19 ديسمبر، 2024 7:14 ص

العبارة بين زيارة الرؤساء ونكبة الفقراء

العبارة بين زيارة الرؤساء ونكبة الفقراء

غرقت العبارة في جزيرة الغابات في الموصل وذهب معها اكثر من مئة ضحية بريئة وفجع بها أكثر من مئة عائلة وبكى لها العالم كله بدموع وقلوب حزينة ..انقلبت وسائل الإعلام رأساً على عقب والحديث فقط عن العبارة ومن مسؤول عن غرقها ..وسرعان ما انتشر الخبر لأن الحادث يعتبر كارثة إنسانية حقيقية وان يد القتل هذه المرة ليس لها صلة بالإرهاب ..
سارعت الحكومة المركزية في العاصمة بغداد الى الانتقال فوراً إلى أرض ومكان الحادث .فبعد ساعات فقط من الحادث وصل دولة رئيس الحكومة ومعه وزير الصحة .وبعدها نزل في ارض الموصل فخامة رئيس الجمهورية وهو يقطع إجازته واحتفاله بأعياد الربيع ..ووصل رئيس البرلمان العراقي …إضافة إلى وصول عدد آخر من أعضاء مجلس النواب العراقي والسادة المسؤولين في الحكومة المركزية والحكومة المحلية …ويبدو لي من خلال المتابعة لوسائل الإعلام أن الجميع جاءوا ليس لتحمل المسؤولية وانما حفاظاً على ماء الوجه وخوفاً من الاستنكار الدولي ..فالجميع قد اخرست السنتهم ولايستطيعون أن يقدموا تصريح واحد من المسؤول عن غرق هؤلاء النساء والأطفال والرجال .من له اليد الخفية بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن هذه الفاجعة التي هزت ضمائر العقلاء في كل العالم قبل أن يهتز لها الضمير العراقي ..
ذهب الضحايا وهم يلاقون حتفهم بهذه الصورة البشعة .ولم ينم اهل الضحايا ليلتهم السوداء وبكى كل أهالي مدينة الموصل وهم ينحبون ضحاياهم ..واجتمع حكومة نينوى المحلية مع الحكومة المركزية في بغداد على موائد الدسومة والحلويات الغربية بكل صنوفها في قصور الضيافة بعد أن انهو جولتهم الإعلامية وصدر هنا وهناك تصريحات تطييب خواطر لاهل الضحايا وانباء عن تبرعات بالاموال لأسرهم والتي سوف تأخذ طريقها الروتيني الى جيوب الفاسدين…
اننا كمواطنين بسطاء نوجه اسئلتنا إلى دولة رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب هل سمعتم شيء جديد من الحكومة المحلية التي وصلت رائحة الفساد فيها إلى حد ازكام الانوف فمثلا هل قالو لكم إن الموصل اجتاحتها الفياضانات قبل أيام فسقطت كل قناطرها وجسورها بسبب مقاولات المحسوبية والسرقة للمال العام .هل شاهدتم الازدحامات على الجسور التي أصبحت شارع واحد فقط ..هل قالو لكم إننا تعودنا أن نعطل الدوام الرسمي في مدارسنا ودوائرنا الحكومية كل يوم تأتي بها الأمطار …هل تكلمت عن من يسرق المشاريع في الموصل نهاراً جهاراً …هل قالو لكم عن النقص في القوات الأمنية الذي يقدر بثلاثين الف مقاتل ..هل تكلمت معهم ايها الرؤساء عن الرشوة العلنية في كل دوائر المحافظة وعن سوء الخدمات وعن الجانب الأيمن لمدينة الموصل وهو مازال يعاني من خراب تام بعد مرور ثلاثة سنوات على تحريره ..وهل قالو لكم إن البطالة في الشارع الموصلي دفعت أغلب شبابنا الى الإدمان على المقاهي وتدخين النركيلة ولعبة البوبچي لسد الفراغ .وان النوم أصبح نهاراً والسهر ليلاً.ماذا ناقشتم خلال ساعة واحدة أو أقل من نصف ساعة عن أوضاع أربعة ملايين شخص بين مهجر ومعوق وعاطل عن العمل …هل ناقشتم كل هذه الأمور ام انكم اكتفيتم بالتمجيد بالخروف الموصلي وهو مشوي على موائدكم مع طرفه المملوء بالسمن ..واكتفيتم معها بالاستنكار والتهديد والوعيد للمقصرين ..لينتهي بعد ذلك باغلق المحضر ضد مجهول..ورفعة الجلسة!!!!!!!

أحدث المقالات

أحدث المقالات