الدور الايراني في المنطقة صار اليوم الشغل الشاغل لها بل وان تأثيرات و تداعيات هذا الدور قد بلغ حدا لايمکن لأحد أن يتجاهله ولايکترث به، خصوصا بعدما حققت طهران نجاحا ملموسا في اللعب بالورقة الشيعية و إستخدامها کأداة من أجل تحقيق أهدافها وغاياتها، بل وإن الذي صار يلفت النظر کثيرا ويجذب الانتباه هو إنها”أي طهران”، باتت تصر على طرح نفسها کطرف اساسي في العديد من المعضلات والمشاکل التي تعصف بدول في المنطقة، بل والانکى من ذلك إنها صارت قوة ضغط وتأثير على السياسات الخارجية لدول في المنطقة ولکن بإتجاه يساعد على إبقاء حالات التوتر وعدم الاستقرار.
تعاظم دور النظام الايراني في المنطقة وشروعه بالسعي لکي يکون ليس کقوة أساسية على مستوى المنطقة وانما کقوة يجب الاصغاء لها وأخذ مواقفها وآرائها بنظر الاعتبار في أية أحداث وتطورات تجري في المنطقة، والذي يبدو واضحا إن إيران ليس تسعى للعب دور أکبر من المقرر لها على مستوى الاحداث العربية والاسلامية بل وإنها تسعى لکي تزيح دور دول عربية محورية في المنطقة وتأخذ مکانها وموقعها وهذا ما دفع بدول المنطقة للريبة والتوجس من الدور الايراني وأهدافه وغاياته التي لم تعد موضع إطمئنان، بل وإن هناك قلقا دوليا متزايدا بالتعاظم السلبي للدور الايراني في المنطقة وضرورة کبح جماحه.
النقطة المهمة والجديرة بأخذها في الحسبان، هي إن طهران وبقدر إنشغالها وإنهماکها بالشأن العربي والاسلامي، لم تعطي نفس الدرجة من الاهتمام لإسرائيل على الرغم من الشعارات البراقة التي سبق وان أطلقتها ضدها الى فترة قريبة، وإن دخول قوات إيرانية من الحرس الثوري و قوات التعبئة و غيرها الى دول في المنطقة و خوضها معارك و مواجهات مع أطراف للمعارضة في بلدان في المنطقة، أعطى ويعطي إنطباعا بأن إيران قد أصبحت قوة غير تقليدية وتعدت دورها الاعتيادي بکثير، وهذا الامر قد دفع بدول المنطقة لکي تعيد النظر في حساباتها، خصوصا بعد أن صارت طهران تعمل من أجل ترسيخ نفوذها في سوريا والعراق واليمن ولبنان وتجاهل مطالب التخلي عن هذا النهج، حيث يظهر بوضوح إن المنطقة باتت تميل الى حقيقة أن هناك صراع عربي ـ إيراني لايمکن تجاهله أبدا، صراع يسعى العرب خلاله الى إعادةالاوضاع في المنطقة الى ماکانت عليه سابقا أي علاقات طبيعية، في حين تسعى طهران لأخذ حجم إستثنائي على حساب دول محورية في المنطقة.
هذا الصراع الذي يدور رحاه على أکثر من صعيد، لاتزال طهران لحد الان تمسك بزمام المبادرة فيه لأنها متواجدة في العمق العربي من خلال إستخدامها للورقة الشيعية، في حين إن العرب لايزالوا مترددين في إدخال العنصر الايراني لهذا الصراع من خلال المعارضة الايرانية النشيطة والمتواجدة على الساحة والتي لو تم الاعتراف بها وفتح مقرات لها في بلدان المنطقة فإن ذلك سيکون له دور کبير في التأثير على إجراء تغيير في المعادلة الحالية القائمة، خصوصا وإن هذه المعارضة لها دور مٶثر وفعال بعد الانتفاضة الاخيرة التي إعترف النظام الايراني بأنها کانت تقوده الى جانب إنها تقود حاليا معاقل الانتفاضة التي تقوم بنشاطات وفعاليات حرکية ضد النظام حيث تتعرض لمراکزه الامنية ولمقرات قوات الباسيج والحوزات وغيرها، ولکي تضمن دول المنطقة تخلصها من مخططات هذا النظام والتصدي له لابد من دعم وتإييد هذه المعارضة ودعم نضال الشعب الايراني من أجل الحرية والتغيير.