خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في زيارة ليست الأولى واقعيًا، وإنما الأولى من حيث أهميتها ودوافعها، يزور وفد سعودي كبير “العراق”، يتألف من 100 شخصية، بينهم 9 وزراء، ويرأسه وزير التجارة والاستثمار، “ماجد القصبي”، لبحث تطوير العلاقات والتعاون الاقتصادي.
“المملكة السعودية” أعلنت، في اليوم الأول من الزيارة، تقديم منحة لـ”العراق” بقيمة مليار دولار، كما أعلنت عن قرار بإفتتاح 3 قنصليات جديدة في “العراق”.
وفي هذا السياق؛ أكد وزير التجارة والاستثمار السعودي، “ماجد القصبي”، في مؤتمر صحافي، أن الجانب العراقي قدم 186 فرصة للمستثمرين السعوديين للاستثمار في “العراق”.
وفي حين أنه أعلن بدء مرحلة جديدة للعلاقات بين “الرياض” و”بغداد”، أكد أنه تم الانتقال من ثوب التخطيط إلى ثوب التنفيذ لوجود القرار السياسي بالذهاب إلى التنفيذ.
وأوضح أن الزيارة أسفرت عن تقديم منحة لـ”العراق”، بقيمة مليار دولار، 500 مليون دولار منها كقروض والقسم الآخر لدعم الصادرات.
ونوه بأن الجانب السعودي، بأن الشركات السعودية، سواء “سابك” و”أرامكو” و”معادن” و”أكواباور”، قد طرحت أفكارًا لبعض الفرص للاستثمار بها، إلى جانب فكرة قدمها القطاع الخاص بإنشاء “منطقة تجارة حرة” على المنفذ الحدودي، وسيتم دراسة جدواها وآلية تنفيذها.
وتأتي زيارة الوفد لإستئناف أعمال الدورة الثانية لـ”مجلس التنسيق السعودي-العراقي” في العاصمة العراقية، “بغداد”، وتفعيل دور “السعودية” في مرحلة الاستثمار؛ وإعادة الإعمار في “العراق”، والتعاون في مختلف المجالات.
ويلتقي الوزراء السعوديون التسعة؛ رئيسي الحكومة ومجلس النواب، كما سيعقدون مع نظرائهم من الوزراء العراقيين، إلى جانب ممثلي كبرى الشركات والمؤسسات السعودية، اجتماعات مكثفة في إطار أعمال الدورة الثانية لـ”مجلس التنسيق السعودي-العراقي”.
مجلس الوزراء العراقي، الذي كان قد وافق على مشروع اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار بين “الرياض” و”بغداد”، سيبحث مع الوفد السعودي ملفات إعمار المناطق المحررة وتشجيع التبادل التجاري والتعاون الثقافي والرياضي.
إفتتاح 4 قنصليات في العراق..
وقال وزير الاستثمار السعودي، “ماجد بن عبدالله القصبي”، إن “المملكة” إفتتحت قنصليتها في، “بغداد”، أمس، للبدء في إصدار تأشيرات للعراقيين وإن ثلاث قنصليات أخرى سيعاد فتحها في “العراق”، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية.
كما يعتزم “العراق” فتح قنصلية له في المناطق الشرقية لـ”المملكة العربية السعودية”.
وأوضح “القصبي”؛ أن 13 اتفاقية جاهزة للتوقيع، لافتًا إلى أن العمل في “معبر عرعر” الحدودي البري، الذي يربط “العراق” بـ”السعودية”، سيكتمل في غضون ستة أشهر.
وأكد أن “الرياض” تبني “مدينة الملك سلمان الرياضية”، في “العراق”، بعد تخصيص أرض للمشروع من قِبل الحكومة العراقية.
ورشح الجانب العراقي عدة مناطق لكي يقام عليها الملعب السعودي في “العراق”، حيث يوجد “ملعب التاجيات”، في شمال “بغداد”، و”ملعب عمو بابا”، شرق “بغداد”، لذا قرر “العراق” ترشيح مناطق جنوب “بغداد”، مثل مشروع “الوحدة” و”المدائن” و”بسماية” لتشييد الملعب على أرضها، وفي النهاية تم الاستقرار على أن تكون “بسماية” هي المنطقة التي يقام عليها الملعب.
من جانبه؛ قال وزير التخطيط العراقي، “نوري صباح الدليمي”، إن “العراق” يعتمد سياسة الانفتاح إقليميًا ودوليًا في المجالات كافة.
مضيفًا في بيان للوزارة، نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أن “العراق” يسعى نحو تعزيز العلاقات المشتركة مع “المملكة العربية السعودية” واستثمارها في جميع القطاعات.
وتابع: “سيتم عقد لقاءات موسعة بين رجال الأعمال العراقيين والسعوديين لتبادل الخبرات والأفكار والمشاريع، وذلك بعد البدء بإصدار التأشيرات من القنصلية السعودية في بغداد بعد افتتاحها”.
وأكد الوزير السعي المشترك مع دول الجوار بإتجاه تفعيل المنافذ الحدودية، متوقعًا إعادة افتتاح “منفذ عرعر” الحدودي، خلال النصف الثاني من العام الجاري، بعد إكتمال إعادة تأهيله.
وقال إن “وزارة التخطيط” ستشارك في إدارة جميع المنح السعودية، مع “البنك الدولي”، للتوجيه الأمثل لاستثمارها.
سينعكس على زيادة التبادل التجاري..
وكشف السفير العراقي لدى الرياض، “قحطان الجنابي”، عن المكاسب المتحققة من زيارة الوفد السعودي إلى العاصمة العراقية، “بغداد”.
قائلًا، في تصريح صحافي، إن: “وجود وفد سعودي رفيع في بغداد، يؤكد عزيمة البلدين على المضي قدمًا نحو شراكة شاملة اقتصادية وتجارية واستثمارية”، مبينًا أن “ذلك سينعكس في زيادة التبادل التجاري بين البلدين في مستقبل الأيام؛ وهذا مكسب حقيقي”.
وأكد “الجنابي” على أن “هذه الزيارة تهدف إلى المضي قدمًا لتحقيق قدر كبير من التعاون الشامل والعمل المشترك”، مشيرًا إلى أن “الجانبين يتطلعان إلى تهيئة أجواء التعاون وزيادة الاستثمارات والتبادل التجاري”.
مشيرًا إلى أن “زيارة وفد كبير يضم 100 عضو؛ هي الأولى لوفد سعودي على هذا المستوى، منذ 30 عامًا”ً.
مجلس تنسيقي “عراقي-سعودي”..
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء، “ثامر الغضبان”، إن رئيس مجلس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، سيوقع قريبًا، في “الرياض”، مذكرات تفاهم “المجلس التنسيقي العراقي-السعودي” التي اتفق بشأنها اليوم.
وذكر “الغضبان”، في كلمة له خلال البيان الختامي لاجتماعات “المجلس التنسيقي العراقي-السعودي”، أن “المجلس ناقش مجموعة من الفقرات التي تم العمل عليها منذ أسابيع”.
وبّين أن: “اللجان استكملت إعداد ملفات التفاهم التي ستوقع في الرياض، وبعد استكمال اللجان محاضر اجتماعاتها فقد استعرض المجلس وأعضاء اللجان ما توصلوا إليه، وتم توقيع هذه المحاضر بين الجانبين”، موضحًا أن: “مذكرات التفاهم ستوقع في الرياض بحضور رئيس مجلس الوزراء عادل عبدالمهدي”.
وتابع أنه: “تمت مناقشة جملة من المهام، كتشكيل مجلس رجال الأعمال بين الرياض والعراق”، مواصلًا أنه: “جرى استعراض هدية ملك السعودية لإنشاء ملعب رياضي؛ ليكون في منطقة بسماية”.
وأردف “الغضبان” أن: “الاجتماع أختتم بالإتفاق على كافة النقاط الرئيسة، وسوف يتم تسمية الأشخاص للبدء بهذه اللجان، إضافة إلى تحديد خارطة طريق لتعمل بها اللجان، وتشكيل لجان من البلدين لتتابع ما تم الإتفاق عليه بين الطرفين، ونحن نعول على ما تم الإتفاق عليه”.
تقويض النفوذ الإيراني..
عما تريده “المملكة العربية السعودية”، من خلال تقاربها مع “العراق” خلال الفترة الحالية، كشف “تحالف المحور”، الذي يضم أغلب القوى السُنية السياسية، قائلًا النائب عن التحالف، “فالح العيساوي”، أن: “العلاقة السعودية-العراقية متوقفة أكثر من 30 عامًا، وكانت متوترة نتيجة احتلال العراق للكويت”، مبينًا أن: “هذه العلاقة عادت للتوتر بشكل لافت جدًا، خلال تولي نوري المالكي، رئاسة الحكومة العراقية”.
وأضاف أن: “التقارب السعودي-العراقي حصل، في عام 2017، بفترة تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة العراقية، فالعبادي كان منفتحًا كثيرًا على المجتمع العربي والاقليمي”.
وأضاف “العيساوي” أن: “زيارة الوفد السعودي الأخير إلى بغداد، لم تكن مفاجئة”، مؤكدًا أن: “السعودية تحاول أن تعوض الفترة التي شهدت مع العراق فتورًا”، مبينًا أن: “هذه العلاقة لها أهداف وغايات لا تتوقف عند الاقتصاد والاستثمار، إنما تتعدى ذلك”.
وتابع النائب عن “تحالف المحور” أن: “السعودية ترى أن هناك نفوذًا إيرانيًا واضحًا في العراق، وهذا النفوذ أخذ أشكالًا متعددة، على الأصعد العسكرية والأمنية، إضافة إلى الجانب الاقتصادي، خصوصًا وأن إيران تريد أن تتخلص من العقوبات الأميركية من خلال العراق، والحصول على العملة الصعبة”.
تعكس مبدأ الإبتعاد عن سياسة المحاور..
عن الخطوات السعودية تجاه “العراق”، يقول مدير “مركز بغداد” للدراسات الإستراتيجية والعلاقات الدولية، “مناف الموسوي”، أن هذا التقارب يعكس إعتماد الحكومة العراقية مبدأ الإبتعاد عن سياسة المحاور، واعادة بناء علاقات دبلوماسية جديدة مع دول الجوار.
لافتًا إلى أن عودة “العراق” إلى الحاضنة العربية، على المستوى السياسي، تبقى الدلالة الأبرز لفتح علاقات جديدة بين “الرياض” و”بغداد”، الأمر الذي لا يروق للكثيرين وبالأخص “إيران”، حيث تعتبر “إيران” أكبر الغاضبين من التقارب “العراقي-السعودي”، وقد لعبت بقوة لإبعاد “العراق” عن جسده العربي، ودفعه إلى قطع علاقاته مع “السعودية” ودول الخليج.
وأكد “الموسوي”: “أن العراق يريد أن يثبت أنه ليس طرفًا في محور معين بالمنطقة؛ بقدر ما يشكل أمل المنطقة في ضمان الأمن والاستقرار”.