المتتبع للمناقشات والحوارات الدائرة الان بين الفرقاء السياسيين والمسؤولين الكبار واعضاء مجالس النواب وكل الكتل و الشلل والاحزاب الحاكمة منذُ سقوط النظام البائد والى الان يحس بان الفساد في العراق ليس دخيلا او مرتجلا ومفتعلا وانما كان ومنذُ نشأته مشرعنا ووفق ضوابط واحكام سياسية ومحاصصاتية وكان الهدف الرئيسي الذي تبوئت به هذه الرؤوس والشلل مناصبها هو لاقتسام خيرات العراق وقوت ابناء شعبه وليس ادارة حكمه وبناء مستقبله ومستقبل اجياله كما هي عليه المناصب والامتيازات التي استولوا عليها بغير وجه حق ,ولم تكفهم او تقنعهم التشريعات التي وضعوها لأنفسهم ولمصالحهم الخاصة بفساد ليس له شبيه او مثيل في العالم حيث ينفرد به النظام العراقي الجديد بعد 2003‘وهو النوع الذي تسبب وما زال في تبديد ثروة البلد ومعظم موازنة الدولة من رواتب وامتيازات للمسؤولين الحكوميين والنواب ومخصصات ونفقات وامتيازات ‘ف 70% من اموال الموازنة تخصص سنويا للنفقات التشغيلية للحكومة و40% من هذه الأخيرة تذهب لمصروفات الرئاسات الثلاث ‘رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس الوزراء .
والا ماذا يعني ان يطلب من الحكومة ان تحيل موضوع مكافحة الفساد الى مجلس النواب لمناقشته واستحصال الموافقة على مكافحته ومن ثم اصدار تشريع خاص للقضاء عليه ، وكأنه ليس من صلب عمل الحكومة وواجباتها في مكافحة هذه الافة التي تنخر باقتصاد الدولة والمجتمع ، ومنذ تأسيس الدولة الحديثة والتي تلكأت الحكومات المتعاقبة كل هذه السنوات بالمساس به وبالمسؤولين عن اقترافه والتغطية عليه وعلى منفذيه وكأن هذه الهيئات الرقابية التي اسستها الحكومة من اجل معالجة هذه الظاهرة الخطيرة التي تفشت وتمددت على كل المرافق والبنى التحتية والثقافية والاجتماعية والسياسية طيلة هذه السنين كخيال المآت ليس لها وجود او تأثير وانما هي لإخافة العصافير فقط! او للزينة والرتوش وان تأسيسها ما هو الا عبئ ثقيل على كاهل الدولة والمجتمع بأجهزتها الإدارية وتضخمها البشري لغرض استيعاب الاعداد الغفيرة من المسؤولين والموظفين وبالأخص من المنتسبين لهذه الاحزاب والسياسيين بغية ارضائهم وكسب ودهم .
ثم اين هو التشكيل الكبير الذي طبل له اعلاميا وسياسيا ووسموه ب (المجلس الاعلى لمكافحة الفساد) والمعول عليه انقاد العراق وانتشاله من هذا المرض/الفساد ، الذي اغرق العراق وشعبه بالوحل والدمار طيلة هذه السنين.
وعلى فرض ان مجلس النواب لم يصوت بالأغلبية على الموافقة لترويج قرار مكافحة الفساد فماذا تفعل الحكومة ازاء عدم الموافقة هل تستسلم للقرار ؟؟ وتجعل الحبل على الغارب ، عندها سيأخذ الفساد تشريعا ضمنيا ساطعا وعلنيا ليس مستورا وتكون الدولة بكل مرافقها ومنافعها واجهزتها الخدمية والسياسية والاقتصادية موظفة فعليا تحت سلطة الفاسدين وسطوتهم وسيكون الشعب بأجمعه بخدمتهم وطوع بنانهم!!!!! .
بطبيعة الحال فان هؤلاء المسؤولين ونتيجة لانتفاخ ثروتهم سيتحولون مع الوقت الى اصحاب: اعمال /شركات/ شركاء/تجار/مضاربين، اضافة لمسؤولياتهم ومهامهم في السلطة ‘بالتالي يتحول اتجاههم بالبحث عن طرق واساليب تنمي ثروتهم وتزيد من اموالهم الخاصة على حساب اهتمامهم بمصلحة الشعب والوطن ‘ثم يلتجئون لتغطية وتمويه ما اكتسبوه من السحت الحرام الى البحث عن نوافذ في تهريب عملة البلد الى الخارج والتي تؤدي بدورها الى تدمير الاقتصاد العراقي وتقويض تنميته.
هنيئا للشعب العراقي بحكومته وقادته واحزابه !!!!!!.