أجاز دستور عام 2005 في المادة 116 منه الاخذ بنظام الاقاليم ، وقد جاء في الفقرة الثانية من المادة 117، يقر هذا الدستور الاقاليم الجديدة التي تؤسس وفق احكامه ، ورغم أعتقادنا ان الدستور جاء مكتوبا بدوافع كثيرة ، اهمها كردية الا انه دستور ولد ناقصا ، لم يكن ليضع تدرج اداري لبلوغ الاقليم ، انما دخل عابثا كعبث السياسيين في افق الاقاليم الواسع دون تمهيد في مجتمع كان يعيش منذ عقود طويلة تحت أنظمة الحكم الشمولي ، وفي ظروف لم يكن للعراقيين من تهيئة الأجواء او مستلزمات التحول إلى نظام يتطلب قادة مؤهلين وملاكا ت إدارية مستعدة لإقامة الكثير من المؤسسات التي سيكون لها الدور في قيام وإدارة نظام يميل إلى الفدرالية ، او فدرالية مشوشة الشكل وغربية النتيجة ، وقد كنا منذ البداية ننتقد بشدة التحول المفاجئ الى نظام مجالس المحافظات المرتكز على مبدأ اللامركزية الادارية ، بسبب عدم تهيئة وسائل نجاحه ، بل ولد هذا النظام المتسرع وهو يحمل اسباب فشله وموته لفشل من تولى اموره وفساد من تصدى لتطبيقه ، وكان لعدم خبرة الاحزاب التي تولت السلطة في المركز او مجالس المحافظات كانت وراء فشل تلك التجربة وضياع فرص تقدم أمدها خمسة عشر عاما ، وقد كان الفشل قد أصاب جميع المحافظات مما يشير إلى فشل سياسة عامة ، فأذا كان الاستعداد متخلفا عن إدارة مجالس محافظات لها صلاحيات واسعة وتحت إشراف دولة المركز ، فكيف بنا أمام أقاليم لها نظامها الأوسع وصلاحيات أشمل ،
ان المشكلة يا دعاة الأقاليم ليست محصورة في ما اذا كانت إدارة المحافظات لا مركزية او إدارة اقاليم ، المشكلة في القوى العاملة المتصدية لكل نظام ، المشكلة فينا نحن سلمنا امورنا لمن هم لا معرفة لهم بالعمل الحكومي ، او باختصار كانت قياداتنا سياسية غير متمرسة في ادارة الدول لا تمتلك مؤهلات قيادية او تنفيذية ، ولم تكن مؤهلة لاستيعاب الجديد من أمور الإدارة العامة ، كما وانها لم تكن تريد أن تتعلم او تكتسب الخبرة ، بل ظلت قيادات سياسية ولائية او قيادات طوبائية لا تملك أفق المخطط او افق من ييحتكم على قدرة علمية تؤهله الاستيعاب والتنفيذ ،
ان الدعوات وفق ما تقدم لإقامة الأقاليم هي دعوات من يطمح لان يكون رئيس اقليم او من يحلم بمنصب وزاري ، او من يريد كما فعل سابقا عبور الموانع العلمية لتحقيق هدف ذليل ، كان على اؤلئك الدعاة النجاح في مجالس المحافظات ، او النجاح في تهيئة مستلزمات إقامة الاقليم ،
ان الدعوة للاقاليم في ظل إخفاقات مجالس المحافظات وقادتها إنما يراد من ورائه تقسيم العراق وبأسلوب مستعجل كما تم صياغة الدستور والفدرالية بشكل مستعجل، وعلى عموم الناس التصدي لمروجي هذه الدعوات لأنهم لايمتلكون العصا السحرية التي بها سيحولون حياة الناس إلى الأحسن في ظل الأقاليم لان الفاشل في مجالس المحافظات لا يمكن ان يكون ناجحا في ظل الأقاليم…