تواصلت عمليات التنقل التي تمارسها القوات الأمريكية بين أحياء مدينة بغداد ، والتي بدأت بعد الزيارة التي قام بها الرئيس الأمريكي ” دونالد ترامب ” إلى قاعدة عين الأسد بالانبار في ديسمبر الماضي، وتشير التقارير إلى أن هذه التحركات التي تقوم بها القوات الأمريكية مصحوبة بقوات من الجيش العراقي هدفها التفتيش والاستطلاع للبحث عن قيادات وُصفت بالقيادات المسلحة ، تابعة للحشد الشعبي ، وتقوم بطرح الأسئلة على السكان في بعض مناطق بغداد عن تأثير هذه الفصائل على الناس ، وإذا كان يمكن إرشادهم على بعض من هذه القيادات المطلوبة ، ودور وفاعلية هذه المجموعات في هذه المناطق ، حيث أثارت هذه التحركات مخاوف الأوساط القيادية داخل فصائل الحشد ، وعدوها استهداف مباشر لهم ، إلى ذلك أعلنت بعض قيادات الحشد أنها ستكون جاهزة في حال تم استهداف أي فصيل من فصائل الحشد من قبل القوات الأمريكية، والتي تسعى لتقويض النفوذ الإيراني في البلاد ، من خلال أذرعه في الداخل ، وهم بعض الفصائل المسلحة التي تعلن ولائها لإيران ، ما عده البعض من المحللين أسلوب ضغط على إيران دون المواجهة المسلحة معها .
هذا التوجه الجديد للولايات المتحدة يأتي في إطار التضييق على حركة ونفوذ إيران في البلاد ، والتي تتهمها واشنطن بسيطرتها وتوسيع نفوذها في العراق ، مما ينذر بزيادة حدة الصراع والتراشق الإعلامي والسياسي بين الجانبين ، لذا تلجأ الولايات المتحدة إلى تحريك وجودها العسكري والبحث عن مطلوبين تصفهم بالقيادات في الحشد الشعبي ، ومحاولة إعادة تشكيل فصائل الصحوات التي شكلتها القوات الأمريكية أبان حكمها على العراق في 2003 ، وهو الأمر الذي يعد تجاوزاً على قوانين ودستور الدولة العراقية ، كما أنه يعد استهدافا للجيران عبر أراضيه ، وهو ما رفضته المرجعية الدينية العليا ، ورئاسة الوزراء عبر بيانات صدرت عن الجانبين ، لذا من المهم جداً أن يكون هناك موقفاً سياسياً بعدم المساس بالحشد الشعبي ، وما يثبت إدانته بارتكاب جرم أو ذنب يتم القصاص منه عبر القوانين العراقية المعمول بها ، ولا يحق لأي جهة مهما كانت أن تسيطر على امن البلاد ، خصوصاً وأن هيئة الحشد الشعبي هيئة تابعة لرئاسة الوزراء ، و تقاد من قبل القائد العام للقوات المسلحة .
التسارع في وتيرة التصريحات الأمريكية يعكس حجم المأزق الذي تعانيه واشنطن خصوصاً بعد انسحابها من سوريا ، والذي وضع ترامب تحت الضغط والانتقاد سواءً من الداخل الأمريكي أو من الحلفاء الأوربيين والعرب في الشرق الأوسط ، ويأتي هذا الانتقاد في ظل زيارة وزير الخارجية الأمريكي بومبيو للشرق الأوسط في محاولة لمعالجة الموقف الأمريكي في سوريا ، ومحاولة حفظ ماء الوجه بالعمل على تأسيس حلف أو ناتو عربي يُعد في وارسو ، ليعود إلى نفس المنطقة عبر آلية جديدة ويكون فيها العراق رأس الحربة بمساعدة الحلفاء للعمل على عزل ومحاصرة إيران سياسياً وأقتصادياً ، ومراهناً في نفس الوقت على تجويع الشعب الإيراني وإركاعه كما حصل مع الشعب العراقي في تسعينيات القرن الماضي أبان حكم النظام الصدامي .