17 نوفمبر، 2024 1:59 م
Search
Close this search box.

مال ، سلاح ، جهل مختصرها ( مسج ) أساس الحكم في العراق

مال ، سلاح ، جهل مختصرها ( مسج ) أساس الحكم في العراق

يعتقد الكثيرون بأن أساس الحكم في العراق منذ عام ٢٠٠٣يستند الى قواعد النظم الديموقراطية ويأخذ الحكام شرعيتهم في الحكم من أصوات الناخبين التي تودع في صناديق الأقتراع . وبذلك يتبجح معظم السياسيين من أصحاب القرار بأنهم ممثلي الشعب ولهم الأحقية في إدارة جميع مفاصل الدولة والتحكم بمقدراتها . والغريب بالأمر إن مثل هذا الإعتقاد سائد لدى معظم الساسة والقيادات ولدى شرائح واسعة من المجتمع العراقي وكذلك لدى الكثيرين من المحللين والمتابعين للشأن العراقي ، وهذا ما جعل العراق من أسوء بلدان العالم بتجربته ” الديموقراطية ” من جميع الجوانب سواء الأمنية ( كثرة حوادث القتل والإغتيالات أو ما يتعلق بالجوانب الإقتصادية والإجتماعية أو الخدمية أو الإدارية أو البيئية أو السيادية أو وغيرها من مناحي الحياة الكريمة والمستقبل الواعد للأجيال القادمة . في الحقيقة والواقع إن النظام السياسي المطبق في العراق لا يمكن إعتباره مطلقاً نظاماً ديمقراطياً يستند الى قواعد وشروط النظم الديموقراطية المتعارف عليها في دول العالم المتقدم والمتحضر . فمن خلال تحليل الواقع السياسي والكيفية التي تدار بها مرافق الدولة عموماً يمكن الوقوف بسهولة على طبيعة النظام السياسي في العراق ، وهو فريد من نوعه ، ويطلق على مثل هذا النظام تسمية ” النظام الديموكتاتوري المتعدد الإسلامي ” ، وهذه هي التسمية الحقيقية التي تُعّبر فعلاً عن النظام السائد والمطبق في العراق . ويستند هذا النظام على ثلاثة أركان أو مبادئ رئيسية وهي ” مال ، سلاح ، جهل ” على غرار ” وحدة ، حرية ، إشتراكية ” . التشابه هنا هو كالآتي : ( وحدة مال ) أي توحيد الموارد وتوزيعها على الشخوص والكيانات حسب موقع وتأثير كل منهم ، و ( حرية سلاح ) أي فوضى انتشار السلاح ، و ( اشتراكية جهل ) أي اشتراك الجميع بصفة الجهل وعدم الوعي والإدراك . بهذه المبادئ الأساسية الثلاث ( المال والسلاح والجهل ) ، ومختصرها ” مسج ” ، يتم حكم العراق . فمنذ تغير النظام عام ٢٠٠٣ برزت منذ البداية مليشيات ومافيات مسلحة تحت مسميات مختلفة تخضع لقيادات أحزاب أو تكتلات إسلامية وبعضها غير إسلامية تدعمها قوى خارجية مارست بذكاء ودهاء ومكر اللعبة السياسية ووضعت قواعد اللعبة للسيطرة المطلقة على مجريات الأمور . وكان في مقدمة أبطال اللعبة عصابات أو مليشيات فيلق بدر بقيادة هادي العامري ( وهو متطرف طائفي إيراني الولاء ) ، ومليشيات أو عصابات جيش المهدي أو سرايا السلام بقيادة مقتدى الصدر ( وهو متطرف طائفي متعدد الولاءات داخلياً صدرياً حصرياً أو إيرانياً عند الحاجة ) . ثم تفرخ عن كل ذلك عصابات ومليشيات مسلحة أخرى مثل عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي وجيش المختار بقيادة واثق البطاط وأبو فضل العباس بقيادة علاء الكعبي وكتائب حزب الله العراقي بقيادة جعفر الغنامي وغيرها من التشكيلات المسلحة التي تجاوزت الستون في عددها ، وما عزز تفريخ وتكاثر هذه العصابات والمليشيات تشكيل الحشد الشعبي وما إنطوى في ظله من تشكيلات مسلحة تنتمي الى كيانات وأعراق مختلفة . المشكلة هنا هي ان جميع هذه العصابات والمليشيات ، وتحت أي من المسميات ، تستهدف لغرض بقائها وديمومتها السيطرة على جانب مهم من إدارة الدولة والتمتع ببعض الغنائم الممكن الحصول عليها من هذه البقرة الحلوب وهي الموارد العراقية المتاحة . ولكون السلاح والمال هما العاملان اللذان يحققان السيطرة على مقدرات الدولة مع شرط توفر عامل الجهالة لعموم المجتمع فإن القرار والكلمة الفاصلة هي للأقوى الذي يملك المال والسلاح مهما كانوا وهم بدون شك المليشيات والكيانات المسلحة الفاعلة في الساحة العراقية الآن والمتمثّلة بقيادات فيلق بدر وسرايا السلام وعصائب أهل الحق ومن ثم القيادات الأخرى للمليشيات والعصابات المسلحة الفاعلة في المشهد العراقي . من المؤكد ان جميع هؤلاء المليشيات يجمعهم هدف مشترك ألا وهو كيفية توزيع موارد الدولة بينهم ومحاولة الإستحواذ على أكبر حصة . الشيء الجيد ان موارد العراق كبيرة بحيث تلبي الى حد ما إحتياجات وأطماع هؤلاء . فكل من هؤلاء قد شكلوا إمبراطوريات وديكتاتوريات كل حسب حجمه وتأثيره في العملية السياسية وحسب هذه الحجوم توزعت المغانم . والآن ان من يتحكم بمصير العراق هم مجموعة أشخاص ( ديكتاتوريون ) يجمعهم عامل مشترك واحد وهو السيطرة على الحكم من خلال المال والسلاح واستغلال جهل المجتمع . وهؤلاء عبارة عن ديكتاتوريات مصغرة تحت مظلة الديموقراطية المشوهه تحكم وتستغل البلد من جميع أبعاده . فهل هناك من تسمية مناسبة للنظام العراقي غير تسمية ” نظام مسج ” ، أي مال ، سلاح. ، جهل ” . على وسائل التواصل الإجتماعي إستخدام مصطلح ” مسج ” للتعبير عن النظام السائد في العراق لإثبات عدم جهلكم .

أحدث المقالات