المقصود بالنبوة العامة، هو أصل ثبوت مبدأ النبوة (رسل، أنبياء، وحي، كتب مقدسة، رسالات إلهية …). وهنا لا بد من معالجة هذا الموضوع عبر مرحلتين؛ الأولى تقرير حكم العقل مستقلا تجاه دعوى النبوات والأديان، ما إذا كانت من الممتنعات العقلية، أو الضرورات العقلية، أو الممكنات العقلية. بدأت بالممتنعات، لأن لو ثبت الامتناع العقلي، لتوقف البحث عند هذه المحطة، فيكون الموضوع منتفيا بانتفاء الإمكان. ثم تلوت الامتناع بالوجوب، لأنه لو ثبت الوجوب، يكون أصل النبوة، أي النبوة العامة، قد ثبت مفهوما، ويبقى علينا البحث في صدق مصاديقها، فيما هي هذه أو تلك النبوة الخاصة. وعندما يتكلم المسلمون عن النبوة الخاصة، فيعنون بها نبوة محمد. فاليهود صدّقوا بالنبوة العامة، وبالنبوات الخاصة، التي هي النبوات المعترف بها من قبل دينهم وكتابهم المقدس، وكذّبوا بالنبوات الخاصة لكل من عيسى ومحمد. والمسيحيون صدّقوا بالنبوة العامة، وبالنبوات الخاصة، التي هي النبوات المعترف بها من قبل دينهم وكتابيهما المقدسين (العهد القديم والعهد الجديد)، وكذبوا بالنبوة الخاصة لمحمد. أما إذا قررنا بالدليل أن النبوة لا واجبة ولا ممتنعة عقلا، فعندها يمكن – ولا أقول يجب – البحث بحيادية وتجرد تامّين عن مدى صدق دعوى الأديان.