17 نوفمبر، 2024 4:15 م
Search
Close this search box.

تحت ظـــل نخـــلة

تحت ظـــل نخـــلة

ذهبت يوم الجمعة الموافق 8 أذار إلى أحدى المناطق التي تقع في أطراف بغداد˛ لأجراء كشف على قطعة أرض. بصحبة أثنان من زملائي المساحين وهم من دوائر مختلفة˛ وقد أصروا على تنفيذ الكشف يوم الجمعة. وذلك لكثرة الأعمال المناطة بهم وكون الطرق المؤدية إلى تلك المنطقة تتسم بكثافة حركة المرور˛ وخلال حديثنا في السيارة سمعنا من المذياع حديث عن اليوم العالمي للمرأة والذي صادف هذا اليوم. والذي أنبثق على أثر الأحتجاجات بعد المعاناة الكثيرة التي كانت تعانيها النساء في العالم وعندها سألني أحدهم ما قصة ذلك اليوم .
فقلت له: «في سنة 1856 خرجت آلاف النساء للإحتجاج في شوارع مدينة نيويورك على الظروف اللاإنسانية التي كن يجبرن على العمل تحتها، ورغم أن الشرطة تدخلت بطريقة وحشية لتفريق المتظاهرات إلا أن المسيرة نجحت في دفع المسؤولين عن السياسيين إلى طرح مشكلة المرأة العاملة على جداول الأعمال اليومية. وفي 8 مارس 1908م عادت الآلاف من عاملات النسيج للتظاهر من جديد في شوارع مدينة نيويورك لكنهن حملن هذه المرة قطعاً من الخبز اليابس وباقات من الورود في خطوة رمزية لها دلالتها واخترن لحركتهن الإحتجاجية تلك شعار “خبز وورود”.
طالبت المسيرة هذه المرة بتخفيض ساعات العمل ووقف تشغيل الأطفال ومنح النساء حق الإقتراع. شكلت مُظاهرات الخبز والورود بداية تشكل حركة نسوية متحمسة داخل الولايات المتحدة خصوصاً بعد انضمام نساء من الطبقة المتوسطة إلى موجة المطالبة بالمساواة والإنصاف رفعن شعارات تطالب بالحقوق السياسية وعلى رأسها الحق في الإنتخاب، وبدأ الإحتفال بالثامن من مارس كيوم المرأة الأمريكية تخليداً لخروج مظاهرات نيويورك سنة 1909 وقد ساهمت النساء الأمريكيات في دفع الدول الأوربية إلى تخصيص الثامن من مارس كيوم للمرأة وقد تبنى اقتراح الوفد الأمريكي بتخصيص يوم واحد في السنة للاحتفال بالمرأة على الصعيد العالمي»
فلم يكن اليوم العالمي قصة حب رومانتيكية ساخنة˛ بل كانت قصة إلم. ولكن أصدقائي لم يكونوا متحمسين للموضوع˛ بل متحفظين. وأنا أفهم بسبب تحفظهم حتى أني قلت لأحدهم «أنت تعتقد أن الرجل في بلدنا لم يحق حقه فكيف بالمرأة؟!». فقال لي: «أحسنت» ولكن إليس من الواجب أن ننشأ جيل قوي قادر على أن يسترد حقه؟˛ ولكن بالحوار والمجادلة وليس الدم. وبعد نهاية الكشف تناولنا وجبة الغداء في أحدى المطاعم˛ وبعدها سسألوني عن وجهتي القادمة فقالت له: «أني ذاهب لحضور تظاهرة يوم الشهيد العراقي»
ولما وصلت إلى موقع التظاهرة في ساحة الخلاني وسط العاصمة بغداد˛ وقررت الدخول إلى وسط الساحة حتى أكون أقرب إلى المنصة. وبالتالي أستطيع سماع خطبة السيد عمار الحكيم بشكل جيد˛ وعلى الرغم من أنصاتي للخطبة˛ خطف بصري منظر جميل. وهو بنت ترسم السيد عمار الحكيم بطريقةً أحترافية˛ لقد أذهلني المشهد فهي تستخدم الحبر الأبيض للرسم على لوحةً سوداء˛. وهذا لا يقوم به إلا الرسامون الأفذاذ الكبار وهذا يتناقض مع بساطة ملبسها علامات ضنك العيش التي تحتل وجهها.
ولكن هذه الهيئة تسلحت بروح التحدي˛ وبأبتسامة تهزأ بإقدار˛ وبحجاب يتغنى بالعفة .فكثيراً نرى أن الفتيات التي تمارس هواية الرسم˛ هن من بنات الطبقات الثرية المترفة˛ التن اللأتي يمل نحو التحرر. ولكن هذه البنت وهي ترسم صورة السيد عمار الحكيم˛ تحكي قصة ثقتها بنفسها وبقائدها ولسان˛ حالها يقول:«أني أستضل بظل نخلة تظل العراق كله» فياترى كم شعلة أبداع في العراق˛ تحتاج ظل حتى تتقد وتكون نور ساطع من أنوار العراق.

أحدث المقالات