( حكم اللصوص ) ليست تسمية شخصية مني لحكومتنا الكريمة ، بل هي مصطلح علمي مشتق من اصل يوناني هو ( كليبتو قراطية ) ، المكون من مقطعين هما ( كليبتو ) بمعنة ( لص ) و ( قراط ) بمعنى ( حكم ) ، ويقصد به :- ( نمط الحكم الذي يراكم الثرورة الشخصية والسلطة السياسية بيد قلة حاكمة يكونون ما يعرف بـ ( الكربتو قراط ) على حساب الجماعة ، فهم قلة فاسدة تحكم البلاد وتنهب ثرواتها ، تحت شعارات خادعة ومضللة ، تلهي بها الشعب ، بينما تعمل على تراكم ثرواتها الشخصية ، دون ان تقدم اي خدمة تذكر ، او تحقق اي شعار مرفوع ، ولا يكون من هم حقيقي لها سوى التشبث بالحكم والسلطة السياسية بكل الوسائل ( المشروعة وغير المشروعة بالتزوير بضمنه تزوير ارادة الشعب بالانتخابات وباستخدام القوة المفرطة بالقتل بالتعذيب بالانتهاكات وغيرها ) .
الا ان المصطلح لا يعبر عن وصف نظامي ، او تسمية لنوع من انواع الحكم ، لكنه سبة او صفة سيئة لنظم الحكم ايا كان نوعها ( سواء اكان ديمقراطي او دكتاتوي ، ملكي او جمهوري ، برلماني او رئاسي ام مختلط ) التي تتفشى فيها بشكل حاد وممنهج ممارسات الفساد.
وكانت ورقة بحثية قيمة قدمت في اجتماعات اللجنة الاقتصادية الاوربية التي عقدت في استكهولم عام 2003 بعنوان ( حكم اللصوص .. قسم .. واحكم ) التي اشرت بان هذا الصنف من انظمة الحكم يتعمد تبني سياسات اقتصادية عقيمة ، تمكنه من استغلال الثرورة للمنفعة الشخصية على حساب الشعب ، وانه يعتمد على استراتيجية ( قسم .. واحكم ) وهي شبيهة باستراتيجية ( فرق .. تسد ) على حد رأي الباحث .
ويتوقف نجاح هذا النمط من ( حكم اللصوص ) على اضعاف قدرات مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ، ثم اخضاعه سواء بشراءه او ترهيبه ، وتعطيل كل صور الرقابة الرسمية وغير الرسمية ، وشراء ذمم الاعلام او اخضاعه بطريق او باخر .
وقد اشار الدليل التشريعي لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد الصادر عن مكتب الامم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة لهذا الصنف من انظمة الحكم بقوله ( وما السرقة من الخزانات الوطنية والفساد والرشى والابتزاز والنهب المنظم والبيع غير القانوني للثرورة الطبيعية او الكنوز الثقافية وتسريب الاموال المقترضة من المؤسسات الدولية الا عينة صغيرة مما يسمى بممارسات (( حكم اللصوص )) .
فهو – اذن – حكم تتحول فيه السياسية الى نفاق واحتيال ودجل وتقاسم للمغانم ، وتتحول فيه الادارة الى عطالة وعيارة ، والامن الى مظالم وشحن ( طائفي او قومي ) ، والتشريع الى تلميع ، والخصصة الى لصلصة ، والعقود الى عمولات وفرهود .
هذه هي باختصار الاوصاف العامة لحكم اللصوص … فهل لدينا في العراق شئ مثله ؟؟؟؟؟؟
طبعا لا . !!!! ..لاننا – ببساطة – نقيم ملتقى لمكافحة الفساد واسترداد الاصول طبقا لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد ، وننفق مئات الملايين من اموال الفقراء عليه ، من اجل ان نظهر – كذبا ونفاقا – في طليعة الدول التي تكافح الفساد ، رغم اننا نرفض باصرار وقوة لا مثيل لها الالتزام بتطبيق الاتفاقية ، ونتبنى عداء رسمي للرقابة ، واستهداف خسيس معلن لمحاربي الفساد ، وحماية رسمية صريحة للفاسدين والسراق الكبار .
كل ذلك .. وكل فضائح الفساد التي ازكمت انوف الشعب العراقي والشعوب المجاورة ، يثبت قطعا اننا لسنا دولة يحكمها اللصوص ، لان دولتنا حاليا لا تتبنى استراتيجة ( قسم .. واحكم ) التي يتبناها عادة نظام ( حكم اللصوص ) بل تتبنى استراتيجة اخرى الى جانبها هي :- ( اضرب … واهرب ) وهي استرتجية ينفرد بها نظامنا السيــاســــــــــــــي النزيه جدا .