23 نوفمبر، 2024 1:56 م
Search
Close this search box.

تفعيل العقل المسلم

تفعيل العقل المسلم

العقل في اللغة : مصدر عقل يعقل ، وأصل مادته الحبس والمنع، وسمي عقل الإنسان عقلاً لأنه يعقله أي : يحجزه عن الوقوع في الهلكة ، ولذا سمي أيضاً حجراً، لأنه يحجره عن ارتكاب الخطأ، وسمي كذلك : نهية، لأنه ينهى صاحبه عن فعل ما لا يحمد.
 وقال بعضهم : أنه مشتق من المعقل، وهو الملجأ، فكأن الإنسان يلجأ إليه في أحواله.
 ويطلق العقل في الاصطلاح على معان منها :
 1- الغريزة المدركة التي ميز الله بها الإنسان عن سائر الحيوانات، وهذه التي يسقط بفقدها التكليف الشرعي.
2- المعارف الفطرية، والعلوم الضرورية التي يشترك فيها جميع العقلاء، كالعلم بأن الكل أكبر من الجزء، وأن الحادث لا بد له من محدث ونحو ذلك من العلوم الأولية الضرورية.
 3- ويطلق كذلك على  إدراك المعارف النظرية، وما يستفاد من التجارب الحسية ، ومنه جرى إطلاق العلم على العقل، ويسمى فاقد هذا جاهلاً وأحمقاً ، وهو يختلف عن المعنى الأولى من جهة أنه لا يسقط التكليف.
4- ويطلق أيضاً على العمل بمقتضى العلم، ويدل عليه نفي الكفار للعقل عن دخولهم نار الجحيم كما قال سبحانه :
(وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير).
 ويسمى العقل بهذا الإطلاق : معرفة وبصيرة.
 قال ابن القيم : العقل عقلان : عقل غريزي طبعي، هو أبو العلم ومربيه ومثمره ، وعقل كسبي مستفاد، وهو ولد العلم وثمرته ونتيجته، فإذا اجتمعا في العبد استقام أمره، وأقبلت عليه جيوش السعادة من كل جانب، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، وإذا فقدهما، فالحيوان البهيم أحسن حالاً منه، وإذا فقد أحدهما أو انتقص، انتقص صاحبه بقدر ما أفتقد مفاتيح دار السعادة .
والعقل هو ما يملكه الإنسان من قدرة على التمييز بين الأفعال والأقوال .. من حيث صلاحها وفسادها ونفعها وضرها ، ولكن فلسفات كثيرة ظهرت منذ آلاف السنين زاخرة بالجدل والبحث عن ماهية العقل وظل الجدل قائم.
حسب المعنى التقليدي والأكاديمي شبه المتفق عليه ، فإن العقل هو مجموعة القابليات الإدراكية التي تمكن الوعي والإدراك والتفكير والذاكرة وهي مميزة للإنسان ، إلا أن أشكال أخرى من الحياة يمكن أن تكون لها صلة به. أسهم الجدل التقليدي في الفلسفة وعلم النفس والعلوم الدينية والمعرفية في دفع المفهوم نحو مزيد من الوضوح والتمييز ، لكن السؤال الجوهري يبقى علاقة العقل بالدماغ والجهاز العصبي ، وهو السؤال الذي عرف ب”مسألة العقل – الجسم”والتي تناقش الوجود الفيزيائي المادي للعقل بالإضافة إلى إشكالية قصر العقل على الإنسان ،أم أننا نستطيع الحديث عن أشكال أخرى من الحياة تمتلك عقلا. وقد غدا العقل عند البعض هو ما يمكن الكائن من الوعي الموضوعي والأفعال المتعمدة تجاه المؤثرات .
والعقل هو المحلل للأحداث والذي تجري فيه عملية التحليل المجرد والتحليل المتسلسل ، وهنا يمكن اعتبار فلسفة العقل طريقة التفكير والحوار المبني على أسس منطقية وبيانية (فلسفية) فقد تتم في خطوة أو عدة خطوات.
وتعتمد تجاربنا الحسية على التحفيز، والتي تصل إلى مختلف أجهزتها الحسية بواسطة العالم الخارجي، وهذا التحفيز يتسبب في إحداث بعض التغيرات في حالتنا الذهنية، وفي النهاية يجعلنا ندرك ونشعر بالإحساس، والذي يمكن أن يكون مبهج أو مزعج.
وكان أفلاطون هو أول من ناقش الثنوية في الفلسفة الغربية من خلال كتاباته، وقد تمسك بأن الذكاء الإنساني أو العقل لا يمكن أن يحدد أو يشرح ضمن مصطلح الجسم الفيزيائي. وبالرغم من ذلك كانت روئية رينيه ديكارت للثنوية سنة 1641 هي الأشهر ,فكان يرى أن العقل غير محدود في إطاره الفيزيائي فهو جسم غير مادي.  كما كان أول من حدد بوضوح علاقة العقل مع الوعي والوعي الذاتي، وميزه عن المخ الذي كان مقر الذكاء. وبذلك كان أول من حدد وصاغ مسألة (العقل- جسد) التي ما زالت موجودة حتى الآن.. وهي المعنى الفلسفي للثنوية .
والحالة هذه ؛ فنحن كبشر (نفكر) تحت تأثيري العقل والجسد .. تحث مؤثرات غريزية ومؤثرات مكتسبة من الواقع المُكسِب للقناعات والأفكار، التي تؤدي بمجملها إلى إحداث السلوك البشري ، ومنها العقيدة أو المبدأ .
ولو تناولنا الإنسان المسلم في العالم الإسلامي، لوجدناه يرزح تحت مؤثرات جسدية تحدثها الحاجات الغريزية كحيوان ، وتأثيرات عقلية مفكرة تحدثها المبادئ التي آمن بها واعتقدها في حياته كإنسان ، ممثلة بالحاجات الدنيوية والحاجات الدينية . فالإنسان المسلم يعيش منذ لحظة الوعي في الحياة حتى الموت ، وهو رهين المؤثرين الرئيسيين في وجوده .. الدنيا والدين .. حاجة الجسد وحاجة الروح ـ عندما يكون العقل مظهر من مظاهر الروح ـ .
المسلم في العالم اليوم يعيش الدنيا في وطنه الأم أو في وطنه البديل على الأرض ، رهن الظروف المادية التالية :
1. حاجة اقتصادية ـ حسب نظرية ماركس
2. حاجة جغرافية ـ حسب نظرية ركهايم
3. حاجة نفسية ـ حسب نظرية فرويد
والمسلم في العالم اليوم يعيش في وطنه الأم أو في وطنه البديل على الأرض ، رهن الظروف الروحية التالية :
1. الحاجة إلى الرّب
2. الحاجة إلى الطمأنينة

والحاجات المادية التي تؤيدها النظرية المادية العلمية الشاملة للحاجات المتحكمة والمؤثرة في الإنسان على الأرض تجعل من الموضوعية أن تسعى المؤسسات الحكومية والمنظمات الاجتماعية إلى تلبيتها ، تحقيقاً للمنطق العلمي .
أما الحاجات الروحية التي تؤيدها النظرية الدينية الشاملة ، ومنها الدين الإسلامي ، فهي تسترعي الوقوف العملي عليها ، وتلبية احتياجاتها الروحية لكافة البشر المعتقدين بها، وإلا فسوف تحدث الممانعة العقائدية لدى معتقدي هذا الدين دون التفاعل أو مسايرة المجتمع البشري الشامل على الأرض .
فالإنسان المسلم ؛ اعتقدَ بأنَّ للكون ربّ وللإنسان ربّ ، وأن هذا الرّب ـ سبحانه ـ يفرض عليه شرط العبادة والخضوع لكافة أطروحات السماء التي وصلت إليه عبر كتابه المقدس (القرآن الكريم) والنبي الخاتم محمد(ص) والتابعين والأولياء، عليه ؛ فمن المتعذر على هذا الإنسان أن يتخلى عما آمن به من إعتقاد ، وأنَّ أية أسباب تعيقه عن أداء فرائضه سوف تحدث الثورة على ل ما يحول دون تنفيذه لما أراده الله تعالى منه حتى الموت . أما بعد الموت فهو يعتقد بأن الله تعالى (ملاقيه)..( لقد أتتك آياتنا بالحق فنسيتها ، كذلك اليوم تـُنسى) .. فهو ملاقي الله تعالى .. ملاقي الرّب .. ملاقي خالق الكون يوم الحساب .. بعد الموت ، فهو بحاجة إلى الأسباب التي تحقق له (الطمأنينة)، والطمأنينة لن تتحقق مالم تتحقق لديه القناعة بأنه قد أدى الحد الأعلى من متطلبات السماء، كيما يلاقي الله والله تعالى راض عنه .
وعل ضوء ما تقدم ؛ لابد أن تعي المؤسسات السياسية المحلية والإقليمية والدولية ، بأنَّ كافة مسلمي العالم يخضعون تحت هذه الظروف ، فهم في الوقت الذي يكونون فيه بحاجة إلى تلبية احتياجاتهم المادية ، هم بحاجة إلى تلبية احتياجاتهم الروحية ، وهذا يتحقق ، عندما تعي الحكومات بأن مسلمي شعوبها سوف لن يسكتوا على أية مصادرة لهذه الحاجات الجسدية والروحية حسب المنطق العقلي الرشيد .
والمشكلة التي تتجلى أمام الحكومات التي في أوطانها مسلمون ، أن هؤلاء المسلمين يتحولون أحياناً إلى صور بشعة في نظر العالم ، مما يجعل الحكومات تنكمش إزاء دعمهم ، أو تأهيل الظروف الموضوعية المادية والروحية لممارسات السلوك ، عندما يكون هذا السلوك غير منسجم مع السياسة العامة للدولة وشعبها وحكوماتها .
يقول النبي المصطفى (ص) : كونوا لنا دعاة صامتين .. كون لنا زيناً ، ولا تكونوا علينا شينا ..
لا تسبوا آلهتهم حتى لا يسبوا الله !
أفشوا السلام !
وإن جنحوا للسلم فاجنحوا له !
كيف ؛ والعالم اليوم يعاني من السلوكيات المشينة للمسلمين مع المسلمين ..أبناء دينهم ، فكيف سيكونون مع غير المسلمين لو ثنيت لهم الوسادة ، أو عاد الإسلام ليحكم العالم ، كما يطمحون !!؟
الإسلام ؛ هذا الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين ، يذبح باسمه المسلم أخاه المسلم بغطاء علبة الطماطم ببطء حتى يقطع رأسه !!؟ أو يشده بصخرة ويرمي به في النهر !!؟ أو يهجره من مسكنه !!؟ يستبيح دمه في المسجد صائما !!؟
الإسلام هذا الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين ، يفجر باسمه مرتزقة مسلمون مركز التجارة العالمي ، أو أنفاق إسبانيا ولندن!!؟
الإسلام هذا الدين الذي أنزله الله رحمة للعالمين ، جعل به مسلمو أوربا المتطرفون رسامي العالم يرسمون الصور المشوهة لنبيه الكريم (ص) ، ويمنعون الحجاب الإسلامي في الجامعات الأوربية!!؟
الإسلام ؛ هذا الدين الذي أرسله الله رحمة للعالمين ، وكان الناس يدخلونه أفواجاً بسبب السلوك المحمود لتجاره وعلمائه ، أصبح اليوم ( إرهاب) !!!
الأحزاب والحركات والمنظمات الإسلامية أمام مسؤوليتي ( إما / أو ) في الدنيا والآخرة :
1. لا تمثل الإسلام الحقيقي
2. لا تعرف كيف تمثل الإسلام الحقيقي
وكلاهما مرّ !!!
وهي بهذين أمام موقفي ( إما / أو ) في الدنيا والآخرة :
1. الانسحاب من العمل السياسي والحكومي
2. تغيير أسماء الأحزاب والحركات والمنظمات الإسلامية بأسماء غير إسلامية ، وليقدموا لشعوبهم ما يشاءون من معطيات .

وبهذا؛ سوف يُحفظ ماءُ وجهِ الإسلام . وقد عاهد الله تعالى عبادَهُ الصالحين بأنَّ الأرض سيرثها عبادُهُ الصالحون !

أحدث المقالات

أحدث المقالات