17 نوفمبر، 2024 1:22 م
Search
Close this search box.

عندما تكتب المبادئ بقلم الرصاص!!

عندما تكتب المبادئ بقلم الرصاص!!

إن ما تشهده الساحة السياسية العراقية اليوم من مناكفات وصراعات حول المناصب والمكاسب, ما هو إلا دليل واضح على تردي الواقع السياسي وهشاشته, بعد عقود الانتظار والصبر والتصبر, على أمل إن يكون التغيير المنشود هو الشمعة التي تضيء ظلام الاضطهاد والحرمان والجوع الذي سحق بفكيه اللعينتين كل ما يقف أمامه دون أدنى تردد أو مراجعة.
فعلى الرغم من مرور ما يقارب خمسة عشر عاما من انهيار اعتى نظام دكتاتوري في الشرق الأوسط إن لم يكن في العالم اجمع, وانبثاق التجربة الديمقراطية الجديدة في عراق ما بعد البعث البائد, إلا إننا مازلنا في طور مراحلنا الأولى من بناء نظام ديمقراطي يرتقي بالعراق إلى مصاف الدول المتقدمة, فالصراعات السياسية والحزبية والمكوناتية ما تزال هي الصفة السائدة في المشهد السياسي الذي يعد -النظام البرلماني – وحسب المعايير الدولية من أرقى أنظمة الحكم في العالم, والذي يمتاز بمرونة العلاقات بين السلطات, فالسلطة التنفيذية -الحكومة – منبثقة من البرلمان وبالتالي فانها تحتاج إلى ثقته لتكتسب شرعيتها, وفي ذات الوقت تعمل باستقلالية تامة عنه. إن غياب التنسيق والانسجام ما بين السلطتين –التشريعية والتنفيذية- أدى إلى تراجع وتدهور العملية السياسية برمتها, مما انعكس سلبا على مستوى الخدمات والمشاريع التي من شأنها إن تخدم المواطن, فطالما نادت الكتل السياسية المتصارعة ألان على المناصب والمكاسب قُبل الانتخابات الماضية, بضرورة السعي والاجتهاد في انتشال المواطن العراقي من واقعه المزري الذي طالما كان يعيشه منذ عقود من الزمن والعب دور الإصلاح و الإيثار والعزف على وتر الشارع من خلال التظاهرات والاحتجاجات الجماهيرية تارة, وتحريك الرأي العام وبراز الهوية القومية تارة أخرى, هي ذاتها اليوم وبعد ما حصدت ما كانت تحلم بيه من مقاعد البرلمان العراقي تخوض حربا ضروس للحصول على لمكاسب الحزبية, ضاربة بعرض الحائط كل ما يقف أمامها من مبادئ وعهود ومعاهدات.
إن ما نراه اليوم من احتدام الصراع حول المناصب الوزارية ومحاولات البعض من كسر إرادة الآخرين وفرض مرشحين بعينهم للحقائب الوزارية, يتنافى تماما و مبدأ الشراكة (لو يلعب الفياض لو أخرب الملعب).
في حين إن تحالف الإصلاح والذي يعد إحد اكبر الكتل البرلمانية عددا في البرلمان ابدأ رفضه وامتعاضه الشديد من تمسك الطرف الأخر بفرضه مرشحين بعينهم, مما أدى إلى تعطيل إتمام الكابينة الوزارية لعدة أشهر نتيجة الإصرار الغير مبرر لترشيح الفياض لحقيبة الداخلية, عازين سبب رفضهم للفياض لوجود اتفاق مسبق بين الفتح وسائرون ينص على عدم استيزار البرلماني والمتحزب فضلا عن زعماء الكتل السياسية للحقائب الوزارية.. يدرك المتابع وللوهلة الاولى إن القضية؛ قضية مبدأ وليست هناك أسباب شخصية أو سياسية كما صرح بذلك معظم نواب ائتلاف سائرون.
فلم يكن هناك مخرجا إمام الأطراف المتنازعة سوى اللجوء للحوار والتفاوض من اجل الخروج بحلول ناجعة ومرضية, لكن وعلى ما يبدو إن المبادئ لا زالت تكتب بقلم الرصاص!
تناقلت وسائل الإعلام المحلية في الفترة الأخيرة تصريحات لبعض النواب تفيد بالتوصل إلى اتفاق يقضي باستحداث وزارة جديدة تحت مسمى “وزارة الأمن الوطني” ومنحها للفياض مقابل سحب الأخير ترشيحه لحقيبة الداخلية, وكما وتحدثت الأنباء أيضا عن منح المعترضين أمانة رئاسة الوزراء ومحافظ البنك المركزي ومناصب أخرى, من اجل الحيلولةدون الاعتراض مجددا على تولي الفياض إحدى الحقائب الأمنية!
نعم وعلى ما يبدو إن المبادئ مازالت تكتب بقلم الرصاص!!
وبغداد وسكانها في المرتبة الأخيرة بعد بانغي الأفريقية وصنعاء اليمنية كأسوأ مدينة للعيش في العالم وفق مؤشر مؤسسة ميرسر العالمية…

أحدث المقالات