من اجل طي الصفحات السود من تأريخ الحقب الدكتاتورية المستبدة والعمل بجد واخلاص لبناء عراق ديمقراطي ومجتمع متحضر متآخي يتمتع بالمساواة والرفاه والامان.. لابد من القيام بامور كثيرة منها:-
1- عدم تكرار تجربة واخطاء واساليب حقبة حزب البعث في الحكم .
2- اطلاق برنامج (نسامح ولا ننسى ) والذي طبق في جمهورية جنوب افريقيا بتوجيه من الراحل نيلسون مانديلا على ان يقدم المسؤولون العاملون في تلك الحقبة اعتذارهم للشعب العراقي ويدخلون بنوايا مخلصة مساهمين في عملية بناء العراق الجديد ؛واحالة مرتكبي الجرائم للقضاء .
3- تفعيل قانون من اين لك هذا بحق المسؤولين الجدد في السلطات الثلاث من عام 2003 الى اليوم و باشراف جهاز قضائي دولي تلافيا للتستر والمحاباة والخضوع للتهديد .
وحتى لا تتكرر تجارب التعسف والدكتاتورية والاضطهاد نحن بحاجة لإحياء مبادئ المساءلة بأطر وصيغ حضارية معاصرة كونها تشكل حجر الزاوية في انشاء دولة قوية تحت نظام ديمقراطي ؛ فترك المسؤول يمارس سلطاته بهواه وكما يحلو له وكأنه ظل الله على الارض سيدفعه الى التمادي واستصغار الناس وهدر حقوقهم ؛الامر الذي يؤدي الى تفشي حالة الفساد والافساد الاداري والمالي، ناهيك عن حالات الاثراء الفاحش على حساب المال العام وهدره وتبذيره على ملذات الحاكم أو المسؤول وحاشيته.
ان الشعوب التي تهاونت في استخدام حقوقها المشروعة، وتركت الحبل على الغارب لممارسات المسؤولين، دفعت الثمن غاليا بعد استفحال أمر أولئك المسؤولين وتنمرهم على من كان سببا في وصولهم الى مراكز المسؤولية، وانتهاجهم أساليب التسلط التعسفية، حيث تفرعنت تلك السلطات وأنشأت امبراطوريات وراثية استهانت بشعوبها وسامتها سوء العذاب والقهر. بعدما جذرت حالة الخضوع والخنوع والعبودية والانهزامية في دواخل نفوس تلك الشعوب، بحيث تفشت وتفاقمت وكأنها القدر المستحكم والداء الوبيل.
ولذلك جهد الأنبياء والمرسلون والصلحاء على الغاء الفوارق الطبقية وتبسيط العلاقة بين كافة الطبقات الاجتماعية وبين الحاكم والمحكوم بشكل خاص ومحاولة تثقيف الناس على الاعتزاز بنعمة الحرية التي وهبها الله تعالى لهم.
-ان اكرمكم عند الله اتقاكم
– لا تكن عبدا لغيرك وقد خلقك الله تعالى حرا.
– متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟!.
-لا اعطيكم بيدي اعطاء الذليل ولا اقر اقرار العبيد .
– كلكم لادم وآدم من تراب .
– انا حريتي فإن سلبوها تسقط الارض دونها والسماء.
ان الخروج من الحرية الذاتية والدخول في عبودية الأشخاص، بقدر ما تزري وتمتهن أصحابها، ستطغي الحاكم-واي مسؤول – وتمجده وتضفي عليه سجافة من التعظيم وهالة من القداسة بحيث تصبح قراراته وتصرفاته معصومة من الخطأ وانتقادها ومناقشتها كفر والحاد حتى يستفحل الأمر بمرور الزمن وكثرة العبيد فيضع الحاكم لنفسه ما شاء من الاسماء الحسنى ويقول انا ربكم الأعلى.
من الطبيعي ان يكون للاعلام الموجه – الذي يجعل من الحكام والمسؤولين آلهة بتفردهم بصفات فوق مستوى البشر -دوركبير في اضعاف الوعي الثقافي والديمقراطي عند العامة وإشعارهم بالدونية تجاه المسؤول كونه مصونا غير مسؤول!.
نحن بحاجة لثقافة ديقراطية لا تنحصر في آذان صاغية بل وألسن مطالبة وعيون مراقبة على ان تكون المراقبة مراقبة تحديد الاخطاء والتنبيه لمعالجتها وتشخيص الايجابيات والاشادة بها ،لامراقبة تتبع العثرات لأجل الهدم والتسقيط .
وعلى ان تكون مطالبة الاصوات ضمن ضوابط الشرع والقانون والاخلاق .
وعلى ان تكون غاية الجميع – الحكام والمحكومين – وهدفهم الاسمى : بناء عراق ديمقراطي آمن ينعم الجميع فيه بالحرية والعدل والرفاه.