كلما اطلق احد السياسيين مبادرة جديدة لحل الازمة وضعنا ايدينا كعراقيين على قلوبنا لان هذه المبادرة مهما كانت النوايا التي تقف خلفها حسنة “ملص” ام حسنية “خاتون” سرعان ماتترجم في اليوم التالي على شكل مفخخات وعبوات واغتيالات وتصريحات “تلعلع” من هذا الطرف او ذاك. فاقد الشئ لايعطيه. لا راي لمن لا يطاع. اذا اردت ان تطاع فامر بما هو مستطاع.هذه الحكم والامثال يحفظها زعماؤنا السياسيون عن ظهر قلب ولكن ايا منها لاتنطبق عليهم للاسف الشديد. اعطوني مبادرة واحدة نجحت في حل اية ازمة مررنا بها طوال السنوات الماضية. اعطوني اتفاقا عقدوه فيما بينهم واحترموه . بل حتى الدستور الذي يقولون عنه انه المرجعية العليا والنهائية فانه اما غير محترم هو الاخر او ان كل واحد منهم “يحترم” المواد التي تتفق مع مصالحه اما ما عدا ذلك فليس من الدستور في شئ.
القران يقول على لسان لوط لابناء قومه “اليس منكم رجل رشيد”؟ ومع ان تلك امة قد خلت لها ما كسبت فاننا امة مازالت “جاري الشحن” تفتقر ليس فقط الى الرجل الرشيد بل حتى “الكليط” والعارفة والفريضة القادر على جمع القوم على كلمة سواء.وقد يفرض الحل ويلزم كل الاطراف بقبوله لان بعض الحلول التي تجنب الامم الكوارث المحتملة تتطلب قرارات تاريخية بل ومصيرية وتنازلات صعبة ورجالا افذاذ. لو عملنا “جرد” على مالدينا الان من زعامات وعلى كل المستويات سياسية ام دينية ام عشائرية ام اجتماعية لوجدنا انها دون مستوى الازمة بكثير. والمثل الدراج يقول “ابو كريوة يبين بالعبر”.فالازمة للاسف عبرت الجميع مالم يثبت لنا احد من هؤلاء الزعماء انه لم يقل كلمته بعد ولم يطرح رايه لان الاوضاع في البلاد لاتزال تحت السيطرة.
ما معنى ان يكون المرء زعيما سياسيا او رجل دين او حتى كليط او عارفة او فريضة بلغة العشائر وليس ثمة من يشتري ما يطرحه من مبادرات او ما يقترحه من حلول بـ “فلسين”؟ كم مؤتمر سياسي او ديني دعا الى حرمة الدم العراقي والعمل على منع التقسيم والحرب الاهلية؟. كم فتوى دينية صدرت والفتاوى تلزم اتباعها اكثر من أي شئ اخر ومع ذلك نرى الخطر يقترب من الجميع؟ لم يعد الصمت ممكنا ولا الكلام المعسول والمكرور الذي بات يكشف “عورات الجميع” اكثر مما يطمئن الناس على مستقبلهم وامنهم ممكنا ايضا؟
المطلوب الان قول وفعل لمن بقيت لديه القدرة على ان يقرن الاقوال بالافعال ويجمع الناس على كلمة سواء. لم يعد مهما بالنسبة للعراقيين حل البرلمان او استقالة الحكومة او كليهما معا. ولم يعد مهما اجراء انتخابات مبكرة او متاخرة. العراقيون يريدون حلا. فالجميع الان يخضع لامتحان التاريخ واختبار المسؤولية. فلا “يهنبلن” احد علينا بعد اليوم بعد ان اتضح ان لا احد بيده الحل حتى هذه اللحظة سواء كان هذا الحل .. سحريا ام واقعيا.