توقعت دراسة لمركز “خدمة ابحاث الكونغرس ” الأميركي صدرت في ابريل الماضي، انهيار الدولة العراقية بعد حرب مفتوحة من السنة ضد رئيس الحكومة نوري المالكي ،محذرة من الاعتراف بأن العراق يريد إعادة بناء علاقاته مع جيرانه المباشرين، ونصحت إدارة البيت الابيض والكونغرس بالسعي إلى منع وقوع العراق تحت هيمنة ونفوذ إيران على حكومة المالكي، التي يهيمن عليها الشيعة، وبالرغم من اجواء التهدئة بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة اقليم كردستان .
وتحت عنوان “العراق: السياسات، الحكم، وحقوق الإنسان”، تعرض الدراسة التي تحمل الرقم “SR2 1968″ ، التي حصلت ” الوطن” على نصها الانكليزي ، سيناريوهات سوداوية عن مستقبل العراق السياسي في سياق تحليلها “حالة ثورة مفتوحة” يقوم بها العرب السنة ، المستاؤون من الهيمنة الشيعية السياسية على البلاد، التي ” تعاظم فيها النفوذ الإيراني”.
وعزت الدراسة أسباب توجه رئيس الحكومة نوري المالكي نحو إيران وتعزيز علاقات العراق معها إلى “الشعور بالخوف من أن تغيير النظام في سوريا، سيعزز ويزيد من زخم المعارضة السنة له (المالكي)، ولذلك انضم المالكي إلى إيران في دعم نظام الرئيس بشار الأسد
وبكثير من التفاصيل ، يسرد كينث كتزومان كاتب الدراسة ، وهو من المتخصصين بشؤون الشرق الاوسط ، أبرز التحولات التي شهدها ويشهدها العراق بعد سقوط نظام الرئيس العراقي صدام حسين نتيجة غزو القوات الأميركية واحتلالها للعراق قرابة عشر سنوات، مركزة على ان الوضع الراهن ينذر باحتمال تقسيم البلاد بعد زيادة العنف الطائفي، في اوضاع هشة بعد انسحاب القوات الأميركية ،حسب وجهة نظر الدراسة
ولا تقتصر هذه الثورة المفتوحة ، كما يؤكد على العرب السنة في العراق، بل كما جاء في الدراسة “يتزايد تحالف الأكراد العراقيين إلى جانب السنة، انطلاقاً من خلافاتهم (الأكراد) الخاصة مع المالكي على مواضيع سياسية واقتصادية، خصوصاً ما يتعلق بالنفط والقوانين المتصلة به، واستخراجه وتصديره وعائداته، ودور الحكومة العراقية المركزية في هذا الشأن”.
و أشارت الدراسة إلى أن “جماعة مقتدى الصدر وميلشياته الشيعية” أخذت تميل نحو العرب السنة والأكراد”، ويرى كتزومان ” أن نجاة المالكي سياسياً قد تكون بيد جماعة الصدر”، ويضيف إلى ذلك ، ان “الحالة الصحية للرئيس العراقي جلال طالباني، الذي أصيب بجلطة دماغية في منتصف ديسمبر الماضي، ولا يزال يتلقى العلاج في الخارج، ووصفا الرئيس طالباني بأنه السياسي الكردي “الذي قام بدور الوسيط الرئيسي لحل الخلافات والانقسامات والنزاعات الطائفية”.
وتشير الدراسة إلى “انفجار الخلافات على انتخابات المحافظات التي جرت في 20/4/2013 والمرجح أن تؤثر نتائجها على الانتخابات البرلمانية والحكومة الجديدة في عام 2014، اذ من المتوقع أن يسعى المالكي للحفاظ على مواقعه في تلك الانتخابات”، حسب الدراسة.
ويرجح الباحث الاميركي في سياق تقييمه للقوة الأساسية المحركة للاحتجاجات والاضطرابات والهجمات المتزايدة في العراق الاعتقاد بان تنظيم “القاعدة” السني في العراق “هو العنصر الأساسي، ورأس الحربة في الاضطرابات والاحتجاجات وأعمال العنف”، مشددا على “أن هذه المجموعة (القاعدة) ازدادت شراسة واكتسبت زخما من الانتفاضة التي يقودها السنة في سوريا، وهي التي تقوم بشن هجمات متزايدة وقاتلة ضد المناطق الشيعية، وقوات الأمن العراقية”، وهدف تنظيم “القاعدة” من الهجمات، كما جاء في الدراسة، “إشعال نيران النزاع الطائفي، وإسقاط حكومة المالكي”.
وعبرت الدراسة عن القلق لدى الإدارة والكونغرس الأميركيين ازاء قدرة قوات الأمن العراقية على مواجهة الوضع المتفاقم واحتواء أعمال العنف والهجمات، إذ جاء فيها: “وبما ان العنف يتصاعد، فإن هناك قلقاً في الكونغرس والإدارة من أن تكون قوات الأمن العراقية البالغ تعدادها 700 ألف، قادرة على احتوائها من دون دعم مباشر من القوات الأميركية”.
أوضحت الدراسة “أن قوات أميركية بقيت في العراق بناء على اتفاقية أمنية ثنائية أميركية – عراقية، تم التوصل إليها في نوفمبر 2008 لكن العراق رفض تمديد بقاء قوات أميركية في العراق (بعد عام 2011)، وذلك سعياً منه لإنهاء وتجاوز فترة السيطرة السياسية والعسكرية الأميركية على العراق، ولإنهاء الجدل حول إمكانية واستطاعة قوات الأمن العراقية معالجة العنف بنفسها”، وتشير الدراسة إلى أن إضعاف هذا التعاون يعود في بعض أسبابه أيضاً إلى فهم المسؤولين العراقيين للبرامج الأساسية للتدخل التي تدعمها الولايات المتحدة “بأنها مؤشرات الى آثار استمرار وصاية الولايات المتحدة على العراق، ومن هنا فقد انخفض الوجود الأميركي المرئي في العراق من 17 ألف إلى 10 آلاف، ومن المتوقع أن ينخفض العدد إلى 5500 بحلول نهاية عام 2013”.