18 ديسمبر، 2024 11:06 م

نحتٌ في اللامعقول

نحتٌ في اللامعقول

لدى المفكر الحر مجموعة من الأسلحة التوعوية لكن قيمة هذه الأسلحة لاترتقي إلى زهق الأرواح، تلك الأدوات التي يستخدمها تكاد تكون مثيرة للاستفزاز..! كونها مؤثرة بالشخصيات ذات الوعاء الفارغ !. فحينما يتكلم عن عمق الضمير وتجلياته في المواقف ذلكَ امرٌ مُستفِز لفاقدي الضمير…!
حينما يتكلم عن التنوير وعقلانية المواقف ذلك امرٌ مُستفِز لذوي الجهل والخرافات، بينما يتكلم عن نقد الأديان والطقوس أو الشخصيات وفقاً لمداليل عقلية أو مصادر معتبرة ذلكَ امرٌ ليس مستفز فحسب بل أنه يعتبر ضد نوعي أصيل وحينما يتأكدُ العجزُ بالرد تظهر إمارات التطرفِ جليةً وواضحة.
ولما يحاكي مسألة الحقوق، والحريات، وكرامة الإنسان ويطمح إلى رفع سقف الواقع الخدمي والإنساني سيكون عنصراً غيرَ مرحب به لدى سادة العبيد وأمراء الشحن الطائفي.

حينما يحمل المثقف رسالةً بالضد من مشاريع التعمية يكون قلمهُ مصدر ازعاجٍ وإرهاق لذوي الإعاقات الفكرية والمتزمتين تحت ألوية الايدلوجيا المنخورة.
فترتقي اسلحة المفكر والمثقف الى مصافي أسلحة الردع وتقويض مسالك الخرافات، بل تزاحم أفكاره هيبة الأسلحة الآلية (المتوسطة والثقيلة)، وتزعزع عروش الجهلة، والمتطرفين، وأصحاب الإدارة الشمولية والديكتاتورية… وبذلك يكون سلاح القلم والعقل، أشد عمقاً ومهابةً من السطحية الفكرية آلتي تتمتع بها أطراف الرأي الممزق..!
فيعمدون علَى إنتاج بدائل أكثرُ شراسةً في القمع، وهي بدائل ( الاغتيال، الخطف، التهديد، الوعيد، الابتزاز، السخرية، التسقيط… الخ)
يحمل المثقف دوماً حلقة الربط المفقودة بين التأريخ، وشفيرة دمجها مع الواقع ضمن “تنمية الحضارات” وهذا الدور لعبه الكثير من المفكرين والفلاسفة كأمثال ( كانط، نيتشه،هيغل، ابن رشد، طه حسين،ديكارت وغيرهم) وكلما تطورت درجة التقبل للمفاهيم وزادت نسبة العلم والمعرفة والوعي ازدهرت البلدان وقابلها تراجع حتمي في المفاهيم الأزلية وقلت نسب القمع والتطرف وقطعت الشعوب شوطاً ممتازاً من التميز والتحضر.

بينما تكثر الإرهاصات القمعية بين الشعوب آلتي تعاني التراجع بالوعي الفكري وعدم تقبلها لخلع رثاثة الماضي، ومكوثها ضمن التطرف ( العقائدي) ، وحجر الحريات وضعف للقانون، وتراجع كبير في الازدهار الخدمي والعمراني والتقدمي[ الفردي، والاجتماعي]، وتزداد الضبابية في إنتاج مجتمع سعيد قادر علَى ان يعيش بكرامة وأمان، مصادر هذه النتائج هي مدار البحث لدى المثقف والمفكر فهو يعمد على إظهار البوصلة الأقرب للواقع، ويحذر من خلال رسالته من تداعيات فقدان الهوية، وهو بذلك قد وضع نفسه ضمن خط المواجهة المتقدم ضد ذيول الجهل والظلام، وأرباب التطرفِ والجهل.
المشكلة هنا ليست احجية بل هي رسالة المثقف الاممي ( الانتلجينسيا) والذين وجب عليهم تقديم الرأي للمجتمع ولمن لا يدرك ذلكَ عله أن يفهم أن “الشكليات الرمزية” التي يتمسك بها ماهي إلا زفرات شخصية..! ليس لها دور او علاقة في إرساء أسس دولة متقدمة وليس لها دخل بالجوانب العمرانية والتقدم العلمي.
المشكلة العويصة تكمن حينما تمسك أطراف من الرجعيين والمتطرفين زمام تلكَ الشكليات، وتحيلها الى حقائق مفروضة مقدسة غير قابلة للرد، وبسبب ضعف الدور الثقافي الذي يجتاح هؤلاء، ونسبة التعصب والتطرف المتمركزة في عقولهم، وضعف الحجج، وعدم وجود بديل فكري رادع سوى السلاح..!
تكون النتيجة غير متكافئة بالقوة و يعطي السلاح ايذاناً بإراقة الدم والقتل والتصفية…الخ بينما الحقائق تؤكد على انه سلاحٌ عاجزٌ مهما حقق من أهداف آنية قصيرة الأمد.