17 نوفمبر، 2024 8:36 ص
Search
Close this search box.

جدلية الدين والسياسة في الفكر العربي والغربي

جدلية الدين والسياسة في الفكر العربي والغربي

إعداد/ أ.د. شريف درويش اللبان – إكرام محمود عبد الرازق
منذ فترة طويلة احتلت الظاهرة الإسلامية اهتماماً كبيراً، وأخذت زخماً واسعاً على مستوى المجتمعات المحلية؛ كونها بدأت بالتفكير في العمل السياسي، ومن ثم صياغة برامج من شأنها التعامل مع واقع المجتمعات وتغييره، حيث تنظر الجماعات الإسلامية إلي هذه المجتمعات نظره سلبية في مجملها، وعلى هذا الأساس تبلورت العديد من التيارات الإسلامية، واختلف منهج تفاعلها مع أوضاع مجتمعاتها، كما تنوعت ظروف نشأتها؛ ومن ثم لم تواجه نفس المصير السياسي، فالبعض منها ازدهر بقدرته على التفاعل مع الواقع السياسي، بينما تعثر أكثرها لغياب الفكر عن الممارسة السياسية، وأندثر الكثير منها، وتقوقع الكثير منها حول أفكاره وذاته؛ ومن ثم اخذ نهجاً انعزالياً عن قضايا المجتمع وحتى الحضارة بأكملها كونها رافضة لكل تفاصيل هذا الواقع السياسي والاجتماعي الذي فسرته الحركات على أنه فساد فكرى وتراجع وتدهور لمجمل أوضاع المجتمع(1).

ولم تكن مصر بثقلها الحضاري والتاريخي بمنأى عن اهتمام وظهور الكثير من الحركات والتيارات السياسية الإسلامية التي عرفت في أدبيات علم السياسة بالإسلام السياسي، فقد تحولت الظاهرة الدينية إلى ظاهرة سياسية، حيث اندمجت الحركات الدينية ذات الطابع الدعوى وغير الدعوى في النشاط السياسي، بل سعت للوصول إلى رأس السلطة السياسية لتغيير المجتمع والتحول به وفق البرامج التي استقتها لنفسها، وزعمت بل وأكدت أنها تستند إلى الشريعة الإسلامية.

§ جدلية الدين والسياسة في الفكر العربي والغربي :

نجد أن الغرب استغل التحولات السريعة البالغة التعقيد التي ينمو فيها الإسلام السياسي في إطار حملات التضليل والتشويه للإسلام والمسلمين، فمنذ الحرب العالمية الثانية والمسلمون يتعرضون لحملة تضليل هائلة تريد أن تقضي على الباقية مما يحمله المسلمون من أفكار وأحكام نابعة من إسلامهم لتبقي الدول الكافرة هي المسيطرة على بلاد المسلمين، لذلك اعتمدت الجماعات التكفيرية على السيطرة على المعلومات واحتكارها وفبركتها وتصنيعها، فهناك مؤسسات تعمل على نقل ما يدور في أذهان المسلمين إلى تلك الجماعات حتى يتم تنفيذ ما يريدون بثه عبر وسائل الإعلام المختلفة في أذهان الشباب العربي باسم الدين، عبر صياغة الأخبار بطرق مختلفة باستخدام مفردات وألفاظ ذات إيحاءات دلالية تعطي انطباعات مختلفة، كاستخدام مفردات: الانقلاب على الشرعية، واستخدام مفردة الثوار في القنوات الموالية للحكومة المصرية الآن،كما جاء بصحيفة “الواشنطن بوست”(2) .

فمن المعروف أن السلطة الأمريكية حاولت منذ عقود رسم خريطة جديدة للشرق الأوسط تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد وربط العنف السياسي به؛ نظراً لانتشار حركات المقاومة الإسلامية هناك(3)، كما أنها أدخلت كلمتي الجهاد والتطرف المرتبطين بالعنف لأذهان الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 وهي صورة ذهنية مأخوذة لديهم في إطار سياق ديني له تاريخ يرتبط بالحروب الصليبية والإسلام؛ مما جعل الجدل حول الفهم الصحيح للإسلام أمراً واقعاً لكونه يمثل العنف والإرهاب، من هنا استهلكته الولايات المتحدة للترويج لهذه الصورة خارجيًا عن الإسلام ووضعه في إطار السياسة، وأطلقت عليه الإسلام السياسي دون النظر إلى الإسلام كدين وعقيدة(4(،فقد بدأت بالغزو العسكري للعراق وتمزيق نسيجه الوطني ثم اتجهت جنوباً بإسهام بارز من إسرائيل لتقسيم السودان إلى شمال وجنوب، ثم عادت إلى قلب النظام العربي في مصر لتتحالف مع جماعة الإخوان وتساعدها على الوصول إلى السلطة حتى تضمن أمن إسرائيل من ناحية، وتكون لها حائط صد ضد الجماعات الإرهابية التي تخشى هجماتها من ناحية أخرى، هكذا تتحول بعض حركات الإسلام السياسي لتصبح مجرد أداة من أدوات السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية وللاتحاد الأوروبي(5).

وفي إطار البحث عن أهداف نظريات الإسلام السياسي في مصر في القرن العشرين،فضلاً عن وجود مفاتيح التفاعلية التي تعطي ميلاداً جديداً للمشروع الإسلامي لجماعة الإخوان في مصر بعد الثورة في إطار تحليل الصورة الحديثة عن صعود هذا التيار الإسلامي ودراسة منظماته ايديولوجياً وتطورها خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، جعل صورة الإسلام تعاني من ارتباطها بالعنف ومفهوم الجهاد الإسلامي؛ مما جعل الصوت الصحيح للإسلام يأمل في تصحيح ما أحدثه الإسلام الراديكالي الذي حجب مبدأ الديمقراطية؛ مما انعكس على توليد العنف والانفجار عن صحيح الإسلام الديمقراطي(6) ضمن الخلفية الاجتماعية والثقافية لدي المسلمين القائمة على مبدأ العدل والمساواة والشورى فيما بينهم(7).

خرجت الجماعة من السجون معزولة عن المجتمع وبها انقطاع جيلي كبير مواجهة انشقاقات جديدة مما عزز من فقد تميزها وملامحها الايديولوجية، فلم تعد جماعة جهادية صريحة تعلن القتال المسلح ضد الدول فتنجذب إليها العناصر التكفيرية، بل باتت تحمل إرثًا كبيرًا من كراهية الشعب المصري لها، وستبقى ذاكرة اليوتيوب والمحطات الفضائية والمطبوعات محتفظة بخطابات محمد البلتاجي وعاصم عبد الماجد وغيرهم الكثير المحرضة على العنف، والمستفزة للغالبية الكاسحة من الشعب المصري(8).

فقد أكدت بعض الدراسات استغلال التيارات الإسلامية لوسائل الإعلام الجديدة والتقليدية واستخدمتها كمادة استعماليه ترويجية لتحقيق أهدافها في انتشار أفكارها المغلوطة بين الشباب، وترويج الفكر الجهادي في المنطقة العربية، مستغلة بذلك الجهل والفقر والتدهور، حيث استهدفت دراسة بعنوان “الإعلام والإرهاب(9)” التعرف على العلاقة الإشكالية بين الإرهاب والأعمال العنيفة من ناحية، والإعلام من ناحية أخرى،في ظل تصاعد الدور المحوري والمؤثر للإعلام وانتشار المنظمات والجماعات الإرهابية، لاسيما في ظل اتهامات عديدة لبعض المنظمات السياسية الراديكالية الإسلامية بالعنف والإرهاب، في11 سبتمبر 2001 وما بعدها من عمليات إرهابية في عالمنا، ومن ضمنه الانتفاضات الثورية في منطقتنا العربية.

· جدلية الدين والسياسة من يطوِّع من ؟:

ارتباط الفعل السياسي بحياة الناس وارتباط الدين بسلوك حياتي يومي جعل الحديث عن الإسلام السياسي والإرهاب محط أنظار كثير من المستشرقين كبرنارد لويس وجيل كيبل وغيرهما الكثير، الذين كشفوا أن الحركات الإسلامية ما هي إلا غطاء يستخدم لحشد الجماهير، ووسيلة للعب على العاطفة الدينية بالفطرة وكسب تأييدها متكئة على النزعة الشعاراتية المفضلة لهذه الحركات كمقولات ” القرآن دستورنا ” و” الإسلام هو الحل “، ورفع المصحف تحت قبة البرلمان في إيحاء ديني لا تخفي دلالته على البسطاء، فالصراع الشخصي للبحث عن المكاسب الذاتية هو الدافع الطاغي في الحقل السياسي الإسلامي.

فنشأة وتطور الإسلام السياسي في مصر ارتبطا بالتدهور الاقتصادي والفقر؛ مما أدى إلى انضمام الكثيرين إلى التيارات الإسلامية أملاً في إحداث التغيير لأن الدين هو العدل، بينما على الجانب الآخر استغلت القوى الإسلامية هذا في أن تمتطى الثورات العربية دون النظر إلى أنها تريد إحداث طفرة إنما لخلق مجتمع دينى فقط مشوش عن صحيح الدين.

§ جماعة الإخوان والإعلام الجديد :

وظفت جماعة الإخوان لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة من صحافة وتليفزيون وإعلام جديد خاصة الفيس بوك في العمل السياسي عبر التعريف بالجماعة وأفرادها(10) ، وتشويه الخصوم والدعاية ضدهم، واستعمال الميليشيات الإلكترونية في الدعم الموارب للجماعة، وفي مهاجمة خصومها في السياسة. وتوضح الورقة كيف أن الجماعة لجأت مهاجرة إلى الإنترنت هربًا من نظام مبارك وللتأثير في الشباب، فإذا بها بعد أن لفظتها الجماهير تعود إليه محبوسة فيه مضطرة إليه في حال الذل والحبس.

ويتضح من نتائج الدراسات السابقة: كيف وظفت الجماعات الإرهابية تقنيات وسائل الإعلام في الترويج والدعاية للفكر الجهادي، فما فعله الإخوان بمصر من غرابة سياسية قائم على نبذ الآخر، حيث وصفت الرفض الشعبي لها في الثلاثين من يونيو 2013 بأنه انقلاب على الشرعية، دون النظر إلى الأخطاء التي ارتكبتها الجماعة في مصر. فحركات الإسلام السياسي تضفي قدسية على الخلاف السياسي، وتجعل الاختلاف في الرؤى والمشروعات السياسية خلافاً دينياً عقائدياً لا مكان للفكر المغاير فيه، كما حدث من قبل بعد ثورة الثلاثين من يونيو وقولهم بأن الانقلاب على الشرعية هو الانقلاب على الله، واحتساب هذا كفراً، مطبقين في ذلك مبدأ “أن ما يحدث في سيناء الآن لن يتوقف إلا بالرجوع للشرعية”، “اللي هايمس مرسي بالنار هنرشه بالدم”، من هنا يأتي الطرح للرؤية السياسية للأحزاب الإسلامية في اتجاه تصويغ القمع ضد حريتها وحرمانها من العمل السياسي العلني؛ لكونها لا تحتكر فكر الإسلام وأنها تمثل رؤاها فقط طبقاً لأفكارها السياسية، مما يعطي مؤشراً على انتهازيتها السياسية؛ لأنها تري أنها الشرعية.

فقد أشارت بعض الدراسات إلى التعرف على كيف امتطت التيارات الدينية الثورات العربية، مستغلة تحويل تقنيات وسائل الإعلام كسلاح في أيدي الإسلام السياسي من منظور الفكر الجهادي التكفيري للترويج والدعاية.

أدركت جماعة الإخوان أهمية الإنترنت كوسيلة اتصالية في وقت مبكر نسبيًا، نظرًا لارتباط الوسيلة بالشباب الذين يُعتبرون المحرك الأساسي للتغيير في أى مجتمع، حيث كانت الجماعة من أولى الحركات السياسية لجوءاً للإنترنت، وعلى الرغم من تضييق الدولة وحظرها لبعض المواقع فإن ناشطي الجماعة كانوا يبادرون بإنشاء مواقع أخرى بدلاً من التي تم حجبها؛ مما كان يجعلهم يتغلبون على عوائق الرقابة والحظر.

على الرغم من أن قرار الحكومة وفقًا لما أعلنه بيان مجلس الوزراء يقضى بتوقيع العقوبات المقررة قانونًا لجريمة الإرهاب على كل من يشترك في نشاط الجماعة أو التنظيم أو يُروج لها بالقول أو الكتابة أو بأي طريقة أخرى، فإن الحكومة حتى الآن لم تقم باتخاذ أي إجراء قانوني تجاه موقع” إخوان أون لاين” وبوابة” الحرية والعدالة” ومواقع إخوان المحافظات المصرية المختلفة أو تجاه صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، وهكذا تعود الجماعة من حيث بدأت مرة أخرى إلى شبكة الإنترنت؛ لأنها جعلت كل مَوَاطن قوتها هي نفسها كوامن ضعفها، فعادت ثانية بعد ثورة حاشدة ضدها إلى حيث أتت؛ إلى شبكة الإنترنت لتصبح جماعة افتراضية.

استطاعت الجماعات الجهادية في مصر تحقيق هذه الأهداف من خلال إعلامها الخاص، واستغلال الوضع الاقتصادي السيئ والحياة المعيشية الصعبة في شمال سيناء، وغير ذلك من الإجراءات التي توالي اتخاذها في سيناء لمواجهة الأحداث الإرهابية هناك، مثل تهجير أهالي رفح، وعزل المنطقة الحدودية، وفرض حاله الطوارئ،على الرغم من ضعف إمكانياتها، حيث لا يتعدى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية، فلا تملك هذه الجماعات مؤسسات إعلامية كتلك التي يمتلكها تنظيم “داعش” الإرهابي، نظراً لعدم توافر الإمكانات المالية المتوافرة للأخير، واختلاف البيئة التي تنشط فيها هذه التنظيمات، حيث أظهر التنظيم تجربة رائدة في استخدام وسائل الإعلام المختلفة التقليدية منها والحديثة من خلال امتلاكه لمؤسسات إعلامية احترافية، تسيطر على قنوات تليفزيونية ومحطات إذاعية في مناطق سيطرة التنظيم، وتقوم بإنتاج إصدارات مرئية ومقروءة واسعة الانتشار(11) .

غير أن بعض المعالجات الإعلامية سواء من قبل وسائل الإعلام العامة والخاصة للأحداث الإرهابية في مصر قد روجت لهذه التنظيمات وكانت بمثابة دعاية لها، لم تكن تستطيع الوصول إليها بمفردها، فضلاً عن أن شبكات التواصل الاجتماعي تساعد هذه الجماعات في تصدير صورة المنتصر دائمًا، حتى وإن حققت قوات الأمن والجيش نجاحات نوعية في السيطرة على مناطق نفوذها في سيناء، حيث يبقي في الأذهان دائمًا وحشية مقاطع الفيديو التي تبثها هذه التنظيمات.

أن هناك علاقة بين دور ووظيفة وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية في الدعاية والترويج للإرهاب والعنف، حيث أظهرت وسائل الإعلام هذه الجماعات الإرهابية كبطل تتحدث وتكتب وتنشر عنه وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية باستمرار فقد وظفت الجماعات الإرهابية التقنيات الحديثة لوسائل الإعلام الجديدة للترويج لأنشطتها دون المساس بها أمنيًا؛ للوصول لأكبر قاعدة جماهيرية من الشباب العربي الذي يتعامل مع اليوتيوب والفيس بوك وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي التي تروج عبر فضائها الإلكتروني التفاعلي لأفكار هذه الجماعات التكفيرية دون رقيب أو حسيب، مستغلة في ذلك الفقر والجهل والانسياق الأعمى وراء هذه الأفكار من جانب الشباب، حيث إنها خلقت بيئة افتراضية تفاعلية لهذه الجماعات ؛ فقد عملت الجماعات الإرهابية على:

· الاستثمار على الويب عبر اتصالاتها المستمرة بأعضائها للتخطيط والتنسيق فيما بينها للعمليات الانتحارية، وطرق تنفيذها، والوصول بالتهديدات لبعض الأفراد والحكومات المستهدفة من هذه العمليات.

· توظيف التقنيات الخاصة بالموسيقي والمؤثرات الصوتية والأناشيد كخلفية مؤثرة لبعض الأشرطة المصورة التي تستهدف التأثير على المتلقي، طبقاً لدلالات سيكولوجية مستهدفة مسبقًا تستهدف بث الكراهية ضد من يخالف عقيدتها.

· تصوير بعض الأشرطة التي تروَج كمادة دعائية قصيرة عن العمليات الانتحارية والقتل والخطف والذبح وإطلاق سراح أعضائها، وغيرها من العمليات الإجرامية؛ لتعزيز قضيتها، كما أنها وضعت أدوات تشفيرية وعملت على مستويات متعددة التشغيل تقنيًا للوصول لأهدافها.

· ركزت على صورة الجهاد والمجاهدين عبر توظيفها للصحف، حيث استغلت الصحف لتصل لأكبر قاعدة ممكنة من جمهورها المستهدف.

· مكنت التكنولوجيا الحديثة لوسائل الإعلام كناقل للمعلومات بشكل حيوي لما يحدث الجماعات الإرهابية من أن تصل لأهدافها بدلاً من مكافحتها والقضاء عليها، حيث أصبحت أدوات للتشهير لبث الرعب والفوضى والفزع أكثر من كونها أدوات للمكافحة، ونجد ذلك في معالجتها غير الدقيقة لما حدث في مصر من وجود عناصر إجرامية في منطقة شمال سيناء الشيخ زويد ورفح حيث انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإخبارية أن هذه الجماعات التكفيرية التي تصدي لها الأمن ستعلن سيناء ولاية إسلامية.

· استخدمت وسائل الإعلام كقوة سياسية تعمل على اتساع الوجود المجتمعي للإرهاب عبر تقنيتها، تعمل كدعم للأفكار الإرهابية التي ينساق وراءها الشباب.

· ساعدت على انتشار بعض الألفاظ التي يتأثر بها الشباب كالجهاد وغيرها من الألفاظ التي تساعد على الدخول في حيز التطرف.

يبدو أن مفردتي واصطلاحي “الإعلام” وأجهزته المتعددة و”الإرهاب”، من أكثر المفردات ترداداً لعقود عديدة مضت، وسيستمران لعقود أخرى مقبلة في الخطابات السياسية والإعلامية والدينية وعلى ألسنة الجمهور في مناطق عديدة من عالمنا، وبلا تمييز، وذلك لاعتبارات عديدة:

(1) إن كلا الاصطلاحين على عمومهما يتصفان بالقدم والاستمرارية على اختلاف أدواتهما وتعبيراتهما، وما يعتريها من تطور وتجديد في الوظائف والوسائط والآليات والأهداف، تجعلهما حاضرين معاً كمنظومات وكإشكاليات في علاقتهما بالحريات العامة والشخصية والسياسية والقانون والنظام الدولي والأنظمة الإقليمية التابعة والأيديولوجيات، والأديان والأعمال الاستخباراتية والأمنية.. إلخ.

(2) إن التلازم الإشكالي بين الإعلام وأجهزته ووسائطه المتعددة وبين والإرهاب يشير إلى أن كليهما يحقق بعض أهدافه الوظيفية والاحترافية والسياسية بالتجاوز، وبعض التداخل على الهامش بين بعضهما البعض، على نحو ما أشار إليه والتر لاكير Walter Laqueur في قوله:” إن الإعلامي هو أفضل صديق للإرهابي “- “العمل الإرهابي ليس شيئاً في حد ذاته بل إن التشهير هو كل شيء”.

(3) إن العنف بأنماطه المتعددة المادية والرمزية واللفظية والخطابية هو جزء لا يتجزأ من الأنساق السياسية والدينية والأيديولوجية والاجتماعية والثقافية.. إلخ في المجتمعات الإنسانية، ومن ثم تنتج أشكالاً متعددة ومركبة من الاستبعادات والإقصاءات لفئات وشرائح اجتماعية، وقومية، ولغوية، ودينية، ومذهبية، وعرقية، ومناطقية عديدة، يترتب على الإقصاءات والاستبعادات السياسية والثقافية والدينية والسياسية تراكم الإحباطات والإحساس بالظلم والحقد والكراهية والغضب لبعض العناصر المستبعدة، وينتج من التراكمات النفسية والاجتماعية والسياسية المحبطة توليد دوافع عدوانية، ومن ثم إنتاج مركب من العنف الذي قد يتخذ وجوهاً احتجاجية أو تمردية أو إرهابية أو فوضوية بما يؤدى إلى المساس بأهداف بشرية أو رموز أيقونية للقوة السياسية أو الدينية أو الاقتصادية لدولة ما أو جماعة عرقية أو قومية أو لغوية أو قادة سياسيين أو كتاب وصحفيين ومبدعين أو أشخاص عاديين يتحولون إلى أهداف بشرية لأعمال العنف، والإرهاب لإشاعة الرعب والخوف المعمم.

(4) إن الإعلام والإرهاب يرمى كلاهما كجزء من وظائفه وأهدافه إلى السعي وراء الآخر.

(5) الأجهزة الإعلامية المقروءة والمسموعة والمرئية والإنترنت تسارع إلى السبق الإعلامي وراء الأخبار والحكايات والتحليلات ورصد الوقائع والتطورات للجماعات التي تمارس العنف الاجتماعي والسياسي والإرهابي، ومن ثم تسعى إلى متابعة حثيثة وراء المنظمات والوقائع السياسية العنيفة والإرهابية أياً كانت، بهدف تغطية وقائع العنف والاغتيالات وفاءً لحق القارئ في المعرفة.

(6) قيام بعض الأنظمة التسلطية بإنتاج تشريعات لمكافحة الإرهاب كأداة لكبح وقمع حريات الرأي والتعبير، ولإعادة إنتاج السيطرة السياسية على المجال الإعلامي والمعلوماتى والمرئي والمكتوب والمسموع و”النتى”، فالقبض على المدونين ونشطاء مواقع التفاعل الاجتماعي من على الفضاء “النتى” التخيلى، يكشف عن حالة الرعب من دعم ثورة المعلومات والاتصالات لحريات التعبير في دول ومجتمعات تهيمن عليها صفوات سياسية ديكتاتورية، وفاسدة.

(7) النشر الإعلامي عن الجرائم وتقنياتها يؤدي إلى رفع معدلات العنف الإجرامي، حيث ثبت في بعض الأحيان أن بعض أساليب التخطيط الإجرامي، ونوعية الأسلحة والمواد الكيماوية التي استخدمت في بعض الجرائم، استلهمها البعض في ارتكاب جرائم أخرى مع بعض الابتكارات أو التكييفات التقنية أو التكتيكية في ارتكاب جرائم أخرى، ولم يقتصر الأمر على دور النشر الموسع أو البث المرئى أو المسموع عن جرائم العنف كالقتل والضرب أو السرقة بالإكراه.. إلخ في نشر بعض أساليب ارتكاب الجرائم العنيفة فقط، وإنما ذهب بعض الباحثين إلى أن تقنيات ارتكاب الجرائم في بعض المسلسلات التلفازية والأفلام السينمائية أو المتلفزة تؤثر على بعض الأخيلة الإجرامية، ومن ثم تؤدى إلى إنتاج سلوكيات إجرامية تحاول أن تستلهمها حرفياً، أو عبر إدخال تعديلات على ما تمت مشاهدته في تخيلات السينما والدراما المتلفزة.

(8) إن هدف المنظمة السياسية الراديكالية التي تمارس العنف والإرهاب هو إيصال صوتها السياسي أو الديني أو العرقي أو القومي إلى الرأي العام في بلادها والعالم، ثم إلى كوادرها في المعتقلات أو السجون، أو إلى الإدارات السياسية في الدول الكبرى، بهدف التعريف بهذه المنظمة أو تلك، وفي كثير من الأحيان يكون الإعلام عن العمليات الإرهابية والعنيفة هو الإعلام عن مطالب سياسية محددة، كالإفراج عن كوادر لها في السجن أو الاعتقال أو الحصول على فدية مالية، أو تحقيق مطلب للجماعة.

أن ثمة سلبيات تنطوي عليها عملية توظيف الجماعات الإرهابية للأجهزة الإعلامية على اختلافها، ومنها:

(1) الترويج للخطاب الإرهابي على نحو يؤدى إلى تحفيز فئات اجتماعية مهمشة، أو جماعات عرقية وقومية ومذهبية إلى سلوك سبيل الخيار الإرهابي العنيف؛ للإعلام عن مطالبها الحقوقية، من ناحية أخرى قد تؤدى بعض التغطيات الإعلامية عن العمليات، وتضارب المعلومات والأخبار والقصص حولها إلى بث بعض البلبلة والغموض، مما قد يؤدى إلى هروب بعض الفاعلين أو عدم القدرة على تحديد الجهات القائمة بالعمل الإرهابي في بعض الأحيان، كما تؤدى بعض التغطيات الإعلامية محدودة المستوى والكفاءة المهنية إلى خلق تعاطف بعض الجمهور مع الإرهابي، ومن ناحية أخرى قد يشكل الإعلام في بعض الأحيان دور الوسيط بين القائم بالإرهاب والمستهدف سياسياً بالعملية الإرهابية.

(2) نقل بعض المعلومات عن نوعية الأسلحة المستخدمة وقدراتها التدميرية وخصائصها الفنية والتكتيكات الإرهابية، على نحو يثير الخيال أمام أبواب الجحيم الإرهابي والتدميرى، ومن ثم إنتاج أخيلة إرهابية جديدة حول الأهداف والعمليات.

(3) إن التقنية المعلوماتية المتطورة لاسيما على شبكة الإنترنت ومواقعها المتعددة والجيل الثالث من الهاتف النقال وما بعده تلعب دوراً بالغ الأهمية والخطورة معاً في بعض الأحيان في تيسير عملية نقل التعليمات الإرهابية للخلايا النائمة أو النشطة، أو بناء اتصالات جديدة مع جماعات حليفة، وأيضاً في ترويج بعض عناصر ومكونات ثقافة العنف والإرهاب وتقنياته عبر نشر أساليب ووسائل صنع الأسلحة والمتفجرات، فضلاً عن منظومة التبريرات الدينية والسياسية والعرقية والقومية من الأنشطة العنيفة.

(4) تلعب بعض وسائل الإعلام عبر بعض أساليب تغطية الحوادث الإرهابية المتعاطفة دوراً إيحائياً وتخيلياً وتحفيزياً لعناصر تنتمي إلى أجيال جديدة وتدفعها إلى الانخراط في مجموعات عنف وإرهاب قائمة أو تشكيل أخرى، وفي هذا السياق تتولد أفكار ومشروعات وأهداف من تدفق بعض الأخبار والمعلومات والتحقيقات والمقالات والمقابلات حول العمليات الإرهابية والقائمين بها وأفكارهم، ومطالبهم القومية أو الدينية أو المذهبية أو العرقية.. إلخ، ومن ثم تطارد من قبل أجهزة استخبارات عربية في حرب معلوماتية وتقنية متطورة، تبدأ من إغلاق مواقع أو الهجوم عليها.

(5) بعض الإعلام الحر وفضاءاته المتعددة المرئية والمسموعة والمكتوبة والإنترنت، راكمت نسقاً ثقافياً للعنف والإرهاب على أسس دينية ومذهبية وقومية وعرقية وأيديولوجية، ويشكل مركب المعلومات والتحفيزات والتدبيرات للعنف على أسس دينية أو عقائدية أو قومية.. الخ، أحد محفزات إشاعة رأسمال عنفي وإرهابي بين بعض مستهلكي هذه المواد، سواء المنخرطون في المنظمات الدينية والسياسية الراديكالية ونظائرها ومثالها العرقي والقومي، أو هؤلاء الذين يعانون من الاضطهاد الديني والقومي والعرقي ولديهم مطالبهم ورؤاهم الاحتجاجية، فالرأسمال العنفي والإرهابي يشكل ركيزة حركة وإطار رؤية وخبرة وأخيلة قابلة للتطوير وبث الحياة والدينامية في أعطافها العنيفة والإرهابية.

من ناحية أخرى ساهم الإعلام الحر في إشاعة وعى سياسي بخطورة الأنشطة الإرهابية والعنف الديني والعرقي على الأمن والاستقرار وعلى الأبرياء والمبدعين وخلق رأى عام مضاد للجماعات الراديكالية التي تمارس العنف والإرهاب أياً كانت، فقد اتفقت نتائج دراسة بعنوان “تأطير المشاعر المعادية للإسلام بعد الحادي عشر من سبتمبر” مع نتيجة الدراسة السابقة، مشيرة إلى أن وسائل الإعلام الغربية أبرزت مشاعر الكراهية للمسلمين، وأطرت الصورة المقدمة عن الإسلام ضمن صناعة الرأي العام السياسي الأمريكي، حيث أبرزت صورة الإسلام كونه إرهاباً (12) .

§ هوية التفكير الاستراتيجي الغربي تجاه العالم الإسلامي :

تعد الولايات المتحدة مجتمعاً من المهاجرين متعددي الأعراق والثقافات، وكان الأمريكيون الذين أعلنوا استقلال الولايات المتحدة عن الاستعمار البريطاني في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي مجموعة متجانسة من المستوطنين البروتستانت الذين توافدوا إلى العالم الجديد من أوروبا وبريطانيا، وتقوم الهوية الأمريكية على الدين المسيحي واللون الأبيض والثقافة الإنجليزية البروتستانتية، واستفادت الهوية الأمريكية تاريخياً من حروبها ضد الهنود الحمر والمستعمرين الفرنسيين ثم البريطانيين مروراً بالحرب الباردة وصراع الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتي في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث لعب هذا العداء دوراً في وحدة الأمريكيين وصحوتهم دينياً، وما يمكن أن يلعبه الدين على الساحة الدولية كعدو قادم، حيث أن مفاهيم الهيمنة اختلطت بتحولات النظام الدولي لخدمة صانع القرار الغربي، خصوصاً بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فالتأثير الديني في السياسة أسهم في تشويه الممارسة السياسية الغربية تجاه مصر.

فالمركب الثقافي والتاريخي والسياسي بين الدين والسياسة عمل على تفسير سياسة الغرب تجاه العالم الإسلامي أمنياً واستراتيجياً حيث مَثل بروز الإسلام كقوة شعبية قادرة على تعبئة وتحريض الجماهير الأوسع في البلدان العربية والإسلامية خطراً على المصالح الغربية والأنظمة التي ترعاها؛ لهذا كان لابد من وضع الظاهرة الإسلامية تحت المجهر إعلامياً.

فقد صار الخبر الأكثر إثارة هو الذي تصنعه التنظيمات الإسلامية، خاصة الإرهابي منها، بما يجذب الإعلامي والمتابع معاً، كما يحدث الآن من تنظيم (داعش) الذي أصبح على الأجندة السياسية العالمية، ويصاحبه اهتمام إعلامي وثقافي واسع شكل فوبيا الإسلام السياسي وحركات ما بعد الإخوان والخروج بالتحليل السياسي والفكري حول الكثير من حركات الإسلام السياسي الحديثة(13).

فإذا كان العالم الغربي يتعامل مع هذه الحالة الإسلامية بالنظر إليها على أنها الخطر الذي يعوق تفوقه الحضاري والعسكري؛ لهذا يخضعها للدراسة والبحث والمتابعة الاستخباراتية، فإن واقعنا العربي والإسلامي يتعامل مع هذه الحالة من صميم تكوينه الفكري؛ مما يجعل لها أثراً كبيراً وخطيراً في تحديد مستقبله في العالم.

§ الإسلام العدو القادم:

شغل العديد من المفكرين الأمريكيين في فترة ما بعد الحرب الباردة سؤال حول: من هو العدو القادم؟، حيث برزت العديد من النظريات والأفكار التي طرحت الإسلام كأحد التحديات القائمة في ضوء الصراع الحضاري القائم بين الغرب والشرق، وجاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتحسم الجدل وتملأ الفراغ الاستراتيجي ليتجسد في الإرهاب المرتدي ثوب الإسلام(14).

§ حيث يرى “صموئيل هنتينجتون” المفكر والأكاديمي الأمريكي في تعريفه للعدو الإسلامي أن الإسلاميين دخلوا في العقود الأخيرة حروباً طالت البروتستانت والكاثوليك ومسلمين آخرين وهندوساً ويهوداً وبوذيين وصينيين، وأن المسلمين حاربوا في كوسوفا والبوسنة والشيشان وكشمير وفلسطين والفلبين، وأن مشاعر المسلمين السلبية تجاه أمريكا زادت في التسعينيات، وأن الشعوب الإسلامية لم تتعاطف مع الأمريكيين بعد الحادي عشر من سبتمبر، وأن عداوة الشعوب الإسلامية لأمريكا عميقة وليست بسبب إسرائيل، فهي مدفونة في الحقد على الثروة الأمريكية، والسيطرة الأمريكية، والعداء للثقافة الأمريكية في شقيها العلماني والديني، وينهي هنتينجتون فكرته بتوقع دخول أمريكا حروباً مع دول وجماعات مسلمة في السنوات القادمة؛ مما يرشح الإسلام بشكل واضح للعب دور العدو الأساسي والكبير الذي يوحد الأمريكيين ضده (15).

§ وتؤكد كتابات المفكرين الغربيين حضور البعد الثقافي الذي يؤمن بالصراع الثقافي بين الغرب الذي يعمل من منطلق التعددية العلمانية، وبين الإسلام الذي يؤمن بالتوحيدية الأحادية المنغلقة (16).

§ فقد ركزت خطابات النخبة على أن الفكر العربي المعاصر محكوم بالنموذج السلفي الذي يحتفظ بالتعارض بين الشرق والغرب في إطار التعارض بين الإسلام والمسيحية، وتُرجع السلفية ذلك إلى أن عدم إخلاصنا إلى الله هو السبب الرئيس في ضعفنا، كما أنها تري أن الفصل بين عقيدة الإيمان الجوهرية ومرحلة الكفاح ضد الاستعمار ينعكس على غزو الخطابات المنادية بالكفاح ضد الاستعمار بتعابير العدالة ضد عدوانية الغرب المسيحي وإمبرياليته(17).

§ خطابات الإسلام السياسي تتسم بالرجعية والجمود :

ينظر الخطاب التقدمي إلى خطابات الإسلام السياسي بأنها تتسم بالانحطاط والشكلانية والجمود والرجعية والوعي الزائف(18)،ليس لديها برنامج عمل محدد أو هدف يلتقي على أساسه المسلمون فهي غير مؤثرة ولا فاعلة، فهي تضحي بالواقع لصالح النص، حيث تهدف إلى العنف وإلغاء الطرف الآخر وتدميره، فهي خطابات لا تؤسس نفسها على الحوار، إنما تؤسس في إطار الغرابة السياسية تحت سقف التاريخ لنبذ الآخر، من هنا فإن هذه الخطابات ما هي إلا حركات هيستيرية يجب قمعها بالتعاون مع السلطة، فهي تقف كعائق أمام النظرة الشمولية لواقع العالم العربي والفهم الموضوعي لظاهرة الحركات الإسلامية المعاصرة (19).

وبذلك يمكن القول أن الخطابات التي تشكلت في فترة عام الجماعة اتسمت بالرجعية والجمود والانحطاط والشكلانية وعدم التوازن، حيث بدت جماعة الإخوان مختلفة في رؤيتها تجاه الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من حيث نظرتها العقائدية التى تقوم على التبشير بنهاية الغرب، وهى رؤية تضع الجماعة في خانة التطرف،والاحتقان السياسي لبعض الدول العربية باعتبارها حاضنة للإرهاب(20) وثقافته (21).

فالدولة الدينية طائفية بالتعريف الغربي لمفهوم الفوضى واضطراب المعايير التي تحكم سلوك الدول والجماعات التي تنشط أيديولوجياً بأفكار ذات طبيعة متطرفة من منظور فلسفات ثورية ورؤي صراعية تتسم بدرجة عالية من الفوضى واضطراب المعايير التي تحكم سلوكها فيما يتعلق بالعنف(22)، مما انعكس على إخفاق الإخوان سياسياً واعتبارهم من الحركات الإرهابية في العالم(23).

كما حدث في خطاب الرئيس الأسبق مرسى ضد إسرائيل قبل الانتخابات الرئاسية، وقلق واشنطن بشأن هذه التصريحات التي تهدد الأمن القومي الإسرائيلي الذي تقف الولايات المتحدة الأمريكية ضامنة له،وبعد الانتخابات الرئاسية أعلن الرئيس الأسبق مرسى احترام معاهدة السلام مع إسرائيل، وهو عكس ما كانت تصرح به الجماعة على أن هذا يعد تخويناً في نظام الرئيس الأسبق مبارك، ويعد هذا التحول في خطاب الجماعة انقلاباً في العلاقات مع الولايات المتحدة وإسرائيل، وهذا ما جعلها تخون مسئولياتها أمام الأمة والتاريخ التي ادعت أنها جاءت من أجلها، فقد غلبت على الجماعة المصلحة التنظيمية على المصلحة الإسلامية العليا، بحيث صار الحفاظ على التنظيم الكبير هدفاً في حد ذاته، فهذه الجماعة كادت تغير التاريخ في مصر بعد توليها سدة الحكم، لكن حالة النفور والشقاق هى ما جعلت الرفض لها هو المسيطر على الشارع المصري الذي أدرك حقيقة هذه الجماعة في التسلط والاستعلاء للوصول إلى سدة الحكم دون النظر لمصالح الشعب(24).

عدم تقبل الآخر:

القيد الديني للتيار الديني الذي يريد أن يحتكر الحق في فهم الإسلام وتفسير النص الشرعي(25)، جعل خطاب الإعلام الإسلامي يتبني عدم تقبل الآخر من خارج الحيز الإسلامي في إطار التمايزات الفكرية والثقافية والسياسية داخل الطيف الإسلامي.

وذلك للأسباب الآتية (26):

· خروج الإعلام الإسلامي من رحم الصراعات؛ مما جعله ليس هادئاً في ظل سيطرة العولمة على المسلمين وضعفهم؛ مما جعله يعيش حالة من التردد الاجتماعي والفكري.

· عدم امتلاكه للرؤية الموضوعية التي تجعله صريحاً وواضحاً في مسايرة التيار الليبرالي والعلماني والتيارات السياسية المختلفة الأخرى.

· الاعتقاد بامتلاك الحقيقة المطلقة، وهذا عيب أخلاقي من نتاج التكوين الفكري، فالإعلام الإسلامي يعتقد أنه المعيار الحقيقي لما يجب أن يحتكم إليه الرأي؛ ومن ثم فلا رأي غيره، فهو المحصن من الخطأ والمتصف بالكمال.

· الشعور التاريخي بالاضطهاد، وانعكاس ذلك في سياسة التعبير والنشر، فعادة يبحث المتطرفون نفسياً عن عباءة فكرية تناسب نوازعهم الوجدانية الحادة(27).

· تعزيز نظرية الخلاف على أدب الاتفاق فهو ناشط في تكريس الخلاف حول قضايا تهم المسلمين.

· في غالبه متحزب، ولهذا فإن مساحات التسامح فيه محدودة.

· أسير التقاليد والعادات، ولا يستطيع تصحيح المفاهيم المغلوطة عنه،فيقبل بالانطباعية حول بعض الدعاة السياسيين وما شابه ذلك.

· يتعامل مع الآخر في إعلامه بمسببات سلبية في فهم المقدس والثوابت، رافعاً شعاراً في وجه من ينادي بإعلاء قيم الحوار مع الآخر مقروناً بالتحذير من ذلك، باعتباره يقدم الشريعة الإسلامية كأنها عاجزة عن مواكبة العصر وتقديم رؤى متجددة، مما جعله يتوقف عن مسايرة الزمن فيما يقدمه من معالجات عبر قنواته وصحفه(28).

· حماسة التوجه والحذر المرضي منعا كثيراً من المسلمين من الاستفادة من ثمرات الحضارة الغربية من خلال الخطاب العاطفي التحذيري الذي حول الدين الإسلامي من خطاب حضاري إلى خطاب منهزم، ومن استشراف المستقبل إلى الرجوع للماضي، ومن خطاب يعالج التحدي بالمبادرة المتكافئة إلى خطاب يعالج بالرفض المتشنج وفق منطق البطولة الانتحاري الذي يرفض كل شيء مغاير لرأيه(29).

في حين تشكلت قراءة المستشرقين حول ظاهرة الإسلام السياسي في وجود علاقة بين النفط والإسلام السياسي في إطار الدور الداعم الذي قدمته بعض الدول العربية لقادة التيارات الإسلامية؛مما جعلها ظاهرة ظرفية، تفتقد الزعامة في خطاباتها إلى شخصيات كاريزمية ارتبطت بتنظيماتها،في ظل غياب مشروع فكري سياسي؛ مما يجعلها آيلة للسقوط(30).

الإسلام السياسي ليس من صنع الإنسان :

ويرى البعض أن الإسلام السياسي لا يحتفي بالوطن كونه من عمل الإنسان، وهو لا يحتفي أصلاً بالإنسان كونه ناتجًا للعقل، وهو لا يحتفي جوهريًا بالعقل كونه خلاصة للتجربة التاريخية، وهو يحتكر التجربة والتاريخ باعتبارهما ليسا إلا تجسيداً للمدنس، حيث تلعب الأفكار الكبرى دورها المحفز في التاريخ بأقدار مختلفة في مراحل مختلفة (31).

ويري بعض الكتاب والمتخصصين المستشرقين أن ثمة عناصر تُفضي إلى بروز العالم الإسلامي في العلاقات بين الإسلام والغرب، منها(32):

· تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في كثير من الدول الإسلامية سوف يهيئ للحركات الإسلاموية سيادة وسلطة كبيرين.

· نظرًا لأن الشرق الأوسط وغيره من المناطق يتعرض لتغيير سياسي واقتصادي متسارع خلال العقد القادم؛ فإن التوترات الناجمة عن التغيير ستؤدي ولو على المدى القصير إلى زيادة جاذبية الجماعات الإسلامية في دول كثيرة.

لذلك يقترح ” هاليداي” لتخفيف ما يصور على أنه نزاع بين الغرب والعالم الإسلامي برنامجًا مزدوجًا يشمل:

· فصل الصعوبات الواقعية من تدهور اقتصادى وسياسي وأزمات اجتماعية عن تعبيراتها الدينية المشوشة، ثم التصدي لهذه المصاعب ذاتها في ظل مفهوم كلى للعلمانية والتنمية.

· على أوروبا الغربية أن تضع سياسة متوازنة ذات جانبين إزاء القضايا التي يلخصها تعبير الإسلام.

فلا يزال العرب اليوم مسكونين بالتاريخ الذي يشكل الخارطة الرئيسية لتفكيرهم دون النظر إلى ما يحدث الآن من صراعات الإسلام السياسي الذي ساهم في ترسيخ رؤية أحادية للفكر العربي المعاصر اقتصرت فيها العودة على تيار بعينة عمل على تكوين رؤية فكرية مغلوطة مع الآخر حول الإسلام(33)، مما انعكس على كون الصحوة الإسلامية لحركات الإسلام السياسي كرست نوعاً من التأزم وأنتجت العنف، مما جعل هناك هدماً للحداثة وتأزماً للمجتمع العربي والإسلامي باختناقات فكرية وسياسية، جعلت العالم الإسلامي يقف على مسافات ملتبسة في قبوله بالديمقراطية التي رفضت قبول الإخوان في سدة الحكم لفشلهم؛في إرساء التجارب الديمقراطية للإسلاميين كونها التزاماً كحكم شرعي يعمل به المجتمع(34).

نماذج الإسلام السياسي في مصر بعد الثلاثين من يونيو:

1- المصير والمستقبل لتجربة حكم الإخوان في مصر:

شهدت العقود الأخيرة العديد من التطورات والتغيرات، منها الانخراط السياسي في الدين وتعاظم دوره، حيث لعب الإخوان في السنوات الأخيرة دوراً أساسياً في الحياة السياسية في مصر بعد خوضهم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بما سمى عام الجماعة(35) بعد المطالبة الشعبية بعزل الرئيس محمد مرسي في 30 يونيو 2013، وترجع جذور الجماعة التاريخية إلى القرن الماضي منذ تأسيسها في عام 1928 على يد حسن البنا لتتحول من حركة هلامية التنظيم وفردية القيادة إلى مؤسسة سياسية متماسكة نشطة تبنت الوسائل والآليات السلمية للدعوة والخدمات الاجتماعية، ومتطرفة لاتخاذها وسائل النظام السري المسلح،في حين تشكلت حركات الإسلام السياسي(36)الأخرى في جماعات التكفير والهجرة، وجماعة الجهاد، وجماعة أنصار بيت المقدس التي اعتبرت مصر هدفاً مفضلاً للجماعات الإرهابية خاصة بعد ما شهدناه في السنوات الثلاث الأخيرة والتي مثلت مؤشراً على استمرار جاذبية الأيديولوجيات الرافضة لها صفوف الشارع المصري(37).

فقد أظهرت قوى الإسلام السياسي قدرة كبيرة في إيصال رسالتها إلى قاعدة جماهيرية عريضة،في إطار تطوير خططها واستراتيجياتها وطرح أفكارها على أنها حل بسيط للأزمات والاشكاليات الموجودة على الساحة السياسية، حيث تشكلت أعمالها في إطار العنف ونبذ الآخر، ويرجع ذلك إلى الإشكالية التاريخية التي انطوت عليها ظاهرة الإسلام السياسي، فضلًا عن الإسهامات الأوروبية الفاعلة والمهمة التي ارتبطت بالثورة الصناعية منذ أواسط القرن الماضي، وترتب عليها ازدهار أوروبا على نحو جعل منها نماذج متقدمة تتعاطى مع المجتمعات الأخرى بمعايير متعددة ومهمة(38)، الأمر الذي جعل جميع الدول الغربية بمثابة كتلة صماء تدين بالمسيحية، على الجانب الآخر نجد تراجع على مستوى العالم العربي والإسلامي لم تستنهضه مقومات النهضة بقدر ما تحكمت فيه مذاهب ورؤى ترجعاً إلى الفكر التعبوي والديني أمثال ابن تيمية وسيد قطب وحسن البنا وهي رموز لها مواقعها في التفسير والفقه، لكنها رأت أن الدين بأحكامه لا يخضع إلى العقلنة، من هنا صارت الأحكام بمثابة أدوات ردع أكثر من كونها وسائل ومعالم للنهوض الفكري والذهني(39).

على الجانب الآخر نجد أن الإشكالية التاريخية للتيارات السلفية بكافة أطيافها التى انتهجت طاعة الحاكم ووجوب الطاعة، رأت من خلال استشرافها لمستقبل السلفية أنها كادت تختفي من المشهد السياسي نظراً لرفض الشارع المصري في الفترة الأخيرة لتيارات الإسلام السياسي بعد أحداث ثورة الثلاثين من يونيو 2013، فحذرت ونصحت وأوجدت البدائل للحيلولة دون حدوث ذلك(40)، حتى إنها كانت بمثابة الإعلان عن ميلاد دولة بلا دين ودين بلا دولة، حيث تم الفصل بعلمانية عمت أرجاء القارة الأوروبية ولا تزال حتي اليوم وهي تحاصر أشكال التسلط كلها باسم الدين(41)، وبذلك نجد أن الاستشراق بالغرب أدى إلى رؤية الثقافة الإسلامية كشىء ثابت في الزمان والمكان واعتبارها غير قادرة على تحديد ذاتها، وهذا ما أعطى أوروبا إيماناً بتفوقها الذاتي فكرياً وثقافياً ومن ثم زعمها أنها تقوم بتثقيف وتمدين الشعوب الشرقية في إطار الوصف المضلل للثقافة العربية الإسلامية والنظرة السلبية، وقد تم نشر هذه المعرفة السلبية بواسطة صور نمطية عن الذهنية العربية والمجتمع الإسلامي والروح الشرقية(42)، في إطار الهيمنة على وسائل الإعلام والتأثير في نشر رسالتها عن المجتمع الإسلامي(43).

وبذلك نجد الإشكالية التاريخية بدءًا من القرن الثامن عشر الميلادي، وهو القرن الذي تكونت فيه الامبراطوريات الأوروبية ثم بدأت تتحد خلاله عبر العالم عن طريق الاستعمار، وذلك بأساليب مختلفة، وتكوين صورة سلبية عن بلاد الشرق. من هنا بدأت تتشكل الرؤى الاستشراقية والمراد بها علم الاستشراق(44) حول الصورة السلبية عن الإسلام في الغرب من السبعينيات بعد حرب أكتوبر وقطع الإمدادات البترولية عن الغرب؛ وهو المورد الرئيسي للعيش هناك، وبما أن معظم العالم العربي مسلم تكونت صورة سلبية عن الإسلام في الإعلام الأمريكي وانتقلت نفس الصورة للدول الأوروبية، على الجانب الآخر تشكلت نفس الصورة السلبية عن الإسلام بعد الثورة الإيرانية حيث كان تصرف الخوميني ومن حوله الذي لم يفهمه الغربيون؛ لأنه كان رافضاً لكلٍ من النظام السياسي الشيوعي والرأسمالي الذي كان يقدمه الغرب حينذاك، وهكذا ارتبط مفهوم الإسلام بالأصولية وبعدم القدرة على فهم الآخر، من هنا تجسدت كراهية الإسلام باعتباره قوة عالمية مؤثرة(45).

لذلك يمكن القول أن أهم الظواهر التي تملأ ساحات الآفاق العربية والدولية والمصرية هي الأصولية الدينية ومشكلاتها المتعددة والتي استفاد منها الأخرون كصورة سلبية عن الإسلام(46)،ولعل أهم ملمح من ملامح هذه الظاهرة ليس الدعوة إلى العودة إلى الأصول النقية للدين، وإنما في خلط الدين بالسياسة كما يتبين من المشروع السياسي لجماعة الإخوان،وهذا الخلط المعيب دفع قادة وأنصار هذه الحركات إلى صياغة مشروع سياسي له هدف استراتيجي هو قلب الدولة المدنية الراهنة، سواء بالعنف أو باستخدام آليات الديمقراطية ممثلة في الانتخابات لتأسيس دولة دينية تحل محلها وتطبق فيها الشريعة الإسلامية حسب تأويلاتهم المنحرفة؛ سعيًا لتأسيس الخلافة الإسلامية من جديد،في محاولة يائسة لاسترداد الحلم المفقود،لتبدو خطورة الأصولية الدينية في مشروعها السياسي المتطرف فقط الذى هو أشبه بجملة اعتراضية عنيفة على المسار الديمقراطي العلمانى الذي يفصل فصلاً حاسمًا بين الدين والدولة، وليس بين الدين والمجتمع، ولكن خطورته تبدو في تزييف وعي عشرات الألوف من الشباب وغزو عقولهم ببضعة مبادئ تتسم بالجمود الفكري، وتفرض عليهم الانصياع التام لها عملاً بمبدأ السمع والطاعة،بالتالي تساعد هذه الجماعات المتطرفة على خلق عقل تقليدي يصطدم سريعاً بمقاومة التيارات الأخرى، ولا يتردد في استخدام العنف، ليس ضد السلطة فقط ولكن ضد الشعب ذاته، كما هو الحال في مصر التي تحولت فيها جماعة الإخوان إلى جماعة إرهابية صريحة تمارس بشكل منهجي الاعتداء على السلطة وترويع الشعب، وبدون استثناء لا تقتصر مخاطر حركات الإسلام السياسي على السياسة الداخلية في مصر فقط، ولكن تمتد آثارها الضارة إلى مجال السياسة الخارجية للدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية(47).

دور الكنيسة في مواجهة الإسلام السياسي:

نجد أن دور الكنيسة الأكثر سمواً في التاريخ، فقد تمثل في الدفاع عن استقلال مصر الوطني ضد جميع محتليها، وفي المقابل يختفي هذا الإيمان بمصر لدى الجماعة الإخوانية، التي طالما أعلن قادتها انتماءهم لمشروع أممى يتجاوزها، يصبح فيه المسلم ولو كان شرق آسيوى أخًا وشقيقًا ومواطنًا حقيقيًا، أكثر من القبطي المصري أو حتى المسلم العلماني الليبرالي. بل وأفصح بعضهم عن حلمهم المثير بخلافة إسلامية، عاصمتها القدس لا القاهرة، تلك المدينة التي يمكن اعتبارها عاصمة للتاريخ وليس لمصر وحدها منذ كانت منف وهليوبوليس، ثم الفسطاط وصولاً إلى القاهرة الفاطمية، فالخديوية الحديثة، كما هو واضح غياب الإيمان بالوطنية المصرية في ذلك التباين الحاد بين الذاكرة النفسية للجماعة، والذاكرة الوطنية للمصريين.

فما يعتبره عموم المصريين مسلمين وأقباطاً، ثورات وطنية مثل 23 يوليو و30 يونيو تعتبره الجماعة محض انقلابات أفضت إلى هيمنة العسكر، وما يحفظه وعي المصريين لجيشهم من انتصارات مجيدة كحرب أكتوبر، اختلطت فيها دماء المسلمين بالأقباط في لوحات فداء تتناساها الجماعة أو تطويها خلف هزيمة يونيو العسكرية السابقة على النصر، في فهم عكسي لحركة الزمن، وإدراك غبي لروحانية الوطن، وعندما وصلت الجماعة إلى سدة الحكم على أكتاف ثوار 25 يناير، وتصور المصريون أنها لطول مزايدتها على حكام يوليو بإسم الوطنية المصرية، سوف تسقط اتفاقية السلام مع إسرائيل، وربما تقطع العلاقة مع الولايات المتحدة، لتشن الحرب ضد الجميع، فاجأنا رئيسها المعزول بتحول أسطوري نحو صداقة الأعداء مخاطبًا رئيس إسرائيل خطابًا حميمًا، ومقدمًا لحكومتها ضمانات دأب نظام مبارك على رفضها، وعندما انتفض المصريون ضد حكمها، أخذت تستعدي عليهم الولايات المتحدة الأمريكية بكل أشكال التزييف الممكنة، بل وتدعوها إلى التدخل ضد جيشها!.

2- تجربة داعش في مصر:

تأتي فكرة إطلاق مشروع “الدولة الإسلامية” كعصب لتأسيس تنظيم “داعش” الإرهابي الذي يرى نفسه ممثلاً حصرياً عن الإسلام والمسلمين، وأن ما يقوم به وينطلقون منه هو الإسلام الصحيح الذي يخدم مصالح الأمة ويحقق عزها(48)، وأن دولتهم تجمع ما بين الشام والعراق في دويلة دينية، والتي أخذت مفهوم الجهاد العقدي الذي خرج من رحم المؤسسة السلفية الوهابية بكل طوائفها، وكان للتخطيط والتدريب والتسليح من قبل المخابرات المركزية الأمريكية دور رئيس في ولادة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) وأخواتها مثل جبهة النصرة فرع القاعدة في سوريا أو ما يطلق عليه”الجبهة الإسلامية” وغيرها من المنظمات الإرهابية في مختلف البلدان العربية والأفريقية مما جعل الولايات المتحدة تتباهى بمشروعها في الشرق الأوسط الجديد القائم على أسس عرقية ودينية وطائفية، والمتوازي مع ما يدبر للعراق من مشروع التقسيم منذ احتلاله أمريكيًا، حيث أخذت فكرة إطلاق مشروع “الدولة الإسلامية في العراق والشام” الإعلام الأمريكي، بل والخطاب السياسي الأمريكي الذي يختزلها عمدًا إلى اسم الدولة الإسلامية بدلاً من “الدولة الإسلامية”في العراق والشام لتكون النظير الإسلامي لمشروع الدولة اليهودية الذي تطالب به حكومة نتنياهو في فلسطين المحتلة وتؤيده بقوة إدارة الرئيس السابق باراك أوباما(49).

لذلك يمكن القول أن “داعش”استخدمت أسلوب “طالبان”في إثارة الحقد على الإسلام على نحو ما يحدث من ترويج إعلامي متعمد لمشاهد ذبح الرهائن جعل هذا التنظيم الأغنى بين المنظمات التكفيرية الأخرى بعد ما سُمح له بالسيطرة على البنك المركزي العراقي وبيع النفط على الحدود العراقية التركية (وهى المستفيدة الأوروبية؛مما يحدث في البلدان العربية لدعم تخيلاتها بنشر المشروع العثماني التركي في الوطن العربي)، فقد لعبت تركيا وإسرائيل دورًا محوريًا في خدمة وتدريب ودعم هذا التنظيم خاصة خدمات التدريب والاستشارة والعلاج في المستشفيات التركية والإسرائيلية.فمنذ 30 يونيو 2013 وجماعة الإخوان تحمل على عاتقها الحرب بالوكالة ضد المؤسسات العسكرية والشرطية المصرية، حيث أكدت صحف أجنبية وعربية أن الجيش المصري لم يعد مجرد فكرة في عقول قيادات الإخوان أو مناصريهم من الجماعات التكفيرية التي أصبحت واقعًا ينتظر ساعة الصفر على الحدود الغربية المصرية (50).

كما أكدت برامج الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب تبني آليات عسكرية والتعاون الأمني في مجال تأمين الحدود، أيضًا تبني برامج تشديد المراقبة على وسائل الاتصال عبر الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي والسيطرة على تدفق الرسائل من خلالها(51).

من المعلوم أن الإسلام السياسي خلال مرحلة ما قبل ثورة الثلاثين من يونيو قد أفرز بشكل أو بآخر نمطاً فكرياً متعارضاً مع السياق التاريخي والسياسي لمجمل ما ذهبت إليه تلك الثورة باعتبار أن الإسلام السياسي في المجمل لم يتفهم أو يدرك الحقائق السياسية والاقتصادية، فضلاً عن عدم تفاعله من الناحية الإستراتيجية والأبعاد الدولية التي تعد أحد أهم تفاعل أي ثورة في إطار التغيير المنشود؛ من هنا فإن الإسلام السياسي لا يعد فحسب عائقاً يحول دون اندماج القوى الثورية التي تطالب بحتمية وضعية الثورة في إطارها الشرعي مما ساهم في تأجيج المشاعر إزاء حتمية التصدي للإسلام السياسي على نحو ما ذهبت إليه معايير الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي.

ونجد أن هناك من استفاد من هذه الصورة السلبية عن الإسلام وهي إسرائيل التي كان يقدمها الغرب في الإعلام على أنها دولة متوازنة ومعتدلة، وبذلك فإن من مصلحة الغرب أن يظهر الإسلام في هذه الصورة السلبية طبقاً لتوجهات غير مباشرة تعمل على اتحاد المواقف والرؤى تجاه القضايا الخارجية للعالم الإسلامي؛مما يعكس من الناحية المنطقية أن هذه الصحافة لا تنظر إلى ما جرى على أرض الواقع على أنه ثورة، وهذا في ذاته يكشف عن اتجاهات متعارضة وغير منطقية، ويعكس في كثير من الأحيان توجهات سياسية لا تخدم الحقائق التي جاءت على خلفيتها تلك الثورة، مما يعنى في النهاية أنها صحافة تكرس مضموناً فكرياً أدى في النهاية إلى حدوث هذا التعارض الغريب في مواقف تلك الصحافة وهو واقع صادم للرأي العام الداخلي في مصر.

هوامش الدراسة:

[1]- أمين شعبان أمين، الاستراتيجية الأمريكية تجاه حركات الإسلام السياسي في مصر، مركز المحروسة، ط:1، 2015، ص:21 .

2- أبو مأمون الخليل،”توظيف الإعلام في محاربة الخلافة والإعلام”،مجلة الوعي، العدد 244، السنة 21، حزيران 2007، متاح على :

Available at: http://www.al-waie.org/issues/244/article.php?id=518_0_40_0_C , on 22/7/2015.

3- Are Knudsen, “Political Islam in the Middle East “, Chr. Michelsen Institute Development Studies and Human Rights,2003, p p: 1-2.

4- David Cook , “Understanding Jihad” , University Of California Press Berkeley Los Angeles London, p p 1-4, Available at: http://www.thedivineconspiracy.org/Z5231Q.pdf.

5- السيد يسين، “فيتو على عصر الإخوان .. نقد العقل المغلق”، مرجع سايق ، ص 5 .

6-Peter Mandeville ,” Global Political Islam”,( Rutledge :USA- Canada), 2007,p p:237-275.

7-Fathi Osman ,” Occasional Paper Series Islam in a Modern State: Democracy and the Concept of Shura ” , Center for Muslim-Christian Understanding History and International Affairs Edmund A. Walsh School of Foreign Service Georgetown University Washington , 2005,p p 18-19,

Availableat:http://www.usc.edu/schools/college/crcc/private/cmje/issues/more_issues/Islam_in_a_Mod-ern_State__Democracy_and_Shura.pdf

8- صلاح الدين حسن،” شهادة حية: الجماعة الإسلامية تنظيم يواجه شبح الانقراض”،مجلة آفاق سياسية : المركز العربي للدراسات والبحوث، العدد الرابع، أبريل 2014، ص ص : 102-103 .

9- نبيل عبد الفتاح، الرؤى الملتبسة: ” الإعلام والإرهاب، المركز العربي للبحوث والدراسات، 5/4/2014، متاح على :

Available at: http://www.acrseg.org/3703,on 31/7/2015.

10- شريف درويش اللبان،”المهاجرون إلى الإنترنت والمحبوسون فيه: توظيف جماعة الإخوان لوسائل الإعلام التقليدية والجديدة ” ورقة بحثية في مؤتمر مستقبل حركات الإسلام السياسي في الوطن العربي،المركز العربي للبحوث والدراسات، ص ص : 277- 300 .

11- منير أديب، “أنصار بيت المقدس والإخوان .. تنظيم ولد في حضن الجماعة أم جماعة ساعدت على ولادة التنظيم ؟”، آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد الخامس، مايو 2014 .

12- Christopher Smith,” Anti-Islamic Sentiment and Media Framing during the 9/11 Decade”, Claremont Graduate University: Journal of religion & society, vol.15, 2013 .

Available at:http://moses.creighton.edu/jrs/2013/2013-3.pdf

13- نواف القديمى، ” خارج الحياد .. رأي : فوبيا الإسلام السياسي وحركات ما بعد الإخوان ضمن كتاب: الإسلاميون.. سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة “، (المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011، ص ص: 75- 78 .

14- نسمة شريف محمود شرارة،” الفكر الاستراتيجى الأمريكى تجاه العالم الإسلامى بعد أحداث الحادى عشر من سبتمبر: دراسة فى بعض مراكز الفكر الأمريكية “، رسالة ماجستير، ( جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، 2010، ص 134.

15 – علاء بيومى، دور الإسلام في تشكيل الهوية الأمريكية من وجهة نظر صموئيل هنتينجتون، متاح على :

http://www.alarabnews.com/alshaab/2004/06-08-2004/3.htm

16- نزيهة أحمد تركى، البعد الدينى في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه الشرق الأوسط 2001 – 2008، رسالة دكتوراه، (جامعة القاهرة : كلية الاقتصاد والعلوم السياسية)، 2011، ص 52 .

17- عبد الله العروي : ترجمة محمد عيتاني،” الأيديولوجية العربية المعاصرة “، ( دار الحقيقة : بيروت – لبنان، 1973 )، ص ص 46-47.

18- محمود امين العالم،” الوعي والوعي الزائف”،(دار الثقافة الجديدة : القاهرة،1988)، ط1، ص :267.

19- تركى على الربيعو،” الحركات الإسلامية في منظور الخطاب العربي المعاصر”،(المركز الثقافي العربي: الدار البيضاء – المغرب،2006)، ط:1، ص ص :56-57.

20 – عرف القانون الدولي الإرهاب اعتباراً من عام 1937 بموجب اتفاقية جينيف حول الإرهاب الصادرة من عصبة الأمم المتحدة على إثر اغتيال الملك الكسندر الثالث ملك يوغسلافيا، وتتكون جريمة الإرهاب من ركن مادى وركن معنوى بهدف الترويع لتنفيذ مشروع إجرامي فردي أو جماعى، وفي 26/9/2001 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1373 بشأن مكافحة الإرهاب وتجميد أموال المنظمات الإرهابية مستنداً في ذلك على الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة إثر الاعتداءات الإرهابية التى تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في الحادى عشر من سبتمبر، ويقر القانون بعقوبات رادعة منها عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد لكل من انشأ أو أسس أو أدار جماعة إرهابية أو تولى زعامة أو قيادة فيها، مصدر المفهوم الأسبق:

عصمت حسين العيادي، “تنظيم داعش الإرهابي وحق جمهورية مصر العربية في حماية أبنائها والقصاص من الإرهابيين “، آفاقسياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 13، يناير 2015،ص ص :97 – 103.

أحمد سامي متولي، الرئيس يقر قانون مكافحة الإرهاب، جريدة الأهرام، العدد 47005، 17 أغسطس 2015، ص 1.

21 – مشاري الذايدى ، ” ضياع الملامح بين الفقه والسياسة: ضمن كتاب الإسلاميون، سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة”، (المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب)، ط:2، 2011، ص ص :88-91 .

22- ضياء رشوان،”في الفوضي واضطراب المعايير التي تحكم سلوك الدول والجماعات تنشط الأيديولوجيا والأفكار ذات الطبيعة المتطرفة،ضمن كتاب الإسلاميون، سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة “، (المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011 ص ص : 36- 37 .

23- خالد الحروب،”الدولة الإسلامية مشروع حالم سيتلاشي أمام إشكالات الواقع” ، آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات ، مرجع سايق، ص ص : 94- 99 .

24- كمال السعيد حبيب،” تعليقاً على موضوع التجربة السياسية للإخوان المسلمين .. الإخوان المسلمون الفجوة الهائلة بين البدء والمآل “، ضمن كتاب الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي: الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011، ص ص 128- 132.

25- عواطف عبد الرحمن،” التيار الدينيالذي يريد أن يحتكر الحق في فهم الإسلام وتفسير النص الشرعي،ضمن كتاب: الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة “،(المركز الثقافي العربي: الدارالبيضاء – المغرب)، ط:2، 2011، ص ص : 288- 291.

26 – محمد الراشد،” الإعلام الرسمي خرج من رحم الصراع .. فكيف يكون هادئاً؟!!”، ضمن كتاب الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي: الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011،ص ص : 297-301 .

27- -فارس بن حازم،” عادةيبحث المتطرفون نفسياً عن عباءة فكرية تناسب نوازعهم الوجدانية الحادة “، ضمن كتاب الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011، ص ص : 38- 39 .

28- يوسف الديني، ” تعليقاً على قضية الإعلام الإسلامي .. الآخر في تجربة الإعلام الإسلامي : مقاربات في الرؤية والتجربة”، ضمن كتاب: الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011، ص ص :310-314 .

29- عبد الله الحامد،” لأبد من لحظة اعتراف وإنصاف .. الليبرالية قدمت الحضارة للمجتمع العربي حين رفضها التيارالإسلامي التقليدي”، ضمن كتاب: الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011،ص ص: 328 – 332 .

30 – منتصر الزيات،” الجماعة الإسلامية رؤية من الداخل”،( دار مصر المحروسة : القاهرة، 2005)، ط:1، ص 52.

31- صلاح سالم،” مسارات الإسلام السياسي في حركة التاريخ العربي”،جريدة الأهرام، العدد 46947، 20 يونيو 2015، ص ص 6-7 .

32- محمد حسام الدين،” التغطية الصحفية الغربية لشئون العالم الإسلامى خلال عقد التسعينيت”، مرجع سابق.

33- سليمان الضحيان، “يجب إعادة قراءة التاريخ لبناء الرؤية الإسلامية المتسامحة والخروج من أسر القراءات الخاطئة والمنحازة “، آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، مرجع سايق، ص ص: 165 – 167 .

34- سعود القحطاني،”الصحوة هي من أنتج العنف والصحويون استخدموا منتجات الحداثة لهدم الحداثة وتأزم المجتمع “، ضمن كتاب الإسلاميون سجال الهوية والنهضة .. مقاربات في الفكر والممارسة،(المركز الثقافي العربي : الدارالبيضاء – المغرب )، ط:2، 2011،ص ص177- 182.

35- محمد الدمرداش العقالى، الإسلام السياسي .. من عام الجماعة إلى حكم الجماعة، (سما للنشر والتوزيع )، يناير 2014، ط:1، ص 7 .

36- مفهومالإسلام السياسي: يركز على السياسة كجزء من الدين لأن الممارسات الإنسانية وكافة جوانبها يجب أن تخضع للمعايير العقائدية المرتبطة بالمفهوم الجهادي للوصول إلى الأهداف المنشودة (1)، أما عن المفهوم الغربي فهو مجموعة من الأفكار والأهداف السياسية النابعة من الشريعة الإسلامية والتي تستخدمها مجموعة يطلق عليهم المسلمون المتطرفون الذين يؤمنون بأن الإسلام ليس عبارة عن ديانة فقط وإنما عبارة عن نظام سياسي واجتماعي وقانوني واقتصادي يصلح لبناء مؤسسات الدولة (2)، وحول ارتباط الإسلام السياسي بالحركات الإسلامية التي تشتغل بالسياسة، وفي هذا المصطلح تم اختزال الإسلام في الحركات السياسية الإسلامية، لأنه لايوجد إسلام بدون سياسة (3).

مصادر المفهوم السابق:

1- سيد قطب،”في ظلال القرآن “،( دار الشروق : القاهرة )، المجلد الأول، ط .الثانية والثلاثون,2003،ص .223 .

2- فرانسو بورجا،”الإسلام السياسي صوت الجنوب .. قراءة جديدة للحركة الإسلامية في شمال أفريقيا .. ترجمة لورين فوزى ذكرى ومراجعة وتقديم نصر حامد أبو زيد “،( دار العالم : القاهرة )، 1992، ص 29 .

3- محمد عمارة،”الإسلام السياسي والتعددية السياسية من منظور إسلامى”،أبو ظبى، مركز الإمارت للدراسات والبحوث الاستراتيجية، 2003، ص ص 5-6 .

Available athttp://www.neelwafurat.com/itempage.aspx?id=lbb12632686454&search=books

37- ألكس غلني،” بناء جسور لاجدران .. التعاطي مع الإسلاميين السياسيين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: ترجمة مركز دراسات الجزيرة”،( الدار العربية للعلوم : بيروت )، 2010، ط:1، ص ص :40- 41 .

38- صلاح سالم،”نظرية المؤامرة والعقل السلفي “،جريدة الأهرام، العدد 46551، 20 مايو 2014، ص 10 .

39- محمد سعيد العشماوي، “الإسلام السياسي”،(الانتشار العربي، بيروت لبنان : مكتبة مدبولي)، 2004، ص 401.

40- احمدسالم و عمرو بسيونى، ما بعد السلفية إلا الضلال، مركز نماء للبحوث والدراسات، 2015، ط: 1،متاح على:

Available at: http://www.dorar.net/article/1823.

41- محمد العبد الكريم،”صحوة التوحيد .. دراسة في أزمة الخطاب السياسي الإسلامي”،(الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت – لبنان)، 2013، ط: 2، ص ص : 182-183 .

42- إدوارد سعيد،”تغطية الإسلام، 1997، نقلاً عن: هشام القروي، مراكز البحوث الأمريكية ودراسات الشرق الأوسط بعد 11 سبتمبر .. تشكيل الإدراك الأمريكي”، (مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت – لبنان)، 2013، ط:1،ص ص : 55-56 .

43-Ali A Mazrui ,”Globlalization . Islam and The West Between . Homogenization and Homogenization” , The Amercain Journal of Islamic Social Sciences ,December 2,1997.

44 – الاستشراق هو علم الشرق أو علم العالم الشرقى، وكلمة مستشرق بالمعنى العام تطلق على كل عالم غربي يشتغل بدراسة الشرق كله، لكن المعنى الخاص بالاستشراق يعنى بالدراسات الغربية المتعلقة بالشرق الإسلامى في لغاته وآدابه وتاريخه وعقائده وتشريعاته وحضارته بوجه عام، وكان الدافع لفهم العالم الإسلامى “البدايات المبكرة للاستشراق” هو ذلك الصراع الذى دار بين العالمين الإسلامى والنصرانى في الأندلس وصقلية، كما دفعت الحروب الصليبية بصفة خاصة إلى اشتغال الأوروبيين بتعاليم الإسلام وعاداته، ولهذا يمكن القول بأن تاريخ الاستشراق في مراحله الأولى هو تاريخ للصراع بين العالم الغربي فى القرون الوسطى والشرق الإسلامى على الصعيدين الدينى والأيديولوجى؛ فقد كان الإسلام كما يقول ساذرن Southern يمثل مشكلة بعيدة المدى بالنسبة للعالم النصرانى في أوروبا على المستويات كافة، توحي دائماً بالضعف والرجعية حيث كان هناك اتجاه لاهوتى متطرف ناظر إلى الإسلام من خلال ضباب كثيف من الخرافات والأساطير الشعبية، أما الاتجاه الثانى فقد كان نسبياً بالاتجاه الأول أقرب إلى الموضوعية والعلمية ونظر إلى الإسلام بوصفه مهد العلوم الطبيعية والطب والفلسفة، ولكن الاتجاه الخرافى ظل حياً في العصر الحاضر، رجعت الباحثة في هذا للمرجع التالى :

محمد حسام الدين إسماعيل،” العولمة وصورة الإسلام في الإعلام الدولى”،(الدار المصرية اللبنانية)، 2014، ط:1، ص ص : 128 – 129 .

45- معتز الخطيب، “كراهية الإسلام الجذور والحلول”،ثقافتنا للدراسات والبحوث، المجلد الخامس، العدد السابع عشر، 2008.

46- مني حسين مؤنس،” مصر في عيون الغرب وآدابه “، (دار المعارف)، 1998، ص ص : 9-43 .

47- السيد يسين، ” كلمة التحرير : تقرير عن حالة العالم “، مجلة آفاق سياسية،المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد الرابع، ابريل 2014، ص ص : 4-5 .

48- ناجح إبراهيم – هشام النجار، ” داعش .. السكين التى تذبح الإسلام”،دار الشروق، ط:1، 2014، ص ص 11-13 .

49- محمد السعيد إدريس، “الحرب على طالبان العرب .. داعش وخرائط التحالفات المحتملة”،مجلة آفاق سياسية: المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 11، نوفمبر 2014، ص ص : 56-65 .

50- شريف شعبان مبروك، “الجيش المصري الحر بين الواقع والخيال”،مجلة آفاق سياسية، مرجع سابق،ص ص : 120- 123.

51- رانيا علاء الدين السباعي، “الاتحاد الأوروبي ومكافحة الإرهاب “، آفاق سياسية، المركز العربي للبحوث والدراسات، العدد 21، 2015، ص: 30 .
المصدر/ المركز العربي للبحوث والدراسات

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة