لاننكر ان اغلبنا يعاني من عقدة الغرب فكل مايفعله الفرد الغربي يعني التطور وكل مانفعله لايعدو كونه تقليد اعمى ..احدى السلوكيات التي يمارسها الفرد الغربي تثير الاعجاب وتدل على الكثير من التطور والحضارة وهي ثقافة الاعتذار والاعتراف بالخطأ وهنا يكمن الفرق الحقيقي بين المسؤول الغربي والمسؤول العربي – على وجه الخصوص – فالاول حين يترأس مؤسسة او دولة يسعى الى تثبيت اقدامها بينما يسعى الثاني الى تثبيت اقدامه فيها ، وحين يرتكب الاول غلطة في حق ابناء مؤسسته او شعب دولته فهو يقدم على الاعتذار منهم اذا لم يقدم استقالته تعبيرا عن الاعتراف بالخطا في الوقت الذي يقدم الثاني عشرات التبريرات معبرا عن اعتداد بالنفس لايضاهى واصرار على عدم الاعتراف بالخطأ وقد يبطش بمن اخطأ في حقهم ليثبت لهم انه على صواب وهم المخطئون ..
بهذه الثقافة واجه رئيس الوزراء ازمة الحويجة فهو لايعترف ابدا بانه ارتكب خطأ كبيرا حين ساعد على اطلاق شرارة الفتنة التي يتشدق الان بالقاء مسؤوليتها تارة على مندسين بين المعتصمين من اذناب النظام السابق وتارة اخرى على دول الجوارالمستفيدة من نشر الفوضى في العراق ..المشكلة انه يحوم حول الخطأ لكنه لايجرؤ على وضع اصبعه عليه والاعتراف بانه اقدم على البطش بالمعتصمين وهم يمارسون حقا كفله لهم دستورا يعتبره المالكي منارا لسياسته بينما كان الاجدر به ان يحتوي الازمة بالحوار الديمقراطي الذي يجب ان تتسم به سياسته مادام ارتقى سدة الحكم باسلوب الانتخابات الديمقراطي داعيا الى نبذ ديكتاتورية الزمن الغابر واساليبه القمعية ..كان يمكن ان يعتذرمثلا عن تصريحاته النارية التي رافقت بداية الاعتصامات وان يتجنب استخفافه بشعبه بان يشعر بمطالبهم ويناقشهم حولها ويجد لها حلولا وقبل كل شيء الا يستخدم جيشه لمواجهة مثل هذه الازمات السياسية فيفقده طابعه العسكري وتربيته التي تفرض عليه طاعة الاوامربضرب العدو والتضحية بالنفس من اجل ذلك اما ان يضرب الجيش عدوا مفتعلا من ابناء جلدته ومن اخوته العراقيين لمجرد عدم رضى الحكومة عنهم فهو ماسيخلق حقد نحن في غنى عنه بين شريحة من ابناء الوطن وبين حماة الوطن الذين يتمسك اغلبهم بمهنته العسكرية لالخدمة وطنه فقط بل لاعالة اسر لم يجد ابناؤها بديلا عن الاتخراط في الجيش لاعالتها ..هل يتحمل المالكي وزر هذه العوائل التي تنتظر ابناؤها ورواتبهم بفارغ الصبر ..
قبل ايام سمعت حكاية ربما تلخص ماارمي اليه ..فقد وفد سائق شاحنة محملة بمواد غذائية الى اطراف بغداد فمنعه افراد الجيش من الدخول بسبب احداث الحويجة ..طال انتظار الرجل لساعات قضاها برفقة الجنود ، وخلال تلك الفترة اتصلت به زوجته لتطلب منه ترك شاحنته والعودة الى الموصل خوفا على حياته من تطورات الازمة .. بعدها بقليل اتصلت زوجة احد الجنود لتطلب منه ترك سلاحه والعودة الى مدينته الجنوبية حرصا على حياته !!
هل يعني هذا ان زوجة الاول استغنت عن المال الذي يجنيه زوجها من عمله المرهق في سياقة الشاحنات على الطرق الخارجية بكل مخاطرها طوال اليوم لاعالة اسرته ام ان زوجة الثاني تخلت عن وطنيتها لتحرض زوجها على الهروب من مهنته الشريفة ..اعتقد ان الاثنتين لم تقصدا الا الحفاظ على حياة زوجيهما في بلد صارت الارواح فيه ارخص بضاعة طالما يتاجر بها تجار فشلوا في كسب ثقة الاخرين لأنهم لم يجرؤوا يوما على الاعتراف باخطاءهم وتجنيب ابناء بلدهم المواجهة الخطيرة التي عبرت عنها الزوجتان خير تعبير …