22 نوفمبر، 2024 8:17 م
Search
Close this search box.

من اكتشف قبر الأمام علي (ع)

من اكتشف قبر الأمام علي (ع)

من اعتدى على القبور ..؟ مع جولة فكرية في تاريخ الروايات التي تتعلق باكتشاف قبره الشريف
(أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَىٰ إِمَامًا وَرَحْمَةً ۚ أُولَٰئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ۚ وَمَن يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ ۚ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِّنْهُ ۚ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ)…( هود-17)
توطئة
يتفق الجميع على جاذبية الإمام علي (عليه السلام) ورمزيته العليا التي ينفرد بها , وبنفس الوقت هو الرجل الذي اجتمعت فيه الأضداد, من فترة طفولته إلى مرحلة شبابه وجهاده في سبيل الإسلام إلى يومنا هذا , فهو بالمقدار الذي أحبه بعض الناس , فقد كرهه آخرون كرها عقائديا لا يطيقون سماع اسمه الى يومنا هذا يكرهونه , وهو في قبره بعد موته قبل أربعة عشر قرن.

هذه النقطة غير خافية ولا تحتاج إلى توضيح , فهو بالقدر الذي حمل صفات غاية في الكمال والإنسانية , وأحبه الناس حبا فطريا وعقائديا كونه أوصى بحبه رسول الله (ص) في اكثر من عشرين حديث توجب على المسلمين حبه وأتباعه . وهذا الأمر لا يحتاج إلى تدليل كونه من الأمور المستفيضة ..

وأصبح حبه مقرونا بحب الرسول وحب الله.. وكرهه كرها للرسول ولله تعالى . روى العلامة الخطيب الخوارزمي بإسناده عن ابن عبّاس قال:قال رسول الله(ص): ” لو اجتمعَ النّاس على حبّ عليّ بن أبي طالب لَما خلَقَ الله عزّ وجلّ النار “( [1] ). وهذا الامر مفروغا منه ولا اريد التكرار والزيادة ..

ان البغض العقائدي سبب أساسي للانتقام من الغريم , ولذا حارب اعداء علي(ع) اسمه ورمسه وقبره .. وحينما اظهر قبره ابناءه المعصومون عليهم السلام , واصبح كعبة العاشقين وملاذ الامنين , وضعت روايات تعطي من هدم قبر ولده الحسين(ع) والبنية التي كانت على قبره الشريف . وقطع السدرة التي يستظل تحتها زوار الحسين(ع) .. فأعطوه منقبة غير جدير بها انه هو ممن اكتشف قبر امير المؤمنين (ع) في النجف , سنذكرها لاحقا ..

غير ان قوة الإعلام العباسي الذي تمكن من تمرير القصة الكاذبة باكتشاف قبر الإمام أمير المؤمنين (ع) وعدم اعتماد عشرات الروايات التي وردت ان الإمام الصادق (ع) هو من اكتشف القبر واشار اليه قبل مجيْ هارون هارون وغيره الى الكوفة ..

وقد بينت في مجلس خاص ( عن تاريخ القبور ونبشها وإخفاءها في الإسلام ) بمناسبة شهادة مولاتنا الزهراء(ع) وتطرقت لإخفاء قبر الإمام علي (ع) وكيف أشار له الإمام الصادق.. وذكرت روايتين , كانت ردة فعل من بعض المستمعين .. الذين طلبوا ان نكتب كتابا خاصا بهذا العنوان , لتكون الفائدة اعم واوسع .. ولتاكيد الموضوع اذكر هنا بعضا من المصادر التاريخية التي جاءت مؤيدة لما ذهبت اليه .. واليك بعض الروايات التي تؤكد بغض علي وأبناءه عليهم السلام .

لمّا كانت التربة الدامية لسيد الشهداء (ع) مصدر إلهام على طريق مقارعة الظلم، فقد كان قبره على الدوام موضع تكريم يتحلقون حوله الأحرار، ومما ضاعف من شدّة ذلك لتكريم تأكيدات الأئمة على ضرورة زيارة قبره الشريف، وهذا ما جعل الحكام الظلمة يستشعرون الخطر من هذا الجانب دائماً ويعملون (على هدم قبره). لاحظ النص ( هدم قبره) فكيف اشار الى قبر ابيه..؟

وتقول الرواية : منذ عهد بني أمية كانت زيارته ممنوعة وتخضع لرقابة، الي (عهد هارون العباسي) حيث قطعوا السدرة التي يستظل به زواره([2] ) حتّى عهد المتوكّل العبّاسي حيث بلغ المنع والتشدّد ذروته، والى عهد سلطة الوهابيين وغارتهم على كربلاء وهدم مرقده الشريف، وهذه تنم بأجمعها عن مدى الرعب الذي يشعر به أعداء الحق وأهل البيت من إشراقة هذه الشموس المنيرة.

أنشأ المتوكّل العباسي نقطة قرب كربلاء وأمر أتباعه بقتل كلّ من يأتي لزيارة الحسين( [3] )، وهُدم قبر الحسين بأمر المتوكل 17 مرّة،( لاحظ النص 17 مرة ) وفي أحد المرّات أمر “ديزج اليهودي” بهدم القبر وتغيير موضعه وتبديل معالمه، وحتى أنّه ذهب بنفسه وغلمانه نبشوا القبر حتى بلغوا الحصير الذي لف فيه جسد الإمام وإذا به تفوح منه رائحة المسك، فهالوا عليه التراب ثانية وقطعوا الماء وأرادوا حراثة الأرض لكن الأبقار التي تجر المحراث وقفت عن المسي( [4])..

وهذا النص يبين صحة رأينا في عدم اكتشاف قبر الإمام (ع) من قبل هارون .. أليك النص ..في إحدى المرّات أمر هارون العباسي (والي الكوفة بهدم قبر الحسين بن علي)(ع) فشيّدوا في تلك البقعة بعض البنايات وزرعوا سائر الأراضي( [5] ).

بلغ المتوكل أن أهل السواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره منهم خلق كثير، فأنفذ قائداً من قوّاده (وضمّ إليه عدداً كثيفاً من الجند لنبش قبر الحسين ومنع الناس من زيارته والاجتماع إلى قبره)، فخرج القائد إلى الطف وعمل بما أمر به، وذلك في سنة 237هـ، وفي موسم الزيارة، تجمّع الناس مرّة أخرى وثاروا ضد عناصر الخليفة وقالوا لهم: لو قُتِلنا عن آخرنا لما امسك من بقي منا عن زيارته، فلمّا وصل الخبر إلى المتوكل أبرق إلى قائده بالكف عنهم، والمسير إلى الكوفة مظهراً أنّ مسيره إليها في صالح أهلها([6])…

قصيدة الشاعر الشيخ المرحوم عبد المهدي مطر حين وضعوا بابا مذهبا على القبر الشريف

لعلع ببــــــــــــــــــابِ عليٍ أيها الذهبُ ** وأخطفِ بأبصار من سَروا ومَن غضِبوا

وقـل لمن كان قد أقصـــــــــاكَ عن يدهِ ** عــــــذراً إذا جئت منك الـــــــيوم اقتربُ

لــــعـل بـادرةً تبدوا لحيــــــــــــــــدرةٍ ** أن ترتضيــــك لها الأبـــــــــــواب والعُتبُ

فــقـد عـــــهدناه والصفراءُ منكـــــرةٌ ** لعينـــــــه وسنـــاها عنـــــــــده لــــــهبُ

مــا قيمة الــــذهبِ الوهُـــاج عنَد يــد ** ٍ على الســواءِ لديـــــها التبــــرُ والتـرُبُ

بلّـــــــغْ معـــــــــــاويةٌ عنــــــي مغلغلة ** وقـــل لـــــه وأخــــ و التبليــــغ ينتدبُ

قـم وأنضر الــــعدلَ قد شـيدَتْ عِمارتُهُ ** والجـــورُ عنـــــدَك خـــــزيٌ بيـتُهُ خرِبُ

قــم وانظر الكعبةَ العظمـــــى تطوفُ به ** حـشــــــْد الألوفِ وتجثوا عندَها الرُّكَبُ

تأتــي إليـه من أقاصــــي الأرضِ طالبةٌ ** وليــــس إلا رِضـــــا البـاري هو الطَّلبُ

قـــل للمُعربِدِ حيـــــثُ الكأسُ فارغـــــةٌ ** خَـفّـض عليــــك فلا خمـــــــر ولا عتنبُ

سمَّوكَ زوراً أمــيرَ المؤمنـينَ وهــــــل ** يــرضى بغــيرِ علـــــــيٌّ ذلـــــــك اللقبُ

هـــذا هو الرأسُ معقـــــودٌ لهامتِـــــــهِ ** تـــــــاجُ الخِــلافةِ فأخســـــــأ أيُّها الذنبُ

يــــا بابَ حِطَّةَ سَــــــــمعاً فالحقـيقةُ قـد ** تَكشَّـــفت حيــــ ثُ لا شـــكُ ولا ريـــــَبُ

المقدمة

يبين لنا التاريخ الإسلامي ان الذين عاصروا الإمام علي (ع) ولمسوا لمس اليد عظمته ووجدوا فيه خصال إنسانية يحبها أي انسان يحمل صفات كريمة وطيبة … هؤلاء أحبوه وناصروه وبذلوا مهجهم دونه لأنهم رأوا فيه المثل الخالد المجسد للإسلام وقيمه ..

وغالى آخرون في حبه وتقديسه ووجدوا فيه خصال لم يجدوها في غيره , فقدسوه وعبدوه، هذا ليس فيه عجب,إنما العجب أنه يأتي قوم في عصور تفصلها عن عصر الإمام عشرات القرون، ومنهم من يولد ويشب في بيئات لا تؤمن بدينه ولا تسير على منهجه،ولا تعترف بعقيدته ..

مع ذلك تبهرهم عظمة شخصيته ويشدهم سمو مواقفه وتسحرهم حكمته وبلاغته وعدله .. فيعشقونه ويشهرون حبهم له على رؤوس الأشهاد من خلال مواقفهم المنصفة التي تتردد أصداءها ذاكرة التاريخ، وتهتف بها جنبات الكون، فكيف بنا نحن أبناء الإسلام .. حين نلفت جيدنا إلى تاريخه فلا يسعنا إلا أن نحبه ونعشقه، فإنه فتى ليس له نضير في عالم الإنسانية ,عالي النفس، يفيض وجدانه رحمة وبراً، ويتلظى فؤاده رحمة بالفقراء,كان أشجع الشجعان ,ولكنها شجاعة الشرفاء شجاعة ممزوجة برقة، ولطف، وإنسانية وحنان ..

علي(ع) تربع على قمة العظمة البشرية علماً.وعلي(ع) يحتل الدرجات العُلى حسباً.. ونسباً.. وشرفاً.ليس في العرب فقط .بل في كل الإنسانية ..علي (ع) ينطوي على روح الإباء التي ترفض الدنايا رفضاً مطلقاً..علي(ع) نضجت في نفسه المقدسة، سنابل الرحمة، وحب الخير للناس أجمعين،

** ولا أريد الأطناب في صفات هذا الرجل , ولا اكرر ما كتبه من كتب عنه قبلي وما سيكتبه الكتاب بعدي .. ولكن العجيب في هذا الرجل انه حين نكتب عنه تتجلى أمامنا رأفته وحنانه المقرون بحب إسعاد الناس.. في عهده للأشتر النخعي الذي بعث به والياً على مصر – ذلك العهد الفذ الرائع.. الذي قال له فيه من جملة ما قال: (وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبة لهم، واللطف بهم.. ولا تكونن سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنهم صنفان، إما أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخلق..وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق، وأعمقها في العدل، وأجمعها لرضى الرعية…)، ولكي تستقيم له أمور الرعية على الوجه الذي يأمن معه العثار، ويقول له: (وأكثر مدارسة العلماء، والحكماء.. في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك، وإقامة ما استقام به الناس قبلك).ثم يفقهه المسلك الذي فيه سعادته، وصلاح الشعب وهناؤه.. فيقول له: (إن أفضل قُرّة عين الولاة استقامة العدل في البلاد، وظهور مودة الرعية، وإنه لا تظهر مودتهم إلا بسلامة صدورهم)( [7] )

وكتب عنه الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي في كتابه (علي وبنوه) – وقد ذكر ما شمخ أمام علي (ع) من مصاعب – فيقول: (وجد علي نفسه.. صدق إيمان بالله، ونصحاً للدين، وقياماً بالحق، واستقامة على الطريق المستقيمة، لا ينحرف ولا يميل، ولا يُدهِن في أمر الإسلام في قليل ولا كثير، وإنما يرى الحق فيمضي إليه، لا يلوي على شيء، ولا يحفل بالعاقبة، ولا يعنيه أن يجد في آخر طريقه نجحاً أو إخفاقاً، ولا أن يجد في آخر طريقه حياة أو موتاً، وإنما يعنيه كل العناية أن يجد أثناء طريقه وفي آخرها رضى الله … ويقول: (له فضائل كثيرة يعرفها له أصحاب النبي على اختلافهم، ويعرفها له خيار المسلمين من التابعين ويؤمن بها أهل السنة، كما يؤمن له بها شيعته)اهـ ( [8]).

مثل هذا الرجل لا بد ان يكون عدله سببا للتصادم مع المنتفعين والانتهازيين .. فأرادوا الانتقام منه وتتبعه بعد موته .. ارادوا ان ينتقموا من الحق والعدل المتمثل به .. فبيتوا نوايا خبيثة ان يستخرجوا جسده الطاهر ويمثلوا به . ولكن الإمام وأبناءه عليهم السلام فوتوا الفرصة عليهم من خلال إخفاء قبره وتم الكشف عنه قبل عام 130 هجرية ..من قبل ولده الإمام جعفر بن محمد الصادق(ع) ..

وحين ظهر القبر وأصبح كعبة العشاق وتتهافت عليه القلوب قبل الأجساد , أرادوا ان يجدوا لأزلامهم منقبة باكتشاف قبره , وروجوا لهارون الحاقد على علي وأبناءه(عليهم السلام ) كونه عاش في فترة اكتشاف قبر الإمام علي بن ابي طالب(ع) فكتبوا رواية كاذبة غير دقيقة إن هارون العباسي هو من اوجد القبر من خلال كلاب وصقور ..!!

في هذا الكتاب سنسلط الضوء على الروايات التي وردت في موضوع استكشاف قبر الامام علي(ع) ودراسة الرواية ومحاكمتها , ومدى صدقها من كذبها .. نسال الله لنا ولكم القبول ..

القبور في المعتقدات القديمة

في تاريخ العراق مدينة أُور،‏في سُومر بأرض بابل.‏ كانوا يقيمون احتفالا كبيرا حين يدفنون ملكا من ملوكهم ويشيعون موتاهم بمواكب كبيرة حين دفن الجنازة , ويزينون القبور باروع التحف الفنية السومرية في حجرة القبر الداخلية،‏ • بعد انتهاء المراسم الدينية يأخذ الجميع دون استثناء كؤوس صغيرة جلبوها معهم مصنوعة من الفخار او المعدن،‏يشربون من سائل مُعدٍّ خصوصا للمناسبة ثم تُنحَر الحيوانات بعدها يردم النفق المؤدي إلى داخل القبر.‏ ففي اعتقاد السومريين،‏ ان الإله-‏الملك يقود عربته المدفونة معه الى العالم الآخر،‏.

عندما كان عالِم الآثار السير ليونارد وولي ينقِّب عن الآثار في جنوب العراق،‏ اكتشف ١٦ قبرا ملكيا في مقبرة أُور القديمة.‏” بصيرة في الأسفار المقدسة أور فهرس ١٩٨٦ (فه٨٦-‏١٦)‏..

ــــ اما في تاريخ الحضارة الصينية .. في عام ١٩٧٤،‏ كان بعض المزارعين يحفرون بئرا قرب مدينة سِيان, عثروا على بقايا تماثيل فخارية واجزاء برونزية من أقواس النشّاب،‏ واكتشفوا مقبرة الإمبراطور كين المدفون منذ ١٠٠‏٢ سنة والمؤلف مما يزيد عن ٠٠٠‏٧ تمثال من الصلصال لجنود وأحصنة اكبر من الحجم الطبيعي،‏ توحي الى تشكيلة عسكرية للجيش الامبراطوري الصيني الذي وحَّد الممالك المتحاربة في الصين سنة ٢٢١ ق‌م.‏

** لا أريد أن أتنقل في الجوانب العقائدية للأمم والشعوب جميعا في طقوس مدافن موتاهم اكثر من هذا الإيجاز , ولكن غايتي ان يطلع القارئ اللبيب على مدى احترام الأمم لموتاهم وقبور ملوكهم وشخصياتهم .. لان المقارنة بين تاريخنا الإسلامي مع الأسف وتاريخ تلك الأمم يظهر بونا شاسعا من الاحترام والتقدير للميت عندهم ..رغم اننا نمتلك رصيدا شرعيا واضحا في وجوب احترام القبر واحترام الميت , وعدم التمثيل به بعد موته . وهذا ما اكده الرسول الكريم محمد (ص) وأكده أئمتنا عليهم السلام في اكثر من موضع من حياتهم الشريفة .( [9] )..

بينما في معتقدات الأديان السماوية الإبراهيمية وغيرها من الاديان التي يبلغ تعداد معتنقيها أكثر من 3 ثلاثة مليار تابع لها في العالم اليوم، تابعة للأديان السماوية الإبراهيمية فالأديان الإبراهيمية (أو الديانات السماوية كما تعرف في العالم العربي) هي الأكثر تأثيراً في ثقافة العالم اليوم.( [10] )

على الرغم من الخلافات التي تبدو كبيرة اليوم بين الأديان الإبراهيمية الثلاثة، وحتى بين فروعها المتعددة، ولكنها تشترك بجذر موحد دون شك. فبالدرجة الأولى تتشارك جميعاً قصة الخلق الاول ووحدوية الإله، وكذلك الوصايا العشر لموسى (والتي وإن لم تكن النصوص الإسلامية تذكرها بنفسها، لكنها بالتأكيد تذكر محتواها).( [11] )..

وهناك شعب يسمى الڤايكنڠ شعب مولع بالحرب،‏ اعتقدوا انهم في حال موتهم في المعركة يذهبون الى بيت الآلهة،‏ وهو مكان يسمّى اسڠارد.‏ هناك «يمكنهم خوض الحرب كل النهار وتناولون الطعام في الليل»،‏ كما تقول دائرة معارف الكتاب العالمي ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ ويجرون مراسم دفن تتضمن تقديم الذبائح البشرية.‏ يقول كتاب الڤايكنڠ ‏(‏بالانكليزية)‏:‏ «عند موت احد الأعيان،‏ كان العبيد والخدم يُسألون هل يودّون ان يموتوا معه».‏

وفي بلاد ما بين النهرين كان الأولاد يُدفنون مع ألعابهم.‏ وفي بعض أنحاء بريطانيا القديمة كانت المأكولات،‏ مثل فخذ الخروف،‏ تُدفن مع الجنود لكيلا يبدؤوا حياتهم الاخرى جائعين.‏ وفي اميركا الوسطى،‏ كان أفراد الأسرة المالكة عند شعب المايا يُدفنون مع مصنوعات من اليشم،‏ وهو حجر كريم اخضر اعتقدوا انه يمثِّل نفَس الكائن الحي والرطوبة المكثَّفَين.‏ وربما كان القصد من ذلك ضمان استمرارية الحياة بعد الموت.‏

تُعدّ الأهرامات المصرية القريبة من القاهرة وقبور وادي الملوك بجوار الأُقصُر من أشهر القبور القديمة.‏ وفي لغة المصريين القدماء،‏ كانت الكلمة پِر،‏ اي «قبر»،‏ تعني ايضا «بيت».‏ «وهكذا كان هنالك بيت اثناء الحياة وبيت بعد الموت» لدى المصريين،‏ كما تقول كريستين المهدي في كتابها المومياءات،‏ الأساطير،‏ والسحر في مصر القديمة ‏(‏بالانكليزية)‏.‏ وتضيف:‏ «بحسب المعتقدات [المصرية]،‏ كان من الضروري ألا يتلف الجسم لضمان بقاء الكيانات الاخرى التي يتألف منها الانسان اي الـ‍ كا،‏ والـ‍ با،‏ والـ‍ آخ».‏

ان فكرة تقسيم الانسان الى ثلاثة كيانات التي آمن بها المصريون هي اكثر تعقيدا من فلسفة الاغريق التي تقول ان المرء يتألف من كيانَين هما الجسم و «النفس» الواعية.‏ ومع ان هذه الفلسفة لا تزال شائعة اليوم،‏ فهي غير مؤسسة على الكتاب المقدس الذي يقول:‏ «الاحياء يعلمون انهم سيموتون،‏ اما الاموات فلا يعلمون شيئا».‏ لذلك لا عجب ان تحتلّ عبادة الموتى هذه المكانة البارزة وأن تلعب دورا اساسيا في المجتمعات البشرية منذ ظهورها».‏

ان الموت عدو للبشر.‏ هذا ما يقوله الكتاب المقدس،‏ أقدم كتاب يحتوي على الحكمة الحقيقية.‏ (‏١ كورنثوس ١٥:‏٢٦‏)‏ وفي جميع الحضارات،‏ رفض البشر رفضا قاطعا الفكرة القائلة ان الموت هو النهاية التامة للانسان.‏ لكنّ الكتاب المقدس يذكر في التكوين ٣:‏١٩ حقيقة تشهد لها جميع القبور.‏ فهو يقول:‏ «انك تراب وإلى تراب تعود».‏ ومن ناحية اخرى،‏ يستعمل الكتاب المقدس عبارة «القبور التذكارية» عندما يتحدث عن موتى كثيرين.‏‏ لأن عددا كبيرا من الراقدين في القبور،‏ حتى لو كانت جثثهم قد انحلت كاملا،‏ هم في ذاكرة الله بانتظار الوقت المفرح حين يقيمهم الله ويعطيهم فرصة التمتع بالحياة الابدية في ارض فردوسية.‏ —‏ لوقا ٢٣:‏٤٣؛‏ يوحنا ٥:‏٢٨،‏ ٢٩‏.‏

الاعتداء عام
ليس أئمة الشيعة فقط تم الاعتداء عليهم . هناك قبور ضيعت وأخرى نبشت وما لهم علاقة بالشيعة مثل قبر عمر بن العاص في مصر , وادعت بعض فصائل جيش الحر في سوريا ان الشيعة هدموا قبر خالد بن الوليد في حمص وقد نفاها الشيخ صهيب حبلي , الذي أفاد ان الجهات التي تنبش القبور معروفة ولا صحة ان الشيعة يحفرون القبور وينبشونها انتقاما من صاحبها ..

أما قبر عمر بن العاص .. فقد-توالى على حكم مصر العديد من الحكام بعد عمرو بن العاص وهو ما يعرف فى فترة التاريخ المصري الإسلامي وعصر الولاة، لم يقم أحد من حكام مصر الإسلاميين ذلك الوقت بتحديد مكان دفنه وإقامة قبة عليه تخليدًا له . الا صلاح الدين الأيوبى بنى قبة على قبر عقبة بن عامر، كان كاتبًا وشاعرًا وفقيهًا. شهد فتوح الشام، ثم فتوح مصر مع عمرو بن العاص، ثم لحق بمعاوية بن أبي سفيان في صفين .. ولي مصر سنة 44 هـ، وعزل عنها سنة 47 هـ مات بمصر، وله 55 حديثا.في القاهرة ” مسجد عقبة بن عامر ” فيه قبره وكانت هذه أول قبة على ضريح عقبة ، ومن خلال هذه القبة عرف قبر عمر بن العاص , ولكن الكتاب نفوا ان يكون لابن العاص قبر .. انما الصقوه به كذبا .. لأحياء أمره ..

** هناك قبور لأصحاب الإمام علي بن أبي طالب (ع) ماتوا أو قتلوا ودفنوا في الكوفة ولم يبق لهم اثر الآن . لا يوجد لأصحاب الإمام علي (ع) في عاصمته سوى ميثم التمار ,وكميل بن زياد وقبر صعصعه بن صوحان , ولم نجد قبر سعد بن عباده الأنصاري والاصبغ بن نباته وعبد الله بن بُديل وقنبر بن حمدان ,ومسلم المجاشعي .والمقداد بن عمر ,وهاشم المرقال ,و الأحنف بن قيس ,وأوسي القرني , وعثمان بن حنيف ,وخزيمة بن ثابت الأنصاري ومئات آخرون لا توجد لهم قبور, ولا ندري هل نبشوها او أخفوها .. وهذا يدل على ان الاموين والعباسين تقصدوا محي آثار أصحاب آل البيت(ع).

وفي القدس المحتلة .. نشرت جريدة (هارتس الإسرائيلية ) في يوم 20/5/2010 تحت عنوان رئيسي

( اسرائيل تنبش قبور الصحابة في القدس) وأفاد الخبر عن قيام الشركات الإسرائيلية بسرية تامة في نبش القبور في مقبرة «مأمن الله» في القدس الغربية، على مقربة من أسوار القدس..

وقالت الصحيفة إن الشركات الإسرائيلية تمكنت من مباشرة البناء في هذا المتحف بتمويل من مؤسسات يهودية يمينية في الولايات المتحدة، وهي تخطط لإنجاز البناء في غضون ثلاث سنوات ونصف السنة. وبيّن تحقيق أجرته الصحيفة أن هذا المشروع يقع في المقبرة التي يعود الدفن فيها قبل ألف سنة على الأقل، وربما قبل العهد الإسلامي، ..

وحسب المؤرخ الفلسطيني عارف العارف، فإنها تحوي رفات عدد من صحابة الرسول الكريم(ص) وعدد من جنود صلاح الدين الذين استشهدوا خلال المعارك مع الصليبيين، وهي من أكبر المقابر الإسلامية في بيت المقدس، وتقدر مساحتها بمائتي كيلومتر مربع.وإن المقبرة تعتبر من أقدم مقابر القدس عهدا وأوسعها حجما، وأكبرها شهرة، وفيها دفن عدد كبير من الصحابة والمجاهدين أثناء الفتح الإسلامي للقدس إضافة إلى نحو (70 ألف شهيد لقوا حتفهم في مجزرة بشعة ارتكبها الصليبيون). واستمر المسلمون في دفن موتاهم بها حتى عام 1927م.. وبعد “قيام إسرائيل” تعرضت المقبرة لسلسلة من الانتهاكات تراوحت بين إلقاء النفايات ونبش القبور والعمل على بناء متحف على أجزاء كبيرة منها. وذكر تحقيق «هآرتس» أن سلطات الاحتلال الإسرائيلية قامت بنبش نحو 1500 قبر في مقبرة (مأمن الله خلال فترة زمنية قدرت بنحو خمسة أشهر فقط) بدأت في أواخر عام 2008، إلى جانب أعداد أخرى من القبور تم نبشها خلال فترات زمنية ماضية. ومن المفارقات أن سلطات الاحتلال منحت تراخيص لمركز «سيمون فيزنتال» الأميركي لبناء متحف «التسامح» فوق هذه الأرض وعلى أنقاض هذه الجريمة. وقد نشر هذا الخبر جريدة الشرق الأوسط ..

ونبشت مجموعات تابعة لـ«الجيش السوري الحر» قبر الصحابي الجليل «حجر بن عدي» في منطقة عدرا بريف دمشق واستخراج الجثمان ودفنه في مكان غير معروف.

قبور البقيع :.. كان البقيع معلما لدى المؤمنين المخلصين، لأنه يضم أجساد أربعة من الأئمة المعصومين . إضافة إلى زوجات النبي (ص) وأجساد الصحابة , وزوجة الإمام أمير المؤمنين (ع) ام البنين , وابناء وبنات المهاجرين والأنصار,

فأصبحت ارض البقيع ذات تعظيم عندنا تمثل احتراما وتكريما وتقديسا لمن صنعوا تاريخ ومجد الاسلام حيث دفنوا في هذه البقعة فأصبحت مقبرة مقدسة تهفوا إليها قلوب الناس يشتاقون إلى إبقاء أولياء الله يطالبون حاجاتهم من الباري تحت قبابهم ولم يكن منهم ذلك بدعا ادخلوها في الدين الحنيف بل كانت سنة محببة تأسوا بها بأولياء أمورهم. تشير المصادر التاريخية إن أول من دفن في تلك البقعة الطاهرة. – وكانت بستانا يحوي اشجارا من العوسج – هو الصحابي الجليل عثمان بن مظعون حيث شارك الرسول (ص) بنفسه في ذلك، ثم دفن الى جانبه إبراهيم بن الرسول (ص) ولذلك رغب المسلمون فيها وقطعوا الأشجار ليستخدموا المكان للدفن، وقد كان رسول الله (ص) يستغفر لأهل البقيع ويقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد). ثم توالى الدفن ..

أما أهم المدفونين في البقيع فهم: الإمام حسن بن علي (ع) , الإمام علي بن الحسين (ع) الإمام محمد الباقر (ع) الإمام جعفر الصادق (ع) السيدة فاطمة بنت أسد(ع) بنات النبي (ص) زينب ورقية وام كلثوم

ويعتقد الوهابيون ان زيارة القبور وتعظيم ائمة أهل البيت عبادة لأصحاب لتلك القبور وشرك بالله يستحق الزائر القتل واهدار الدم وسلب المال ! ..

ولم يتحفظ الوهابيون في تبيان آرائهم، بل شرعوا بتطبيقها على الجمهور الأعظم من المسلمين بقوة الحديد والنار.. فكانت المجازر التي لم تسلم منها بقعة في العالم الإسلامي اليوم ، من العراق والشام وحتى البحر العربي جنوبا والأحمر والخليج غربا وشرقا.

تشير الوثائق التاريخية الى ان الوهابيين لم يكتفوا بتلك الجرائم بل حاولوا مرارا هدم قبة الرسول (ص) الا انهم غيروا رأيهم بسبب حدوث ردود فعل إسلامية قوية من مختلف البلدان الإسلامية. على كل حال، اصبح البقيع قاعا صفصفا ، وأصبح ذلك المزار المهيب شبه مهجور لا تكاد تعرف بوجود قبر فضلا عن ان تعرف صاحبه. هكذا تصرف الوهابيون وانصارهم وقادتهم مع قبور الصحابة وال البيت(ع).

يصف الرحالة قبور أئمة أهل البيت(ع) وقبر العباس وعمات النبي (ص) بالقول (فالموقع بأجمعه عبارة عن أكوام من التراب المبعثر، وحفر عريضة ومزابل!.. أما جبل أحد فيقول عنه هذا الرحالة بأنه وجد المسجد الذي شيد حول قبر حمزة (رض) وغيره من شهداء أحد مثل مصعب بن عمير وجعفر بن شماس وعبد الله بن جحش قد هدمه الوهابيون.. وعلى مسافة وجد قبور اثني عشر صحابيا من شهداء أحد (وقد خرب الوهابيون قبورهم وعبثوا بها). ( [12] ).

رأي الإسلام في احترام القبور

أحكام المذاهب الإسلامية السنية

مِن المُقَرَّرِ شرعًا أنَّ دَفنَ الميت فيه تكريمٌ للإنسان؛ لقول الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا﴾ [المرسلات: 25-26]، وأَجمَعَ المسلمون على أنَّ دَفن الميت ومُوَارَاةَ بَدَنِهِ فرضُ كِفَايَةٍ؛ إذا قام به بَعضٌ مِنهم أو مِن غيرهم سَقَط عن الباقين.

والمأثور في كيفية دَفن الميت أنه بعد دخوله القبرَ يُوضَع على شِقِّهِ الأيمن استِحبابًا، ويجب أن يُوَجَّه وَجهُهُ إلى القِبلة، وهذا باتِّفاق المذاهب الاسلامية ، ويَحرُمُ تَوجيهُ الوَجهِ لغير القِبلة؛ ويُدخَل بالميت مِن فتحة القبر؛ بحيث يُدفَن تِجاه القِبلة مُباشَرةً مِن غير حاجَةٍ إلى الدَّوَران به داخل القبر، والمطلوب شرعًا وضعُ الميت في قبره على شِقِّه الأيمن وتوجيهُ وَجهِهِ ومقادمه لِلقِبلة ، ولا يَضُرُّ أن يكون الدَّفن على الرَّمل أو التُّراب، فكُلُّ ذلك جائز.

ثانيًا: الأصل أن يكون الدفن في حفرة تحت الأرض ساترة للميت كاتمة للرائحة، ومانعة من نبش القبر أو تَعَرُّضِ نحوِ سَبُعٍ ضارٍ له، ويجوز في حال الضرورة أن لا يكون الدفن في حفرة، بل في بناء فوق الأرض ، وإن تعددت أدواره بقدر الحاجة فلا مانع ( إشارة للحود)، وذلك كله بشرط التعامل بإكرامٍ واحترامٍ مع أجساد الموتى أو ما تبقى منها.

ثالثًا: لا مانع من شق طريق بين المقابر ما دامت الحاجة مقتضية لذلك، مع مراعاة شق الطريق بين القبور لا عليها.

رابعًا: الأصل أنه لا يدفن أكثر من ميت في القبر الواحد، أما في حالة امتلاء القبور أو تعذر الدفن فيها فإن ذلك يصير ضرورة تجيز ما هو بخلاف الأصل؛ فيجوز لذلك جمعُ أكثرَ مِن ميت مِن صنفٍ واحد ذكورًا أو إناثًا في قبر واحد.

خامسًا: ورد من فعل النبي(ص) ما يستفاد منه أن وجود الأشجار والنباتات في المقابر مندوب إليه؛ لما فيه من التخفيف عن الميت بتسبيحها ما دامت رطبة، قال تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ﴾ [الإسراء: 44]، غير أنه يُتَحَرَّز عن زراعتها عند الأجساد غير البالية لئلَّا تتأذى بها.

عن ابن عباس قال: مر النبي(ص)بقبرين، فقال: «إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ، وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ؛ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ أَخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّهَا نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ وَاحِدَةً، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذَا؟ قَالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُمَا مَا لَمْ يَيْبَسَا»

سادسًا: الأصل أن تكون دورة المياه خارج المقابر؛ احترامًا للأموات، واحترازًا من تأذيهم بالنجاسات، غير أنه إذا دعت الحاجة إلى بناء دورة المياه داخل سور المقابر فلا مانع من ذلك ما دام صرف النجاسات يتم خارج المقابر لا فيها، خاصة في المقابر الكائنة في الأماكن النائية.

سابعًا: لا مانع من ذلك كله، ومن كره ذلك من الفقهاء فإنما عدَّهُ تفاؤلًا أن الميت لا تمسه النار، ومن المقرر أن الكراهة تزول لأدنى حاجة، فلا تحريم في ذلك ولا كراهة.

ثامنًا: نعم يجوز ذلك، بل يستحب؛ لتيسير أمر زيارته على زواره، وحتى لا يندرس موضع قبره فتضيع معالمه على مريد زيارته، ولتمكين من أراد من الجلوس وقراءة القرآن عنده.

أما رأي علماء السنة في نبش القبور :……

بقولون ان التعدي على حرمة الأموات في الإسلام من كبائر الإثم والذنوب , بل هي من الكبائر التي حرمها الله تعالي (فجميع الموتى المسلمين وغير المسلمين لهم حرمة لا ينبغي مطلقا الاعتداء عليها) بأي حال من الأحوال وإنما يبقي الميت في مكانه لا ينبغي العدوان عليه أو فصل جزء من جسده..

فكل من يعتدي على حرمة ميت خارج عن حدود الله تعالى وما أقرته الشريعة الإسلامية لان ذلك خروج على ما أمر به الله سبحانه وتعالي فسرقة المقابر وهدمها وهي ملك لأصحابها الأحياء الذين اشتروها من سنين طويلة أو قريبة ليدفنوا فيها موتاهم لا يجوز لأحد تكسيرها من اللصوص وبناء مقابر جديدة عليها وبيعها من وراء أصحابها الذين لا يعلمون شيء عنها ..

يقول الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية الحقوق جامعة القاهرة في احدي مقالته في جزء منها نشر في جريدة الأهرام المصرية الصباحية قي عدد 2 مايو 2016 ما نصه.

لقد حرص دين الإسلام الحنيف على تكريم الإنسان حيا وميتا فجاء في القرآن الكريم [ ولقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ على كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا] سورة الإسراء الآية 70 وكرم الله الإنسان وفضله على سائر المخلوقات بالعقل وتنتقل قضية التكريم للإنسان حتى بعد وفاته…

ومن الأحكام التي وضعها الإسلام تجهيز الميت وتكفينه في أسرع وقت ممكن وتكريمه بالدفن، ووضع ضوابط لهذه المسألة لها باب مستقل في الفقه الإسلامي يسمى [ فقه الموتى والجنائز ] وقد حرم الإسلام نبش القبور أو نقل جثث الموتى من مقبرة إلى مقبرة بعد الدفن إلا لضرورة ملحة كوجود كالسيول التي التي تجري جنب المقابر فنضطر إلى نقلها لمكان آمن،

وبالرغم من ان الميت لا تشعر عظامه بشيء من ذلك فكانت مصداقية الإسلام في أن يحترم جسد الميت، قال النبي (ص) : [ كسر عظم الميت ككسر عظم الحى] رواه الترمذي والسيوطي والطبراني وابن ماجه وغيره عن أبي هريرة.

وهناك عقوبات مشددة تطبق على نابشي القبور الذين يسرقون بعض الاجزاء من الأجسام أو التركيبات الموجودة في الميت كالأسنان والكعبين ونحوها، لان في ذلك اعتداء على حرمة الميت التي حرمها الإسلام ومن باب الضرورات الاستثنائية فقط التعامل مع جسد الميت كالتعليم ونحوه فيما يتعلق بالتشريح وما شابه حتى تطبق هذه الاستفادة والمهارة على الأحياء فلا يجوز بحال من الأحوال بمجرد العاطفة نقل عظام الموتى من مدينة إلى مدينة أو من قبر إلى قبر دون سبب أو سرقة عظامه وبيعها فذلك من الأمور المحرمة والتي تعد من الكبائر تأتى في إطار الإثم الشرعي المغلظ.ا,هـ ..

ونقول لقد قرر فقهاء الشريعة الإسلامية في كل زمان ومكان أن النباش إذا كان يهين جثامين الموتى تقع عليه عقوبة التعزير ويقام عليه اشد عقوباتها وان سلب أجسام الموتى إن بلغ الكفن النصاب لقطع اليد يقام عليه حد السرقة لذلك يجب الكف عن نبش المقابر لحرمتها وإيقاع العقوبات الدنيوية الزجرية بمن ينبشون القبور للسطو على الجثامين أو لوضع ما حرم بالشرع كأعمال سحرية وما أشبه من أمور تغضب الله تعالى..( [13] ).

لماذا يحفر للميت لحد …؟

أوجبت الشريعة بحفر لحد في القبر . واللحد هو أن يحفر أخدود يسع جثة الميت , ويكون منزله في الأرض , ويختلف اللحد حسب الأعراف الاجتماعية والدينية وحسب نوعية التربة ( المقبرة) فهناك قبور يكون اللحد في وسط الحفرة المخصصة قبرا للميت .. وهناك لحد يكون في احد جانبي القبر بحيث يكون خارج الحفرة تماما .. وهناك لحود تبنى بناء بالطابوق والجص بمستوى الأرض .سرداب ( [14] ).

ترى ما السبب ..؟ لماذا لا يكون التراب على جسد الميت مباشرة..؟ الجواب : الشق: هو حفرة تحفر في وسط القبر، ويكون حجمها قدر الميت، ويُبنى جانباها بالطوب؛ لئلا يضيق على الميت، والأصل أن يبنى القبر بطريقة اللحد، إلّا إذا كانت الأرض لا تقبل ذلك؛ بأن تكون رملية غير متماسكة، فيتم استبدال اللحد بالشّق. المصدر”كيفيَّةُ الدَّفْنِ “، الدرر السنية ، بتصرّف.

غاية الامر ان جسد الميت لا يغمره التراب ويغطيه تماما بل يوضع في الشق او اللحد في الحالات المذكورة , وحتما سيتعرض الجسد للانتفاخ والبلى ولو غطي بالتراب فان التراب سيضغط على جسمه تماما ويمنع انتفاخه .. لقول النبي(ص): ” اللحد لنا والشق لغيرنا ” . [رواه أبو داود والترمذي]. وقال بعض الفقهاء ، إن اللحد أفضل إن كانت الأرض صلبة وإن كانت رخوة فالشق أولى خشية الهدم ، والشق هو أن يحفر قعر القبر كالنهر، واللحد يعمق قدر قامة الرجل المعتدل وقيل إلى الصدر ويوسع طولاً وعرضاً ..

قال جابر بن عبد الله الأنصاري يوم احد , قال رسول الله (ص) ” احْفِرُوا وَأَعْمِقُوا وَأَحْسِنُوا وَادْفِنُوا الِاثْنَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ ” , قَالُوا : فَمَنْ نُقَدِّمُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ” قَدِّمُوا أَكْثَرَهُمْ قُرْآنًا ” , قَالَ : فَكَانَ أَبِي ثَالِثَ ثَلَاثَةٍ فِي قَبْرٍ وَاحِدٍ.. هذا الحديث والرواية فيها دلالة عظيمة على احترام الميت في الإسلام أثناء دفنه واحترام قبره بعد الدفن ..ولذلك نبش القبر أي الوصول الى اللحد ورفع اللبن او الطابوق عن جثة الميت واخراجه من قبره , وهو شكل من إشكال الاهانة( المثله).

رأي علماء الشيعة في الدفن

ورد عن علماء الشيعة في مصادرهم الأربعة الكافي للشيخ الكليني , من لا يحضره الفقيه للشيخ الصدوق , التهذيب والاستبصار للشيخ الطوسي .. اجمعوا في الدفن :تجب كفاية مواراة الميت في الأرض ، بحيث يؤمن على جسده من السباع ، وإيذاء رائحته للناس..

ولا يكفي وضعه في بناء، أو تابوت ، وإن حصل فيه الأمران ، ويجب وضعه على الجانب الأيمن موجها وجهه إلى القبلة ، وإذا اشتبهت القبلة عمل بالظن على الاحوط ، ومع تعذره يسقط وجوب الاستقبال إن لم يمكن التأخير ، وإذا كان الميت في البحر ، ولم يمكن دفنه في البر ، غسل وحنط وصلي عليه ووضع في خابية وأحكم رأسها والقي في البحر ،بشد بثقل أو نحوه ثم يلقي في البحر ، والاحوط وجوبا اختيار الأول مع الإمكان وكذلك (الحكم إذا خيف على الميت من نبش العدو قبره وتمثيله) .

ولا يجوز دفن المسلم في مقبرة الكافرين ، وكذا العكس .وحرصا على كرامة الميت فانه لا يجوز دفن المسلم في مكان يوجب هتك حرمته كالمزبلة ، والبالوعة ، ولا في المكان المملوك بغير إذن المالك، أو الموقوف لغير الدفن كالمدارس ، والمساجد ، والحسينيات المتعارفة في زماننا والخانات الموقوفة وإن أذن الولي بذلك.

ويستحب حفر القبر قدر قامة ، أو إلى الترقوة وأن يجعل له لحد مما يلي القبلة في الارض الصلبة بقدر ما يمكن فيه الجلوس وفي الرخوة يشق وسط القبر شبه النهر ويجعل فيه الميت ، ويسقف عليه ثم يهال عليه التراب ، وأن يغطى القبر بثوب عند إدخال المرأة ، والذكر عند تناول الميت ، وعند وضعه في اللحد ، والتحفي ، وحل الازرار وكشف الرأس للمباشرة لذلك ، وأن تحل عقد الكفن بعد الوضع في القبر من طرف الرأس ، وأن يحسر عن وجهه ويجعل خده على الارض ويعمل له وسادة من تراب ، وأن يوضع شئ من تربة الحسين ( ع ) معه وتلقينه الشهادتين والإقرار بالأئمة عليهم السلام ، وأن يسد اللحد باللبن وأن يخرج المباشر من طرف الرجلين ، وأن يهيل الحاضرون التراب بظهور الأكف غير ذي الرحم ..

وطم القبر وتربيعه أي يكون مربعا .. لا مثلثا ، ولا مخمسا ، ولا غير ذلك ، ورش الماء عليه دورا ويستقبل القبلة ، ويبدأ من عند الرأس فإن فضل شئ صب على وسطه ، والترحم عليه بمثل : اللهم جاف الأرض عن جنبيه ، وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين ، وألحقه بالصالحين ، وأن يلقنه الولي بعد انصراف الناس رافعا صوته ، وأن يكتب اسم الميت على القبر ، أو على لوح ، أو حجر ينصب على القبر .

أول حالة تعدي على القبور في الإسلام

لو قلبت التاريخ الإسلامي. وبحثت عن حالات التعدي على الموتى والقبور .. لوجدت ان بني أمية هم أصحاب السبق , وقد كتب التاريخ إن أول اعتداء وقع في الإسلام على جسد ميت ,كان في غزوة احد ..( [15] ) على الشهيد حمزة بن عبد المطلب , من قبل هند بنت عتبة , زوجة أبي سفيان ..

*هناك رواية عن هند إنها في أيام النبي محمد (ص) عندما مرّ جيش المشركين بالأبواء قبل معركة أحد همت هند بنت عتبة بنبش قبر أم النبي(ص) ولكن نهاها بعض رجال قريش..( [16] ).هذه الرواية وةردت في اكثر من مصدر, ولو تصورنا الحالة , لراينا ان هند تروم الانتقام من ام النبي ويمنعها رجال مشركون من اهل مكة .. وهذا يبين ان المشركين لا يقبلون بما يقوم به الناصبون العداء للنبي واله عليهم السلام .. ومن المؤكد انها اول حالة اعتداء ظهرت من تيار الناصبين للنبي(ص)..

المصادر مستفيضة بالروايات إن هنداً ، أتت مصرع حمزة؛ فمثلت به، وجدعت أنفه، وقطعت أذنيه ومذاكيره، ثم جعلت ذلك كالسوار في يديها، وقلائد في عنقها، واستمرت كذلك حتى قدمت مكة. وكذلك فعل النساء بسائر الشهداء الأبرار.وزادت هي عليهم: أنها بقرت بطن حمزة، واستخرجت كبده فلاكتها، فلم تستطع أن تسيغها.ويقال: إنها كانت قد نذرت ذلك.( [17] ).

* الاستهداف الثاني :.. كان من أبي سفيان , على قبر الشهيد حمزة .. حين مر أبو سفيان بعد إسلامه بأحد، فقيل له: أي يوم لك هنا. فقال: والآن لو وجدت رجالاً( [18] ).

ومر أبو سفيان في أيام عثمان بقبر حمزة، وضربه برجله، وقال: يا أبا عمارة، إن الأمر الذي اجتلدنا عليه بالسيف أمس في يد غلماننا اليوم يتلاعبون به( [19] )

ورد في مصادر جمهور المسلمين ( [20] ) بسند صحيح وعبد الرزاق بسند صحيح , بان معاوية أول من نبش قبور الصحابة ( جميع الشهداء الصحابة) ( الجهاد لابن المبارك – ( [21] ). سَمِعْتُ ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنُ المُبَارَكِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: “لَمَّا أَرَادَ مُعَاوِيَةُ أَنْ يُجْرِيَ الْكَظَامَةَ قَالَ: قِيلَ مَنْ كَانَ لَهُ قَتِيلٌ فَلْيَأْتِ قَتِيلَهُ – يَعْنِي قَتْلَى أُحُدٍ – قَالَ: فَأَخْرَجْنَاهُمْ رِطَابًا يَتَثَنُّونَ، قَالَ: فَأَصَابَتِ الْمِسْحَاةُ أُصبع رجل منهم، فَانفطرتْ دمًا ” قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِي: وَلَا يُنْكِرُ بَعْدَ هَذَا مُنْكِرٌ أَبَدًا, ورواه عبد الرزاق بسند صحيح على شرط مسلم( [22] )

عن ابن عيينة عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: لما أراد معاوية أن يجري الكظامة قال من كان له قتيل فليأت قتيله يعني قتلى أحد قال فأخرجهم (يعني معاوية) رطابا يتثنون قال: فأصابت المسحاة رجل رجل منهم فانفطرت دما فقال أبو سعيد لا ينكر بعد هذا منكر أبدا اهـ

(قال أبو عمر: الذي أصابت المسحاة إصبعه هو حمزة – رضي الله عنه- رواه عبد الأعلى بن حماد قال: حدثنا عبد الجبار يعني ابن الورد قال: سمعت أبا الزبير يقول: سمعت جابر بن عبد الله يقول: رأيت الشهداء يخرجون على رقاب الرجال كأنهم رجال نُوَّم حتى إذا أصابت المسحاة قدم حمزة – رضي الله عنه – فانبثقت دماً)، لكن سفيان بن عيينة (فيه نصب) فأخفى ذكر حمزة، ومن يعرف معاوية يعرف تماماً أن هذا لم يحدث صدفة، وأنه نبش القبور بحجة أنه يريد إجراء عين من ذلك المكان! وربما كان قصده التمثيل بجثة حمزة فلما انبعث الدم من قدمه خاف ولم يستطع هو وعماله مواصلة العبث بهذه الجثث الشريفة، فنادى في أهل المدينة بعد أن نبش القبور وتعمد ضرب قدم حمزة، ولذلك قال أبو سعيد: لا ينكر منكر

أحدث المقالات