المرحلة التاريخية الراهنة التي نمر بها تحتم على كل العقلاء وذوي الالباب وأصحاب الراي والمشورة التعاون لانقاد المجتمع والارتفاع الى حجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم في هذه اللحظة التاريخية والتكتل من اجل الوطن والمواطن لينبثق عن رؤاهم مشروع يؤسس لحكومات مسؤولة في وطن آمن مستقر.
فلا يكاد يخلو لقاء يجمع نخب مثقفة او أكاديميين او حوار في برامج لقنوات فضائية او مقالات لكتاب مرموقين او راي لمختصين او مراكز دراسات وبحوث ومواقع الكترونية وكل وسائل التواصل الاجتماعي وحتى جلسات حوارية من أناس بعيدين عن السياسة في لقاءات شعبية. لا يخلوا كل ذلك من نقد للحالة العراقية وخصوصيا السياسية منها وكل نواحي الحياة الاجتماعية والتربوية والإعلامية والاقتصادية .. وقد سأم الكثير هذا النقد والنقد اللاذع. وبدل ذلك النقد علينا إيجاد بدائل وحلول. وكلامي هذا غير موجه لليائسين والقانطين من التغيير والإصلاح او اللذين انزووا يطلبون الحل من الخالق ونسوا ما امرهم به من مسببات التغيير والإصلاح او اللذين ينتظرون احتلال جديد للبلاد او انقلاب عسكري امنيات اكل عليها الدهر وشرب فهؤلاء غير معنيين بما نطرحه لانهم ارتأوا الجلوس في البيت والنقد ويتمنون على الله الاماني. بل أوجه رسالتي هذه الى كل وطنيّ يتألم ولدية حس وحماس لإنقاذ الوطن.
ولإصلاح الحال في بلادنا في الجانب السياسي والاقتصادي والاجتماعي وفي كل مناحي الحياة يحتاج الى همة عالية من شخصيات نخبوية صالحة مصلحة مختلفة التوجهات والثقافات يجمعها جامع واحد حب الوطن وراحة المواطن وتضع خارطة طريق لخطة استراتيجية طويلة الأمد للتغيير والإصلاح وممكن ان تنجح برأي المتواضع هذه المبادرة بطريقتين أساسيتين: -
الأولى : –
تشكيل حزب او تحالف سياسي باسم ((الكتلة الوطنية الديمقراطية)) أو أي مسمى يظم معظم التوجهات والنخب الوطنية من السياسيين والاكاديميين والمثقفين وفق رؤية سياسية وطنية جديدة على ان تكون الديمقراطية هدف جامع ووسيلة لتحقيق بقية الأهداف ويؤمن بقبول الجميع ولا يستثني احد نظراً لصعوبة قبول انفراد تيار لوحده بإنجاز هذه الأهداف التي لا بد من ان لا تستبعد الكتلة أي احد. وكل ذلك تشكل وفق الدستور والقوانين النافذة كقانون الأحزاب وقوانين الانتخابات والأنظمة والإجراءات المكملة لتلك القوانين.
فلو تم تأسيس هذه الكتلة وتسجيلها كحزب او ائتلاف سياسي وفق رؤية جديدة بمشروع سياسي طويل الأمد يكون مُفَصّل ومحدد بجدول زمني قابل للتطوير والتغيير وفق معطيات الاحداث ورؤية المشاركين ويُعْلنْ ذلك بمؤتمر موسع يحظره نخبة من الاكادميين والمختصين والمهتمين بحيث ينشر قبل اشهر ويعلن عنه ويسمح بتدوين كل مهتم ملاحظاته حول المشروع وتناقش كل المقترحات بهذا المؤتمر سيستشعر الجميع بانهم شركاء وداعمين. ويُعَد برنامج انتخابي لكل دورة انتخابية وفيها تفصيل المشروع السياسي لمرحلة الانتخابات وكيفية اختيار المرشحين والدعاية الانتخابية لهذة الكتلة او التجمع السياسي الجديد وهذا يحتاج حملة قوية تشمل كل محافظات العراق وشرائحة ولا تستثني احد. والكلام في ذلك يطول. وهذه الفقرة تندرج ظمن العمل السياسي الممنهج بتشكيل حزب سياسي او كتلة سياسية وفق السياقات القانونية وعليهاعبئ كبير باقناع الشارع الذي يتصور بان السياسة داء وليس فيها علاج لحثهم على تبني هذه الفكرة وقد يكون النسبة العليا من الناخبين رصيد هذه الكتلة حيث يتجاوز عدد الناخبين غير المصوتين على النصف في العموم وقد يتجاوز 80% بين أوساط المثقفين. لذا سيكون ساحة التاييد واسعة جدا.
الثانية: –
العمل خارج نطاع الأحزاب السياسة بتشكيل ((الكتلة التاريخية)) خارج الاحزاب والتحالفات السياسية وهذا المصطلح له تعاريف كثيرة ولكن ساقتطف تعريف للأستاذ علاء اللامي يغني في هذا المجال((ائتلافٌ يَنْشط بموجب رؤيةٍ استراتيجيّةٍ جديدة تتوحّد حول نقاطٍ برنامجيّةٍ قادرةٍ على جمع فئات المجتمع حول هدفٍ واحد؛ وتلعب الإيديولوجيا، وبعضُ المكوِّنات الثقافيّة، دورًا حاسمًا في صياغة هذا التوجّه الائتلافيّ وتمتين الوحدة بين مكوّناته)). وهناك من ينسب هذا المفهوم لابن خلدون وينسبه اخرون لأنطونيو غرامشي القائد الشيوعي الإيطالي. والامثلة كثيرة في العصر الحديث كالكتلة التاريخية في جنوب افريقيا حيث شكل سكانها الاصْليون كتلة تاريخية للقضاء على التمييز العنصري من قبل البيض للحصول على حقوق متساوية وتم تقويض هذا التميز. ومثال اخر في بولونيا حيث قامت الكتلة التاريخية بإنجاز مهمة استراتيجية فقد كان مطلبهم التعددية السياسية والنقابية في وجه احتكار الحزب الواحد للسلطة في بولونيا فَتَعَبأَ البولونيون لتكوين هذه الكتلة والاطاحة بالنظام. وقد تكون انتفاضات الربيع العربي لها بعض الشئ من معنى الكتلة التاريخية حسب راي الأستاذ علاء اللامي رغم اني أرى ذلك يختلف او لم تنضج فيه مفهوم الكتلة التاريخة لان المنتفضون لديهم رؤية موحدة في التغيير والإصلاح واراء شتى في طرق الوصول للهدف. والكلام كثير والامثلة لا حصر لها وفي عصور شتى لكن وددنا فقد الإشارة الى احدى الطرق المهمة في التغيير والإصلاح بدل النقد او اليأس.
ميزات هذه الخطوات:-
1- خطوة أولية تعقبها خطوات كثيرة ومهام جسيمة وحوارات معمقة لتتبلورة بصيغة مشروع متكامل.
2- جامعة لاطياف نخبوية متعددة.
3- كل خطواتها وفق القوانين النافذة.
4- عملها في الساحة العراقية مع مشاركة الكل داخل وخارج الوطن.
5- خطوتها تدرس بعناية من مختصين وقد يطول ويقصر فترة تنفيذ المشروع حسب همة وكفاءة ومقبولية القائمين عليه ويبدأ العد التنازلي من الشروع في الخطوة الأولى للقاء هذه النخب. فممكن ان تنجز المهام بعدة سنوات او عدة عقود من الزمن.
6- نكسر حاجز اليأس والقنوط الذي أصاب عموم المجتمع حتى بعض نخبه.
7- غير محسوب لاي طرف فهذا العمل يظم كل التوجهات والأفكار السياسية سواءا قومية او علمانية او دينية .. الخ. يؤسس لديمقراطية تكون خيمة يستظل بها الجميع.
8- هدفها الرئيس قبول الديمقراطية ونجاحها في تحقيق كل الأهداف الأخرى كاستقرار البلد والتداول السلمي للسلطة والعراقيون متساوون فلا احد فوق القانون مهما كان والفصل بين السلطات … الخ.
9- المشاركة من الجميع ( سياسيين/ اكاديميين/ اقصاديين/وجهاء/ مراكز بحوث ودراسات/ أصحاب رؤوس الأموال/ علماء الاجتماع/ كل النخب وبكل الاختصاصات/ عموم الوطنين. … ).
ان كل هذه الاسطر عبارة عن فكرة لعمل مهم وشاق وطويل لاجل التغير وإصلاح حال البلاد والعباد دون الركون الى اليأس او استخدام سلاح النقد وتوجية التهم دون بدائل وحلول وهذه الفكرة قابلة للحوار والنقاش مع كل المهتمين وحتما عند البدأ سيجتمع الكثير من اختصاصات عدة لبلورة الفكرة وصياغتها بطريقة اكثر ملائمة ومقبولية لنتعاضد جميعا للارتقاء بهذه المسؤولية. عسى ان نضع لبنة في البناء السليم للوطن والله ولي التوفيق.