يبدو أنّ الرئيس ترمب، قد إستعّجل وأعلن القضاء على داعش في سوريا بنسبة مئة في المئة، وهو يدرك أنّ داعش لم ينتهِ بعد،ويشنُّ عملياته الإجرامية على شكل ذئاب جريحة وعصابات منفردة، كما يحصل في صحراء الانبارونينوى وصلاح الدين ليصطاد بها مواطنين يجمعون الكمأ، أو هم يغيرون من الأنفاق التي يختبئون فيها ،على قرى نائية جدا كإثبات وجود لاغير ، ولكن إستبق الأحداث ليؤكد للعالم ،أن أمريكا هي من دحرت داعش، وقضت عليه في العراق وسوريا، ليمهّد لمعركة أكبر، ويتفرّغ لمواجهة إيران وأذرعها في العراق ولبنان واليمن وسوريا، فماهو السيناريو الذي يريد تطبيقه ، في مرحلة مابعد داعش، فهناك جملة مؤشرات على الارض، يعمل عليها الرئيس ترمب، ليحقّق أهدافه وإستراتيجيته تجاه إيران، لاسيّما وإنّ إيران وأذرعها يشكلّان تحديّات كبرى للمشروع الامريكي في الشرق الاوسط، وقد أجّلَّ تنظيم داعش الإجرامي تطبيق، وتنفيذ هذا المشروع، الذي توّهم المُجرم بوش الإبن بتطبيقه، حال إسقاط نظام صدام حسين الوطني( ليضرب عدوّين بحجر واحد )، إذ تفاجأ بقوة المقاومة العراقية الباسلة، التي أذلته وأذلت جيشه، حتى إضّطر على سحْبه ،الرئيس أوباما نهاية عام 2011،وسلّم العراق لإيران وميليشياتها وأحزابها كما صرح الرئيس ترمب نفسه،و التي أوصلت العراق، الى ماهو عليه الآن، من خراب ودمار وفشل ، وأوجدت لنا ظاهرة داعش الارهابية،كرد فعل طبيعي ،على حالات الثأر والانتقام والحقد التأريخي على العراق، وقيام حرب طائفية أهلية منذ عام 2006 وللآن، فتركة الرئيس الفاشل أوباما، للرئيس ترمب صعبة جداً، في المنطقة عموما والعراق خاصة،لذلك نرى أن مهمة الرئيس ترمب الآن في العراق ،صعبة جدا إن لم نقلْ مستحيلة،في كيفية التخلّص من ميليشيات وأحزاب ايران الحاكمة ، وضرورة تحجيمّها ،لتنفيذ الصفحة الأصعب، وهي مواجهة إيران وميليشياتها في المنطقة، فبدون الانتهاء من التخلص من الميليشيات الايرانية في العراق، لايمكن التوّجه لإيران وفتح جبهة عسكرية معها، إنطلاقاً من الأراضي العراقية ،تماماً كما حصل وأنْ فتحت ايران حدودها للمجرم بوش لغزو العراق، كما إعترف الرئيس هاشمي رفسنجاني وخطيب جمعة قم بطهران، وهكذا كيفما تُدين تُدان، وعلى الباغي تدور الدوائر، إذن وكما نرى ونحّلل الأحداث وإستراتيجية الرئيس ترمب البطيئة ، أن الرئيس ترمب عليه إستحقاقات إنتخابية رئاسية، وأوضاعه في داخل امريكا سيئة، مع خصومه في الكونغرس ومجلس النواب، وعليه أنْ يستثّمر فرصة تأريخية لفوزه لدورة ثانية للرئاسة، وهي تحقيق نصر عالمي كبير في الخارج، لينعكس على الداخل، وهذا النصر لايتحقّق إلاّ في أمرّين إستثنائيين هما( القبض على ابو بكرالبغدادي، وإسقاط نظام الملالي في طهران)، وبغيرهما لايمكن للناخب الأمريكي إنتخابه مطلقاً، ويعدوّنه فاشلاً، ولم يحقق أي إنجاز عالمي أونصر في ولايته ، وهم ينظرون إليه الآن على أنه يهتم بالسياسة الخارجية أكثرمن السياسة الداخلية ، ولنعّد الآن الى الآوضاع في العراق ، بعد أعلان الرئيس ترمب نهاية داعش، ففي العراق يجري الآن إنتشار عسكري امريكي كثيف جدا وغير معلن ،في قواعد خارج المدن ،وانشاء قواعد عسكرية جديدة، في وقت تنكر حكومة عادل عبد المهدي والأحزاب، أي تواجد امريكي في العراق، بينما يستعّد برلمان العراق، للتصويت على إخراج القوات الامريكية كافة من العراق، وهو القرار الذي تصرّعليه إيران بأجنحتها وأحزابها وميليشياتها في العراق، وترفضه الكتل الكردية والسنّية وبعض الشخصيات الشيعية وكتلة النصروزعيمها حيدر العبادي، وأمام هذا الإصرار الايراني ، تجيء زيارة الرئيس الايراني حسن روحاني، بالتزامن مع إنعقاد جلسة البرلمان، ليضمن التصويت ويهدد من لايصوت للقرار، باخراج القوات الامريكية من العراق، وكان وزير الخارجية الايراني ظريف بزيارته، قد مَهّد الطريق أمام روحاني ،والتقى بالأحزاب والعشائروالشخصيات مبلغهم ترغيب وترهيب القيادةالايرانية، في وقت أبلغتْ الإدارة الأمريكية بكل وضوح وهدّدت الحكومة العراقية، وحكومة الاقليم والأحزاب الكردية، حال التصويت على القرار،(( سوف تنسحب أمريكا كلياً من العراق وتترك العراق لمصيره مع عودة داعش وسطوة وهيمنة ايران وميليشياتها ))، وعليهم أن يختاروا بين أمريكا وبين أيران وداعش، إذن الآن بدأ الصراع الفعلي بين الطرفين، وساحة الصراع هي العراق،التي منهُ ستنطلق شرارة تحريره من القبضة الايرانية وميليشياتها وأحزابها وإسقاط نظام الملالي،كما ترى وتعلن الادارة الامريكية ، لتحقق هدفين بآن واحد، هو تصحيّح( خطأ غزو العراق)، والتخلص من نظام طهران، وتطبيق مشروعه اقامة الشرق الاوسط الكبير، وهذان الهدفان لايتحققان، إلاّ بالتخلص من ايران أولاً، ثم إنجاز (صفقة القرن) مع الدول العربية وفلسطين، وهذاالهدفان يسيران الآن بشكل متوازٍ بنجاح واضح،ولكن لايمكن لصفقة القرن أن تتحق وتنجز، قبل إنجاز طي صفحة إيران، التي تزعزع أمن واستقرار المنطقة، وتقف حائلا أمام تحقيق صفقة القرن بصورة وبأخرى، أعتقد أن قرار انسحاب القوات الامريكية من العراق لن يمرّر أبداً في البرلمان العراقي، وذلك لحصول متغيّرات وإنشقاقات داخل ألأحزاب الشيعية الموالية لإيران، وفشل تشكيل حكومة عادل عبد المهدي بسبب الصراع بينهم، فالبرغم من وساطة حسن نصرالله، مع زعيم التيار الصدري في لبنان للتصالح مع المالكي ورفص الصدر التصالح، فإن إنشقاقاً قوياً يُهدّد بالإحتراب داخل منظمة بدر ضد هادي العامري وجماعته ، في وقت أعلن نوري المالكي إعتراضه وخشيته من رحيل القوات الامريكية في هذا الوقت بالذات، وهي كما يعلم الجميع ( تقية) لإسترضاء الأدارة الامريكية، التي فتحت وزارة الخزانة الامريكية ،تحقيقات في فساد نوري المالكي ووولده وأصهاره، وتعاملاته المصرفية مع بنوك ايران والحرس الثوري، اما تيار الحكمة فتوافقي في الامر، ولم يعلن رأيه الصريح، وربما لايصوّت على القراربضغط وترغيب امريكي له، إذن التصوّيت على القرارسيفشل بسبب الصراعات والخلافات بين أجنحة إيران ،وأجنحة أمريكا في البرلمان ، وهذا ما يفتح الباب على مصراعيه ،لتنفيذ خطوات أسرع، في مواجهة مَن يريد للقوات الامريكية الرحّيل، وربما تحصل مواجهة عسكرية ،بين الميليشيات و بدعم ودفع ايراني ،ورئيسها الذي سيبلغ الأطراف قراراته اذما فشل التصويت، وزيارة روحاني تدخل في هذا الهدف الأساسي لها ، ونعتقد بأن الزيارة ولدتْ ميّتة تماماً، وجرى الماء من تحتها، وقضي الامر الذي كنتم فيه تستفيان، فقرار الحرب أتخذ في وارسو من قبل التحالف الدولي ، ومؤشرات هذا واضحة ،وأبرزها الاستحضارات العسكرية الأمريكية الهائلة في المنطقة والعراق ،والحصار الاقتصادي الأقسى في التأريخ الذي بدأت إيران تترّنح من جرائه ،وقرار بريطانيا وضع حزب الله على لائحة الارهاب الدولي، وفرضت عقوبات قاسية جدا على أنصاره، في حين هدّدتْ بريطانيا الحوثيين في اليمن، وقلبتْ عليهم الطاولة يوم أمس، وطلبتْ من الأمم المتحدة ضرورة تنفيذ قرارات مؤتمر السويد فورا،بإنسحاب الحوثيين من الحديدة ،وهكذا تعمل فرنسا والمانيا، إذاً هناك إصراروإستعداد دولي ،على رحيل نظام طهران، بالحصار الاقتصادي أو بالقوة العسكرية التي جعلت الكّي آخر العلاج، بإعتقادنا جازمين ان الادارة الامريكية والرئيس ترمب لن ينسحب من العراق، تحت أي ظرفٍ كان، ومهما كّلف الادارة الأمر، لأنّ إنسحابها من العراق، يعني هزيمتها في الشرق الاوسط، الذي يمّثل العراق قلب الشرق الاوسط ومن يسيطر عليه يسيّطر على المنطقة والعالم كله …