هم .. طراز خاص من الناس .. البعض منهم .. من الذين وجدوا انفسهم في غفلة من زمن رديء في سدّة المسؤلية ومهما كانت هذه المسؤلية .. من الموظف البسيط او رئيس للقسم او بمنصب مديرا لدائرة ما … وبعبارة اخرى ممن يشغلون مساحة في السلطة من الخفير والى مقام السيد الوزير … وبغض النظر عن الآليّة التي اوصلتهم كالكفاءة او الخبرة المتراكمة اوامتلاك شخصية قيادية مؤثرة او كاريزما هابطة عليهم من فئوية او اسرة او حزب .. تجعل احدهم مؤهلا لكي يشغل هذا المنصب او ذاك , او توصله لمن يهبه اياه .. وللانصاف علينا القول ان البعض منهم من نوع من الرجال الذي قد تشّرّف المنصب بشخصه لامتلاكه علما وحسن تدبير وحرفة ادارية مميّزة , ولتمتّعه بنظافة ضمير ويد .. وهذا الصنف من الناس تسعى لهم المناصب ولا يسعون لها .. لانهم من النوع الذي لايجني من اشغاله المنصب سوى بذل الجهد والعناء , وليس الجاه والمال كما هو الحال الساعون والمتملقون في هذا الزمن التعيس .. ويحضرني هنا موقف لامير المؤمنين علي (ع) في فترة خلافته حيث رفض الامام تولية الزبير وطلحة لامارة البصرة والكوفة وتبريره لهذا الموقف بقوله : ” اني تعلمت من رسول الله (ص) .. أن الولاية لا تعطى لمن يطلبها او لمن يحرص عليها , وهما كانا من الحريصين عليها .
ويمكننا بعد هذا المدخل ان نصف حال الذين يسعون لنيل المناصب بكل الوسائل الشريفة وغيرها بالتالي :
* أنهم لصوص بسعون للاثراء عن طريق مناصبهم .. لانهم فاسدون ماليا واداريا واخلاقيا , وهم خونة للامانة وقادة غشاشون .. ولقد قال علي ع
فيهم ” اعظم الخيانة خيانة الامانة وافظع الغش غش الائمة ( القادة ) .
* الغالبية من هذا الصنف من الرجال جهلة لا يحسنون صنعا في شغل مناصبهم ولهذا تضيع في ايديهم مصالح الناس والوطن , ولقد قال النبي ( ص) في وصفهم : ” اذا وسّد الامر الى غير اهله فانتظروا الساعة” .. وايضا قال تلميذه علي (ع) : ” الولايات مضامير الرجال ” واعتقد ان البعض منهم حمير ليس لهم شأن في المضامير والسبق .
* البعض منهم مخّضرّم مصاب بحالة من استلاب الذات .. بحيث حل الكرسي عنده محل الانا .. فتلاشت ذاته وحل محلها منصبه .. فهو ليس المهندس او الحقوقي زيد وانما هو رئيس القسم او المدير زيد فحسب … بمعنى انه فاقد لذاته وابعاده الانسانية والشخصية .. وهذه الحالة المرضية تمثّل نوع من مس جنون السلطة , وهؤلاء لايتصوّر احدهم نفسه خارج اطار وصف المنصب .. ولهذا يحرص كل الحرص على البقاء فيه .. وبوسائل متدنية كالتملق والتزلف والرشا لمن هو بالموقع الاعلى وان تضاهر بالتكّبر والتجبّر على من هو دونه .. ولهذا يقول الصادق ع : ” ماتجبّر او تكبّر احد على من دونه الاّ لضعة يجدها في نفسه .. فهو يتصاغر لمن فوقه بمقدار تجبّره على من دونه .
* على الاعم الاغلب يكون هذا النوع من المدراء غبيا جاهلا , لايجيد الاّ فن الشيطنة في الحفاظ على كرسيه بكل وسيلة ممكنة ويكون مكروها ممقوتا من قبل مرؤسيه .. لان الناس لاتحب من يقودها اذا كان يفتقد لابسط مقومات الشخصية المؤثرة في الناس , كالذكاء الاجتماعي والقدرة على احتواء الناس وحسن التعامل معهم على اختلاف شخصياتهم , وهو قليل الحياء لايبالي بفعل أي شيء مشين يساعد في تثبيته على كرسي المنصب .
ضمير مستتر : حين سكت اهل الحق عن الباطل .. توّهم اهل الباطل بأنهم على حق ( علي ع ) .