19 ديسمبر، 2024 6:19 ص

قد لا يشعر البغدادي الأصيل بشيء غير اعتيادي و هو يتكلم أو يتعامل مع بغداديين مثله وهو لا يكترث كثيرا عندما يكتشف إن الذي يتحادث معه ليس بغداديا بالأصل ولكن الغير بغدادي يستطيع أن يشعر بتلك الروحية الراقية الغير مصطنعه لدى البغادله التي تميزهم عن أكثرية المجتمعات المكونة للمحافظات العراقية.على سبيل المثال يمكنك إن تميز بغدادية موظف الخدمة المدنية في القطاع العام بمقدار التسهيل الذي يقدمه لك وعدم وضع العراقيل أمامك وإرشادك بطريقه حضاريه لتمشية أمورك قدر المستطاع وتكون كلمة الشكر بالنسبة إليه جائزة كبيرة على عكس أكثر الوافدين اللذين يرون بالوظيفة ألعامه سبيلا انتهازيا للتقدم الوظيفي والارتقاء لمواقع نفعية جديدة تشبع رغبات في غالبها غير متكافئ وغير مشروع.
البغدادي بسيط المعشر مهما علت منزلته الاجتماعية, طيب القلب وغيور ومحب , كريم على عائلته ولا يحتسب كثيرا فالمال عنده وسيلة وليست غاية, يحب الطرافة ويكره النكد. اجتماعي وذو عشرة حسنة.يحب الحياة ويعشقها وهو قادر  على إيجاد وسائل بسيطة  لخلق جو مريح نسبيا لتخفيف ظروف معيشته.

لا يكترث البغادلة كثيرا لمن هو بموقع المسؤولية كثيرا لذلك لا تراهم ممن يتدافعون لتبوء مثل هذه المواقع مع إن هذا خطاء كبير جعل مدينتهم محجا للطامعين والشرهين  والانتهازيين وجعلهم بعيدين عن التأثر الايجابي لتطور مدينتهم بغداد وجل مبتغاهم هو أن يعيشوا حياة هانئة يسيرة لذلك لا تراهم متطرفين بالنظرة لمجمل القضايا وهم اقرب إلى سلبية الموقف من التفاعل الايجابي.

لقد استطاع البغادلة أن يستوعبوا  الوافدين قبل 2003 عندما كانت حركة النزوح معقولة رغم إن فترة الحصار شهدت نزوح كبير إليها ولكنه كان مسيطر عليه ومع هجرة غوائل بغداديه كثيرة خارج الوطن اختل التوازن نوعا ما  رغم تحديد التملك في بغداد بقوانين صارمة وقتها. ببعد عام 2003  أزيلت تلك القوانين وشهدت بغداد موجة كبيرة أخرى من الوافدين وموجة أخرى للهجرة خارج  وداخل العراق لعوائل بغدادية أصيله استمرت هذه الهجرة طوال سنيين الحرب الطائفية وأصيبت بغدادية بغداد في مقتل,  لذلك ليس من المبالغة إذا قلنا إن البغادلة يشعرون بالغربة في بغداد وأنت لا تعرف مدى فرحة البغدادي عندما يلتقي شخصا آخر في الطريق أو دائرة أو واسطة نقل ويكتشف انه بغدادي مثله او حتى قريبا منها في مدينة اكتظت بعدد سكاني كبير جدا.سرعان ما تجد إنهما يتكلمان لغة غير اللغة المهجنة الدارجة ألان رغم استخدام نفس الكلمات ولكن صياغة الكلام مختلفة تماما تشعرك بآلفة ورقي وسلاسة وإنسانية غير مصطنعة وبعيده عن الجلافة والتكلف.

رغم إني لست بغداديا أصيلا , فاني لا أرى مناص من كلمات شكر للبغادله من كافة مناطقهم في الكاظمة و الاعظمية  والكسرة والشواكة والحيدرخانة والفضل والكفاح وفضوه عرب وال فناهرة وحافظ القاضي والبتاويين والكراده والحارثيه والمنصور وصليخ وبغداد الجديدة و المشتل., اشكرهم على تحملهم لنا وللوافدين اللذين خربوا حياتهم  والحياة البغدادية وجعلوهم يكفؤون في مجتمعات أشبه بالمنغلقة وجعلوهم غرباء في مدينتهم.

أحدث المقالات

أحدث المقالات