ببدلته الإسموكن” أم ٣٠ ألف دينار” وربطة عنقه الحمراء وقطعة القماش في الجيب العلوي للسترة، تنحنح على الكرسي، بعد ترحيب مقدم البرنامج، قال الجملة التي يحفظها كل متحلل اقصد محللي” زمننا الأغبر : السلام عليكم وعلى مشاهدي قناتكم الموقرة” المصخمة”، وقد يكملها وعلى ضيفك العزيز” هذا قبل مايبدي مناكر الديوجة”.
يبدأ مقدم البرنامج بالسؤال كيف تقرأون الحدث؟ مال يمينا”ثم يسارا” : الحقيقة إن الطبقة السياسية الفاشلة أعادت البلد الى القرون الوسطى بجهلها وظلمها وفسادها” على اساس جان ينافس دول اوربا”.
يواصل ” أبو حلك الفاهي” : تركيا إفتتحت ثاني أكبر مستشفى في العالم والمواطن الإماراتي يستلم جوازه وهو جالس في بيته، والسعودية كذا وروسيا وألمانيا والنمساء وهكذا يبحث عن إيجابيات الآخرين للإساءة لبلده، المحلل ” ابو حلك الفاهي” لايعرف ويجهل إن مقارنة دولة بأخرى جهل بسبب إختلاف الظروف والبيئة والسكان والتاريخ، ” ابو حلك الفاهي” ما يدري أن تركيا كانت إمبراطورية إنتشرت في آسيا وأوربا، ولا يعرف إن آخر معركة خاضتها السعودية والإمارات هي معركة بدر بقيادة ابو سفيان وتصدر عشرة مليون برميل نفط. ويعبث الفقر في كثير من ابناء شعبها.
” أبو حلك الفاهي” يتجاهل أنه منذ تأسيس الدولة العراقية الى اليوم يخرج من معركة ليدخل مجزرة ومن حاكم فاشل الى أفشل منه، ” ابو حلك الفاهي” يتغافل إن ٤٠ عاما من حكم البعث لم يترك موبقة أو سلبية لم يدخلها الى المجتمع، هذا الحزب الذي دخل الى بيوت الناس ليضرب القيم والتقاليد والأعراف، هذا الحزب الذي لم يترك ثابتا من ثوابت هذا الشعب لم يتدخل فيه” الدين والمرجعية والعشيرة والشعائر”، فالاب قتل ولده والزوجة اعتقلت زوجها والاخ وثب على اخيه ليجزرة.
” أبو حلك الفاهي” لا يفقه ولا يعي إن عشرة سنوات من حصار الشعب العراقي زرعت الفساد في كل ركن من أركان الدولة، وأصبح الإختلاس والسرقة والتزوير حالة عادية في دوائر الدولة، وضاع الحرام والحلال واصبح الغش ممارسة عادية؛ بحيث بيعت البطاطا المقلية كدهن نباتي بورك البناء كطحين صفر أو حليب أطفال.
” أبوحلك الفاهي” يتناسى إن الفرهود في العراق من الأربعينات توارثته الأجيال الى الثمانينات عندما أمر النظام بفرهود أي محل يدعي عليه رفيق بعثي إنه يبيع غالي! ليطال الفرهود العراقي المحمرة وبعدها الكويت ثم ميسان والبصرة والسليمانية !
” أبو حلك الفاهي” حتى يسقط التجربة رغم مساوئها ويبيض صفحة صدام ويرضي الشرقية ودجلة والعربية وسكاي نيوز وسواها لتستمر استضافته، يغفل إن العراق بعد ٢٠٠٣ يتحكم به المحتل وأجندته ويحرض عليه الجوار الطائفي ويستميله الجوار الآخر لأجل مصالحه، وحشدت شذاذ الافاق من كل أنحاء الأرض ليخوض ضده معركة شرسة بدأت في ٢٠٠٣ ولم تنتهي الى يومنا هذا.
” أبو حلك الفاهي” يغفل هواجس مكونات الطيف العراقي ونخبته السياسية بين مدفوع بحلم تعويض التهميش والتغييب من ١٩٢٠ الى ٢٠٠٣ ويريد ان يستحوذ على كل شيء، وبين حلم الدولة المفقودة الذي عاش عليه مكون آخر منذ الأزل، وبين مكون خائف من تحمل وزر جرائم البعث ويخشى التغييب والتهميش.
” أبو حلك الفاهي” يغفل وجود ١٧ جهاز أمني لصدام ونصف مليون بعثي ومئات الألوف من وكلاء الأمن والمخابرات والإستخبارات والحزب، ويتناسى من تم شراء ذممهم من متعممين وشيوخ عشائر وإعلاميين وفنانين عراقيين وعرب، كل هؤلاء متواجدين في الساحة واحرار يمارسون حياتهم بصورة طبيعية، ويشغلون مواقع في الدولة وينشرون الفساد في صفوفها بطريقة ناعمة، يضافون الى المنتفعين وجماعة” الياخذ امي ايصير ابوي”.
” أبوحلك الفاهي” يتجاوز الإنفتاح والفوضى التي نشرت عن غاية بعد عام ٢٠٠٣، ليظهر من يشكل حكومة خاصة به، ويشكل قوة عسكرية تقتل وتعتقل وتامر وتنهى، ” أبوحلك الفاهي” يتجاهل الإنفتاح الإعلامي والتكنلوجيا الحديثة التي تحور وتغير وتفبرك الأخبار وغزت البلد واصبح يستخدمها كمصادر لتحاليلة السياسية !
ينتهي اللقاء ليستلم ” أبوحلك الفاهي” ثمن الفاصل الفكاهي الذي قدمه في الفضائية، ليسلك احد الطريقين اما أن يشتري” بطل عرك”، أو يذهب للبيت يجلس خلف الكيبورد، ويبدأ بالتهجم على أي شي يتذكره في العراق الجديد، في الختام ” ابوحلك الفاهي” يشمل إضافة للمحلل السياسي النصف أمي قد يكون متعمم لايعرف الوضوء، أو ناشط أو ناشطه مدنية، بعضهم حصل على وظيفة في جيوش السفارة، ومن لم يحالفه الحظ تم إستئجاره من أحد الساسة الاغبياء، أو اصحاب الاجندة المعادية للبلد ممن يتغنى بأمس لن يعود.