خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة إستراتيجية تحمل في جُعبتها العديد من الدلالات والمتغيرات على المشهد السوري، في الأيام القادمة، أقر “مجلس النواب الأميركي” بالإجماع مشروع قانون “سيزر” لفرض عقوبات ضد “النظام السوري”؛ وكل الأطراف الداعمة له من دول ومنظمات وأشخاص.
وسُمي قانون سيزر، “قيصر”، بهذا الاسم نسبة إلى مصور عسكري سوري أنشق عن الدولة السورية عام 2014، ونشر ما قال بإنه: “صور تعذيب في السجون السورية”، واستخدم اسم “سيزر” لإخفاء هويته الحقيقية، وعُرضت تلك الصور في “مجلس الشيوخ الأميركي”.
ويحمل، إقرار القانون في “مجلس النواب الأميركي”، في جُعبته سلسلة من العقوبات التي يتوجب على الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، فرضها ضد “النظام السوري”، وكل الأطراف الداعمة له اقتصاديًا وعسكريًا، بمن فيهم الأفراد غير المرتبطين بأي منظمات أو دول.
وأمهل مشروع القانون، الرئيس الأميركي، “مدة 90 يومًا، لاقتراح آلية منطقة حظر جوي في سوريا، وفي حال تجاوز المدة ستُقدّم لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكونغرس بتقديم المقترح للرئيس بشكل مباشر”.
ووفق نص المشروع؛ “يتعين على الرئيس الأميركي، بعد 30 يومًا من سريان مفعول القرار، إدراج مواطني الدول الأخرى في قائمة العقوبات، إذا رأى أن هؤلاء الأشخاص يقدمون للدولة السورية دعمًا ماليًا أو تقنيًا، يمكن أن يسمح له بإمتلاك أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو نووية، وصنع صواريخ (باليستية) أو مجنحة، أو الحصول على أسلحة أخرى بكميات كبيرة”.
كما يفرض عقوبات على الأفراد الأجانب الذين ينشطون كمتعاقدين عسكريين أو في ميليشيات تقاتل لصالح، أو نيابة، عن “الحكومة السورية وروسيا وإيران” فوق الأراضي السورية، في حين أن وكالة (بلومبيرغ) للأنباء، تحدثت أن هذا الإجراء يتطلب من “الخزانة الأميركية”؛ إذا ما كانت ستستهدف “البنك المركزي السوري”، بإجراءات مضادة لعمليات غسل الأموال، وتجميد أصول المصرف في “الاتحاد الأوروبي”، في حين أن “النفط السوري” سيدخل دائرة “العقوبات الأميركية”، حيث سيتم الحظر عليه، ويفرض قيودًا على بعض أنواع الاستثمارات، وحظر آخر يشمل أي تقنيات أو تكنولوجيا تذهب للنظام السوري، وقد تستخدم في القمع والعنف ضد السوريين.
خطة سورية لمواجهة القانون..
ردًا على القانون؛ أعلنت حكومة، “عماد خميس”، التابعة للنظام، خطة في أعقاب دراستها للآثار الاقتصادية السلبية، لقانون “سيزر”، فيما لو أقره الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، بشكل نهائي، حيث كشفت الحكومة عن إتخاذ عدة إجراءات استعدادًا للمزيد من الحصار الاقتصادي من قِبل “الولايات المتحدة الأميركية”.
عن الخطة؛ قال “خميس”؛ إن حكومته سوف تقوم على مبدأ الإعتماد على الذات في مواجهة المتغيرات والتحديات القادمة؛ عنوانًا للعمل والأداء التنفيذي، لافتًا إلى: “حتمية إتخاذ قرارات جريئة وغير تقليدية تصب بإتجاه تأمين مستلزمات واحتياجات المواطن كأولوية متقدمة في عمل الحكومة، حتى لو إقتضى ذلك إعادة توجيه مسارات الإنفاق في قوام الموازنة العامة، بحيث يكون التركيز على المشاريع الإنتاجية والصغيرة في كل محافظة والاستمرار بخطة إصلاح مؤسسات القطاع العام الاقتصادي”.
مضيفًا أنه سوف يتم التركيز “على تأمين مستلزمات الدولة الأساسية والاستمرار في تعزيز العملية الإنتاجية، لاسيما بالنسبة، (للنفط والقمح والدواء)، إلى جانب مستلزمات الجيش العربي السوري ورفع وتيرة الكفاءة في استثمار الموارد المتوفرة والاستفادة من كل المقومات الاقتصادية المتاحة، بالتزامن مع إجراءات وخطوات نوعية لإعادة ضبط آليات الإنفاق وتوجيهها في إتجاهات محددة تخدم أولويات الدولة والمواطن وترشيد عمليات الشراء والاستيراد التي تستنزف القطاع الأجنبي، وحصر ذلك بالضروريات الملحة والتوجه نحو شراء منتجات الصناعة السورية”.
يحاول استغلال الفكرة لزيادة الضغط على المواطن..
هذا؛ ولم يوضح “خميس” كيف سيتم العمل على الإجراءات السابق ذكرها، غير أن مراقبين أشاروا إلى أن النظام يحاول استغلال فكرة “العقوبات الأميركية”، لزيادة الضغط على معيشة السوريين، وتبرير ذلك بالحصار الخارجي.
حيث تسعى وسائل إعلام النظام إلى تصوير القانون على أنه سوف يطال بالدرجة الأولى لقمة عيش الشعب السوري، بينما أعلنت “أميركا” أن عقوباتها سوف تطال شخصيات سياسية في النظام، لكي تنال جزاءها الجنائي على الجرائم المرتكبة بحق الشعب السوري، ولم تشر من قريب أو بعيد إلى أية إجراءات اقتصادية عقابية، سيما وأنه لا يوجد أية علاقات اقتصادية بين النظام و”أميركا” أو غيرها من الدول الأوروبية.
خطوة في الإتجاه الصحيح..
ورحب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، “عبدالرحمن مصطفى”، بالقرارات الأميركية، وكتب في تغريدة إن إقرار، “قانون سيزر” الأميركي، وتوسيع العقوبات الأوروبية ضد نظام الأسد “خطوات في الإتجاه الصحيح، ويجب أن تنفذ فعليًا بدون مزيد من التأخير”، مضيفًا أنه: “من الضروري أن تترافق العقوبات الأميركية مع إجراءات قضائية تمنع إفلات المتورطين من العقاب، وتدفع بإتجاه خطوات عملية نحو الحل السياسي وفق القرارات الدولية وبيان جنيف”.
وكان قانون “سيزر”، وهو مشروع قانون قد أقره “مجلس النواب الأميركي”، (الكونغرس)، في 15 تشرين ثان/نوفمبر 2016، وينص على معاقبة كل من يقدم الدعم لـ”نظام الأسد”، ويلزم رئيس “الولايات المتحدة” بفرض عقوبات على الدول الحليفة لـ”الأسد”.
كما يتضمن القانون قائمة بأسماء مسؤولين في النظام، بمن في ذلك “بشار الأسد” وزوجته، “أسماء”، ومسؤولون في الأمن السياسي وقادة عسكريون في “سلاح الجو والاستخبارات العسكرية”، بالإضافة إلى “المصرف المركزي السوري”.
قرار مُلزم..
وقال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، “فضل عبدالغني”، أن هناك نقاط عدة مهمة في قانون “سيزر”، منوهًا إلى وجود حالة من الإحباط لدى السوريين من القرارات الدولية ومخرجات “مجلس الأمن” وغيرهما، ولكن “قانون سيزر” مختلف تمامًا، فهو قرار مًلزم بأعلى الدرجات، ولا تساهل بالتعامل معه، وأي خرق لهذا القانون يعني الخضوع لـ”العقوبات الأميركية” التي تصنف الأقسى في العالم.
هذا القانون يعاقب كل من يوفر أي دعم للحكومة السورية أو حتى مسؤول رفيع في النظام، سواءً كان تقنيًا أو ماديًا، ويشمل حتى القوات الروسية والإيرانية.
مؤكدًا أن هذا القانون لا يشمل فقط الدول أو المنظمات التي تدعم أو تفكر بدعم “النظام السوري”، بل بنوده تشمل الأفراد، وأي شخص يقدم دعمًاً لـ”النظام السوري” فهو سيقع تحت طائلة “العقوبات الأميركية” الأخيرة.
تم تمديده لعشرة سنوات قادمة..
وأشار “عبدالغني” إلى أن القانون مدته عامان، إلا أنه تم تمديده هذه المرة لمدة عشر سنوات، ومن المستحيل أن يصمد “النظام السوري” أمام مقاطعة العالم له، بما فيها الشركات الإيرانية والروسية التي ستصبح عاجزة عن تقديم المعونات لـ”الأسد”، والخضوع لـ”العقوبات الأميركية” هو حدث بغاية الخطورة، والبنوك لا تستطيع تجاوز هذا القانون، بمعنى آخر هي سياسة إفلاس لتلك الأطراف.
ومن شأن هذا القانون؛ أن يدفع كل الدول لإعادة حساباتها مع “النظام السوري”، ولم يُعد بإمكانها دعم “الأسد” اقتصاديًا أو غيره، وبالتالي إعادة العلاقات مع “دمشق” لم يُعد له أي قيمة واقعية، وكذلك الدول التي كانت تفكر بتطبيع العلاقات مع النظام خلال الآونة القادمة.
ووصف “عبدالغني”، هذا القانون، بـ”الإنجاز التاريخي”؛ ويستحق من السوريين الاحتفال، وهو أمر يُسعد كل سوري وقف في وجه “النظام السوري”، وفي المقابل هو إذلال لـ”الأسد” و”إيران” وحتى “روسيا”، وكل جهة دعمت أو مولت “الأسد” خلال السنوات الماضية.
تحذير بهجرات إضافية..
فيما هدد الكاتب والنائب في “مجلس الشعب”، التابع للنظام السوري، “نبيل صالح”، الدول الأوروبية بهجرات إضافية من السوريين، إذا ما أقرت “الولايات المتحدة الأميركية”، القانون.
وأبدى “صالح” تخوفه من أن “تتكرر مأساة حصار العراق، (1990 ـ 2002)، في سورية”، عبر قانون “سيزر”، لافتًا إلى أن القانون يهدف لذات الشيء، أي حصار “سوريا”، بعدما فشلت “واشنطن” بكسر “إرادتنا عسكريًا”، بحسب قوله.
ودعا “صالح”، في منشور كتبه على صفحته الشخصية على، (فيس بوك)، إلى الاجتماع “على خطة وطنية لتدعيم صمود الشعب، والتي تبدأ بالخلية الأولى للدولة، (المواطن)، عبر تخفيف القيود عليه ودعم مقومات معيشته اليومية”، مشيرًا إلى أن الأيام القادمة صعبة و”واشنطن مُصرة على سرقة ثرواتنا الباطنية”.
وقال “صالح”: “فلنتحالف مع بعضنا أولاً بدلاً من الاستمرار في التخوين والانقسام، ولنراجع دروس العراق لتفادي ما أمكننا من ويلات الحصار”، ثم وجه كلامه لما أسماه، “دول الغرب الاستعماري”، مهددًا إياها بـ”موجات هجرة إضافية للسوريين بسبب مضاعفة الحصار عليهم”.