18 نوفمبر، 2024 1:24 ص
Search
Close this search box.

يجبرون زوجاتهم على الإجهاض ورمي الرضع لعجزهم عن توفير المعيشة

يجبرون زوجاتهم على الإجهاض ورمي الرضع لعجزهم عن توفير المعيشة

انتشار ظاهرة رمي الرضع أمام المستشفيات ودور العبادة في ديالى

لم تعد القضايا الغريبة في العراق غريبةً ولا يستغرب المتلقي مما يسمع او يرى فالكل اعتاد على أهوال الدنيا وتخبطاتها والكل يعيش يومه وان كان عشوائيا مليئا بالمفاجئات ، تعددت مشاكل العراقي بين التدهور الأمني والعوز المعيشي والصراع الاجتماعي وكل هذه الأمور نتجت عنها قضايا قد تؤدي يوما ما إلى كارثة يصعب السيطرة عليها , ومن بين الأمور التي استفحلت مؤخرا لكونها كانت موجودة سابقا لكن ليس كالشكل الذي تظهر به اليوم (جرائم القتل) إذ أن استغناء الأبوين عن أطفالهم ليس بالأمر الهيّن لكن في العراق أخذت منعطفا آخر حتى أصبح الرضع يلقون أمام دور العبادة و المستشفيات كأنهم علب فارغة او أغلفة حلوى ترمى في الطرقات ، لكن البعض الآخر اختار ان يتخلص من هؤلاء الرضع قبل قدومهم بأبشع الوسائل ولتلعب من تسمى ملاك الرحمة دورا أساسيا في ذلك وتلطخ يديها بدماء بريئة لا ذنب لها ولا خطيئة ، ارتفعت نسبة الإجهاض في العراق بشكل كبير بسبب الوضع الاقتصادي المزرِ الذي يعيشه نصف المجتمع العراقي تقريبا إضافة إلى الظروف الأخرى منها انفصال الزوجين والتشوهات الخلقية والعلاقة الغير شرعية كل هذه أسباب دفعت الكثيرات إلى الاستغناء عن الأجنة التي تحملها بطونهن بطريقة او بأخرى وان كانت بوسائل وحشية لا تمت للأمومة بصلة ومنهن من تختلق الأعذار لتبرر جريمتها لكن المشكلة الكبرى في القابلات المحترفات في عمليات الإجهاض هذه واللواتي يقمن بعملهن دون الاكتراث للضحية ، دخلت (المواطن) إحدى العيادات الخاصة بعمليات الإجهاض وفتحت الملف مع محترفة بهذه المهنة منذ أكثر من عشرة سنوات حسب قولها ، والمكان عبارة عن غرفة صغيرة لا تتجاوز مساحتها التسعة أمتار مربعة وكأنها زنزانة و جدرانها انتزعت أجزاء من اللون البائس الذي اصطبغت به ، لا تحتوي الغرفة أي من الأجهزة الطبية التي يفترض ان تكون موجودة في عمليات كهذه وشوهدت بعض الأدوات الجارحة التي اصطفت على طاولة صغيرة وضعت قرب فراش على ارض في زاوية الغرفة وهي مكان تنفيذ العملية !

مع سبق الإصرار والترصد

تقول ( ام منى) التي رفضت ذكر اسمها ان عملية الإسقاط حسب تعبيرها تقوم بها بمعدل خمسة عمليات شهريا بمساعدة احدى بناتها وهي في التاسعة عشر من عمرها ، ولان ( ام منى ) تعمل في شعبة الضماد في إحدى المستشفيات ولسنين طويلة وقابلة مأذونه في بيتها إضافة الى أخصائية عمليات إجهاض ومنع الحمل ، وتكمل “ان الكثير من النساء يقصدنني لإجراء عمليات إجهاض حين يكن في الأشهر الأولى من الحمل ومنهن من تأتي بصحبة زوجها وبموافقته وهناك حالات كانت رغما عن النساء وبإجبار من أزواجهن الذين يحاولون التخلص مما في بطونهن لأسباب عدة منها الظروف المعيشية وخصوصا أن كان لديه أطفال سابقا كما تقصدني نساء من مناطق نائية بسبب علاقات غير شرعية تنتج عنها حالات حمل فيلجأنَ لي لإسقاط الأجنة ” اما عن المواد المستخدمة في هذه العمليات فتقول ” إن هذه العمليات تعتبر عمليات صغيرة لأني لا اقوم بفتح البطن او ما شابه وان كل ما اعتمد عليه هو جهاز خاص مستورد و قبل استخدام الجهاز ازرق المرأة إبرة تعمل على استرخاء العضلات ومن ثم أقوم باستخدام الجهاز اللولبي الذي يمتد من فتحة المهبل حتى باطن الرحم ويقوم بتفتيت الجنين الى قطع صغيرة تخرج مع النزيف ويجب ان  لا يتعدى عمر الجنين في هذه الحالة الثلاثة أشهر وان تجاوز هذا الوقت فمن الصعب إسقاطه ” علما ان هذه العملية تبلغ قيمتها من مائة إلى مائة وخمسون ألف دينار عراقي و( ام منى) نموذج بسيط من كثيرات يزاولن هذه المهنة بصورة سرية في منازلهن  

مصير الثلاثة أجهض الرابع

ومن الحالات التي رُصدت حالة ( أم سجى ) وهي سيدة ثلاثينية متزوجة ولها أربعة أطفال قصدت أكثر من أخصائية لإنزال الجنين الذي ربما سيكون الطفل الخامس ألا أنها رفضت  حمله وولادته وهو مازال في الشهر الثاني نتيجة ظروف زوجها فهو عاطل عن العمل ويسكن وعائلته في مسكن صغير مؤجر ولا يستطيع تحمل مسؤوليات الأسرة وما يعتمد عليه هو مساعدة إخوته وأخوة زوجته الذي يعملون كسبه في سوق المدينة وتقول ” كنت طالبة في معهد المعلمات وارغمنى والدي على الزواج بهذا الرجل لكونه يقربه نسبا وتركت المعهد وتزوجت به ومنذ الأيام الأولى من الزواج بدأ بضربي وشتمي ويطردني خارج المنزل إما الجيران وخصوصا عندما يتناول الخمر لكنى لم استطع فعل شيء لذا ولدت منه بنتين وولد وهم اليوم يعيشون مأساةً حقيقية نتيجة العوز المادي وهم طلاب مدارس بحاجة الى مقتضيات الحياة كأقرانهم لكنهم يرون ولا يحصلون على هذه الحقوق وأنا اليوم اعتمد بقوتي وأطفالي على ما تساعدني به أمي وإخوتي إضافة على بعض مساعدة أخوة زوجي وبسبب هذه الظروف حاولت مرارا ألا اكرر الخطأ واستمر في الإنجاب من إنسان عاجز عن توفير لقمة العيش لأبنائه بل انه سبب لأطفالي عقد نفسية بسبب كثرة خلافاته بالبيت وضربي أمامهم وقد حاولت أن أجهض مافي بطني بأعشاب وصفتها لي إحداهن وقمت بغليها وشربتها لكنها لم تنفع وحملت بعض المواد الثقيلة في المنزل كـ( أسطوانة الغاز و سجادة ثقيلة ) وغير ذلك من مواد لأجل إسقاط الجنين لكني لم افلح وحين اشتد بي الأمر لجأت الى إحدى القابلات التي زرقتني إبرة لا أدرك ماهي لكن بعد أربع وعشرين ساعة اسقط الجنين مع نزيف اضطراري  وكان هذه خياري واعلم انه ذنب لا يغتفر لكني مجبرة على ذلك لئلا احمل إثم الطفل واسبب له العذاب “

عندما تكون الأنثى اباً وأماً

يعتبر مستشفى بعقوبة العام  من ابرز الأماكن التي يقصدها المستغنون عن أطفالهم لاسيما الرضع منهم فقد تكررت الحالة كثيرا ووجد أكثر من طفل في مهده داخل المستشفى او عند بوابتها ، يحدث هذا بشكل متكرر نتيجة الظروف التي سلف ذكرها ألا وهي المعيشة الصعبة والظروف الاقتصادية القاهرة التي تعيشها اسر لا يهتم احد لأمرها خصوصا بعد الأحداث التي شهدتها البلاد والحصول على الرقم القياسي للأرامل والمطلقات اللواتي أصبحن الأب والأم في آن واحد لكن البعض يشكك بالأسباب ويعزو تخلى الأم عن رضيعها لأنه غير شرعي أي ( لقيط) وهذا ما يدفع الكثيرين الى عدم تبني هؤلاء الأطفال نتيجة غموض أصله وعدم معرفة نسبه لكن هذا لا يعنى أن الجميع يفكر على هذا النحو إذ ان عدد من المتمكنين قاموا بتبني عدد من هؤلاء الأطفال الذين يمكثون في رعاية موظفات في مستشفى البتول للولادة علما ان احد الأطفال وجد مرميا على احد مقاعد مستشفة بعقوبة وقد وضع في جيبه قصاصة ورق كتب فيها اسمه وتأتمن فيه الأم الرضيع لدى من يجده مدعية صعوبة الظروف التي أجبرتها على التخلي عن رضيعها .

ومن المشاكل الأخرى التي تشكوه النساء اليوم هي ظاهرة هجرة الرجال اذ أن الحالة لم تعد ظاهرة بل أنها أصبحت قضية ومعاناة  للمجتمع فقد اختفى عدد من الأزواج في بعد خلافات مع الزوجة نتيجة العوز والحاجة وتفشي البطالة وهذا ما أدى إلى هجرة عدد من الأزواج لزوجاتهن وتركهن لتحمل المسؤولية لمفردهن بعد ان يأس الأزواج من توفير لقمة العيش للزوجة والأطفال وهذا ما أدى أيضا إلى إجبار عدد من النساء إلى التخلي عن أطفالهن بطريقة او بأخرى حيث قررت عدد منهن إلى هبة أطفالهن لأناس ميسورين بعد أن عجزن عن توفير ما يحتاجه الأطفال من مأكل و ملبس في حين اخترن أخريات هبة أطفالهن لأقرباء لهن كالأخت وابن العم وغير ذلك للأسباب نفسها

تفاصيل شائكة

كل هذه التفاصيل التي تم التطرق إليها ما هي إلا تجارب على ارض الواقع ومن الأجدر بالذين يقررون إجهاض أجنتهم التي صارت ضحية لنزوات وساعات رخاء يمكن أن يقرروا ذلك قبل الوقوع في الخطيئة وإلا فكيف لجنين أن يتحمل فشل الأب ،إن السبب الأساسي في ما يحل بالرضع الذين يتم إيجادهم إمام مستشفى أو دار عبادة أو في الطرقات هو الأب وإلا فما من ام تستغني عن طفلها مهما كان وحدث لكنها عندما تجد أن فلذّه كبدها يمضي الى الهاوية وأمام عينيها تجبر على نجدته ولو بشكل عشوائي فغريزة الأمومة تحتم عليها ان تخلص هذا الطفل من جحيم ينتظره كما لمسناه من ( أم سجى ) التي تحدثت وعينيها تنطق قبل لسانها وهي تكاد ان تنفجر مع كل كلمة تبوح بها ، وهنا لا نبرر ما تقوم به بعض النساء اللواتي يرمينَ اطفالهنَّ هنا وهناك لان عدد كبير من نساء العراق ومنذ ثمانينات القرن الماضي ونتيجة الحروب التي جرفت رجالهن اعتمدن على أنفسهن وعملن وكافحن وضحين بالغالي والنفيس في سبيل أداء الأمانة وتربية الأبناء وان كان بعوز وحاجة لكن تحملن زمام الأمور وكن على قدر المسؤولية ولم يستغنين عن الأبناء وما الحل أذا كانت الأم تصلّح الخطأ بخطأ اكبر وهنا يجب على من تقدم إجهاض جنينها او رمي رضيعها أن تنظر إلى الحيوانات لتتعلم الأمومة ولتحيي غريزتها التي فُقدت .

أحدث المقالات