخ وتظهر الخنوع التام وتبدي انها موافقة ومرتاحة لهذا الطغيان …
هل كان ليطغى حاكم ، لو لم يجد من يخنع ويرضخ، ويترك النصيحة وإنكار المنكر، ويقول: نفسي، نفسي، لا شأن لي بغيري ؟.ويترك العمل تماما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .لا تقل الإسلام حجمني , او النظام إسلامي .. كلا الاسلام يقول ( من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)..
ويقف الاسلام موقفا امام الطغاة ولكن دون عنف ولا دماء .. “لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا” ويشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون قادراً على الأمر والنهي وتغيير المنكر، فإن كان عاجزاً فلا وجوب عليه إلا بقلبه أي يكره المعاصي وينكرها ويقاطع فاعليها ..فلو راى كل طاغية انه حين يريد ان يطغى لا يعينه احد ولا يسانده بقول او فعل فان الطغيان ينتهي ويخاف فاعله .. الانسان يطغى ولكن بمساعدة الاخرين , فلو رايت حاكما طاغية يحكم شعبه بالحديد والنار . فاعلم ان ذلك الشعب هو السبب ..
*** كيف تبدأ عقلية الطغيان …؟ : عادة الطغاة في بداية حياتهم لا يختلفون عن الناس باي حال .. ولكن حين تسنح لهم الفرصة للتسلق على الوظائف الكبيرة , يتصورون ان كل فضل حصل عليه الناس هو بسببهم .. ينسب الحاكم لنفسه فضلا كاذبا، ويبدأ يصدق نفسه ان رب نعمة الامة ,, ويرى ما في ايدي الناس من خير هي ببركاته ..فيطغى ويمتع نفسه بإذلال شعبه، وسوقهم إلى ما يريد وكيف يفكر ..ثم يصل الى مرحلة .. انه هو من يعين لهم طعامهم , وهو من يفرض عليهم شكل لباسهم .. وأخيرا هو من يقرر لهم طريقة التفكير بل حتى العبادة ..هذا هو الطغيان ..
المشكلة انه يجد عدد كبير من الناس يؤيدونه ويهتفون له بالمنكر فيعتبر ان الامة كلها راغبة في حكمه ومن يرفض خائن ولا يستحق ان يعيش في البلد ..الطاغي اذا لم يوجد من يقف ضد طغيانه يأمره وينهاه ويخوفه بالله ويعظه، لا يخاف في الله لومة لائم. ولهذا قام الانبياء والاوصياء المعصومون بهذه المسؤولية …
*** في الامم السابقة حين يحكم طاغي , كانت عقوبات استئصالية، في شكل ريح صرصر عاتية، أو صيحة قاتلة، أو حجارة من السماء، أو عذاب يقع عليهم , أو طوفان يغرق الجميع. والقران اخبرنا عن امم كيف انتهت عاد وثمود وغيرهم ..أما في أمة محمد (ص) فلا عذاب يستأصل الناس،لان أمته باقية إلى قيام الساعة، لكنه يأتي في أشكال أخر: فقر رغم كثرة خيراتهم ، خوف وقتل فيما بينهم .. حسد وعداوة .. فقدان الامن ,ضيق في الحياة , اضطهاد الحاكم وإذلاله الناس، سجون وتعذيب..كوارث طبيعية؛ زلازل، فيضان بركان، أو سيول عارمة، أو عدوان محتل. فما يعانيه الناس اليوم من حكامهم، ليس سببه “الحكام” وحدهم، إنما يشترك معهم “الشعوب” نفسها، هي من فتح الطريق على عذاباتها ؟!!.وهي من تخلق الطاغية ثم تدعوا الله ان يغير حالهم ..
الحاكم محتاج إلى عون على الحق، ولا يعان على باطل،لكن الدنيا مليئة بالذين يفسدون على الحاكم قلبه ونفسه، ولو كان فيه ميل إلى الصلاح، بنفاقهم وخداعهم وكذبهم، ومع ذلك، فليس كل الناس كذلك، يقول الإمام علي (ع) حسن سكت اهل الحق عن حقهم , ظن أهل الباطل انهم على حق ” قال عبد الملك بن مروان في الناس فقال: “أيها الناس!، أنصفوا منا؛ تريد منا سيرة أبي بكر وعمر، ولا تقوموا فينا بسيرة رعيتهما”. مع ذلك فتح الله باب الدعاء فإنه سلاح مجرب، وقد أهلك الله به الطغاة قال تعالى:{ عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض} ..من لم يستطع ..فبقلبه فان ذلك اضعف الايمكان يعني به الدعاء له أصلح وأنفع…..
***** صور الطغيان : للطغيان نماذج وصور متعددة، تتنوع حسب الزمان والمكان، ونفسية الطاغية وتكبره وهيمنته الاقتصادية، وقوته العسكرية.. وكذلك بحسب تقدم الزمن وتطور أساليب الطغيان .. لذا فإن صور الطغيان تختلف من طاغية لآخر؛ لكن يجمعهم: “انتكاسة الفكر،فلا تجد طاغية يحمل فكرا طيبا .. وانحراف الأخلاق، وانعدام الرحمة، وفقدان الإحساس بالغير .. في نفس الوقت الذي يجوع فيه الناس ويكون مصدر طعامهم من القمامة ومن فتات خيراتهم .. تجد عائلة وحواشي الطاغية يبذخون بالمال والطعام وهذا اكبر إمعان في الظلم والتعذيب النفسي .. ﴿ وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَاد * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلاَد * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَاد * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَاب * إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَاد﴾.
النقطة الأخيرة … فرض الرأي ومصادرة الحقوق والحريات:
فالطغاة على مرّ التاريخ – يفرضون آرائهم وأهوائهم على الناس ، ويجعلونها عليهم قوانين إلزامية، ويجبرونهم على قبولها والانقياد لها قسرا، ويصادرون حرِّياتهم وحقوقهم المشْروعة في الاختيار والقبول والرَّفض؛ فعليهم ألا يعتقدوا ويعتنقوا إلا ما يعتقد الطاغي ومن سوّلت له نفسه أن يخالف أو يرفض يستخدمون معه أبشع أساليب القمع والتنكيل.. والعجيب أنهم يصورون أنفسهم كأنهم أصحاب الحق وأن غيرهم مفسد في الأرض،
منطق الطاغية واحد كما قال فرعون لقومه ﴿مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىِ﴾..وفعلا سجن موسى حين اتخذ له الاهاَ غير فرعون . قال لموسى ﴿ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ المَسْجُوْنِيْنَ ﴾
وقال قوم شعيب له ولأتباعه: ﴿قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا﴾.
** معالجة القرآن للطغيان :..عالج القرآن الكريم جريمة الطغيان؛ وقدم جملةً من الحلول التي تمنع وقوعه وتخفف أثره واستقصاءُ هذه الحلول نشير إلى أهم الوسائل في ذلك:
النهي الصريح عن الطغيان: سواء كان التعدي على الآخرين بالقتل أو ما دونه أو أكل أموال الناس وسائر الظلم والبغي والطغيان، قال تعالى: ﴿ كلوا من طيبات ما رزقناكم ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى﴾ وامر الاسلام بالتوحيد والنهي عن الشرك :قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ﴾ فالملاحظ من هذه الآية أن جل اهتمام الأنبياء والمرسلين وجهدهم، كان منصباً في الدرجة الأولى، على بناء الإنسان وعقيدته , ويكون في أفضل حالاته حين تغرس معاني الإسلام في قلبه وليس شعار فقط ..لأن الإيمان بالله وعبادته بالمعنى الشامل، يؤديان إلى اجتناب الطغيان. والنقطة الثانية :الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الوسائل لمنع الطغيان، ولذلك صرح رسول الله بأن التفريط بهذا الواجب، مؤد إلى ظهور الطغيان والتسلط في المجتمع، قال: “لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن الله عليكم شراركم، ثم يدعو خياركم، فلا يستجاب لهم” ..يتصور بعض الناس أن الطاغية قد يفلت من العقاب لما يرونه من ميتة بعض الطغاة ميتة طبيعية. والأمر الذي يجب أن يستقر في النفوس أن الطاغية لن ينجو من عقاب الله مهما تأخرت العقوبة، وقد يموت الطاغية موتا طبيعيا فهذا لا يعني نجاته لأن الله بين أن عاقبة الطاغين شر عاقبة قال سبحانه ﴿ وإن للطاغين لشر مآب﴾ ذكر الله تعالى قصة أصحاب الأخدود ونهايتهم على يد الطغاة ﴿قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ * وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ *..
في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان .. ولا تذكر الروايات التي وردت في هذا الحادث،ما حدث لهم بعد ذلك ..أن الله قد أخذ أولئك الطغاة بجريمتهم البشعة، كما أخذ قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وقوم لوط وفرعون وجنوده كما كان يأخذ المكذبين والطغاة .. ولكن الجزاء الأخير يكون عنده …
ـــــــ***** (كلاّ إنّ الإنسان ليطغى, أن رآه استغنى).. متى يكون مستغنيا …؟ الجواب يستغني حين يرى انه رجحت كفته على كفة الناس .. أي لا يحتاجهم .. انتفت حاجته. من أصدقاءه وممن ساعده وقت محنته ..
*** كان شخص من اهل الكوفة يكره بني امية , ولما سمع بوجود معارضة لهم كان يقدم مساعدات بسيطة لمن يدخل الكوفة . وتعرف على ابي جعفر المنصور , فكان ينزل في بيته وهو وزوجته يقدمون له الخدمات ,ولما وصل الى السلطة زاره وكان فقيرا, فاكرمه شيئا قليلا , وبعد فترة زاره فوجده لا يهتم له .. ترك زيارته بعد سنة قالت له زوجته اذهب اليه وقل له زوجتي تذكرك بخدمتها وهي الان محتاجة .. فذهب ولكن الحرس منعوه ولم يدخل الى ان جاء دوره , نظر الى ابي جعفر فوجده لا يعير له اهميه , ثم رفع راسه .. ساله ماذا تريد ..؟ فاستحى الرجل الفقير ولم يصدق ما يراه .. فانف ان يطلب منه ..
فقال سمعت ان جدك عبد الله بن عباس يروي حديث عن النبي انه من حفظ الحديث يدخل الجنة .. فقال له لا يوجحد أي حديث بهذا المضمون خذ هذا المبلغ ولا تراجعني مرة ثانية فشعر الرجل ان صاعقة من السماء نزلت عليه .. هذا تنطبق عليه الاية ( ان راه استغنى).
المفروض أن يكون رد الفعل على تحصيل الغنى هو الشكر والتواضع والاحسان، لا الطغيان والكفر والجحود ولكنه أمر متلازم بين التكبر والطغيان ونسيان الفضل وعدم الاكتراث بالأصحاب القدماء والأهل .قال أمير المؤمنين (ع): (الغنى يطغي)، وكأن هذه العلاقة دائمة مطلقة،فكان يقول: (استعيذوا بالله من سكرة الغِنى، فإن له سكرة بعيدة الإفاقة).. …. وقف زهير بن القين يوم العاشر يتحدث بهذا العنوان ..
وخرجَ إليهِم زُهيرُ بنُ القَينِ على فرسٍ ذَنوبٍ شاكٍّ في السِّلاحِ، فَجَعَلَ يُكَلِّمُ الناسَ، فقال: يا أهلَ الكوفةِ نَذارِ لَكُمْ مِن عذابِ الله، إنَّ حقَّاً على المسلمِ نصيحةُ أخيهِ المسلمِ، ونحنُ حتَّى الآنَ إخوةٌ على دينٍ واحدٍ ما لم يقعْ بينَنا وبينَكمُ السيفُ، وأنتُم للنصيحةِ منَّا أهلٌ فإذا وقعَ السيفُ انقطَعَتْ العِصْمَةُ وكُنَّا أمَّةً وأنتُم أمَّة، إنَّ اللهَ قدِ ابتلانا وإيَّاكُمْ بذُريَّةِ نبيِّهِ محمّدٍ لينظُرَ ما نحنُ وأنتُمْ عاملونَ، إنَّا ندْعُوكُمْ إلى نصرِهِم وخِذْلانِ يَزيدَ وَالطاغيةِ عُبَيدِ اللهِ بْنِ زيادٍ، فإنَّكُمْ لا تُدْرِكُونَ مِنْهما إلَّا سُوءَ عُمْرِ سُلطانِهما كلِّهِ.
فَسبُّوهُ، وأثْنَوْا على عُبيدِ اللهِ بنِ زيادٍ ودعَوْا لهُ، وقالُوا: واللهِ، لا نَبْرَحُ حتَّى نقتُلَ صاحبَكَ ومَنْ مَعَهُ أوْ نَبْعَثَ بهِ وبأصحابِهِ إلى الأميرِ عُبيدِ اللهِ سِلْمَاً.فقالَ لهُمْ زهيرٌ: عِبادَ اللهِ إنَّ وُلْدَ فاطمةَ سلام اللهِ علَيْها أحقُّ بالوُدِّ والنَّصْرِ منِ ابْنِ سُميَّةَ، فإنْ لم تنْصُروهُمْ فأُعيذُكُم باللهِ أنْ تقتُلُوهُم. فَرَماهُ شِمرٌ بسهمٍ وقالَ: اُسْكُتْ، أسْكَتَ اللهُ نَأمَتَكَ، أَبْرَمْتَنا بكَثرةِ كلامِكَ. فقالَ لَهُ زُهيرٌ: ما إيَّاكَ أخاطِبُ… واللهِ، ما أظُنُّكَ تُحْكِمُ منْ كتابِ اللهِ آيتَيْنِ، فأبشِرْ بالخِزْيِ يومَ القيامةِ والعذابِ الأليمِ .. قالَ الشمرُ: إنَّ اللهَ قاتِلکَ وصاحبَکَ عنْ ساعةٍ . فقالَ زهيرٌ: أفَبِالمَوْتِ تُخوّفني ؟ فواللهِ لَلموتُ معهُ أحبُّ إلَيَّ منَ الخُلدِ معكمْ ، ثمَّ أقبلَ على القومِ رافعآ صوتهُ وقالَ .. عبادَ اللهِ لا يغرّنّكمْ عنْ دينكمْ هذا الجلفُ الجافي وأشباهُهُ ، فواللهِ لا تَنالُ شفاعةُ محمّدٍ قومآ أهرقوا دماءَ ذرّيّتهِ وأهلَ بيتهِ وقتلوا مَنْ نَصَرَهمْ وذبَّ عنْ حريمهم . فناداهُ رجلٌ منْ أصحابهِ إنَّ أبا عبدِ اللهِ يقولُ لکَ : أقبِلْ ، فَلَعَمْري لئِنْ كانَ مؤمنُ آلِ فرعونَ نصحَ قومَهُ وأبلغَ في الدعاءِ، فلقدْ نصحتَ هؤلاءِ وأبلغتَ لوْ نفعَ النُّصحُ والإبلاغُ .
ثم تذكر قصة الرضيع والرباب : يبني يعبد الله على فركاك … صبري فنه ودرن ثداياك .. يا دين كلي لحرمله وياك .. نيشن عليك بسهم وارداك .. يبني التسر كلبي بشرته.. كسر خاطري مذبوح شفته.. شنهي الذنب يبني العملته عطشان والسانك بلعته .. والماي حاضر ما شربته ….