أعان الله العراقيين على ماإبتلاهم به ، وسدد خطاهم نحو الصواب ، حتى الصواب صار ملبدا بغيوم الشفافية التي لا يرى من خلالها الا السياسيون .
الحكومة تقول ان القوات المتجحفلة لصد هتافات الحويجة كانت في حالة دفاع عن النفس فقتلت من قتلت ، واعتقلت من شاءت ، والقادة العسكريون مترفعون عن المثول امام لجنة تقصي الحقائق ، واللجنة يلعن بعضها البعض الاخر ، والقضاء لا يتدخل الا اذا رفعت له دعوى من جهة ما ، وهكذا يبقى الوضع على ماهو عليه ، لماذا لان البرلمان ( ممثل الشعب ) عجز عن عقد جلسته فقد انتفض المعترضون على عدم ادراج قانون تجريم البعث ، وسلكوا طريق (الصد مارد ) ، وبغياب جماعي منقطع النظير ،نجحوا في فض المجلس ، وهم مرتاحوا الضمير ، وبدلا من استضافة القادة الامنيين ، لمعرفة ماجرى في الحويجة ، قال لسان حال المجلس مرفوع الجلسة لا الهامة :النتيجة عد خديجة .
المادة التاسعة من الدستور اولا – الفقرة (أ) تقول : ان القوات المسلحة العراقية تخضع للسلطة المدنية وتدافع عن العراق ولاتكون اداة لقمع الشعب العراقي .
وبذا صار لزاما ان نثبت ان ماحصل في الحويجة لم يكن قمعا ، ورب ضارة نافعة فلا يخلوا الامر من فوائد انطق الله بها بعض اعضاء لجنة تقصي الحقائق والذين اكدوا عبر الفضائيات وجود اعتداء وانتهاك لحقوق المتظاهرين وقتل وترهيب ، فان كان البرلمان غير قادر على الاستجابة لأنات وحسرات والاهم عنده تجريم البعث لا تجريم من قتل العزل في زمن الديمقراطية ، والحكومة متشبثة بموقفها المؤيد لقواتها المسلحة ورئاسة الجمهورية شبه معطلة ، فانا اجدد دعوتي التي اطلقتها في الاسبوع الماضي الى اهالي الضحايا لمقاضاة كل من كانت له يد في احداث الحويجة ، وهذا مادعت اليه اللجنة ايضا فان للمتضررين حق رفع دعاوى قضائية ضدهم ، لاشيء اخر نراهن عليه في هذه الايام العصيبة الا القضاء فما تنتظرون؟ ،مازال في الامر بقية من خير ، وضوء يلوح من بين ثنايا الصخرة التي اغلقت كهفنا ، لسنا في نفق ابدا ، ففي النفق يسر الناس وان كان مظلما اما كهفنا العراقي فلا مجال فيه للانسلاخ من واقعنا المرير ان بقينا نندب حضنا العاثر ونقول : حتى انت يابرلمان ، فالنحارب الجرم بالدستور ..بالقانون .. بالقضاء ، اعصبوها براسي وقولوا انك تحلم ، لكنكم تعلمون ان الحلم اوصل الانسان الى القمر ومادار القضاء ومؤسساته بابعد منه عنكم ، اليس كذلك ؟