منذ عشر سنوات بكامل ثوانيها ودقائقها وساعاتها ولياليها ونهاراتها واسابيعها واشهرها وفصولها , ربيعها وشتائها , صيفها وخريفها وسنينها الكبيسة منها والمكبوسة تتحاور طبقتنا السياسية في شؤون الوطن وشجونه . طبقتنا السياسية هي , هي نفسها بلا زيادة ولانقصان من عشر سنين. نفس الوجوه والاظهر والارجل, لم يقتل منهم احد “عفوا لم يستشهد” لا بمفخخة ولا عبوة ناسفة او لاصقة مثلما يقتل يوميا عباد الله الفقراء. هم دائما ينجون باعجوبة بينما يقتل ويجرح اولاد الخايبة من حماياتهم لانهم ينفردون دون سواهم بسيارات مصفحة لايخترقها الرصاص من بين يديها ولا من خلفها. لم يغادر منهم احد بمن في ذلك المدانين بالارهاب او بقضايا الفساد. وان صادف وغادر فبطائرة خاصة محتميا اما بجنسيته الاجنبية او بالدولة الراعية. لم يكبر منهم احد قيد انملة. شواربهم من لديه منهم شوارب تزداد سوادا حسب نوع الصبغ والزوجة الثانية وربما الثالثة وما ملكت ايمانهم. ولحاهم لمن لديه منهم لحى , هي ذات اللحى طويلة ومقصوصة ومقصوفة مزدانة بالشعر الاسود مع شعيرات بيضاء مبثوثة بعناية هنا او هناك لاغراض التوقير والوقار لمن تعير منهم بالشيب ليلاه “وهو وقار” مثلما كان يرى ناظم الغزالي ايام كان الوقار وقارا.. حيث كل منهم يغني ويرقص ويردح على ليلاه.
منذ اليوم الاول لدخولهم العملية السياسية وهم يتحاورون دون نتيجة ويصدرون بيانات دون فائدة. يتحاورون والموت يتربص بالناس, يلاحقهم في كل مكان .. في الشوارع والازقة والمطاعم والمقاهي والساحات . ان سكتوا سكتوا دهرا وان نطقوا نطقوا كفرا. خلافاتهم ليس من اجل الوطن بل من اجل الشراكة بالمناصب والقرارات والمسؤوليات والصفقات. حواراتهم ليست من اجل الناس بل من اجل ترشيح مقربيهم للمناصب والمسؤوليات والصفقات. يرضون عن بعضهم دون سبب واضح ويزعلون من بعضهم بلا سبب وجيه. كل واحد منهم لديه “سيفي” محترم من المبادرات ودعوات الحوار الوطني واللقاءات والاجتماعات التي لايكلون منها ولا يملون.
منذ عشر سنوات والازمات تكبر على كل المستويات.. وهم لا هم لهم سوى بحث اخر المستجدات حينا وشتم جوزيف بايدن حينا ومارتن كوبلر حينا اخر وفي كل الاحايين اردوغان وقاسم سليماني. ينسحب منهم من ينسحب دون ان يوقف عملية اعتقال هنا او ابطال مفخخة هناك. ويعود منهم من يعود دون ان ياتي بـ “السبع من ذيله”. حوارهم لاينتمي الى أي مستوى من مستويات الحوار بمن في ذلك اشهر انواع الحوار وهو “حوار الطرشان”.
وبودي هنا ان اتوقف عند هذا النمط من الحوار الذي كم اتمنى ان تلجأ اليه يوما طبقتنا السياسية. الطرشان يتحاورون لكن دون ان يسمع احد منهم احدا لاسباب فسلجية لكونهم لايسمعون. لكنهم في سبيل التواصل الانساني والاجتماعي مع بعضهم يبحثون سبل اخرى لايصال الفكرة او المعنى او النتيجة فيما بينهم. اما طبقتنا السياسية فانهم بعكس الطرشان يسمعون بعضهم ولكنهم لا يتحاورون وان تحاوروا تشاتموا. وان تشاتموا تقاتلنا نحن نيابة عنهم لاننا ببساطة .. ازواج وقشامر.