وجدت في الدين، بما هو في الواقع، وبقطع النظر عما إذا كان وحيا إلهيا أو نتاجا بشريا، وبقطع النظر عما إذا كان حال الدين منذ نشأته على ما وجدناه بين أيدينا، أو طرأ عليه ما طرأ على أيدي ورثته؛ وجدت في هذا الدين ما ينطبق عليه المعنى في آيتين من آيات تحريم الخمر، وآية من آيات التلازم بين الإيمان بالله والكفر بالطاغوت.
آيتا الخمر وتطبيقهما على الدين
سورة البقرة (219):
يَسأَلونَكَ عَنِ الخمرِ وَالمَيسِرِ، قُل فيهِما إِثمٌ كَبيرٌ وَّمَنافِعُ لِلنّاسِ، وَإِثمُهُما أَكبَرُ مِن نَّفعِهِما، وَيَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ، قُلِ العَفوَ، كَذالِكَ يُبيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرونَ.
سورة المائدة (90 – 92):
يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِنَّمَا الخمرُ وَالمَيسِرُ وَالأَنصابُ وَالأَزلاَمُ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّيطانِ، فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلحونَ. إِنَّما يُريدُ الشَّيطانُ أَن يّوقِعَ بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الخمرِ وَالمَيسِرِ وَيَصُدَّكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ. وَأَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا الرَّسولَ وَاحذَروا، فَإِن تَوَلَّيتُم فَاعلَموا أَنَّما على رَسولِنا البَلاَغُ المُبينُ.
من وحي آيتي الخمر
يَسأَلونَكَ عَنِ الدّينِ، قُل فيهِ مَنافِعُ لِبَعضِ النّاسِ وَإِثمٌ كَبيرٌ [قُدِّمَت المنافع على الإثم]، وَّإِثمُهُ أَكبَرُ مِن نَّفعِهِ. وَيَسأَلونَكَ ماذا يُنفِقونَ، قُلِ العَفوَ وَالتَّسامُحَ، كَذالِكَ يُبيِّنُ اللهُ لَكُمُ الآياتِ عِبرَ العَقلِ لَعَلَّكُم تَتَفَكَّرونَ. يا أَيُّهَا النّاسُ إِنَّما الدّينُ الَّذي أَكثَرِكُم عَلَيهِ رِجسٌ مِّن عَمَلِ الشَّياطينِ، أَوِ جَهلٌ مِّن وَّهمِ الجاهِلينَ، فَاجتَنِبوهُ لَعَلَّكُم تُفلحونَ. إِنَّما يُريدُ شَياطينُكُم مِن حَيثُ يَعلَمونَ، وَجُهّالُكُم مِن حَيثُ لا يَعلَمونَ، أَن يّوقِعوا بَينَكُمُ العَداوَةَ وَالبَغضاءَ فِي الدّينِ وَالمَذهَبِ، وَيَصُدّوكُم عَن ذِكرِ اللهِ وَعَنِ جَوهَرِ الإيمانِ وَروحِ الصَّلاةِ، فَهَل أَنتُم مُّنتَهونَ. وَأَطيعُوا اللهَ وَأَطيعُوا العَقلَ وَالضَّميرَ رَسولَيهِ وَاحذَروا، فَإِن تَوَلَّيتُم، فَاعلَموا أَنَّما على رَسولِ اللهِ مِن لَدُن عُقولِكُم وَضَمائِرِكُمُ البَلاَغُ المُبينُ.
نعم، فالدين، والتدين، والتمذهب، وتسييس الدين، والتزمت في التدين، والتعصب الديني والمذهبي، والغُلوّ في الولاء، والتصعيد في العداء، عندما تكون عوامل صدّ عن سبيل الله، وعن ذكرِ الله حق ذكره، وعنِ جوهرِ الإيمان، وعن روحِ الصلاة، وعنِ الإِنسانية والمروءة والرحمة والمحبة والسلام، وعن العقل والتعقل والعقلانية والاعتدال، وعن القسط والعدل والإنصاف والصدق والبِرّ، أفلا ينبغي أن يُنتهى عنه، وألا تكون طاعته متعارضة مع طاعة الله وما يمليه العقل والضمير الإنسانيان، اللذان هما بحق الرسولان من الله، والدليلان عليه، والرقيبان من لدن الإنسان رقابة ذاتية؟ وألا ينبغي الحذر من كل ذلك طاعة لله، وحفظا لإنسانية الإنسان، وانسجاما مع متطلبات العقل؟
وأخير أسأل: أإثم الخمر أكبر أم إثم الدين؟ وهل الأهم اجتناب الخمر، مع إن العقلاء يرون عدم الإفراط في الخمر، أم اجتناب الدين وخاصة الإفراط في الدين والتدين والتزمت فيه أهم وأنفع للبشرية؟