23 ديسمبر، 2024 8:01 م

مفهوم الانتخابات الديمقراطية  …….. باقتباس

مفهوم الانتخابات الديمقراطية  …….. باقتباس

حاول بعض الباحثين وضع تعريفات محددة للانتخابات الديمقراطية للحالات التي يدرسونها. ولعل من أبرز تلك الأدبيات وأكثرها شمولاً ما قام به ديفيد باتلر وآخرون، فالانتخابات العامة الديمقراطية تستند إلى شروط ستة ،هي : ـ
ـ  حق التصويت العام لكل المواطنين البالغين .
ـ  دورية الانتخابات وانتظامها .
 ـ  عدم حرمان أي جماعة من تشكيل حزب سياسي ومن الترشح للمناصب السياسية .
 ـ  حق التنافس على كل مقاعد المجالس التشريعية .
ـ  حرية إدارة الحملات الانتخابية على وضع لا يحرم فيه القانون ولا وسائل العنف المرشحين من عرض آرائهم وقدراتهم ولا الناخبين من مناقشة تلك الآراء .
 ـ  تمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم وسط جو من الحرية والسرية ، وفرز الأصوات وإعلانها بشفافية وكذا تمكين المنتصرين من مناصبهم السياسية حتى وقت الانتخابات التالية.
أما عبارة “انتخابات حرة ونزيهة”، الشائعة في جُل الدراسات التي تتناول الانتخابات، فقد ظهرت لأول مرة لوصف الاستفتاء الذي تم على استقلال ما كان يُعرف بأرض توغو (دولة توغو في غرب أفريقيا وجزء من دولة غانا اليوم) في عام 1956، ثم راحت منظمة الأمم المتحدة تستخدمها في حالات مشابهه بعد ذلك. وعلى الرغم من الاستخدام الواسع للعبارة، بل وعلى الرغم من الاهتمام الشديد بعمليات المساعدة في إدارة الانتخابات والإشراف عليها ومراقبتها منذ عام 1989، لم تضع الأمم المتحدة تعريفاً متفقاً عليه للعبارة.
وبشكل عام تدور مضامين الانتخابات الديمقراطية حول معيارين رئيسيين، الأول هو “حرية الانتخابات”، أي ضرورة احترام حريات الأفراد وحقوقهم الرئيسية، والثاني هو “نزاهة” عملية إدارة الانتخابات.غير أن التجارب المعاصرة للدول الديمقراطية تشير إلى أن الانتخابات الديمقراطية التنافسية لا تُجرى إلا في نظم حكم ديمقراطية، إذ هي آلية من آليات تطبيق المبادئ الرئيسية للديمقراطية، وليس هدفاً في حد ذاتها. كما تعد الانتخابات الديمقراطية شرطاً ضرورياً وليس كافياً لنظم الحكم الديمقراطية، فمجرد إجراء الانتخابات الديمقراطية لا يعني أن نظام الحكم أصبح نظاماً ديمقراطياً. ومن هنا فإن هذه الورقة تتناول هذا الموضوع من خلال الوقوف على متطلبات إجراء الانتخابات الديمقراطية من جهة ومعايير الانتخابات الديمقراطية من جهة أخرى، وذلك على النحو التالي:
أولاً: متطلبات الانتخابات الديمقراطية، وتتمثل في الإطار الدستوري للنظام الديمقراطي.
ثانياً: معيار فعّالية الانتخابات الديمقراطية، ويعني أن للانتخابات مقاصد ووظائف ويترتب عليها مجموعة من النتائج الفعلية في نظام الحكم، وليست هدفاً في حد ذاتها.
ثالثاًً: معيار حرية الانتخابات الديمقراطية، ويتمثل في كون الانتخابات تُجرى في ظل قاعدة حكم القانون، وتتسم بالتنافسية، وتحترم الحقوق والحريات الرئيسية للمواطنين.
رابعاً: معيار نزاهة الانتخابات الديمقراطية، ويعني أن الانتخابات تتم بشكل دوري ومنتظم، وتتسم عملية إدارتها والإشراف عليها وإعلان نتائجها بالحياد السياسي والعدالة والشفافية.
إن متطلبات الانتخابات الديمقراطية هي بمثابة الأساس لبنيان تلك الانتخابات، أما معاييرها الثلاثة فهي تمثل أعمدة ذلك البنيان، وذلك على النحو الذي يوضحه الشكل التالي:

متطلبات الانتخابات الديمقراطية ومعاييرها :
ـ  فعالية الانتخابات
ـ  حرية الانتخابات
ـ  نزاهة الانتخابات
مقاصد الانتخابات الديمقراطية :
1. التعبير عن مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة
2. اختيار الحكام
3.  تسوية الصراعات السياسية بطرق سلمية
4.  توفير الشرعية السياسية أو تجديدها
5. محاسبة الحكام
6. التجنيد السياسي
7. التثقيف السياسي
تقوم الانتخابات الديمقراطية بدور تعبوي عام، فهي مصدر رئيسي من مصادر التجنيد السياسي ووسيلة هامة من وسائل المشاركة السياسية. ففي النظم الديمقراطية المعاصرة عادة ما يقوم السياسيون وقادة الأحزاب والكتل الانتخابية بمهمة اختيار المرشحين للمناصب السياسية وإعداد البرامج السياسية لمواجهة المشكلات والتحديات العامة التي تواجهها مجتمعاتهم. ولذا فالانتخابات تلعب دوراً محورياً في إعداد وتدريب السياسيين والقادة وتأهيلهم لمناصب أعلى الأمر الذي يُسهم في تجديد حيوية المجتمع ويضمن مشاركة عناصر جديدة في وضع السياسات وصنع القرارات.
معيار “نزاهة” الانتخابات
يرتبط معيار “نزاهة” الانتخابات بعنصر الحياد “impartiality” الذي يجب أن تتسم به الجهة المشرفة على الانتخابات في تعاملها مع كل أطراف العملية الانتخابية من مرشحين وناخبين ومشرفين ومراقبين، وفي جميع مراحلها بدءاً من حق الاقتراع، ومروراً بكيفية تحويل أصوات الناخبين إلى مقاعد نيابية، وكيفية ممارسة هذا الحق، وانتهاءً بكل ما يتصل بالإشراف على الانتخابات وفرز الأصوات وإعلان النتائج. وترتبط نزاهة العملية الانتخابية أيضاً بمبدأ الدورية “periodical” والانتظام “regularity”. ويعني الحياد المقصود هنا حياد القوانين والقواعد والأنظمة المنظمة لعملية الانتخابات، وكذا حياد الهيئة أو الإدارة المشرفة في تنفيذها لتلك القوانين والقواعد.
ولعل من أبرز معايير نزاهة الانتخابات الديمقراطية حياد القائمين على إدارتها في جميع مراحلها بدءاً من الإشراف على عملية تسجيل الناخبين والمرشحين، ومروراً بإدارة يوم الانتخابات، وانتهاءً بعملية فرز الأصوات وإعلان نتائجها النهائية، والإشراف على حق الناخبين والمرشحين في الشكوى والتظلم أو الطعن.
فالانتخابات الديمقراطية عملية اختيارٍ من بين بدائل متعددة، تتسم بما يلي:ـ
1. فعّالة: لأنها تستهدف التعبير عن مبدأ أن الشعب هو مصدر السلطة، وانتخاب الحكام وتسوية الصراع على السلطة بطرق سلمية، وتوفير الشرعية الشعبية للحكام وآلية التداول على المناصب السياسية العليا ومحاسبة الحكام، ولأنها تمثل مصدراً لتوعية وتثقيف المواطنين وتجنيد السياسيين والقادة.

2. حرة: لأنها تستند إلى مبدأي حكم القانون والتنافسية وتحترم حريات وحقوق المواطنين الرئيسية.

     3.  نزيهة: لأنها تُجرى بشكل دوري وتقوم على نظام انتخابي عادل وفعّال وتستند إلى  حق الاقتراع العام ويلتزم القائمون عليها بالحياد السياسي والحزبي في إدارتها وبالشفافية في تسجيل الناخبين وفي فرز الأصوات وإعلان النتائج.
أما ما عدا ذلك من انتخابات، فلها وظائف أخرى كإضفاء شرعية شعبية زائفة، أو تعبئة الجماهير وراء الحكام وصرف أنظارهم عن الإصلاحات السياسية الحقيقية، أو التخفيف من حدة ضغوط المعارضين المنادين بالإصلاح في الداخل، وضغوط المطالبين باحترام حقوق الإنسان في الداخل والخارج. كما أنها لا تتم بشكل دوري ومنتظم، ولا تتسم عملية إدارتها وإعلان نتائجها بالحياد والشفافية. هذا فضلاً عن أن الانتخابات غير الديمقراطية لا تحترم القانون ولا تُمكن أغلبية الناخبين من منافسة الذين هم في الحكم ، ناهيك عن إمكانية تقلدهم الحكم، وذلك بغض النظر عن وجود قوانين تنصُّ على حرية التصويت من ناحية، وعن وجود برامج وبدائل متعددة أو مرشحين متعددين وقت الانتخابات من ناحية أخرى. فالعبرة ليست بالنصوص أو النوايا وإنما بالتطبيق الفعلي لتلك النصوص وللنتائج الفعلية للانتخابات.
***
المصدر :(( باقتباس من مفهوم الانتخابات الديمقراطية ـ عبد الفتاح ماضي / م.دمشق للدراسات والحقوق المدنية النظرية))