تصدّعت رؤوسنا بفهومكم الخاطئة والمخطئة لمعنى الوطن والوطنية
واثقلتم كاهلنا بمطالبة المواطن بضرورة تقديم التضحية للوطن (دون مقابل) .
واخضعتمونا لمقولة الشيوعيين بأنّ (من لا يعمل.. لا يأكل) ، او مقولة البعثيين أنّ (من لا ينتج .. لا يأكل) .
وكل هذا يصب في بودقة الغاء ومصادرة انسانية الانسان وكرامته وحقه في الوجود ، ووسيلة من وسائل الاستعباد وتهيئة الفرد على ان يكون أداة من ادوات (التضحية) ومشروعاً من أجل (الاستشهاد) من أجل وطن او سلطة لم يقدما له شيئاً في الواقع .
هناك آيتان كريمتان ، في كتاب الله العظيم ، تفند مزاعمكم الموهومة ، وفهمكم الخاطئ للوطنية والتضحية من أجل الوطن .
هاتان الآيتان الكريمتان نجدهما في سورة النحل، فتعالوا نقرأهما :-
(وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68) ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ۚ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِّلنَّاسِ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (69) – النحل
هنا ، تكمن العلاقة الدقيقة بين الوطن والوطنية والتضحية والانتاج ، ويضع الله برنامجاً متكاملاً لاسلوبية التعامل بين الوطن والمواطن .
*/ الله سبحانه وتعالى هيأ للنحل (مسكناً) ووسائل حماية ضد تقلبات الطقس والمناخ من الجبال والشجر ومما يعرشون .
*/ ثم هيأ ووفر لها الطعام ويسر لها وسائل الحصول عليه ، مع ضمان التنوع بالتغذية .
*/ ثم هيأ لها سبل التنقل والطرق السالكة .
*/ ثم بعد ذلك طالبها بالانتاج ، وفرض عليها الدفاع عن وطنها ومنجزها ، وجعل ذلك (آيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) ، ولم يجعلها آية لقوم (يتشدقون)
إن هذه الاية الكريمة تنفي مزاعمكم بضرورة او مقبولية ان يقدم الانسان تضحية او يكون قرباناً لوطن لم يقدم له شيئاً .
هذا فضلاً عن مقولة مهمة قالها أمير المؤمنين (عليه السلام) ليبين لنا علاقة المواطن بالوطن واحساسه بالنتماء ، حين قال :-
(الغنى في الغربة وطن ، والفقر في الوطن غربة) .