فيما يلي مقاطع من رسالة بعثتها الى احد العلماء العاملين حول مشاريعه الكبيرة في العمل الديني، تعالج قضية مركزية في صلب عمل المرجعية
اضعها بين يدي القراء لتعميم الفائدة وفتح نقاش فكري مسؤول حولها:-
” …..من المفيد جدا للعامل لله – قبل الدعوة الى الله- ان يسال نفسه اولاً:-
من هو المخاطب ؟
و ما مستوى ثقافته؟
وكم عدد المخاطبين الذين سوف يستفيدون من خطابي او كتابي هذا؟
ان هذه الاسئلة محورية وجوهرية وهي ضرورية لمعرفة كيفية اداء الوظيفة الشرعية
وعل اساس الجواب على هذه الاسئلة يجب وضع خطة العمل التبليغي والدعوة الى الله
– فاذا كنا نكتب باسلوب علمي (حوزوي) فان المخاطبين هم طلبة العلوم الدينية
– واذا كنا نكتب باسلوب عرفاني فان المخاطبين هم مؤمنون ملتزمون يطلبون الكمال في مدارج السير الى الله
– واذا كتبنا باسلوب عصري وبقالب ادبي سلس فان المخاطبين هم في الغالب طبقة الشباب
وعلينا ان نحدد سلفاً من هي الطبقة الاكثر حاجة للدعوة والتبليغ في الوقت الحاضر؟ اهي طبقة طلاب العلوم الدينية؟ ام المتدينون الطالبون للكمال؟ ام الشباب الحائر في مفترق الطرق الثقافية في خضم المعترك الحضاري الذي تحاول فيه الثقافية الغربية نشر الالحاد في الفكر والانحراف في السلوك والتحلل من القيم لكي يصبح الجيل لقمة سائغة للكافرين والفاسقين وا لظالمين وادواتهم من الوهابيين النواصب؟ ”
***
” ان طاقاتنا الدعوية والتبليغية محدودة، وكذلك كوادرنا العاملة في الدعوة الى الله، وعندما تكون الطاقات والكوادر محدودة فعلينا ان نوظفها في أهم وأوسع شريحة في المجتمع لكي نمنع انهياره، وهي طبقة الشباب لا طلبة العلوم الدينية ولا طبقة السالكين الى الله.
وهذا يقتضي اسلوبا عصريا وأدبياً جذاباً، ويتطلب اساليب حديثه اصبحت متاحة في عالم اليوم، وكلُّ ما علينا هو البحث عن المختصين بها وجذبهم واستقطابهم لكي يرسموا الاطر الصحيحة للعمل الديني.
اما الاقتصار على الاساليب القديمة في القاء المحاضرات واستدعاء المشاكل الفكرية من القرون السالفة والغفلة عن متطلبات الحياة المعاصرة ومشكلاتها الفكرية وتحدياتها الحضارية فهو حراثة في البحر وهو نفخ في الكير وحرب مع الطواحين وقراءة على القبور…وما هكذا تكون الدعوة الى الله التي يجب ان تكون محاطة بحدّين على الاقل من الحدود التي رسمها القران الكريم :-
1- وما على الرسول الا البلاغ المبين
2- وما ارسلنا من رسول الا بلسان قومه
فاذا اهملنا هذين الحدين فاننا نقع في إشكال مخاطبة المعاصرين بلسان الماضين، وسوف لن يكون بلاغنا مبينا للمخاطبين.
وستكون النتيجة هدر الطاقات البشرية والاموال الطائلة والساعات الثمينة من العمر دون تحقيق نتائج ملموسة في الواقع الديني للامة الواقعة تحت رحمة الابواق الشيطانية التي تعرف من تخاطب وكيف تخاطب ومتى تخاطب واين تخاطب “.
***
” من اوليات شروط العمل الناجح: التخطيط.
ومن شروط التخطيط معرفة الواقع الذي نريد العمل فيه وله.
ولا تتم معرفة الواقع الا بالدراسة الميدانية؛ لأن الواقع لا يمكن معرفته بالتأملات اوبسؤال بعض الاتباع والتلاميذ “.
” بعد دراسة الواقع توضع الخطة التي تحدد الطاقات المطلوبة من كادر بشري وميزانية مالية وادوات تنفيذية
….كل هذا يجب ان تقوم به المؤسسة الدينية وهو من صميم واجباتها، والا كان العمل الديني عشوائيا تقليديا تكرايا لا ينتج الا بضعة عشرات من الملتزمين الذين لا يؤثرون في الميزان الديني للمجتمع ” .
” المؤسسة الدينية تملك كل الامكانيات للقيام بالدراسة الميدانية ووضع الخطط العلمية للعمل الديني ولا تشكو ابداً من نقص الكادر البشري ولا من نقص الموارد المالية “.
” ان العمل الديني بوضعه الفعلي (حيث لا دراسة ميدانية ولا خطة عمل) مصاب بالانفاق الخيالي غير المثمر، والتخلف الناتج من عدم استثمار الطاقات العلمية والفنية العصرية المتوفرة بكثرة في الملايين من اتباعها المؤمنين بها لكنهم مهمّشون بسبب اكتفاء المؤسسة الدينية بالطلبة والقريبين منها قرباًجغرافياً او اجتماعياً او عائليا ” .
” ترى كم هو عدد الكتاب والادباء الشيعة في العالم الاسلامي؟ وهل استثمرت المؤسسة الدينية رُبعهم اوعُشرهم؟
وكم هي الطاقات الفنية والعلمية المؤمنة؟ وهل استفادت المؤسسة الدينية من واحد بالمائة منهم؟
ان الدراسة الميدانية للواقع الديني للامة ووضع الخطة العلمية للعمل الديني واستثمار طاقات الامة ا لعلمية والادبية والفنية كفيل ان يحقق قفزة في العمل الديني نلمس آثارها بسرعة في هذا الجيل قبل الجيل القادم، مما يحقق هزيمة للفكر الغربي الذي ينشر سمومه في الغالبية الساحقة من الامة بينما يتوجه خطابنا الى اقلية ليست اساساً معرّضةً لخطر الانحراف ” .
***
” هل تملك المؤسسة الدينية (بالارقام) كشفاً باسماء الطاقات العلمية والادبية والفنية في الامة ؟
هل هناك تواصل بين المؤسسة الدينية وبين هذه الطاقات؟ أو على الاقل هل هناك برنامج للتواصل مع هذه الطاقات؟
هل تملك المؤسسة الدينية (بالارقام) مسحاً دينياً للامة يبين الحالة العامة للالتزام الديني او المعرفة العقائدية للامة حسب الدول والمدن والطبقات الاجتماعية؟
لا اظن احدأ يدعي الاجابة بنعم على اي سؤال من هذه الاسئلة
بالتالي يحق لنا ان نتساءل: اذاً على اي اساس يقوم العمل الديني بدون معرفة واقع الامة في امراضها وبدون معرفة طاقاتها وكفاءاتها؟ ” .
***
ما قلته ينطبق على مجمل مشاريعنا الدينية ومنها مشروعكم الديني الضخم ….. ومحاضراتكم القيمة التي يستفيد منها عدد قليل من المؤمنين الذين يستمعون اليكم (قياساً الى العدد الكبير من التائهين الذين لا يصغون اليكم).
واذا اردتم مثلا فاني اذكركم بان القنوات الفضائية الدينية تقرب من مائة فضائية، لكنها جميعا لا تساوي في تاثيرها قناةً واحدةً من القنوات المهنية مثل الجزيرة والعربية والميادين. علماً بأن ما ينفق على هذا القنوات المائة يكفي لافتتاح عشر قنوات مثل الميادين او الجزيرة لو كانو يعلمون ” .
***
” المسؤولية تقع على المرجعية التي يجب ان تسمع امثال هذه الصرخات المخلصة وتستفيد من الطاقات المخصلة وتخرج من الاطر القديمة في العمل الموروث من القرون الوسطى لكي تخاطب الناس على قدر عقولهم لا على قدر عقول ابائهم الاقدمين “.
***
شقشقة هدرت ولن تقر
والمشتكى الى الله والى من يستطيعون ايصال الصوت الى من يسمعه من اولي الامر
واذا وجدتم اذناً صاغية فعندنا تفصيل المجمل وتقييد المطلق ولدينا مزيد
والسلام عليكم ابدا ما بقيت وبقي الليل والنهار ورحمة الله وبركاته