في واحدةٍ من ادنى درجات الإنحطاط الفكري والاداري والاخلاقي كانت – وما برحت – قد انبثقت ” سلباً ” هذه الحالة التي نحن بصددها الآن ولا يمكنني توصيفها بأنها ” ظاهرة ” لأنها ما فتئت محدودة او اكثر قليلاً , ولأنها تقتصر على بعض موظفي وزارات ودوائر الدولة المختلفة . إنّ عوامل الحسد والاحقاد والخلافات الشخصية والاجتماعية والأطماع وغيرها قد دفعت او جرّت البعض من ذوي النفوس المريضة من موظّفي الدوائر الى استخدام شبكة الأنترنيت بغية نشر معلومات واتهامات مفبركة ومزيفة ضد بعضٍ من زملائهم من الموظفين او المدراء الاعلى منهم في الدرجات الوظيفية بهدف النقمة والتشهير واثارة الفضيحة فضلا عن المنافسة على بعض الامتيازات الادارية وما الى ذلك , الطريقه او الصيغة التي يستخدموها هؤلاء تكون عبر عرض مثل هذه المعلومات وكتابتها على شكل ” مقال ” معنون الى وزير او ما يوازي ذلك , لكن الهدف الكامن من ورائه هو عملية تشهير وفضح وانتقام وتنفيس عن ضغينه تكاد تتشظى في دواخلهم , كما انهم اضافة الى ذلك فهم قد ينشرون معلومات صحيحة عن حالةِ فسادٍ ما قد يرتكبها موظّفٌ ما او مدير عام او بعض مدراء الأقسام والشُعب في دوائرهم , لكنّ السؤال الذي ينبغي التوقف عنده والتأمّل فيه هو : – لماذا لا يرفع امثال هؤلاء شكاواهم وكشفهم لمعلوماتهم بشكلٍ مباشر الى وزير وزارتهم او الى المفتش العام إمّا بمواجهته بشكلٍ مباشر او ارسالها الى مكاتب المسؤولين في وزارتهم سواءً بأسمائهم الحقيقية او حتى بأسماءٍ وهمية . ! – بدون استخدام شبكة الانترنيت وقبل ان تجري الوزارة التي ينتمون اليها تحقيقا في ذلك ؟ ” ومن الطبيعي القول هنا انه من غير المقصودِ بتاتاً التستّر وعدم فضح المفسدين في دوائر الدولة لكنه لا ينبغي الفضح والكشف والتشهير قبل اجراء اية تحقيقات بهذا الشأن ولا يجوز لموظّفٍ ما ان يكون مزاجه
او نواياه او موقفه تجاه آخرين هي الحكم الفاصل – , إنّ اللجوء الى الشبكة العنكبوتية واصدار الأحكام المسبقة والمعلومات المفبركة والمزيّفة من قِبل البعض ضدّ بعض زملائهم في العمل ما هو إلاّ افلاس فكري وتعرية نوايا غير نظيفة ومخالفة لأعراف و قيم اخلاقية واجتماعيه وحتى دينية , وما سلوكهم هذا إلاّ افتقادٌ بالمطلق والكامل للشهامة والجرأةِ والشجاعة , والى ذلك فمن المثيرِ للإستغراب وللدهشة هو تصوّر واستيعاب هؤلاء المفبرِكين انّ عموم قرّاء شبكة ومواقع الأنترنيت والقرّاء من الموظفين الآخرين في ذات دوائرهم سيقتنعون بصدق انّ إسماً ” وهميّاً منتحلاُ ” وغير مُدرج بالطبع في قائمة كافة اسماء الموظفين العاملين في الدائرة المقصودة , كيف بوسعه الإطّلاع وكشف معلوماتٍ ادارية وتفصيلية عن مخالفاتٍ او فسادٍ ما قد يمارسه موظّفٌ ما في هذه الدائرة او تلك .!! إذ من الطبيعي جدا انّ القارئ سيستنتج انّ العملية مفتعلة برمّتها وانّ لابدّ ان يغدو احد الموظفين ” المختبئين ” من ورائها . إنّ مثل هذه السلوكيات للأسف تؤدي الى ظهور حالة من التشكيك والريبة عند موظّفي دوائر الدولة التي تحدث فيها مثل هذه الحالات , تشكيكٌ يصل الحدّ الذي كلّ موظّفٍ قد يشكُّ بزميله الآخر بأنه هو مَن يسرّب مثل هذه المعلومات الداخلية سواءً كانت صحيحة او كيدية ويحسب لها مئةَ حسابٍ وحسابْ , النقطة الأخرى في هذا الحضيض الوظيفي – الاجتماعي المحدود والقابل للإتساع هي انّ امثال هؤلاء الذين يعتنقون النفاق والطرق الملتوية والسير على الخطوط المائلة وانتهاج الدروب المعتمه , فأنهم لا يمتلكون ايّ اهتماماتٍ ولا اكتراث للسمعه الاجتماعية للشعب العراقي والمجتمع العراقي أمام الرأي العام العربي من خلال نشر غسيلهم المتّسخ عبر شبكة الأنترنيت .. وفي رأيي ” على الأقل ” لو أنّ الوزارات والدوائر اللائي تحدث فيها مثل هذه الحالات من وقتٍ لآخر , فحبّذا لو تبادر بإستنساخ مثل هذه المقالات المريضه ” فور نشرها في مواقع النت وتُعَلّقُها في لوحةِ الأعلانات الخاصة بالوزارة او الدائرة وتُرفقها بملاحظه : بأنَّ احد الموظفين المجهولين المغمورين في هذه الدائرة من ضعاف النفوس قد كتب هذا الموضوع المُرفق ضدّ دائرته وبعض زملائه من الموظفين وبإسمٍ وهميّ , ويرجى من حضرته التفضّل بإثبات صحّةِ ودقّةِ معلوماته .! وفي رأيي ايضا انّ مثل هذا المقترح سوف لا يعالج المسألةَ برمّتها لكنه سوف يُحد من هذه الحالة نسبيا ويقوّي موقف الدائرة التي تتعرض لمثل هذه الحالة كما يقوّي موقف عموم الموظفين في نظرتهم لأمثال هؤلاء … وإذ الحديث هنا محدد ومحصور في نطاق دوائر الدولة , فمن المؤسف
للغاية انّ مواقع التواصل الاجتماعي في ” الفيس بوك ” تشهد حالاتٍ كثيرة في اساءة الاستخدام وتشويه السمعة بلغت الى اجراء عملية مونتاج لصور فتيات وفبركتها وعرضها على شاشة النت للأنتقام من تلكنّ الفتيات اللائي لاتسجيب لأقامة اي علاقات مع امثال هؤلاء وحتى ابتزازهنّ , ومن المؤسف انّ القضاء العراقي يفتقد الى نصٍّ دقيق لتجريم المسيئي الاستخدام من ذوي النفوس المريضة