28 سبتمبر، 2024 9:13 م
Search
Close this search box.

التعايش ضرورة وطنيه وعقيدة شرعيه

التعايش ضرورة وطنيه وعقيدة شرعيه

مقدما لابد ان نؤمن بان الاختلاف هو من أساسيات التكامل في الطبيعة ,فمنذ الخليقة والخالق سبحانه وتعالى خلق الحياة من عناصر متعددة بما فيها خلق ادم عليه السلام مزيج من تراب ونفحات الروح الربانية وهكذا بقية المخلوقات في الطبيعة خلقت من مختلف الألوان والعناصر فلولا عتمة الليل لما استمتعنا بنور القمر ولولا النهار لما تمتعنا بهدوء الليل وسكينته وكذا الفصول الأربعة باختلاف ألوانها وطبيعتها  ترسم لنا دورة حياة متكاملة للوحة ربانيه جميله .النحلة والوردة والعسل مخلوقات مسخره لكل منها دوره , الهواء والماء عناصر الحياة الطبيعية المتناقضة  إلا ان الحياة مستحيلة  دونهما . وهكذا تعلم بني ادم صناعة الشيء من أشياء عده عبر تجميع المكونات المختلفة لينتج لنا مكون جديد من هذه الأشياء , وبدون شك ان المجتمع هو واحد من المكونات الذي يتكون من مجموعات مختلفة في التفكير واللون والطبائع والأشكال والأمزجة , أسماء شتى ووجوه متعددة تتجمع دون ان تنصهر لتكون مجتمعا متكاملا كل من أفراده  يؤدي واجبه بما يخدم ذاته والآخرين معا . لقد خلقنا الله من نفس واحده وخلق منها زوجها  وخلق من هذه النفس شعوبا وقبائل مجتمعات ودول مختلفة الالسن والرغبات والأهداف ولو اراد الخالق سبحانه وتعالى لجعل الجميع من لون واحد ولسان واحد وعقيدة واحده  إلا نه جعل من هذا الاختلاف آية من آياته التي نعيشها يوميا  لتعبر عن دلالات التكامل في الخليقة  (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً (النساء  -1) )) وجعل التراحم والمودة بين ابناء النفس البشرية  من تقوى  الله فهو الذي خلقنا من نفس واحده لكي لا نتعالى على بعضنا البعض ومن هذه النفس خلق زوجها وانعم عليهما بالرحمه والموده لترسما طريق التعايش الهادف لاستمرارية الحياة البشرية وسبحان الذي خلقنا  دون ان يفرق بيننا في التعامل مع اختلاف اشكالنا وألواننا وألسنتنا وجعل معيار التقوى هو الميزان والميزة التي تميز احدنا عن الاخر جاعلا  القلب  مكانا لها وأخفاها عن الأعين  لدرس رباني غايته  التعايش بين هذه الاختلافات للوصول الى مفهوم الأخوة الإنسانية وهكذا نجد من بين صحابة رسول الله (صلى)  الروماني والفارسي والحبشي والعربي عاشوا وتعايشوا في مجتمع  متآخي متسامح منفتح على الآخرين يمارس الناس فيه عاداتهم  وتقاليدهم  المختلفة كما حدث في مجتمع ألمدينه ألمنوره  من تآخي بين المسلمين من الانصار والمهاجرين بل ساد التعايش حتى مع اختلاف العقائد  وهذا ما تضمنته وضمنته  وثيقة المدينه قدر تعلق الامر بغير المسلمين والتي تعد اول دستور مدني مكتوب بعدالة ربانيه  وبموجبها حدد مفهوم التعايش وفق الحقوق والواجبات واحترام الذات الإنسانية وقبول المكونات الاخرى والتعامل معها بشراكه مجتمعيه تضمن خصوصيتهم وتحترم معتقدهم ولاشك بان العدالة هي أساس التعايش السلمي وان العدالة ألاجتماعيه هي أللبنه الأساسية في طريق العدالة المتكاملة ولنا في سيدنا عمر بن الخطاب(َض) مثلا وقدوه حين قاضى سيدنا على بن ابي طالب (ض)وخصمه اليهودي في ميزان واحد وإذا كان سيدنا عمر أراد ان يحقق العدالة فكان سيدنا علي يشاطره في ذلك بقبوله الحكم دون امتعاض او تعالي وكيف لا وهو الذي قال في رسالته لمالك بن الاشتر (الناس صنفان إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق) هذا  هو التعايش  الحقيقي الإنساني وهذه هيه روحه  التي يجسدها ارثنا العربي والإسلامي و قدواتنا العظام  فما أحوجنا نحن أبناء عراق الرافدين الى التعايش والوئام والوحدة وقد  خصنا الله بدرس في التعايش والتكامل  وجعل من التقاء نهري دجله والفرات وهما القادمان من اتجاهين مختلفين ومن منابع وروافد متباعدة  شاهدا على هذا التعايش والتكامل انه درس حقيقي في تآخي الأشياء وتكاملها وما أحوجنا ان نتذكر كل صور وإشكال التعايش سيما وان التحديات التي تواجه العراق ارضا وشعبا وحضارة تحتم على ألدوله والمجتمع معا,السلطة والمعارضة للعمل بهمة عاليه وإخلاص متفان على تنشيط صور التعايش بين مكونات مجتمعنا عبر حوار وطني حقيقي مسئول  يهدف الى لملمة الشمل واحتواء الجميع لاستمرار العلاقة التكاملية بين مكوناته وهذا يتطلب الشجاعة والقدرة ألازمة  لاحترام حق مشاركة الأخر بدون إقصاء او تهميش او تخوين مع أراده ورغبة قويه للصفح والتسامح من جميع الإطراف لنصل الى تالف حقيقي وتعايش إنساني وطني تصان فيه الحقوق والواجبات . ان التعايش يبدأ بلحظة  الاعتراف بالأخر وقبوله  والتفاعل مع أفكاره و طروحاته ومحاورته ولنا في رسول الله أسوة حسنه في ألمحاوره والتحاور والتعايش والعدالة فهو معلمنا الإنساني ورسولنا الرباني (ولكم في رسول الله أسوة حسنه ), فإذا كان التعايش من الضرورات الوطنيه ألملحه فهو واجب شرعي إسلامي لان الإسلام دين حياة وتعامل وعمل.ان الوطن ليس منافسا للدين والمواطنة ليس نقيض الانتماء العرقي او المذهبي وان المواطنون جميعا يمتلكون حقا مشتركا في الوطن الذي يعيشون فيه وينتمون اليه وعليهم واجب مشترك لبناءة والمحافظة عليه ,ومن هذا المعيار  يتوجب علينا جميعا ان نتصدى لكل الطروحات ألخارجه عن العقل وعن السياق التاريخي والثقافي والإسلامي  التي لاؤتمن بالتعايش ولا  تعترف بالحوار  ولا تحترم الأخر ولا تتعامل مع ألكلمه بالحسنى ولا تتفاعل مع ألفكره  ( ان من سمات ألحكمه التعامل مع ألفكره دون الحاجة الى الأخذ بكلها –ارسطو ) فعلى الجميع العمل من اجل التعايش واحترام حق الأخر في العيش  وأتمنى من ساستنا  ووجهاء قومنا  وكل من موقعه ان يكونوا لنا قدوه حسنه في إرساء مفهوم التعايش بزرع روح الاخاء والمحبة بين مكونات مجتمعنا لنصون وحدتنا ونبني بلدنا ونحترم خصوصيتنا ألعراقيه ونعيد مجدنا بأيدينا الممدودة للأخر وبعقولنا المفتوحة وبقلوبنا المحبه وان ان يكون كل منا مسئول عن احترام الاخر ويدافع عن حقوقه عملا لا قولا ﴿ فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾
[email protected]

أحدث المقالات