خاص : ترجمة – محمد بناية :
قبل أيام؛ أبرمت “الولايات المتحدة الأميركية” اتفاقية تعاون مع “سلطنة عُمان”، تتيح لـ”الولايات المتحدة” الاستفادة من المنشآت والموانيء في “الدُقم” و”صلالة”، بالشكل الذي يخول القوات العسكرية الأميركية تعزيز وجودها في الخليج، ويحد في الوقت نفسه من حاجة السفن الأميركية للتردد على “مضيق هرمز”.
وتنظر “سلطنة عُمان”، التي تتبنى دبلوماسية وسياسة خارجية حيادية ووسطية، إلى الاتفاق من منظور اقتصادي بحت، وترى فيه فرصة لتطوير ميناء “دُقم”.
إذ تتطلع السلطنة إلى تطوير “الدُقم”، التي كانت مجرد قرية للصيد على مسافة 550 كيلومترًا جنوب العاصمة، “مسقط”، إلى مرفأ ومركز صناعي مهم في منطقة الشرق الأوسط، في إطار سعيها لتنويع موارد اقتصادها، بعيدًا عن صادرات “النفط” و”الغاز”.
جدير بالذكر أن “دُقم” تُعتبر ميناءً مثاليًا للسفن الكبيرة، بل بمقدور حاملات الطائرات الإلتفاف حوله. والميناء نفسه وموقعه الإستراتيجي جذاب ويقع خارج “مضيق هرمز”.

لكن من وجهة النظر الأميركية؛ فهذه الاتفاقية رد فعل على “البرنامج الصاروخي الإيراني”. وتكمن أهمية الاتفاق، من وجهة النظر الأميركية، في إتاحة فرصة اتصال القوات الأمنية الأميركية مع شبكة الطرق في المنطقة عبر الموانيء العمانية، فضلاً عن التماسك في أوقات الأزمات.
وللحديث عن هذه الإتفاقية، أجرت وكالة أنباء (مهر) الإيرانية، شبه الرسمية، الحوار التالي مع، “شيرين هانتر”، الأستاذ بجامعة “جورج تاون” الأميركية..
استهداف محاصرة إيران والصين..
وكالة أنباء “مهر” : وقعت “أميركا” مؤخرًا إتفاقًا مع “سلطنة عُمان”، يخول الطرف الأول إمكانية الوصول إلى الخليج العربي بسهولة، ويقلل من إعتماده على “مضيق هرمز”.. ما هي أهمية هذه الإتفاقية من المنظور الإستراتيجي ؟
“شيرين هانتر” : “أميركا” تريد التفوق في “الخليج العربي” من المنظور العسكري والسياسي والإستراتيجي، وهذا يعني عدم السماح لـ”الجمهورية الإيرانية” بالاستفادة من “مضيق هرمز” في الملاحة.
وهذا أيضًا جزء من الإستراتيجيات الأميركية للسيطرة على “إيران” وإجبارها على القبول بتحسين العلاقات مع “أميركا” مستقبلاً.
كذا فالسيطرة على الخليج، بالنسبة لـ”الولايات المتحدة” و”أوروبا”، مهمة في إطار المنافسات مع “الصين الشعبية”؛ ذات الاستثمارات الكبيرة في قطاع الطاقة بالخليج العربي. وتستطيع “أميركا”، بالسيطرة على مصادر الطاقة في الخليج، وكذلك مساراتها التجارية، الضغط على “الصين” إذا دعت الحاجة.
وعليه؛ سوف تعزز “الولايات المتحدة” مستقبلاً وجودها في الخليج بالتوازي مع الانسحاب من قطاعات أخرى بالشرق الأوسط.
وضع عُمان..
وكالة أنباء “مهر” : لماذا وافقت “سلطنة عُمان” على هذه الاتفاقية في هذا التوقيت تحديدًا ؟
“شيرين هانتر” : “عُمان” دولة صغيرة، وأمنها مرتبط بـ”الولايات المتحدة” و”بريطانيا”. من ثم فإن موقف “مسقط” لا يخولها القدرة على رفض المطلب الأميركي بشأن الحصول على تسهيلات في منطقة الخليج.
بخلاف ذلك؛ تتطلع “عُمان” إلى تقوية وتدعيم مكانة موانئها على غرار “الجمهورية الإيرانية”. وتسعى إلى الاستفادة من “إيران” كأداة موازنة إزاء الدول العربية الأخرى، مثل “المملكة العربية السعودية”.
صعوبة سياسة مسك العصا من المنتصف !
وكالة أنباء “مهر” : كيف تستطيع “عُمان” موازنة علاقاتها مع الطرفين الإيراني والأميركي ؟
“شيرين هانتر” : ما من طريقة تتيح لـ”سلطنة عُمان” موازنة علاقاتها مع “إيران” و”أميركا”.
وكما أسلفت؛ فإن “عُمان” تحتاج إلى المظلة الأمنية الأميركية. و”إيران” أيضًا في موقف لا يؤهلها لتلبية متطلبات “عُمان” الأمنية. فالعلاقات الإيرانية متوترة مع العالم العربي، ومن ثم فقد رأت “عُمان” نفسها في موقف صعب.
الهدوء الإيراني المطلوب..
وكالة أنباء “مهر” : هل سيؤثر هذا الإتفاق على علاقات “مسقط” مع “طهران” ؟
“شيرين هانتر” : التأثير على العلاقات “العُمانية-الإيرانية” رهن برد الفعل الإيراني. فلو أبدت “إيران” رد فعل سلبي؛ فسوف تتأثر حينها علاقات البلدين.
لكن إذا ما تعاملت “إيران” بهدوء مع الأزمة، على غرار ما حدث بعد زيارة، “بنيامين نتانياهو”، رئيس وزراء الكيان الصهيوني، إلى “مسقط”، فلن تتأثر حينها العلاقات بشكل كبير.