يذكر ماتس إيكمان في طي صفحات كتابه .. أن المخابرات العراقية جندت موظفاً في الشرطة السويدية للتجسس على العراقيين . وفي بداية العام ٢٠٠٠ قامت المخابرات العراقية بتكليف أحد عملاء النظام وهو سويدي من أصل عراقي لتصفية أحد قادة البعثيين , الذي كان قد أنشق عن نظام صدام حسين منذ عام ١٩٧٥ وأنشأ منظمة معارضة لنظام صدام حسين في لندن . ويستغرب المؤلف ويتساءل بتعجب ؟ .. كيف أن العراق في تلك الفترة الذي كان يرزخ فيه تحت وجع الحصار المفروض عليه وآثار حروب مدمرة ومستمرة , ونظامه ما أنفك يخطط لعمليات الاغتيال ضد معارضيه وتحديداً ممن أنشق عنهم ضمن أجهزة وتنظيمات حزب البعث .
في العام ٢٠٠٣ وعلى أثر سقوط نظام صدام حسين واحتلال العراق حين بحثت قضية مقتل الضابط العراقي المنشق ماجد حسين من جديد , أذ تم رفع وثيقة تذكير الى البوليس السري تتهم وزير أعلام النظام السابق محمد سعيد الصحاف , الذي كان سفير العراق في السويد بين عامي ١٩٨٥ / ١٩٨٧ بوقوفه وراء مقتل الضابط العراقي ماجد حسين , وفي أواخر العام ٢٠٠٧ نشرت الشرطة السرية السويدية ( سيبو / Säpo ). ورئيس الادعاء العام ( توماس ليد نستراند ) في صحف عراقية وسويدية وفي بلدان أخرى صورة المرأة ( جميلة الشافي ) المشتبه ضلوعها في جريمة القتل مع شخصين أخرين . آملين الاستدلال عليهم والسبيل في الوصول لهم , لكن البوليس لم يصل الى نتيجة الى الآن .ويعتقد ماتس ايكمان مؤلف كتاب ( بمهمة من بغداد ) : مخابرات صدام حسين في السويد هي المسؤولة وأن الحقيقة ستظهر فيما بعد وأن تقادم الزمن عليها .
أخيراً .. تمكنت الوثائق السرية السويدية ونشرتها على العلن بتحديد العناصر الذين كانوا وراء تخطيط ومتابعة تنفيذ عملية الاغتيال ومنهم .
< فاضل البراك .. مدير المخابرات العراقية , الذي أعدمه النظام العراقي بتهمة التجسس لصالح المانيا الشرقية والاتحاد السوفيتي من خلال علاقته المشبوهة مع شخص لبناني يدعى ( صباح الخياط ) بتهريب معلومات مضللة عن نشاط المخابرات العراقية , وتهمته الثانية إثراؤه المالي وطريقة البذخ في العيش من خلال أمتلاكه قصر كبير في المنصور وكوميشينات من تجار ورجال أعمال عراقيين , أعدم عام ١٩٩٢ في منطقة ( سلمان باك ) بحضور سبعاوي أبراهيم الحسن عندما كان مديراً لجهاز المخابرات الأخ غير الشقيق للرئيس صدام حسين , وعندما طلب سبعاوي من أحد الاعضاء العاملين في الجهاز ( عصام شريف ) باطلاق النار من مسدسه ضعف وسقط المسدس من يديه فأتخذ الجهاز قراراً بعقوبته وطرده متهماً إياه بالضعف والجبن , لكن فيما بعد أعاده الجهاز الى صفوفه ليصبح سفيراً للعراق في دولة تونس , وبعد سقوط النظام أغتيل في منطقة العامرية ببغداد العام ٢٠٠٤ ضمن حملة التصفيات السياسية بعد سقوط النظام والثارات الاجتماعية والعشائرية , وفي سنوات لاحقة تزوج برزان أبراهيم الحسن زوجة فاضل البراك ( جنان ) . وأعدم برزان وسبعاوي وفاضل البراك في تهم مختلفة وتحت واجهات سياسية متصارعة وماتت زوجاتهما . وفاضل البراك حاصل على شهادة دكتوراه من معهد الاستشراق السوفيتي عام ١٩٧٣ في رسالته الموسومة عن حركة رشيد عالي الكيلاني ورغم الاعتراض من معهد الاستشراق على فحوى المادة باعتبار المركز متخصص بدراسات الماركسية اللينينية , لكن طبيعة العلاقات بين الحزب الشيوعي السوفيتي وحزب البعث في العراق مررت على مضض . وقد لفت بتحركاته المريبة وعلاقاته المتنوعة الجانب السوفيتي مما دفعت المخابرات السوفيتية فتاة سوفيتية جميلة أسمها ( لودا ) على علاقة بالمخابرات لترتبط بعلاقة عاطفية معه وأشترى لها شقة وسيارة في موسكو , وكشفت طبيعة علاقاته للسلطات السوفيتية مع المرحوم خليل الجزائري وحميده سميسم . وعندما عاد خليل الجزائري الى العراق في مطلع التسعينيات عثر عليه مقتولاً في شقته في بغداد .
< موفق مهدي عبود .. القائم بأعمال السفارة العراقية , يشغل حالياً رئيس دائرة ملف أمريكيا الشمالية والجنوبية والبحر الكاريبي في مبنى وزارة الخارجية العراقية بعد تسعة سنوات من سفير عراقي في باريس من ٢٠٠٤ / ٢٠١٣ . وهو من أهالي مدينة الكاظمية ينضح طائفية ويلعب على أوتارها الحساسة حسب وصف معرفة القريبين منه .
< فاضل فراق .. مواطن عراقي , كان يصدر جريدة ( الحوار ) في مدينة ( أوبسالا ) السويدية , ثم أنتقل الى مكتبه الجديد الفاخر في ( أستوكهولم ) . ولم يعد أي أثر له .
< كامل سليم .. الملحق الدبلوماسي في السفارة العراقية . وهو أيضاً لا ذكر له ومصيره مجهول .
< جميلة الشافي .. امرأة عراقية وعنصر مخابراتي تحمل جواز لبناني مزور , وهناك تسريبات ربما تكون مغربية الاصل , استخدمت كطعم للايقاع بالضحية , وهي محور رئيسي في ملفات التحقيق , والبحث عنها قائم من خلال نشر صورها ومعلومات عنها للاستدلال عليها . تمكنت جميلة وضمن سيناريو معد لها بمتابعة تحركات المقتول ماجد حسين والاماكن التي يرتادها , فتعرفت عليه بعلاقة أعجاب مشبوهة , وبعد فترة دعته الى الشقة , وكانوا في انتظاره شخصين على الأقل داخل الشقة , ونفذوا مهمتهم بنجاح , وتركوا السويد بنفس اليوم , الذي نفذوا العملية به يوم ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ . وعثرت الشرطة السويدية على جثته يوم ١٧ آذار ١٩٨٥ في العاصمة ستوكهولم .
< علي موفق حسين .. عنصر المخابرات والقاتل الذي وصل الى السويد في يوم ١٤ كانون الاول ١٩٨٤ وغادر في ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ يوم تنفيذ العملية برفقة جميلة الشافي الى العاصمة الدانماركية ( كوبنهاغن ) ومنها الى مدينة ( نيس ) في فرنسا . وأختفى أثرهما والى الان .
< علي عبد الحسين .. عنصر مخابراتي والقاتل الذي وصل الى السويد في يوم ١٤ كانون الاول ١٩٨٤ بجواز دبلوماسي كحامل للبريد الحكومي , وغادر الى اليونان في يوم ٩ كانون الثاني ١٩٨٥ وأختفى أثره هناك ومصيره مجهول تماماً .
أضافة الى محمد سعيد الصحاف سفير العراق في مملكة السويد اللاعب الأساسي في ملف القضية .
< نزار الباز … شاب من أهالي مدينة البصرة وصل للسويد للدراسة وعمل مترجماً في مبنى السفارة العراقية في ستوكهولم براتب ٣٥٠٠ كرونه . عندما أستقر سمير جعفر ( ابو جعفر ) في العاصمة السويدية , والذي رافق هانس ميلين في بغداد وقام بتنقلاته في المدن العراقية بسيارة ( التاكسي ) . دعا نزار على وليمة عشاء برفقة طبيب الاسنان العراقي ( فائز حطاب ) في مطعم صيني في العاصمة ( ستوكهولم ) . فاجأ أبو جعفر الشاب نزار بوثائق دامغة على عمل المخابرات العراقية وعلاقاتها الواسعة وتحركاتها على أرض السويد فوضعه تحت الأمر الواقع للعمل والتعاون معهم , وهدده في حالة تسريب أي معلومة سوف تقطع رقبتك , مثل ما فعلنا مع الأخرين . فلم يكن أمامه خيار الا التعاون مع المخابرات العراقية .