سلطة الطيران المدني العراقي (الحالية) أو المنشأة العامة للطيران المدني ( سابقا ) هي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن الاشراف والمحاسبة للقطاعات الخدمية للطيران العراقي وفقا لإختصاصاتها الواردة في قانونها الأساسي وكانت لوقت قريب أحدى تشكيلات وزارة النقل العراقية , وبسبب التأثيرات الحكومية وتسلط الجهات الفاسدة على المنشأة العامة للطيران المدني العراقي في كثير من مفاصل عملها والتي جعلتها عالة مالية على كاهل الحكومة في وقت كان من المفروض ان يكون للقطاع ميزانيته الخاصة المسؤولة عن صرفياته والفائض من هذه االواردات تذهب الى ميزانية الدولة , هذا التراجع والتلكأ في العمل كان نتيجة انعدام التطبيق الواضح لقوانين السلطة في إدارة القطاع والذي أدى أيضا الى فقدان واضح لمعايير المنظمات الدولية المعنية في عمل منظومة الطيران العراقي كل هذه الاسباب كانت من أهم حيثيات صدور قرار فصل المنشأة العامة للطيران المدني عن وزارة النقل على غرار مامعمول به في أغلب سلطات الطيران المتطورة في العالم .
كنت وكثير من المراقبين المهتمين بشؤون الطيران العراقي ننتظر ان يسفر هذا الفصل عن الوزارة اعلان هيئة الطيران المدني العراقي وليس سلطة ! كما هو الحال الان , كون ان الهيئة ستتمتع بالهيكلية المعنوية والاستقلال الاداري والمالي من خلال أرتباطها المباشر بمجلس الوزراء من الناحية الادارية أما مهام التنظيم والرقابة والاشراف على ادارة جميع الخدمات المتعلقة بالطيران المدني ( النقل الجوي والملاحة الجوية وسلامة الطيران المدني والمطارات المدنية ) ستكون تحت مظلة المنظمات العالمية ذات العلاقة والتي تشرف على تطبيق معايير سلامة وامن الطيران العراقي من خلال قانون خاص بالهيئة منبثق من قوانين هذه المنظمات , وهذه الهيئة ستنضم الى الهيئات العراقية المستقلة الاخرى (حقوق الانسان , الانتخابات ) , ولكن واقع الحال يشير الى ان الادارة الجديدة لسلطة الطيران العراقي أرتأت ان تتعامل مع الوضع الجديد وفق سياقات المعمول بها سابقا ولم تتخذ خطوات حقيقيقة نحو التغيير الجاد في سياسة التعامل مع الجهات التي تقع تحت مسؤوليتها الرقابية رغم مرور أكثر من 6 أشهر على تطبيق القرار , هذا التغيير الذي يجب ان يكون مدروس ومعد له خطط أستراتيجية متكاملة لمعالجة كافة الجوانب السلبية للجهات الخدمية المنسوبة الى هذا القطاع لانقاذ مايمكن أنقاذه من واقع الطيران المدني العراقي من خلال تنفيذ الخطوات الجادة والسريعة للمتطلبات اللوجستية والفنية والإدارية لقرار مجلس الوزراء ويمكن ايجازه بالخطوات الاساسية التالية :
تشكيل هيكلية جديدة تتمتع فيها بالاستقلال الاداري والمالي تحت رقابة مجلس الوزراء ووفق متطلبات المنظمات الدولية ذات العلاقة لجعلها جهة رقابية وفنية متخصصة تعمل بمعايير هذه المنظمات .
أحداث تغييرات جذرية للكوادر من المسؤولين والموظفين الذين شغلوا المناصب دون القيام بخطوات تهدف الى تطوير أقسام عملهم واستبدالهم بأشخاص من اصحاب الخبرات والكفاءات في مجال علوم الطيران حتى لو كانوا من خارج المنظومة .
الاسراع بتطبيق المعايير الدولية المطلوبة للبرنامج العالمي لتدقيق مراقبة السلامة (USOAP) الذي يعتبر ملزما للدول المنضوية تحت مظلة المنظمة الدولية للطيران (الايكاو) كون ان قطاع الطيران العراقي حاليا ضمن خمس قطاعات في العالم لم تجتاز سلطات الطيران فيها هذا التدقيق , علما ان أجتياز هذا التدقيق سيكرس اعترافاً دولياً باجراءات السلطة كمؤسسة منظمة ومراقبة لقطاع الطيران في العراق حالها حال سلطات الطيران الاخرى في العالم.
ألزام قسم السلامة الجوية المسؤول الفني عن شركة الخطوط الجوية العراقية (الناقل الوطني العراقي الوحيد ) من خلال اصدارها شهادة المشغل الجوي AOC بأن يأخذ دوره الحقيقي في مساعدة الشركة باجراءات رفع الحظر الاوربي على الخطوط الجوية العراقية والذي بدأ منذ اكثر من ثلاث سنوات ولحد الان والذي كلف هدر مالي بملايين الدولارات وضياع سمعة الناقل الوطني في العالم .
العمل بجدية على أنشاء مركز بحثي للدراسات و التبادل والحوار بين مختلف الجهات في قطاع الطيران, لتحسين جودة الخدمات الجوية التي ينبغي توفيرها.
ايجاد ألية استثمارية تنظم الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال تنفيذ مشاريع مختلفة تتعلق بالصناعات الجوية والتي من ضمنها مشاريع المطارات الجديدة ومراكز صيانة الطائرات وشركات تقديم الخدمات اللوجستية من خلال توليها الاشراف والرقابة على عمل المستثمرين واصدار وتعليق تراخيص التشغيل.
لوجود خلاف واضح بينها وبين وزارة النقل على قطاع المطارات عليها ان تعمل على تأسيس شركة عراقية متخصصة للمطارات , أو ألحاقها بشركة الخدمات الملاحية مؤقتا وان تمارس دورها الرقابي على المطارات وفق القانون بهدف رفع كفاءة المطارات العراقية وتحديثها لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة للركاب بعيدا عن هذه السجالات .
الاهتمام بمشروعات البناء والتطوير و التحديث والتوسع في جميع ماله علاقة بالطيران المدني , والمفروض تكون الاولوية لانشاء مركز للمعلومات والعمليات والتحكم والسيطرة للنشاط الجوى وإدارة الازمات على مدى 24 ساعة.
الاهتمام بموضوع التدريب للعاملين والراغبين في العمل بقطاع الطيران العراقي على أحدث النظم والوسائل التدريبية المتطورة , كون ان العامل في هذا المجال عنصر رئيسي وفاعل في تطوير منظومة الطيران المدني , ويتم ذلك عن طريق انشاء مدرسة عراقية لعلوم الطيران بحيث تكون مؤسسة تعليمية متخصصة تعمل فى المجال التعليمي والبحثي والتجاري.
انشاء مركز طبي عالي المستوى لتقديم الخدمات الطبية إلى جميع العاملين في مجال الطيران المدني، وله سلطة الفحص الطبي على أفراد طاقم الطائرة وانشاء شركات التأمين الطبي والرعاية الصحية.
يجب على قسم النقل الجوي في السلطة ان تضع خارطة طريق تشمل التخطيط المركزي لتطبيق عدد من الخطط والبرامج لتكوين استراتيجية طويلة المدى لاعادة بناء وتطوير قطاع النقل الجوي العراقي لعدد من السنوات القادمة بتطبيق مايلي ::
تحديث و توسعة أسطول الخطوط الجوية العراقية بطائرات حديثة ومتطورة .
اتباع سياسة الأجواء المفتوحة في توفير البيئة التشريعية التي تسهل استقطاب الاستثمارات الى القطاع , اضافة الى تامين بيئة ضريبية مناسبة و ايجاد البنى التحتية التي تساهم في استقطاب السياح.
العمل على وضع خطة فصل الخطوط الجوية العراقية عن وزارة النقل لجعل العمل اكثر انسيابية و سهولة في اتخاذ القرارات التي من شانها رفع مستوى الخطوط الجوية العراقية
الاسراع فورا باعطاء الموافقات الاصولية لأنشاء شركات طيران اهلية ( استثمار خاص) للخطوط الداخلية والإقليمية، بالاضافة الى ماموجود حاليا لكن وفق معايير عالمية وبعيدا عن المحسوبيات والواسطات بغرض تحسين الخدمات على الخطوط الداخلية والاقليمية .
كمراقب أتمنى على الادارة الجديدة في الطيران المدني العراقي الاسراع في تنفيذ جميع المتطلبات اللوجستية والفنية والإدارية لقرار مجلس الوزراء والاعلان عن التشكيل الرسمي للهيئة بهيكلية جديدة وبرنامج عمل يحاكي الواقع الحالي للطيران العراقي من خلال اصحاب الخبرات والكفاءات في مجال علوم الطيران المخلصين حتى لو كانوا من خارج المنظومة الحكومية لكي يتم أيجاد الحلول الجذرية للمشاكل المزمنة لقطاع الطيران , ولقطع الطريق عن المخطط الذي يهدف الى ابطال قرار الفصل الذي تقف خلفه الجهات الفاسدة والمتسلطة للعودة الى المربع الاول الذي أدى الى تخريب سمعة الطيران العراقي وتدمير مستقبله .