أعلن وزير التخطيط العراقي الدكتور نوري صباح الدليمي، عن انطلاق أعمال الصندوق الاجتماعي للتنمية، برأس مال اولي قيمته ٣٠٠ مليون دولار، بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني، وبدعم من البنك الدولي، وذلك لدعم خطط الوزارة الاستراتيجية للتخفيف من الفقر- وأوضح الدكتور نوري الدليمي خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده في مقر الوزارة، أن الصندوق سيبدأ عمله بالاعتماد على نتائج مسح التنمية الريفية، في ثلاث محافظات كمرحلة أولى، هي المثنى باعتبارها الأشد فقراً، وصلاح الدين باعتبارها الأكثر تضرراً وفقراً في المناطق الريفية، ودهوك باعتبارها أحد المحافظات التي استقبلت اعدادا كبيرة من النازحين.
وأضاف وزير التخطيط أن أربع محافظات سيتم شمولها في العام الثاني من عمل الصندوق، على ان يتم شمول جميع المحافظات في العام الثالث، مشيراً إلى أن الصندوق الاجتماعي للتنمية سيدعم الخدمات المباشرة للمواطنين، وفي مقدمتها التعليم، والصحة، وتوفير فرص العمل، وبناء قدرات الشباب – لافتاً إلى أن الوزارة تمكنت من الحصول على دعم البنك الدولي من دون أي فوائد، داعياً بذلك جميع المانحين الدوليين إلى زيادة دعم الخطط الاستراتيجية الحكومية، لتقديم أفضل الخدمات للمواطنين، وتحسين مستواهم المعيشي، مؤكداً اختيار عناصر تنفيذية ذات خبرة وتجربة، ومتابعة ادائها ونتائجها بشكل مباشر.
و أشار الدكتور نوري الدليمي إلى أهمية التوجيه الأمثل لهذا الدعم، وعدم تشتته كما حصل في السابق، عاداً ذلك التشتت بأحد العوامل المؤثرة في زيادة نسب الفقر والبطالة في العراق، مؤكداً على أن ذلك هو ما دفع الوزارة للبحث عن حلول ناجعة بالاستفادة من التجارب العالمية المماثلة، وهو ما تبلور عنه فكرة إنشاء الصندوق الاجتماعي للتنمية
وكان مجلس المديرين التنفيذيين \ صندوق النقد الدولي قد وافق في 6 فبراير/شباط 2018 على مشروع بقيمة 300 مليون دولار يهدف إلى تحسين الأحوال المعيشيّة لأكثر من 1.5 مليون أسرةٍ فقيرةٍ في العراق،من خلال توفير الخدمات الأساسية وخلق فرص العمل على مستوى المجتمعات المحلية في كافة محافظات العراق. وسيموّل مشروع الصندوق الإجتماعي للتنمية مشروعاتٍ فرعية في مجالات التعليم والصحة والمياه والبنية التحتية الاقتصادية صغيرة الحجم بالإضافة إلى القدرة على الوصول إلى الأسواق – واشار الصندوق حينها بانه كان للحرب الأخيرة ضد تنظيم داعش، وا لانخفاض أسعار النفط منذ عام 2014، أثرٌ شديدٌ على العراق على المستويات الإنسانية والإجتماعية والإقتصادية. فقد زادت معدلات الفقر والبطالة، وتبدَّدت المكاسب التي تحقَّقت في مجالات الصحة والتعليم، وتراجع الإنتاج الزراعي متسبِّباً في تقويض الإكتفاء الذاتي من الغذاء في البلاد. وعلاوةً على ذلك، أصبح ملايين العراقيين نازحين داخل البلاد بسبب الصراع، أو اضطروا إلى الهجرة إلى مناطق حضرية بحثاً عن فرص العمل والمساعدة. وفي هذا الإطار، يهدف الصندوق الإجتماعي للتنمية إلى تلبية الإحتياجات الملحة للفقراء والفئات الأكثر عرضة للأزمات، وتزويدهم بسبل العيش وفرص العمل على نحو سريع في مختلف أنحاء العراق
وسيُتيح المشروع للمجتمعات المحلية، بدعمٍ من الجمعيات غير الحكومية ومسؤولي الحكومات المحلية، إعداد خطط العمل المجتمعي التي تراعي احتياجات السكان وأولوياتهم. وبعد ذلك، سيتم التصديق على هذه الخطط من قِبَل الحكومات المحلية، ويُخصَّص التمويل اللازم لها. وسيولي الصندوق الاجتماعي للتنمية الأولوية للمشروعات الفرعية البسيطة غير الضارة بالبيئة والتي تعتمد على الاستخدام الكثيف لليد العاملة والمواد المحلية. ومن المتوقع أن يعود هذا التمويل بالنفع على أكثر من 600 مجتمع محلي وقرية من خلال 1700 مشروع فرعي- سيتولى الصندوق الاجتماعي للتنمية تمويل مشاريع فرعية يحددها المجتمع نفسه على أن تكون قابلة للتطبيق من الناحية التقنية، وقابلة للاستمرار من الناحية المالية، ومبررة اجتماعياً. وتتكون هذه المشاريع الفرعية من بنى تحتية اقتصادية واجتماعية صغيرة الحجم تمثل استثمارات ذات أولوية بالنسبة للمجتمعات، وذلك بناءً على قائمة مفتوحة تضم عادةً استثمارات تهدف لتحسين الوصول إلى الخدمات العامة والأساسية، واستثمارات تتطلب استخدام تقنيات تعتمد على اليد العاملة بشكل مكثف مع الاستخدام الأقصى للمواد المحلية – على المشاريع الفرعية أن تتسم بالبساطة، وتتجنب التعقيدات الإدارية، وألا يكون لها آثار بيئية سلبية. سيتم الشروع بالعمل في قطاعات معينة، مثل التعليم، والصحة، والزراعة والري، والوصول إلى الأسواق. وسيتم إعطاء الأولوية للمشاريع التي تفيد أفقر شرائح السكان والفئات ذات الاحتياجات الخاصة، بالإضافة إلى المشاريع التي تستحدث وظائف دائمة. فعلى سبيل المثال، سيتضمن ذلك مشاريع صغيرة لإمدادات المياه، وإعادة تأهيل خزانات مياه، وإنشاء غرف صفية وممرات للمشاة،…الخ. وتبلغ التكلفة القصوى للمشروع الفرعي 200,000 دولار أمريكي – وسيتم إطلاق أنشطة الصندوق الاجتماعي للتنمية في ثلاث محافظات، هي محافظة المثنى كونها تسجل أعلى نسبة فقر، ومحافظة صلاح الدين كونها منطقة محررة تضم الكثير من العائدين، ومحافظة دهوك التي تأثرت مجتمعاتها كثيراً بفعل استضافة النازحين الداخليين واللاجئين السوريين. وفي العام 2019، سيتسع نطاق عمل البرنامج ليشمل محافظات نينوى، وذي قار، والقادسية، وبغداد. واعتباراً من السنة الثالثة، سيغطي البرنامج كافة المحافظات العراقية. وسيتم تصنيف المجتمعات داخل المحافظات نفسها على أساس مؤشرات تعكس مستويات الفقر والحرمان في المحافظة، بالإضافة إلى خصائص السكان
ستتولى وزارة التخطيط إدارة أعمال الصندوق الاجتماعي للتنمية خلال العامين الأولين، بالتعاون مع فرق إدارة المشروع في المحافظات. وستوفر هذه الفرق الدعم العام والفني للمجتمعات للمساعدة في تحقيق هدف الصندوق. وسيتولى مكتب إدارة المشروع وفرق إدارة المشروع المهام التالية: الإدارة/الإشراف، التنمية الاجتماعية والمجتمعية، التواصل، التوريدات، الشؤون المالية، المتابعة والتقييم، الإجراءات الوقائية الاجتماعية والبيئية و ستلعب منظمات المجتمع المدني دوراً رئيسياً في مساعدة المجتمعات في تنظيم نفسها وتحديد أولوياتها واحتياجاتها، بالإضافة إلى تنفيذ الأنشطة في الميدان كما يضع الصندوق الاجتماعي للتنمية المجتمع المحلي في صلب عملية التخطيط والتنفيذ، ويركز على تدخلات محددة لإشراك وإفادة الفئات المحرومة، وبالأخص النساء. وسيجري تشكيل مجموعات تنمية مجتمعية بطريقة تشاورية، تمثل كافة الجهات المعنية في المجتمع، بما في ذلك النساء. وستعمل منظمات المجتمع المدني مع هذه المجموعات والفرق الفنية التابعة للصندوق على إعداد خطط العمل المجتمعية، التي تعرض نظرة المجموعات المجتمعية لحتياجاتها وأولوياتهاو للتدخلات التي تحتاجها في مختلف المجالات، كما ستساعدها في الحصول على الموافقات اللازمة والتمويل، وتنظيم الموارد، والتنفيذ، والرصد
إن الصندوق الاجتماعي للتنمية أداة رئيسية من أدوات إستراتيجية العراق للحد من الفقر. فهو يُوفر آلية لتوجيه مساعدتنا إلى الأسر الفقيرة والمحرومة بطريقة تتسم بالشفافية والمساءلة والمشاركة، من شانها تدعيم التماسك الاجتماعي وتعزيز الثقة بين المواطنين والدولة.