عراق اليوم يعتمد اعتماد كلي على صادرات النفط في إنعاش اقتصاده ودفع مستحقاته من الديون لبعض الدول التي جعلته تحت طائلة البند السابع وهي في نفس الوقت كانت سبباً في دمار اقتصاده،وتصل القيمة الإجمالية من العملة الصعبة التي تدخل ميزانية الدولة بحدود 95% عن قيمة صادرات النفط،أن البيانات العالمية الأولية تشير أن العراق سيكون له الدور الريادي والأساسي في تلبية الحاجة المتزايدة من النفط الخام خلال السنوات القادمة،لكن مع كل الذي أسلفته آنفا ما زال شعب العراق عامة ونسائه خاصةً يعيشون تحت خط الفقر المتقع،لذا سوف أتطرق اليوم على الحال المعيشي لنساء العراق المتردي في هذا البلد الغني بثرواته وخيراته .
قد يتعجب البعض من عنوان مقالي هذا لكن أقول نعم ونحن ننتعل الحذاء لسبب وهو فقط لوقاية القدمين من البرودة والرطوبة،ورغم أن البعض وهم القلة منا يمشون حفاةً في عصرنا هذا ألا أن الدراسات تؤكد وتشير أن المشي حافياً يزيد من مناعة القدمين والجسم بصفة عامة ضد الرشح والنزلات الشعبية وينشط الدورة الدموية،جاء هذا الوصف هنا مجازياً على نساء العراق ليس كونهن لا يمتلكن النعل او الحذاء (حاشاكم الله) لكن هن مظلومات وما زال جرحهن لم يندمل بعد جراء الحروب وفقدان الأبناء والأزواج والأخوة،أن المرأة بشكل عام تشكل نصف المجتمع وهذا لا يختلف عليه اثنان من العقلاء،بما فيها المرأة المعاقة فهي أيضا لها الدور الكبير في هذا المجتمع،لكن ظروف البلد من جراء الحروب السابقة ومهاترات السياسيين الجدد على الساحة العراقية أصبح هذا البلد يمتلك كماً هائلاً من الأرامل والأيتام والمساكين والثكالى وهي شريحة مهملة من قبل أصحاب القرار،لذلك اليوم أفرزت إفرازات خطيرة وجديدة على واقع مجتمعنا العراقي الأصيل لم نعهدها سابقاً،وبات أحيانا نسمع ونرى من هنا وهناك تصريحات خجولة من الحكومة والسياسيين بخصوص رعاية هذه الشريحة المهمة ، لكن تبقى الحقيقة مثلما هي وتلك التصريحات هي مجرد دعاية انتخابية ،اليوم نرى كثير من النساء وهن يلازمن الإشارات الضوئية او يجوبن الشوارع لغرض الكدية (الجدية) وطلب المعونة من أولئك الماره التي أنهكتهم مشاغل الحياة أصلا،بالإضافة لذلك نرى أطفالاً يرافقهن ويمثلون العوق حتى يكسبن ود وعطف المقابل هذا من جانب ومن جانب آخر نرى وللأسف الشديد أقولها وبكل مرارة هنالك قسما من النساء سافرن الى دول الجوار لكسب رزقهن من خلال العمل بالنوادي الليلية او تقديم المشروبات في المقاهي او عاملات خدمة في بيوت الأثرياء ، هذا شيء مخزي بحق المرأة عموما والمرأة العراقية خصوصا،أن هذا الشئ لم يأتي من فراغ أنما أتى من خلال ظروف قاسية وقاهره أجبرتهن على مثل هذه الأعمال.
واليوم من الواجب علينا أن نبسط كفنا لتلك الشريحة من النساء في سبيل تغيير هذا الواقع المؤلم والمرير للمرأة العراقية وهي التي جعلها الله لنا الأم والأخت والزوجة والصديقة والابنة من خلال رفع المعاناة عن كاهل المرأة وهو بنفس الوقت واجب وطني وأنساني مقدس، لذا علينا إعطائها الأولوية في التعليم والعمل وخصوصاً ألأرامل والأيتام وعلى الأعلام أن يأخذه دوره في هذا المجال من خلال أقامة دورات توعية ثقافية ودينية بعيدة عن التطرف المقيت الذي أصاب الساحة العراقية مؤخراً من خلال الطائفية الضيقة،أن تعطيل دور المرأة هو بمعنى ضياع مجتمع كامل من التقدم والرقي والازدهار،وعلينا ومن واجبنا كرجال أن ننصفها وان يتم زجها في العمل السياسي والثقافي لا بل أن يحسب لها حساب في البرلمان ومجالس المحافظات وبدور مؤثر وفعال لا أن يكون دورها شكليا فقط،أن منظمات المجتمع المدني نراها اليوم لها الحضور الواسع والمؤثر في مجتمعنا لذا على هذه المنظمات أن تطالب الجهات المعنية والمختصة بإشراك المرأة بالحضور النسوي في المؤتمرات والمحافل الدولية التي تناقش قضايا المرأة سواء على المستوى الرسمي او البرلماني هذا أولا،ثانيا المطالبة بحماية المرأة من الضعف والاضطهاد وسياسة التمييز والمطالبة بتفعيل قانون حماية المرأة من التحرش الجنسي والخطف والقتل،وتعويض النساء اللواتي تضررن من جراء الحروب المتوالية او تلك النساء اللواتي تعرضن الى التعذيب الجسدي او النفسي.
كلنا يسمع بالميزانية الانفجارية التي تم تخصيصها للمشاريع الخدمية والبنى التحتية ودفع رواتب موظفي الدولة وبعض المشاريع حديثة العهد ، لذلك من هذا المنطلق علينا جميعا أن نطالب بتخصيص مبلغاً للواتي تضررن من كل هذه الظروف ونوفر لهن العيش الرغيد مثل باقي الدول التي تلتزم التزام قطعي تجاه النساء اللاتي يتعرضن لظروف صعبة ،وان يتم تشريع قانون بذلك ويصوت عليه من قبل البرلمان لضمان حقوقهن المسلوبة من الرجل أولا ومن الإرهاب ثانياً.
أن الله سبحانه وتعالى ورسوله والإسلام أوصانا بصيانة حقوق المرأة حيث قال ((يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى)) فذكر سبحانه أن المرأة شريكة الرجل في الثواب والعقاب والعمل وقد جعل الجنة تحت أقدامها وهذه مكانة عظيمة عند الله جل جلاله وخصوصا مكانة الأم،ختاماً لايسعني ألا أن أهدي هذه الكلمات لكل أم …أمي يا موجة الدفء الحنين بذاتي يا دعوة البر التي رتلتها بصلاتي يا أول الكلمات نطقتها منذ الصغر أماه يا شمس الحنان ليتني استطيع أخراجكِ من هذا الصدر الذي يئن لكِ وعليكِ وعندما تشتد بي رياح الحزن ابحث عن بقعة ارض تحتويني فلا أجد أبهى واحن من حضنكِ الدافي ويوما ما ستعودين تحملين الورد بين يديكِ تجددين العهود والوعود لنا كما عهدناكِ وتزيلين هموم ودموع السنين التي نقشتها أيام الزمان الغادرعلى وجنتيكِ، حتما يا أماه سيأتي هذا اليوم وسيرجع العراق عراق الحضارات والخير والعطاء والحب والسلام، فألف تحية لكِ يا حواء العراق ولكِ مني عقد ملفوف برياحين دجلة والفرات و بيادر من دعاء بسعادة أبدية ، سيدتي حواء تقبلي مني باقات ورد على أعتاب بابكِ مع فائق تقديري وجل الامتنان.