السعدي للمعتصمين : أبعدوا سياسيي المصالح من صفوفكم

السعدي للمعتصمين : أبعدوا سياسيي المصالح من صفوفكم

دعا رجل الدين البارز الشيخ عبد الملك السعدي المتظاهرين في ساحات الاعتصام الى المحافظة على ‏سلمية المظاهرات، والتقيد بالألفاظ والشعارات التي توحِّد العراقيين ولا توحي بالطائفية ولاسيَّما في ‏خُطب الجمعة، وطالبهم بإبعاد السياسيِّين عن منصة التظاهرات، وعدم الالتفات إلى التجاذبات السياسة ‏بين السياسيِّين، الذين يهدفون إلى تحقيق مصالحهم من خلالهم.‏

وخاطب الشيخ السعدي في بيان اليوم الحكومة والسياسيين في العراق قائلا : اتقوا الله في العراقيِّين، ‏ولا تزجوا بهم في مصالحكم الشخصية والسياسية، وأوقفوا الإعدامات، والاعتقالات، والمداهمات، ‏والتعذيب في السجون والاغتصاب لانتزاع الاعترافات الكيدية القسرية.. ولا تُنَمُّوا روح الطائفية في ‏خطاباتكم، واتركوا وصف العراقيين بألفاظ بذيئة واتهامات لا صحة لها، وتجنبوا أساليب التهديد ‏والترهيب، ولا تُفرِّقوا في تعاملكم بين العراقيين على أساس الدين أو المذهب أو القومية، وقدِّموا ‏الخدمات للعراقيِّين الذين حُرِموا  منها عقدا من الزمن بدلاً من هذا التنازع السياسي.‏

وفيما يلي نص البيان: ‏

بسم الله الرحمن الرحيم
‏       (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ‏اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا * إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن ‏يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا * لِّيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ ‏وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ وَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا) الأحزاب: 70-‏‏73.‏
مبادرة الشيخ السعدي في أزمة العراق
‏       الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين.‏
‏       أيها الإخوة العراقيون الكرام : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.‏
‏       تعلمون جميعا أن المظاهرات قامتْ بدافع وطني شريف، لا تحمل طابعا سياسيا ولا طائفيا، ولا ‏تتلقى دعما خارجيا، والمتظاهرون يطالبون بحقوق العراقيين عامة، لذلك حضرتُ إلى ساحة الاعتصام ‏في الرمادي باعتبارها أُولى الساحات، على الرغم من ظروفي الصحية التي لا تسمح لي بالحركة، ‏وألقيتُ خطابي الذي سمعتم، وسمعه العالم معكم، فكان الخطابُ موضعَ ارتياح جمهور الأطراف ‏العراقية شعبا وحكومة؛ لأني دعوتُ فيه إلى مبادئ كثيرةٍ، كان من أبرزها المبادئ الآتية:‏
‏       أولا- تأييد المتظاهرين في حقوقهم المشروعة تأييدا مطلقا، وحثهم على الصبر والثبات على ‏المطالبة بها من دون تراجع.‏
‏       ثانيا – دَعَوتُ إلى المحافظةعلى سلمية المظاهرات، ونَبذِ كلِّ أشكالِ العنفِ، وتركِ كل لفظٍ أو ‏شِعارٍ قد تُفْهَمُ منه الطائفية، وقلت : الأنبارُ كلُّ العراقِ، والعراقُ كلُّ الأنبارِ.‏
‏       ثالثا – دَعَوتُ الحكومةَ العراقيةَ إلى سرعة الاستجابة لحقوق العراقيين التي يطالبُ بها ‏المتظاهرون، وعدم التسويف في تنفيذها.‏
‏       وقد استجاب المتظاهرون لِما طلبتُهُ منهم في خطابي، فضربوا مثلا رائعا في سلمية المظاهرات، ‏ورفعوا شعارَ التوحُّدِ والتآخي بين فئات العراقيين، وعدمِ التفريق بين قومية أودين أو مذهب، ولم يكن ‏للمتظاهرين هدفٌ سوى تنفيذ حقوق جميع العراقيين التي طالبوا بها الحكومة العراقية.‏
‏       وكانت ثقتي كبيرةً في أن الحكومة ستنفِّذ تلك الحقوق؛ إكراما لخطابي الوطني الذي يجمع ولا ‏يفرِّقُ، ويُؤلِّفُ ولا يُنَفِّرُ؛ وإكراما لملايين العراقيين الذين تظاهروا في مُدُنِِ العراق بكل خُلُقٍ كريم، ‏وانظباطٍ حضاري كبير، حتى غلبَ على المظاهرات جانبُ العبادة من صلاة ودعاء وتكبير.‏
‏       لكنَّ ثقتي بالحكومة تلاشتْ بخيبةِ أملٍ من خلال تعامل الحكومة مع المتظاهرين – مع كلِّ ‏الأسفِ والمرارةِ – فقد تعاملتْ تعاملا لا يليق بحق العراقيين الشرفاء، فواجَهَتْهُم بالتهديد والألفاظ ‏النابية المُسيئة، وضايقتهم بأنواع المضايقات، ولم تكترث بحقوقهم، وسوَّفـَتْ وماطلتْ، ولم تنفذ شيئا ‏يُذكرمن الحقوق، ولم تُشعرالعراقيين بأي احترامٍ أو تقدير لهم.‏
‏       بل إن الحكومة صعَّدَتْ من مضايقاتها للمتظاهرين بالأفعال قبل الأقوال، فأحكمتْ بقوتها ‏وجيشها الخِناق على المتظاهرين، ووجَّهتْ السلاح إليهم فأوقعت فيهم الشهداء والجرحى، ومنعتْ ‏وصول الطعام والماء إليهم، فصعَّد المتظاهرون من سقف المطالب وبعض الشعارات، مما حملهم ‏على إحراق المطالب، من دون أن يُسيؤوا إلى مؤسَّسات عامة، ولم يعتدوا على قوة حكومية، ولم ‏يغتصبوا مالا عاما أو خاصا ، ولم يُريقوا دما ولم يُزهقوا روحا، واندسَّ مأجورون في ‏صفوفهم  فأساؤوا إلى المظاهرات وأرادوا إخراجها عن سلميتها ليسهلوا للحكومة قمعها وإفشالها.‏
‏       وإني أيها العراقيون الأماجد الشرفاء لم يساورني يأسٌ، ولم أتراجع عن مواقفي، ولا أزال أتأمل ‏خيرا في كل الأطراف العراقية، فإنَّ عمومَ العراقيين أهلُ كرمٍ ونَخوة وشجاعة وإنسانية وإخوَّة وتلاحم، ‏وبناءً على ذلك، وتحاشيا لفتنة عمياء قد تَحلُّ بالعراق فتأكلُ اليابسَ والأخضر، في بدايةٍ لا نهايةَ لها، ‏أضع أمام شعبنا العراقي بكل طوائفه، وأمام الحكومة العراقية، ما سبق أن أعلنتُه في بياناتي السابقة، ‏وهي المبادئ الآتية:‏
أولا – خطابي إلى المتظاهرين:‏
‏       أقول لهم: خرجتم في سبيل الله تطالبون بحقوق مشروعة لإنقاذ العراق والعراقيين مما أصابه من ‏دمار وخراب، فلكم ثوابُ اللهِ تعالى ورضَاه، وأكرِّرعليكم نصيحتي بالصبر والثبات على الحقوق، ‏والمحافظة على سلمية المظاهرات، والتقيد بالألفاظ والشعارات التي توحِّد العراقيين ولا توحي ‏بالطائفية ولاسيَّما في خُطب الجمعة، وأحثُّكم على إبعاد السياسيِّين عن منصة التظاهرات، وعدم ‏الالتفات إلى التجاذبات السياسة بين السياسيِّين، الذين يهدفون إلى تحقيق مصالحهم من خلالكم.‏
‏      وأُكرِّر القول بضرورة اتِّخاذ القرارات من داخل ساحات الاعتصام، ولا حاجة إلى تخويل طرف ‏آخرَ للتفاوض نيابة عنهم ، فالمتظاهرون هم أصحابُ الشأن، وهم القادرون على تحقيق أهدافهم.‏
‏       وبإمكان المُتظاهرين تفويض لجنة يرتضونها تُفاوض عنهم، تضم علماء دين من بينهم وشيوخ ‏عشائر ورجال قانون من غير السياسيِّين من دون تفويض شخص واحد، ولا مانع لديَّ من التعاون مع ‏هذه اللجنة.‏
‏       وأُكرِّر الفتوى بتحريم سفكِ الدمِ العراقيِّ؛ لأنَّ سفكه جريمة كبرى يرتكبها أعداء العراق الذين ‏صنعهم المحتل، ودعمتهم بعضُ القوى الدولية والإقليمية، وعدم الإساءة إلى أيِّ عراقي مَدَنيا كان أو ‏عسكريا.‏
‏       ومن حق المتظاهرين أنْ يدافعوا عن أنفسهم إذا شعروا بالخطر يداهمهم أو وُجِّهت النار إلى ‏صدورهم، مع الحفاظ على ممتلكات العراق العامة والخاصة، وعدم السماح لمخرب ولا لِمُنْدَسٍ ولا ‏لمُلثم ولا لمُثبطٍ أن يكون له مكان  في ساحات الاعتصام.‏
‏       وأدعوهم إلى إدامة الصلاة الموحدة في الجمعة وعدم الانسحاب منها؛ لأنَّ الأصل في مشروعيتها ‏التوحُّد وعدم تعددها، والإنصات إلى الخطيب، وعدم التكبير أو الهتاف أثناء الخطبة فإن ذلك مفسدٌ ‏لصحة الجمعة.‏
‏       وأدعو المتظاهرين إلى التأكيد على وحدة العراق والتآخي بين العراقيين، وأن الطائفية مرفوضة، ‏وأن الحقوق لجميع العراقيين.‏
ثانيا – خطابي إلى الحكومة والسياسيين في العراق:‏
‏       أقول لهم: اتقوا الله في العراقيِّين، ولا تزجوا بهم في مصالحكم الشخصية والسياسية، وأوقفوا ‏الإعدامات، والاعتقالات، والمداهمات، والتعذيب في السجون والاغتصاب لانتزاع الاعترافات الكيدية ‏القسرية.‏
‏       ولا تُنَمُّوا روح الطائفية في خطاباتكم، واتركوا وصف العراقيين بألفاظ بذيئة واتهامات لا صحة ‏لها، وتجنبوا أساليب التهديد والترهيب، ولا تُفرِّقوا في تعاملكم بين العراقيين على أساس الدين أو ‏المذهب أو القومية، وقدِّموا الخدمات للعراقيِّين الذين حُرِموا  منها عقدا من الزمن بدلاً من هذا التنازع ‏السياسي.‏
‏       واعتذروا لعوائل الضحايا من الشهداء الذين سقطوا بنار الجيش في الفلوجة والحويجة والرمادي ‏وغيرها على حدٍّ سواء، وقدِّموا الجُناة إلى العدالة لينالوا جزاءهم العادل، وعوِّضوا أهالي الضحايا ‏بالتساوي، ولا تُفرِّقوا بين حالة وأخرى، فقد أساءني ما حصل من تمييز بعض الشهداء عن بعض ‏يالاهتمام والتعازي والدعاء والمُطالبة بقاتليهم؛ مِمَّا يؤصِّل روح الطائفية في النفوس.‏
‏       وإيَّاكم والمساس بالمتظاهرين جميعا ماداموا مُطالبين بحقوق العراقيِّين دون تمييز أو تهميش.‏
أيها العراقيون:‏
‏       هذا ندائي إليكم جميعا، شعبا وحكومة، متظاهرين وسياسيين، وهو نداءٌ نابع من قلب مجروح ‏على مايجري في العراق، ونداءٌ مستند إلى ما تقرره شريعتنا الإسلامية الغَرَّاء؛ مبتغيا في ذلك وجه الله ‏تعالى؛ وإنقاذ العراقيين مما هم فيه من مأساة كبيرة، ولستُ مراعيا في ندائي هذا حزبا، ولا حكومة، ‏ولا مكوِّنا، ولامالا، ولا جاها، فما عند الله خيرٌ وأبقى، وأيُّ ادِّعاء يطعن في هذا الذي أنا عليه، أويتقَوَّل ‏زورا وبُهتانا، فإني أترك أمره إلى الله تعالى الذي يعلم السرّ وأخفى، وإني كما عهدتموني لا أخضع إلا ‏لله الخالق، ولا أبيع ديني بدنيا زائلة في كل الأزمان والعهود، ولن يستطيع مخلوقٌ شراءَ ذمتي لصالح ‏سياسة رعناء، أو لمخالفةٍ شرعيةٍ لا يُقِرُّها كتابُ الله ولا سنةُ رسوله.‏
‏       وأقول لكم بمنتهى الصراحة: إن الحكومة إذا أصرّت على موقفها وعِنادها وعدم الاستجابة ‏لحقوق العراقيين فربما أُفكِّر بالتزام الصمت وأترك الأمر لله ثم لأهل الحقوق فلم يبق عندي ما أقوله ‏بعدما أعلنتُ بياناتي الصريحة في وسائل الإعلام ونشرتها في موقعي الإلكتروني، ومعذرة إلى ربي ‏من ظلم الظالمين وافتراء المفترين.‏
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة