26 نوفمبر، 2024 10:07 ص
Search
Close this search box.

أعطني أعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي

أعطني أعلاماً بلا ضمير أعطك شعباً بلا وعي

في ظل تحول المجتمعات المتقدمة من شعوب صناعية إلى شعوب معلوماتية  ، برزت مكانة الإعلام وأهميته في تأثيره على مجريات الحياة وخلق وعي ورأي عام سواءً بالسلب أو الإيجاب، فوسائل الإعلام قادرة على فرض رأي أو توجّه معين بحسب توجهات وسياسة المؤسسة الإعلامية ، بشرط خضوعها إلى حقيقة مهنية  تحكمها أخلاقيات ومبادئ تفرض عليها أن تلتزم الموضوعية والمصداقية في نقل مختلف الأحداث الجارية في المجتمع بدون أي تلفيق وزيادة عن الحقيقة ، وحينها نستطيع أن نتوّجها بتاج السلطة الرابعة.
مقابل ذلك سيتعامل المتلقي مع هذه الوسيلة الإعلامية بحيث يعرف مدى وعيه من عدمه من خلال ما يبديه من ردة فعل تجاه رسالة الوسيلة الإعلامية ويتفق ذلك مع قول وزير إعلام هتلر، جوزيف غوبلز: «أعطني إعلاماً بلا ضمير أُعطيك شعباً بلا وعي»، فهو يشير إلى ما يحمله الإعلام من رسالة سامية يكمن وراءها رُقيّ الشعوب وتنمية مجتمعها لينعكس ذلك على وعيها.
في واقعنا الحالي، انتصر فكر غالبية الشعب العراقي على مقولة غوبلز، إذ إن وعيها يسابق أيَّ تزييف أو قلبٍ للحقائق من خلال الفضائيات الصفراء فقد رفض هذا الشعب ما تعرضه بعض القنوات المعادية للعراق الجديد  فقد قلت نسبة مشاهدتها إلى حدود متدنية وهذا يدل على وعي المتلقي العراقي الذي يرفض الخطاب الطائفي من قبل هذه القنوات وغيرها من الفضائيات المحرضة على الفتنة فقد أدرك المتلقي حقيقة الإعلام المعادي للعراق الذي خرج عن مهنية الإعلام من خلال تبنيه العداء للتغيير الحاصل في هذا البلد ، كأن يكون الدستور العراقي يقول بدولة العراق الاتحادية ثم يأتي هذا الإعلام المعادي ليصف هذه الاتحادية بالتقسيم والتشظي لهذا الوطن ، او مثلا ان يكون الدستور والقانون العراقي والثوابت الوطنية تؤكد على ضرورة احترام دين الشعب العراقي ومقدساته وأخلاقه ثم بعد ذالك يأتي إعلام عراقي يدعي الايجابية واحترام العراق الجديد بمبادئه ثم يدعو تحت بند الحرية إلى إشاعة الفاحشة والترويج للرذيلة  فلا يحترم الغالبية المطلقة من العراقيين من المسلمين فضلا عن تعديه عن الدستور العراقي والذي ينص على ان الاسلام دين الشعب والدولة هو المرجع الرئيس للقانون في العراق الجديد ولايجوز سن اي قوانين تكون بالضد من احكامه الشريفة ، او مثلا عندما يقول الدستور العراقي الجديد بجرميه من يروج للإرهاب والطائفية وحزب البعث ترى هذه المؤسسات الاعلامية داعمة لهذا الارهاب من خلال نقل الخطابات الطائفية والمروجة للفتنة بدون واعز من ضمير واخلاق وتدعي انها اعلام وطني ينقل الحقيقة .
ان ما يحصل في الكثير من الاحيان في العراق الجديد ومن قبل بعض الاعلام المعادي للعراق والمتخفي تحت اسماء غير حقيقية والمرتبط باجندات اقليمية وطائفية ، اذ ان  هذا الاعلام يعمل ليل نهار في سبيل تهديم أسس الدولة العراقية الجديدة ، وكذا هو يبذل قصارى ما بوسعه ليقتل روح الثقة لدى الجماهير العراقية بمبادئ وتطلعات هذا العراق الجديد ، ناهيك عن عدم التزامه بالدستور والثوابت العراقية الوطنية ولا بضوابط القانون العراقي  ، بحيث ان من المعروف قانونيا ودستوريا ما هي وجهة العراق الجديد الأخلاقية والأدبية ، ومع ذالك نجد هذا الإعلام وبكل صلافة يدعو إلى كل ما هو خارج عن مواد الدستور الأخلاقية والفكرية والأدبية والسياسية ، ومع ذالك وتحت بند الحرية والديمقراطية لا احد يجرأ على محاسبة هذا الإعلام المتجاوز لكل الثوابت والأسس والقوانين العراقية الجديدة  ، ومثل هذا الطرح الفوضوي الإعلامي هو خراب مستعجل لآي شعب وأمة ودولة ، وليس هو مشروع حرية ونهضة وحماية ديمقراطية كما يحب أن يصوره الإعلام العراقي المعادي للعراق الجديد في ظل خلط أوراقه وعناوينه المتعددة .
اليوم المتلقي العراقي بات واعي وذكي ولا ينطلي عليه أيُّ بريق إعلامي يُمارس لأهداف ومصالح شخصية فضلا عن تطبيق المخطط المركزي الرامي لتمزيق الوحدة الوطنية من خلال تأجيج الطائفية ونشر الأفكار المتطرفة في المجتمع العراقي . وربما كان للأحداث الراهنة والتطور الملحوظ لوسائل الإعلام فضلاً عن انتشارها غير المسبوق، دوراً فاعلاً في تسامي عقول الأفراد عن ما يحاك لها من وراء الستار من معلومات كاذبة أو أخباراً مزيّفة للاستخفاف بعقول الأفراد، والتي تمارسه بعض الصحف الصفراء ، فهيَ في هذا الزمن أكبر من أن تكون ضحيةً لقلب الحقائق، والشمس حاشى أن تُحجب بغربال.
إنَّ من الضرورة بمكان أن يلتزم الإعلام بالضمير الذي دعا إليه غوبلز في المقولة السالفة الذكر، وحينها يمكن أن نصل إلى الهدف المنشود وهو حيادية الإعلام والسمو بالأفكار عن الهبوط والدونية، فضلاً عن ضرورة احترام عقول الشعوب مراعاةً للكرامة والفطرة الإنسانية التي لا تقبل إلا الإعلام الصادق الذي من أهم أهدافه وغاياته حماية الأمن القومي الذي غاب عن الكثير من وسائل الإعلام المعادية للتغيير الحاصل في العراق الجديد .

أحدث المقالات