19 ديسمبر، 2024 12:41 ص

الشباب ومعركة القرار

الشباب ومعركة القرار

كنت ذاهبا مع احد االاصدقاء الى الصيدلية لشراء بعض الأدوية، ونحن في هذا المكان الذي فيه علاجات للكثير من الامراض والعلل، دخل علينا شاب وماهي الا لحظات حتى بدا ينشد خطابه السياسي الرنان. وكعادة الكثير من الشباب اليأس بسبب مصاعب الحياة ومرارة العيش فيها، لما شاهدوا من اقتتال طائفي وانفجارات ملئت شوارع بغداد الصغيرة قبل الكبيرة اضافة الى تسلط الكثير من الفاسدين على رقابنا.

اعود لما بدأ به هذا الشاب من لعن وسب وشتم للحكومة والسياسيين.

من هنا كانت نقطة البداية لحواري معه، ليس للدفاع او الوقوف حائلا لعدم سب الحكومة بل كان من اجل الشباب.

انا: هل شاركت بالانتخابات البرلمانية السابقة ؟

الشاب : لم انتخب ولم اذهب في اي انتخابات يشارك بها الفاسدين والقتلة.

شكل جوابه صدمة لي وكان ردي رصاصة له عبر اتهامه بالمشاركة في فساد الحكومة وكل انفجار ودمار حل بالبلد.

الشاب :انا لم اشارك حتى لا اساهم معهم وتتهمني بالسرقة ونهب البلد.

انا : نعم انت ساهمت بفسح المجال بفوز شخص غير نزيه وفاسد عبر عدم مشاركتك، انت الشريك بهروبك فقد سلطتهم على رقابنا ونهب خيراتنا.

عدنا لسجالنا من جديد وسؤال اخر له :

هل كم عمرك وهل يحق لك الترشيح للانتخابات البرلمانية او المحلية القادمة ؟

الشاب: نعم تجاوزت الخمسة والثلاثون وحاصل على بكلوريوس في الإدارة فقانونا يحق لى الترشيح.

انا : ولماذا لاترشح وانت ترى بنفسك الهمة العالية والكفاءة والنزاهة في القدرة على خدمة الشعب .لماذا هذا الخوف؟ لماذا هذا التردد؟ نعم نحن من يصنع الفاسدين بهجرنا للسياسة .

هنا تدخل صديقي لفض نزاع الكلمات بعد ان ارتفعت نبرة صوتي. خرجنا من الصيدلية ومشكلة العقم السياسي لدى الشباب تحيرني، صرت اضرب اخماسا باسداس عن سبب هذا العقم. هل العادات والتقاليد القبلية والعشائرية التى نعيشها حيث عادة ما يكلف كبار السن في إدارة المهام باعتبارهم اهل خبرة ودراية.

ام هو خوف بداخلنا نعيشه نحن الشباب بسبب خشيتنا من واقع السياسية الذي اصبح يشكل علامة دالة على عدم استقرار البلد.

او لعل ادارة الأحزاب السياسية تتسم بابعاد الشباب عنهم وتهميش دورهم. ويمكن افتقار هذه الاحزاب الى قيادة القادرة على شد انتباه الشباب ليتحمس للعمل السياسي. فعامل القيادة مهم جداً لجذب الشباب وإقامة جسور التواصل.

أخيراً القول ان هذا العقم له اسباب منها ماهو مرتبط بالشباب مباشرة، وهنالك ماهو عائداً للاحزاب السياسية وسياستها وعزيمة وهمة قيادتها.

من هنا نجد ان الاحزاب القادره على احتواء الشباب هي احزاب تمتلك قائد سياسي شجاع مقدرا له ان يكون صمام امان للبلد وشبابه.