23 نوفمبر، 2024 7:30 ص
Search
Close this search box.

ميسان ..(مملكة الشعر) و (سلطانة الإبداع) و(كنوز الكلمة)!!

ميسان ..(مملكة الشعر) و (سلطانة الإبداع) و(كنوز الكلمة)!!

ميسان.. هي (مملكة الشعر) و (سلطانة الإبداع) وهي معقل (صناعة الكلمة) على مر الزمان بل هي (الكنز الثمين) الذي لايقدر بثمن!!

وفي ميسان أقام مبدعوها (إمبراطورية الشعر) بعد إن ضبط (فرسان الكلمة) إيقاعها بالأوزان،وما يزال صهيل خيلهم يذكرهم بشعراء الحماسة ومن هاموا بعشق ليلى العامرية، وما تفتقت به عبقرية قيس الملوح وجميل بثينة وأبي الطيب المتنبي،وأبي فراس الحمداني ، وهم الذين كانوا الناطقين بإسمها ولسان حالها ، وآخرون ودعوا القوافي ، لكنهم حافظوا على سارية الشعر وبقيت أعمدته هيابة ترفل بالعز على مر الزمان !!

ربما لا تمتلك محافظة من محافظات العراق ، مثلما تمتلكه محافظة ميسان ، من جواهر الأدب والثقافة والفن وأساليب صقل الكلمة ، وإعادة صياغة جواهرها النفيسة، لتلج بحور الإبداع ، وقد حولها شعراؤها ومبدعوها الى لآليء ودرر وقلائد ذهب وماس ، ترتديه العرائس وملكات الجمال ، وعيون الصبايا سمرات السحنة وخضراء العيون ومن سود العيون وبيض الغزلان، ومن يتلذذ في عشقهن الشبان والرجال، ما يكاد يشكل عالم (إمبراطورية العشق) التي لها عالمها الخاص، حتى يخيل لمن يغوص في أعماق تأريخها أن الكلمة ولدت هنا، ومن ثم إنتشرت حروفها بين أصقاع الدنيا، لتعلم العالم كيف يكون الشعر، وكيف تتحول حروف الكلمة الى براكين وحمم تلهب الصدور ، وتشيع الحماس ، وتداعب نيران العشق والمحبة، وتبقى نيرانها (صديقة) ، حتى وإن أحرقت القلوب ، وغاصت في بحور الحزن العراقي الأصيل، الذي ليس بمقدور كل أحزان الدنيا، أن تصل الى حجم الأسى واللوعة والحرمان، وهم يؤدون رقصات الحزن على أنغام الشعر ، حتى أبدعوا وصالوا وجالوا،وقد تسلقوا قمم الجبال الشاهقة،وإرتقوا بعالم البلاغة الشعرية، الى أعالي المجد ، وهي تداعب الكواكب والنجوم ، والطبيعة وسحرها الخلاب ، وترى قلوب البشر وهي خفاقة ترفرف مثل طائر جميل ، يبحث عن بقعة خضراء يحط بها ، ليملأها بهجة وحبورا!!

ما أروعك ياميسان..ياثروة العقول..ويامياه دجلة الخالد، وفيك من مسطحات المياه في أهوارها الجميلة ما يحولها الى جنات غناء ، وفيك من الشموس والأقمار ما يخفف عنا عبء المصاب، من نوائب الدهر، التي يبدو أن أحزاننا وهمومنا أصبحت هي أقدارنا ، التي نأكل منها ونشرب الكؤوس المترعة بنيران الحزن، التي لم تنطفيء جذوتها منذ مئآت القرون!!

أكثر من 75 شاعرا ، من نوابغ الكلمة ، والعشرات الآخرين من كتاب القصة والرواية ومختلف فنون الإبداع الإنساني،في ميسان ،هو ما يشكل من وجهة نظري، (الخزين الستراتيجي) الذي لايقدر بثمن، وهو يفوق في قيمته الإعتبارية أقيام كل بحيرات النفط في تلك المحافظة التي هي بأمس الحاجة الى من يرفع عن كاهل أهلها ظلم الزمان، وهي المحافظة التي كانت في عصور ضاربة في التاريخ (مملكة) تناوب على حكمها مايقرب من (28) ملكا، كما تروي مصادر التاريخ، ولم يعرف ملوكها أن العراقيين متعددو الولاءات والأقوام والملل ، وأنهم لاتعجبهم الدكتاتورية مثلما حولتهم الديمقراطية الى كيانات هشة خربة، لم تعد لآثار مملكتهم وعروشها ما يزرع الأمل في نفوس العراقيين بأن بمقدورهم أن يشيدوا وطنا جميلا ، يداعب مخيلة الحالمين بدنيا ، ترتقي بالبشر الى مستوى أحلامهم، حتى وإن كانت متواضعة، بل لم تحقق لهم جمهوريات (الأغلبية والأقلية) و(ممالك التوافقات) المشوهة ،و(دكاكين السياسة) و(مجاميع الجهل) و(سلطة الأحزاب) التي تردد شعاراتهم أبسط ما يتمنون ويحلمون، وهم الذين كانت الدنيا تنهل من عقولهم ومعالم إبداعات رجالاتهم وما أثرت به قريحتهم ، ما يشكل إمبراطوريات كبرى تفرش لهم الدول (السجاد الأحمر) ، تكريما لأؤلئك النجوم والأقمار التي ملأت الارض بما يعلي شأن كل متطلع الى حيث ألاماني المشروعة والأحلام السعيدة الهانئة ، التي جد في ساحة أوطانها ما يرفع قامات شعبها ومبدعيها، الى علياء السماء!!

ما يذهلني من كنوز تلك المحافظة ، ميسان الشعر والكلمة ، خزينها الستراتيجي من شعرائها وكتابها الكبار الذين أبدعوا وأثروا ألادب العراقي بمختلف فنونه وأشكاله ، وظهر بينهم أسماء لامعة من فحول الشعراء ، العمودي والشعر الحر والشعر الشعبي ، حيث يعد الأخير (علامة بارزة مشرقة) في التأريخ العراقي، مثلما تعد قصائد الشعراء الشعبيين في محافظة ميسان ، بمثابة لآليء تصطف في عرض جمالي وبلاغي وقيمي وغزلي يكاد يفوق الوصف، إذ تقف الكلمة حيرى ، حين تداعب أؤلئك (الصاغة العظام) من (عطر الكلام) وما نهلته أفئدتهم من نبع عراقهم الصافي الأصيل ، وهم ينثرون حروف الحزن العراقي ، ويتقنون فنون اللغة وآدابها ، ويعرفون كيف يحولون الكلمة الى (براكين) تشعل القلوب وتغلي الضمائر وتحرك الوجدان ، وهذا العدد الكبير من الشعراء وكتاب القصة ومن ولجوا عوالم الفن والأدب والثقافة ، حتى ليخيل لي أني أمام (مملكة عظمى) ، تزخر بحكمة بملوكها العظام ومن شيدوا لها الدساتير وأنظمة الحكم المستقرة، ، وهم من يشكلون نظام حكمها، بلا أغلبيات أو أقليات!!

كان مبدعو محافظة ميسان من الشعراء والكتاب والفنانين هم (سلاطين الكلمة) وهم من أقاموا (مملكة الشعر) وهم من صقلوا حروفها وأعادوا سبكها من معادنهم النفسية ، وهي تتراقص بين ألسنتهم ، وما بين ثنايا وجدانهم ومشاعرهم وآهاتهم ووجعهم ، ويحولون تلك المعادن الى (شراب لذيذ) تنهل منه أفئدة العشاق والمحبين ومن ولجوا بحور الغرام والهيام بحبياتهم ، ومن أعادوا صياغة الكلمة ، ونحتوا منها ما دررا ولآليء ونياشين فخر وقلائد ، يرتدها أبطال الكلمة ومفجرو عوالم الإبداع ، وهم يتألقون في سماء المجد العراقي ، وكأنهم يعادلون كنوز الدنيا ، وهم الثروة الكبرى التي تفوق ثروة آبار نفطهم، التي لم تعد عليهم بنفع أو تقدم لهم خدمة ترتقي الى مستوى تلك العقول التي إحتضنتها (إمارة الشعر) و(سلطنة الإبداع) ، وها هي ثمرة تلك العقول ، تشكل بيادر عطاء وقيمة كبرى لاتقدر بثمن!!

ومن الشعراء الفحول التي بزغت في شمس ميسان وأرضها الطاهرة الشاعر العراقي الكبير المرحوم عبد الرزاق عبد الواحد والشاعرة والأديبة لميعة عباس عمارة والشاعر والكاتب مالك المطلبي، والشاعر عيسى حسن الياسري وآخرين!!

ومن الشعراء الشعبيين المعاصرين،الشاعر الشعبي سعدون قاسم، والشاعر الشعبي سعد محمد الحسن الذي اعده رائد الشعر الشعبي وحافظ قيمه الرجولية الاصيلة وغيرهم كثير لا تسعفني الذاكرة بسرد أسماءهم!!

ومن شعراء العمودي والشعر الحر وممن تربطنا ببعضهم روابط لاتنسى ، منهم زملاء الزمن الجميل الشاعر صباح السيلاوي والشاعر الدكتور سعد ياسين يوسف سعيد الهماش ، ومن كتاب القصة المميزين الدكتور ماجد فاضل زبون الذي يعد (جوهرة ميسان) في الخلق الرفيع والتواضع والعشرة ، ولديه خبرات إعلامية متقدمة تشكل مصدر فخر لكل مثقف أديب..وقد عملنا معه في الصحافة لسنوات كانت مصدر فخر لنا، وهناك شعراء كثيرون مبدعون من أمثال : علي كاظم خليفة العقابي ، والشاعر المخضرم خليل الزبيدي وعبدالحسين بريسم، وحسب الشيخ جعفر وعيسى حسن الياسريِ، والفنان أمير ورعد شاكر وحطام إدهيم وحامد البياتي ورعد زامل وحامد حسن الياسري وحيدر الحجاج ونصير الشيخ وحامد عبد الحسين حميدي وعصام كاظم جري وعلي سلمان الموسوي وشاكر داخل ولي ود. سراج محمد وآخرين كثيرين.

ووقع اختياري على قصيدة (بس تعالوا) للشاعر الشعبي الكبير سعدون قاسم ، الذي غنى قصائده الكثير من نجوم الغناء العراقي ومنهم سعدون جابر وكريم منصور، والذي أعجبت بكلمات قصائده حد الهيام..وأعرض لكم كلمات تلك الاغنية الرائعة والتي تعد ( بركانا) في عالم الأغنية ..بس تعالوا..التي ذكرنا بها الشاعر صباح السيلاوي ، وهي التي أثارتني لكتابة هذا المقال تكريما لـ (سلاطين الكلمة) و (ملوك الإبداع) في محافظة ميسان..!!

تعالوا رددوا معي رائعة قصيدة الشاعر سعدون قاسم..بس تعالوا..

بس تعالوا

وفرحوا روحي معذبتني تريدكم

سهري ما مر عالليالي

حالي حال الشمعة حالي

والله لو احجيلكم

من أول حجاية تهلّ دموعكم

بس تعالوا

وفرحوا روحي مدولبتني تريدكم

……………

حاير أشكي الحال بعدك

وحاير المن اشتكيك

حسابي خليته اعلى روحي

هيه دلَّتني عليك

تعذَّبتْ باول شبابي

وهذا مو أول عذابي

بس تعالوا

……………..

يالبنيت الشوك عاود

انت باقي انت الحبيب

تدري بغيابك حبيبي

حتى بين اهلي غريب

بس تعال وشوف حالي

شعذّبت كَلبي الليالي

بس تعالوا

……………….

بس تعالوا

ولو اجيتوا

جفوفنا نحنّيها

وكَلوبنا الما تنسى همكم هلبت انسيها

هلبت بختنا يجيبكم

ونشم روايح طيبكم

وما أصدّك حتى لو جيتوا وكَعدتوا

عيوني احس بيهن غشا وما كَولن انتو

لأن صرتوا مستحيل

لا تجوني لانهار ولا بليل

صرتوا بس ذكرى عزيزة وما تغيب

صرتوا بس جروح بيه وما تطيب

بس تعالوا..

ولو إجيتوا

كل عزيز بعمري أطشَّنَّه فدى لعيونكم

أحدث المقالات

أحدث المقالات